حقوق وحريات

لماذا اقتصرت عمليات الإفراج بحماة على معتقلي الرأي فقط؟

كان النظام السوري قد أتم الأربعاء إطلاق سراح 106 معتقلين سياسيين في سجن حماة المركزي- عربي21

شكلت عملية الإفراج عن المعتقلين السياسيين في سجن حماة المركزي، بارقة أمل لآلاف العائلات التي تتطلع لمعرفة مصير أبنائهم في سجون النظام السوري.

وكان النظام السوري قد أتم الأربعاء إطلاق سراح 106 معتقلين سياسيين في سجن حماة المركزي، بموجب عفو رئاسي خاص من الأسد، وتسوية مع المعتقلين نتيجة للإضرابات والاستعصاءات التي شهدها السجن في العام الماضي، وسط حديث عن ضغوط روسية على نظام الأسد. 

وعشية ذلك، علت أصوات حقوقية تطالب النظام السوري بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وتعميم ما جرى في سجن حماة على بقية السجون السورية، وتحديدا السجون العسكرية والأمنية، وعدم الاكتفاء بالسجون المدنية.

وما كان النظام السوري ليفرج عن 106 معتقلين سياسيين من بينهم 15 معتقلا محكوما بالإعدام، لولا الضغوط الحقوقية الدولية والأوامر الروسية التي كان محركها الرئيسي الاستعصاءات التي نفذها معتقلو الرأي في السجن على مدار العام الماضي. 

جاء ذلك حسبما ما أكده عضو "هيئة القانونيين السوريين"، عبد الناصر حوشان لـ"عربي21"، مضيفا أنه "لو كانت هناك تحركات من قبل السجناء في السجون الأخرى، لكان من الممكن أن تكون عمليات الإفراج أوسع، وغير محصورة بسجن حماة المركزي".

ويبدي حوشان استغرابه من الأسباب التي تدفع بالمعتقلين إلى عدم تنفيذ الاستعصاءات على الرغم من أحكام الإعدام الصادرة بحق بعضهم.

وقال إن "سجن حماة شأنه شأن السجون الأخرى المحاطة بكتائب حفظ النظام وأجهزة الأمن، ومع ذلك استطاع السجناء أن يحققوا مطالبهم وأجبروا النظام على إعادة النظر بالأحكام الصادرة بحقهم، وصولا إلى إطلاق سراحهم".

 

اقرأ أيضا :  بحجة "وهن عزيمة الأمة".. الأسد يلاحق المعارضين وحتى الموالين


وفي مسعى من النظام لعدم فتح ملف المعتقلين السياسيين في المعتقلات، عمد إلى تغليف ما جرى من عمليات إطلاق سراح المعتقلين بما يسمى بـ"المصالحات".

وفي هذا الصدد بيّن حوشان، أن النظام ألبس ما جرى في سجن حماة المركزي لباس المصالحات، حيث اعتبر أن "إخلاء سبيل الموقوفين يأتي بعد تعهدهم بأن يكونوا جندا أوفياء في الدفاع عن الوطن وسيادته"، ما يعني غلقا للأبواب على فتح ملف المعتقلين.

واستدرك بالقول "عموما، لا خوف على مصير المعتقلين في السجون المدنية (المركزية)، لأن أعدادهم قليلة من الأساس".

وبحسب معلومات حصلت عليها "عربي21"، فإن خصوصية مدينة حماة ورمزيتها على المستوى السوري ساعدت كثيرا في عملية التوصل إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين فيها، وهو ما أكده حوشان بقوله إن "حماة تكتسي أهمية خاصة لدى النظام، لأن عدم الاستقرار فيها يهدد كل المحافظات السورية الأخرى، ناهيك عن الدور الرئيسي الذي قامت به "اللجنة الأهلية" فيها لفرض الاستقرار في المدينة".

خيار التصعيد

مصدر من حماة أكد بدوره لـ"عربي21" أن النظام كان بين خيار التصعيد وانفجار الشارع في حال تم تنفيذ الإعدامات بحق المعتقلين من أبناء حماة، وبين الرضوخ لمطالب الشارع الحموي.

وأضاف مفضلا عدم الكشف عن اسمه، أن النظام يعرف تماما خطورة تجدد الحراك المناهض له في مدينة حماة، مشيرا إلى احتضان المدينة لأضخم مظاهرة (مليوينة جمعة ارحل) في منتصف العام 2011.

وتابع قوله: "معروف أن حماة لها تاريخ طويل في معارضة النظام، منذ ثمانينيات القرن الماضي، وصولا إلى ثورة العام 2011، وهذا الشيء يخيف النظام كثيرا، وخصوصا إذا نظرنا إلى المظاهرات والحراك الشعبي المتجدد الذي تشهده درعا هذه الأيام".

يذكر أن جميع المعتقلين السياسيين في سجن حماة المركزي، كانوا قد اعتقلوا على خلفية مشاركتهم بالمظاهرات المناهضة للنظام السوري.

وفي وقت سابق، أكد رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين" فهد الموسى، لـ"عربي21" أن النظام السوري يحصر قضية المعتقلين في السجون المركزية فقط، لأن عدد المعتقلين السياسيين في هذه السجون المتوزعة على المحافظات قليل جدا، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة في السجون العسكرية وسجون الأفرع الأمنية ومعسكرات الاعتقال السرية في الثكنات العسكرية.

وأوضح، أن النظام يرفض الكشف عن مصير المعتقلين خارج السجون المركزية المعروفة، معتبرا أن إطلاق سراح المعتقلين في السجون المركزية بعد مشارفة محكوميتهم على الانتهاء، بهدف تلميع صورته البشعة، وإرسال رسائل للمنظمات الحقوقية العالمية، بأن النظام يتعامل بكل شفافية مع قضية المعتقلين السياسيين.