سياسة عربية

كيف يستغل السيسي الاتحاد الإفريقي لتجميل صورته؟

حقوقيون: نظام السيسي يحتل مرتبة متقدمة للغاية في قائمة الأنظمة القمعية والدموية- جيتي

أكد سياسيون وحقوقيون أن نظام الانقلاب العسكري في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، يستخدم رئاسته للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي من أجل تجميل صورته.

 

وقال الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" إن اللجنة الإفريقية نفسها لديها العديد من الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، باعتبارها أعلى هيئة حقوقية بالاتحاد الأفريقي، ومع ذلك وافقت على أن تكون اجتماعاتها الدورية على الأراضي المصرية، وهو ما يشكك في مواقف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

 

وتستضيف مصر أعمال الدورة العادية رقم 64 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، خلال الفترة من 24 نيسان/ إبريل الجاري وحتى 14 آيار/ مايو المقبل.


وحسب المختصين فإن نظام السيسي، يحاول تبييض وجهه، أمام العالم في ملف حقوق الإنسان، من خلال دعم مثل هذه اللجان، التي تمثل في النهاية الحكومات، ولا يعنيها الشعوب.

 

وأوضحوا أن سبب إنشاء مصر للجنة عليا لحقوق الإنسان قبل عدة أشهر، كان الهدف منها أن تكون الحكومة هي الممثلة لمصر، بمثل هذه المنتديات الإقليمية والدولية.

 

اقرأ أيضا: منظمات حقوقية تدعو اللجنة الأفريقية لتوجيه إنذار لمصر

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، أصدرت بيانا شارك فيه 15 منظمة مصرية وأفريقية ودولية، انتقدوا استضافة مصر لاجتماعات اللجنة الأفريقية.


وأكد نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الحقوقية مايكل بَيْج، في البيان الذي وصل "عربي21"، أن مصر تحاول أن تظهر كدولة ترحب بمندوبي حقوق الإنسان ومؤتمرات الدورة، بينما تسحق فعليا جميع الأصوات المعارضة ومجتمعها الحقوقي، ولذلك ينبغي للجنة الإفريقية ضمان قدرة جميع الوفود الحكومية وغير الحكومية على المشاركة بحرية في الدورة، والعمل على التصدي بشدة لأي تدابير انتقامية تتخذها السلطات المصرية ضد منتقدي ممارساتها.


تناقض مواقف


من جانبه يؤكد الحقوقي والمحامي المهتم بقضايا المعتقلين أحمد عبد الباقي لـ"عربي21"، أن نظام السيسي يحاول استغلال رئاسته للاتحاد الأفريقي في تجميل وجهه القبيح بحقوق الإنسان، خاصة وأن اللجنة الإفريقية لديها مئات الشكاوي عن ممارسات السيسي ونظامه ضد حقوق الإنسان، وهناك قرارات صادرة من محكمة العدل الأفريقية التي وقعت مصر على ميثاقها، ضد الأحكام الجائرة لقضاة السيسي، ومع ذلك لا تعيرها مصر أي اهتمام.


ويشير عبد الباقي، إلى أنه كمحام لعدد من أسر المعتقلين، لجأ لمحكمة العدل الإفريقية للضغط على النظام المصري لوقف أحكام الإعدام التي توسع فيها بشكل استفز المجتمع الحقوقي الدولي والإقليمي، وكذلك وقف تنفيذ الإعدامات التي حصلت على أحكام نهائية، بالإضافة لأحكام المؤبد التي أصبحت أمرا طبيعيا بالمحاكم المصرية، وقد خاطبت المحكمة الأفريقية، واللجنة القارية، بالفعل الحكومة المصرية ولكنها لم تتلق أي رد مقنع.

 

اقرأ أيضا: اتفاق أفريقي بالقاهرة على مد مهلة تسليم الحكم بالسودان


وتساءل الحقوقي المصري: "هل يمكن لنظام السيسي أن يسمح بمشاركة الجمعيات الحقوقية، المصرية والإقليمية، التي أصدرت مئات التقارير عن الانتهاكات الصارخة بملفات المعتقلين، والاختفاء القسري، والأحكام الجائرة، والتصفيات الجسدية، والانتهاكات الجسدية والقانونية والأمنية في سيناء".


ويضيف عبد الباقي، أن نظام السيسي يحتل مرتبة متقدمة للغاية في قائمة الأنظمة القمعية والدموية المعادية لحقوق الإنسان، ليس على صعيد عرقلة عمل الجمعيات والمنظمات فقط، وإنما على صعيد الحقوقيين المتعاملين مع هذه المنظمات، مثل اعتقال الحقوقي عزت غنيم، المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والمحامية هدى عبد المنعم العضو السابق للمجلس القومي لحقوق الإنسان، وغيرهم المئات من الناشطين الحقوقيين بمصر.


حسابات الدول


ويتفق الخبير السياسي أحمد الشافعي، مع أن السيسي يستغل المؤسسات القارية والدولية في تبيض وجهه، بملف حقوق الإنسان، وهو ما يلقى قبولا للأسف لدى هذه المنظمات، نتيجة الخدمات الأخرى التي يقدمها السيسي للمجتمع الدولي تحت زعم محاربة الإرهاب، والذي يعد ستارا مفضوحا، للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان بمصر.


ويوضح الشافعي لـ "عربي21"، أنه قبل عدة أشهر شكلت الحكومة المصرية لجنة عليا لحقوق الإنسان وهو ما أثار علامات الاستفهام، في ظل وجود المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولكن هذه الاستفهامات لم يعد لها محل من الإعراب، بعد أن اتضح أن الهدف من اللجنة الحكومية هو تمثيل مصر في هذه الاجتماعات، لغلق الباب أمام أية انتقادات توجه ضدها.


ويضيف الشافعي قائلا: "اللجان التابعة للمنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها، هي في النهاية لجان تمثل الحكومات ولا تمثل الشعوب، وفي أغلب الأحوال فإن العلاقات بين الدول، هي التي تسمح بمساحة الانتقاد أو التأييد، وفي الحالة الراهنة، فإن اجتماعات اللجنة الأفريقية، لن تخرج عن هذا الإطار في ظل رئاسة مصر للاتحاد، وعقد أعمال الدورة على الأراضي المصرية".


ويشير الباحث السياسي إلى أن استضافة أعمال هذه اللجان، لا يعني بالضرورة، أنها تساعد في تغيير قناعات المنظمات الدولية عن النظام المصري وانتهاكاته المستمرة، فربما يحدث العكس، بأن تمثل مخرجات هذه اللجان، بالتزامات الدول حول حقوق الإنسان، إلزاما لمصر أيضا، بما يمثل وسيلة ضغط غير مباشرة على نظام السيسي في هذا الملف.