قضايا وآراء

القرضاوي والعلماء وجهود في التنسيق لرئاسة مصر الثورة

1300x600

تحدثت في مقالين سابقين، عن نصيحة الرئيس أردوغان للإخوان، بعدم الترشح للرئاسة، ونقل شيخنا القرضاوي للنصيحة، ثم رسالة القرضاوي المفتوحة للإخوان والتي نصحهم فيها بعدم الترشح، وترك الصف الإخواني ينتخب من يشاء دون معاقبة من ينضم لأي حملة رئاسية، وذلك قبل إعلان ترشحهم بيوم، وقد تسرب للجميع عزم الإخوان على تغيير قرارهم بعدم الترشح، والدفع بمرشح من الإخوان. 

بعد أن ترشح للرئاسة: عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد سليم العوا، ومحمد مرسي، وآخرون، كان لا بد من التفكير في التنسيق بين المرشحين، حتى لا تفتت أصوات الثورة، ويكون ذلك في صالح مرشح الثورة المضادة، أو العسكر. ودعا بعض المشغولين بهذا الشأن من المفكرين الإسلاميين، للاجتماع لهذا الغرض، وقبل القرضاوي بالنزول لمصر لهذا اللقاء، واضطر لتأخير نزوله يوما للقاء الرئيس أردوغان الذي حمله نصيحة ألا يترشح الإخوان.

 

الجميع لم يقدم مصلحة الثورة على مصلحته، أو مصلحة فصيلته الشخصية، ودخلت الشخصنة وتقديم حظ النفس على المصلحة العامة للثورة للأسف


سبقت الشيخ القرضاوي بالنزول، ورتبنا لقاء في بيته صباح يوم لقائه المرتقب مساء، والتقينا في منزل القرضاوي صباحا بحضور: د. محمد البلتاجي، ود. صلاح سلطان، ود. صفوت حجازي، فك الله أسر الجميع، حضر البلتاجي وسلطان، وتأخر حجازي، للقائه بالمهندس خيرت الشاطر، والدكتور محمد مرسي، وجلسنا نسمع من القرضاوي ما لديه من أفكار.

 

مجلس رئاسي


جاء البلتاجي بفكرة عرضها على القرضاوي، وهي: مجلس رئاسي، يتكون من أبرز المرشحين للرئاسة ممن يمثلون الثورة، وإذا تنازل الإخوان عن الترشح، يكون لهم نصيب من الربع للثلث في هذا المجلس تعويضا لهم عن ترك الترشح، وإذا لم يتنازلوا لا يكون لهم أي مرشح فيه، بحكم أنهم أخذوا الرئاسة، على أن يكون أبرز اثنين مرشحين هما نائبا الرئيس. كانت هذه الفكرة باقتراح من البلتاجي وإقرار من سلطان، ويبدو أنها خرجت من أشخاص آخرين معه، وكان مؤتمنا على عرضها على القرضاوي.

كان هناك اقتراح آخر إذا تعذر التوافق على المجلس الرئاسي، أن يتم التوافق على مرشح بمعايير مرضية للجميع، ويتفق عليها جميع المرشحين، وبذلك لا يتنافس أهل الثورة، ويتوحد معارضوهم. استمع القرضاوي للاقتراحات، وقد كان في رسالته المفتوحة للإخوان اقتراحه بالمجلس الرئاسي. ولكن في هذه الجلسة نقل البلتاجي وسلطان مخاوفهما من عدم المرونة من قيادات الإخوان في الملف، نظرا لترشح أبي الفتوح. وفي هذه الجلسة ألقى سلطان خبرا يخص البلتاجي صدمنا، إذ أخبرنا أن البلتاجي يتعرض لحملة داخل الإخوان ومحاولة فصله من الجماعة، فقابل البلتاجي الكلام بابتسامة ساخرة، مؤكدا ذلك، ولكنه ترك الأمر لله.

قبل مغادرتنا بيت القرضاوي، ليستريح حتى يتمكن من حضور اجتماع المساء، اقترحنا عليه أن يحضر معه سلطان كأمين للجلسة، فوافق، ولكن حجازي اتصل بنا بالهاتف وطلب منا ألا نغادر منزل القرضاوي فهو يريد إبلاغ رسالة له ولنا. حضر حجازي، وأبلغنا أنه حضر توا من لقاء مع الشاطر ومرسي، وأنه قابل أبا الفتوح، وأخبره أبو الفتوح: أنه مستعد للتنازل لو استقر رأي المجتمعين على ذلك.

 

تهديد الجنزوري

أما رسالة حجازي التي حرص على توصيلها لنا - على لسان الإخوان - أنهم مهددون من الجنزوري (رئيس وزراء مصر وقتها) بأن ورقة حل مجلس الشعب في درج مكتبه، ونفس الحال ينطبق على مجلس الشورى، فإذا خسر الإخوان البرلمان بحجرتيه، ثم تنازلوا عن الرئاسة، فماذا بقي لهم؟ ولذا هم مصرون على الترشح للرئاسة وتكملة الأمر، فهم مجبرون على ذلك. تلك كانت الرسالة، وانصرفنا على أن يلتقي القرضاوي بالمجموعة.

 

راهن أبو الفتوح على تأييد القرضاوي له، وراهن الشاطر ومرسي على تأييد الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح

التقت المجموعة المكونة من علماء ومفكرين ومعهم القرضاوي، ولم يحضر مرشحو الرئاسة، وبعدها التقينا بالقرضاوي، لنعرف إلى ما انتهى اللقاء؟ فكانت الإجابة عدم الوصول إلى توافق، ولكن في نهاية الأمر كان الاتفاق انتظار ما تنتهي إليه الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وهي هيئة مكونة من مجموعة من المشايخ والدعاة، أكثرهم من التيار السلفي، وهو عمل قام الشاطر بعمله وتزكيته، بحسب ما أخبرني الدكتور عصام العريان.

انصرف المجتمعون من العلماء والمفكرين، ولم يصلوا لتوافق، وأخبرنا القرضاوي وسلطان وغيرهما عن تفاصيل جرت في اللقاء، مجملها عدم التفاهم، أو التوافق. وشهادتي التي أقولها وقلتها: لقد راهن أبو الفتوح على تأييد القرضاوي له، وراهن الشاطر ومرسي على تأييد الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وهي مؤيدة لمرشح الإخوان الدكتور مرسي، وكل طرف رمى بثقل ثقته في من يتمترس خلفه، فأبو الفتوح يعلم قوة تأييد القرضاوي له، ويعتقد أن هذا التأييد كفيل ـ بحكم ثقل الشيخ ـ بترجيح كفته، والإخوان رمت بثقلها على عدد المشايخ في الهيئة، ولذا شعرتُ وشعر غيري أن كلا الطرفين لن يتنازل أحدهما للآخر.

وما يقال عن أبي الفتوح والإخوان، يقال عن بقية مرشحي الرئاسة الآخرين، إسلاميين وغير إسلاميين، فالجميع لم يقدم مصلحة الثورة على مصلحته، أو مصلحة فصيله الشخصية، ودخلت الشخصنة وتقديم حظ النفس على المصلحة العامة للثورة للأسف، بينما كان هناك من يتربص ويرقب المشهد من بعيد، ليحدد اللحظة المحددة للإجهاز على الثورة بانقلاب يعد له، منتظرا اللحظة المناسبة، وموظفا لكل خلاف سياسي أو أيديولوجي بين مكونات الثورة، ليتم له ما يريد، وهو ما حدث للأسف!!

 

Essamt74@hotmail.com