قضايا وآراء

وفاء الأسد.. من ساعة كوهين إلى رفات بوميل

1300x600

لم تنج متعلقات السوريين تحت التعذيب، ولم يشاهدها ذوو الضحايا، فقط ورقة كتب عليها سبب الوفاة "نوبة قلبية"، هي التي حظيت بها أفئدة السوريين والسوريات المكلومة، وغيرها عشرات الآلاف لم يعثر لها على أي أثر، ربما تم حرقها وتحولت إلى رماد، أو دفنت دون أرقام كما أظهرت صور لجرافات النظام وهي تجرف جثث السوريين، بعد قتلها بدم بارد في أكثر من مكان في سوريا، وحدها المأساة تدفعنا لنتذكر وقائع الموت بهذه المفارقة المخزية مع كل خبر وسلوك يؤكد وظيفة النظام في المنطقة، والأخبار تتوالى من موسكو وتل أبيب لتذكرنا بالفاجعة المستمرة.

 

أعاد رفاته بعد نحو أربعة عقود عن وفاته


مر أكثر من نصف قرن، على موت الجاسوس الإسرائيلي إلياهو كوهين في سوريا، بقيت مسيرته المثيرة في عهد وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد، بفضله تمكن كوهين من اختراق الجبهة في الجولان ونقل كل المعلومات بمساعدة حافظ الأسد لإسرائيل. القصة معروفة ولا حاجة لإعادة سردها، لكن الملفت في أخبار اليوم الزعم "بنجاح" إسرائيل في استعادة رفات جندي إسرائيلي (زكريا بوميل) كانت مختفية منذ 37 سنة بعد معركة السلطان يعقوب، وقبل عام من الآن أوردت المصادر الاستخبارية الصهيونية، نجاحها في استعادة ساعة الجاسوس إيلي كوهين التي كان يحتفظ بها النظام السوري لأكثر من نصف قرن.

حادثة نقل رفات الجندي الإسرائيلي" بوميل" من سوريا إلى إسرائيل، تكشف عن عمق التنسيق الإسرائيلي الروسي مع النظام السوري، فهي تأتي أثناء زيارة نتنياهو لموسكو ولقائه الرئيس بوتين الذي يحرص على سلامة جنود الاحتلال، وحق إعادتهم "لمسقط رأسهم "كي ينعموا بدفن ووداع لائق"، بوتين الحريص على إعادة كل الغنائم التي خسرها الاحتلال، أوصى قبل ثلاثة أعوام من خلال قرار رئاسي باعادة دبابة إسرائيلية غنمها الجيش السوري في نفس المعركة التي قتل فيها الجندي الذي أعيدت رفاته اليوم.

 

في عهد الأسدين الأب والإبن، تنهار كل أوراق التوت، لم يعد السوري بحاجة لقرائن عن وظيفة الوريث، الذي ورث عن أبيه وظيفة، طورها بما يلائم الطبيعة المكشوفة،


وبعد أيام من توقيع ترامب، قرار الاعتراف بسيادة الاحتلال على الجولان، والغارة الإسرائيلية على محيط مطار حلب، وهو يفترض على الأقل لحفظ ماء خفير المحرس في المهاجرين، إبداء موقف فيه انزعاج حليف الممانعة بوتين، من سياسة ترامب ونتنياهو، الذي يستقبل في موسكو استقبال الأبطال وبحفاوة منقطعة النظير مع كثير من العطايا المعنوية قبيل الانتخابات الإسرائيلية، فبين ساعة كوهين المستردة ورفات "بوميل" كثير من الوضوح يقدمه الحليفان الروسي والإسرائيلي، ليست الدبابة الاسرائيلية في المنتصف، بل السورية مع الصاروخ الروسي والطائرة التي فتكت بأجساد مئات آلاف السوريين، وهجرت الملايين منهم في أصقاع الأرض.


في عهد الأسدين الأب والإبن، تنهار كل أوراق التوت، لم يعد السوري بحاجة لقرائن عن وظيفة الوريث، الذي ورث عن أبيه وظيفة، طورها بما يلائم الطبيعة المكشوفة، ولسنا بحاجة للتدليل على حالة الانحدار والانحطاط التي يتعامل بها المحتل الروسي والإسرائيلي مع النظام، فهو يكثف طبيعة الحالة والوظيفة، منذ بداية الثورة السورية .

في البداية أدرك النظام حجم "خطيئته" حين سلم بعض الجثث لذويها ممهورة بدمغات وحشيته في درعا وبقية المدن السورية، فأصبح حمزة الخطيب أيقونة، وحنجرة القاشوش وغياث مطر وعشرات ومئات من الذين تركت ساديته الوحشية أثرا على الأجساد، بعد ذلك أصبح نهج الإخفاء الكلي للضحايا أسلوبا من أساليب مواجهة الشعب السوري، أما المحتل فله حرص الأسد كله  للحفاظ على مقتنيات "ضحاياه والحفاظ على رفات وقبر وسلاح العدو".
 
في رسائل ساعة كوهين ودبابة وجثة بوميل، تأكيد وحرص من بوتين على نقل رسالة لنتنياهو مع كل الغنائم المستردة، لم تكن الرسالة محصورة بقدرة الأسد، على حفظ هدوء المحتل في الجولان، ولا بمساعدة موسكو للأسد بأن يكون الخفير الأمين على محرس المحتل، يكفي النظر في وجه بوتين في موسكو مع نتنياهو، لنعرف أي عطاء وفير يوفره مخدومهم في دمشق، كل شيء يُختصر من ساعة كوهين لرفات بوميل، فيما اللاجئون من فلسطين في سوريا يندبون فاجعتهم، عندما حرقت طائرات الأسد كواشين أرضهم وبعثرت أثر أحبتهم، وأبقت على الدبابة ماغاش والساعة وجثة بوميل فتلك أثار أبقى وأنفع لتقديم عربون الوفاء.

 

في رسائل ساعة كوهين ودبابة وجثة بوميل، تأكيد وحرص من بوتين على نقل رسالة لنتنياهو مع كل الغنائم المستردة،


ختاماً نورد هذه النكتة، التي تم تداولها قبل 33 سنة، وسمعتها في كلية المدفعية في حلب، تقول: هناك جندي سوري كل شهر يغنم دبابة إسرائيلية، فتحول إلى بطل في قطعته وذاع صيته، إلى أن علم بأمره أحد الضباط ليطلبه للتحقيق، فقال له أعطني الأمان يا سيدي، فقال له: لك ما طلبت قال له يا سيدي أنا أخدم على الجبهة بسلاح الدبابات أعطي للإسرائيلي دبابة سورية وهو يعطيني دبابة إسرائيلية هو يزبط نفسه هناك، وأنا أزبط نفسي هنا، قهقه الضابط ضاحكاً، وتلك رسائل الغنائم، كيف تتحول لبطل ذائع الصيت!