ملفات وتقارير

هل تنقذ الحكومة اللبنانية أموال مؤتمر سيدر؟

وزنة: مجلس الوزراء يدرك أنّه لو لم يحقق الإصلاحات المطلوبة لن يكون بإمكان لبنان الحصول على دعم سيدر- جيتي

تتواصل الرسائل الدولية الموجهة إلى الحكومة اللبنانية بضرورة تنفيذ التزاماتها تجاه الدول المانحة في مؤتمر سيدر (نيسان/ إبريل - باريس)، بغية تقديم القروض البالغة 11.8 مليار دولار و الموجهة إلى مشاريع تنموية واقتصادية.

 ومن شأن تلك المشاريع معالجة العديد من الأزمات التي رزح تحت وطأتها اللبنانيون منذ عشرات السنين، وفي مقدمها أزمة الكهرباء التي تصيب ميزانية الدولة في الصميم بفعل العجز الكبير الناتج عن هذا القطاع،  فضلا عن أنّه لا يقدم فعليا الخدمة المثلى للبنانيين في ظل انقطاع التيار الكهربائي في أغلب المناطق اللبنانية، باستثناء العاصمة لفترات تتراواح بين إلى 12 ساعة يوميا على أقل تقدير.

ونقلت أوساط المبعوث الفرنسي المكلف متابعة قرارات مؤتمر سيدر السفير بيار دوكين توجيهه رسالة واضحة إلى المسؤولين اللبنانيين، بأنّ ما تم إقراره في مؤتمر سيدر لن يتم تعديله أو التفاوض عليه مجددا، في إشارة واضحة إلى "أزمة عدم التزام لبنان بما تعهد به أمام الدول المانحة"، بينما دعت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لارسن الحكومة إلى معالجة أزمة الكهرباء وما تسببه من عجز في الميزانية، للانطلاق نحو المعالجات الشاملة على الصعيدين المالي والاقتصادي.

"معادلة صعبة"

وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزنة إلى أنّ المشرفين على تنفيذ مؤتمر سيدر، تحدثوا عن "معادلة ثلاثية مكوّنة من الإصلاحات المطلوبة والمشاريع المقترحة والتعهدات المالية"، مضيفا: "الحكومة اللبنانية يتوجب عليها إجراء الإصلاحات المطلوبة، وفي مقدمها خفض العجز في موازنة 2019 بما يعادل 1،5 بالمئة".

وحول قدرة الحكومة على تلبية التزاماتها، قال في تصريحات لـ"عربي21": "مجلس الوزراء يدرك أنّه لو لم يحقق الإصلاحات المطلوبة، لن يكون بإمكان لبنان الحصول على دعم سيدر وفق ما عبرت عنه الرسائل الدولية في هذا الخصوص"، معتبرا أنّ الخطوة الثانية المطلوبة من الحكومة بعد خفض عجز الموازنة، المضي في معالجة "الهدر في ملف الكهرباء الذي يتسبب بالعجز الكبير في الميزانية العامة، وتفعيل دور الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والاتصالات، وتطبيق القوانين المطلوبة من لبنان ومنها قانون الشفافية".


ولفت إلى أنّ "لبنان قام بخطوات باتجاه تلبية مطالب سيدر، لكن يفترض أنّ يتخذ إجراءات جدية وخطوات أكثر جاذبية وبسرعة أكبر، على اعتبار أنّ المجتمع الدولي ليس بوسعه الانتظار فترة طويلة لتحقيق التزامات لبنان".

وتطرّق وزنة إلى المعوّقات التي تحول دون تسريع العمل لتلبية اشتراطات الدول المانحة، فقال: "ما يعوق التقدم نحو المعالجات الاقتصادية المطلوبة يعود إلى أسباب سياسية"، موضحا أن "الميزانية قادرة على تحقيق الاشتراطات الدولية من دون فرض ضرائب جديدة، وذلك من خلال ترشيد الإنفاق وتحسين الناتج المحلي والجباية".

شروط ومواصفات

ورأى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم، أنّ "ماهية الشروط تتعلق في أسلوب تعاطي الدول المانحة مع الحكومة اللبنانية"، مفسّرا بأن الدول المانحة في سيدر وضعت مواصفات للقروض المقدمة إلى لبنان، وعلى الأخير تحقيقها بدقة وسرعة وفق الآليات الموضوعة".

واعتبر في تصريحات لـ"عربي21" أنّ "المواصفات المحددة في سيدر تختلف بين دولة مانحة وأخرى، وفق سياساتها تجاه لبنان وبناء على مصالحها والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط".

وعن مدى بلوغ الأزمة الاقتصادية ذروتها وسط المخاوف من انهيار كبير يتهدد الوضع الاقتصادي اللبناني، قال: "هناك ضغوط تمارس على بلدنا من خلال التركيز على الصعوبات الاقتصادية التي تعدّ أمرا واقعا"، محذرا من "تفاقم الأوضاع الاقتصادية وازدياد الأوضاع المعيشية سوءا، في حال تبين بأن مؤتمر سيدر لن يجلب إلى البلد منافع كثيرة عبر إطلاق عجلة تنفيذ مشاريع كبرى مهمة".

وعن رؤيته إلى حجم الفساد وكيفية معالجته داخليا في ظل المناخات السياسية المشدودة على مستوى الطبقة السياسية، أكد أن "المعاناة الاقتصادية لا تعني لبنان وحده، بل تواجه أغلب بلدان المنطقة صعوبات اقتصادية تعمل كل دولة على مواجهتها بناء على الظروف الداخلية لكل كيان، بيد أنّ نسبة الفساد وصلت في بلدنا إلى حد غير مسبوق ومنذ فترة زمنية طويلة، في ظل تورط كثير من المسؤولين في ذلك باستثناء قلة حافظوا على نظافة كفهم"، داعيا "الحكومة إلى إثبات نفسها من خلال العمل بجدية في محاربة الفساد، وصولا إلى الاستقرار الذي يعدّ مطلبا خارجيا كما هو داخلي، حرصا على عدم تأزيم الوضع اللبناني لحسابات وتفاهمات دولية".