اقتصاد دولي

هكذا تفاعلت أسواق بريطانيا مع أزمة بريكست.. "فوضى الخروج"

سوق الأسهم البريطاني تم تصنيفه بالأقل شعبية بين 22 سوقا عالميا- جيتي

لم تنته أزمة "بريكست" بموافقة قادة دول الاتحاد الأوروبي على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد، ولا تزال سيناريوهات إجراء انتخابات جديدة أو عمل استفتاء آخر قائمة.


ووافق زعماء الاتحاد الأوروبي، في قمة استثنائية عقدت، الأحد، في العاصمة البلجيكية بروكسل، على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد بشكل منظم بداية من مارس/ آذار 2019، تتبعه فترة انتقالية يبقى فيها الوضع على ما هو عليه حتى ديسمبر/ كانون الأول 2020.

 

معركة البرلمان


ويتبقى أمام رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي معركة كبرى ستخوضها خلال الأسابيع المقبلة للحصول على موافقة البرلمان البريطاني على اتفاق "بريكست"، خاصة وأنها لا تملك حاليا الأغلبية التي تمكنها من الفوز في تلك المعركة بسهولة في ظل وجود تيار كبير داخل البرلمان يعارض تمرير الاتفاق.


ومن المقرر عرض اتفاق "بريكست" على البرلمان البريطاني خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وسط اعتراض عدد من الأحزاب الممثلة في البرلمان على الاتفاق ومنها "العمال" و"الديمقراطيين الأحرار" و"الوطني الاسكتلندي" و"الديمقراطي الوحدوي" إلى جانب عدد من نواب حزب المحافظين.


وفي ظل ضبابية المشهد بشأن مصير "بريكست"، رصدت "عربي21"، انعكاسات ذلك على مؤشرات الاقتصاد البريطاني والأسواق العالمية التي تترقب معركة ماي مع جلسة البرلمان البريطاني، وكذلك الخسائر المتوقعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء بشكل منظم أو غير منظم.

 

فوضى الخروج


وتخشى ماي وحكومتها من أن تشيع الفوضى في بريطانيا وأسواقها المالية في حال عدم موافقة البرلمان البريطاني على الاتفاق، وهو ما دفعها إلى التحذير من تعرض بريطانيا لخطر قطع العلاقات مع أقرب شركائها التجاريين، وتعطل الرحلات الجوية ونقص الأدوية وتعطل الموانئ والطرق السريعة.


وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أثناء حديثه لإعلاميين في واشنطن، أمس الثلاثاء، إن الطريقة التي صيغت بها اتفاقية بريكست ستكون سلبية جدا، مؤكدا أنها قد لا تسمح للبريطانيين بالتجارة مع الولايات المتحدة. 


وأعرب ترامب عن أمله في أن تتوصل ماي إلى حل لتلك الأزمة قائلا: "آمل أن تقوم رئيسة الوزراء بشيء ما حيال هذا الأمر".

 

خسائر بالجملة


وأكد المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية البريطاني، أن الاقتصاد البريطاني حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق مقارنة ببقائها في الاتحاد، سيفقد نحو 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، وستنخفض الإيرادات الضريبية ما بين 23 مليار دولار، و29 مليار دولار، وسيتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد بنسبة 21 بالمئة، في حين من المرجح أن ينخفض إجمالي التجارة البريطانية-الأوروبية بنسبة 46 بالمئة، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 بالمئة، أي ما يعادل ألف جنيه إسترليني سنويا.


وتقدر خسائر بريطانيا حال الخروج دون التوصل لاتفاق (وهو السيناريو الأسوأ ) بنحو 178 مليار دولار بحلول عام 2030، ونحو 127 مليار دولار خسائر حال الخروج مع التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، ونحو 89 مليار دولار خسائر حال التوصل إلى اتفاقية "دعم" مؤقتة لعدم تعطل التجارة مع تبعية إيرلندا الشمالية للقوانين الأوروبية في الأمور التجارية، وفقا لـ "سي أن أن".


والموعد النهائي المحدد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو يوم 29 آذار/ مارس 2019، ومن المفترض أن تبدأ الفترة الانتقالية في 30 آذار/ مارس 2019 وتستمر لمدة 21 شهرا، بحسب مسودة الاتفاق التي أقرها زعماء دول الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل، الأحد الماضي. 

 

التصنيف الائتماني


ومن جانبها، حذرت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيفات الائتمانية من أنها قد تخفض مجددا تصنيفها الائتماني لبريطانيا (AA) إذا أصبح خطر خروج "غير منظم" من الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحا.


وقالت ستاندرد آند بورز، الأسبوع الماضي: "قد نخفض التصنيفات في ظل سيناريو يكون فيه احتمال بريكست "غير منظم" أكثر وضوحا"، معتبره أن خروجا "غير منظم" من الاتحاد الأوروبي إما أنه يقيد نفاذ قطاعي التصنيع والخدمات في المملكة المتحدة إلى الأسواق الأوروبية الرئيسية أو يخضعهما لرسوم جمركية وحواجز تجارية مرتفعة بما يكفي لتقليل قدرتهما على المنافسة.


الاسترليني


ومع تصاعد مخاطر "بريكست"، تشهد أسواق الأسهم والسندات تقلبات أكثر حدة، إلى جانب استمرار تراجع قيمة الجنيه الاسترليني أمام العملات الأجنبية، التي وصلت إلى مستوى دون 1.28 دولار خلال تعاملات أمس الثلاثاء.

 

والاسترليني هو ثالث أكبر احتياطي من العملات بعد الدولار واليورو ووصل إلى أعلى سعر له في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 عندما سجل 2.21 دولار واستمر بالهبوط منذ ذلك الوقت إلى أن وصل خلال الأشهر الماضية بآخر ارتفاعات له إلى 1.44 دولار.

 

سوق الأسهم


وبلغت تخارجات صناديق مؤشرات الأسهم البريطانية نحو ترليون دولار منذ الاستفتاء لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو 2016، بحسب مؤسسة "إي. بي. إف. آر جلوبال" لبيانات الأسواق، فيما أظهر مسح أجراه "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" أن سوق الأسهم البريطاني تم تصنيفه بالأقل شعبية بين 22 سوقا عالميا.


ووفقا لدراسة استقصائية أجرتها هذا الشهر شركة "شرودرز" لإدارة الصناديق في المملكة المتحدة، أفاد 400 مستشار مالي أن 35% من عملائهم إما قاموا بنقل أصول خارج المملكة المتحدة هذا العام أو كانوا يفكرون في القيام بذلك، مقارنة بنسبة 21% في مسح العام السابق.