سياسة عربية

لبنان يستنفر ديبلوماسيا للرد على "التهديدات الإسرائيلية"

وزير الخارجية اللبناني رتب زيارة لسفراء وإعلاميين على المنشآت التي تحدثت عنها إسرائيل- جيتي

يواصل لبنان الرسمي الرد على التهديدات والاتهامات الإسرائيلية بوجود مواقع عسكرية بالقرب من مطار رفيق الحريري في بيروت، وشدّد وزير الخاريجة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على أن "لبنان ملتزم بالقانون الدولي والقرارات الدولية، لكنه لن يكون ملزما بالنأي بالنفس في حال الاعتداء على أراضيه".

ونفى باسيل ما وصفه الادعاءات الإسرائيلية حول تخزين حزب الله لصواريخ قرب المطار، وقال: "هذا الأمر لا يقبله العقل".

كلام الوزير اللبناني الذي جاء في مؤتمر صحافي، تلته جولة لباسيل بصحبة عدد من سفراء الدول العاملة في لبنان على المنطقة القريبة من المطار التي تضم ملعب العهد الرياضي، حيث أطلع الوفد على منشآته الخارجية والداخلية للتأكيد على خلو المكان من الصواريخ الدقيقة التي زعم رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجودها خلال كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وطالب قادة لبنانيون ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري بضرورة أخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، وبأن كلام نتنياهو ليس "مزحة"، فيما قلّل خبراء عسكريون لـ"عربي21" من إمكانية شنّ أي عمل عسكري مباشر على لبنان في الفترة المقبلة مع عدم استبعاد هذا الاحتمال في حال وجود قراءة مختلفة لدى قادة الكيان الإسرائيلي.

ورأى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن المتقاعد محمد عباس أن "إسرائيل تهيء الأرضية أمام الرأي العام الدولي تحسبا لأي قرار بشن عدوان على لبنان"، مضيفا: "تطلق حكومة الاحتلال في سعيها التضليلي سيلا من الأكاذيب والادعاءات، متسلحة أولا بالدعم الأميركي وثانيا بإعلام عربي متواطىء معها".

وتحدث عباس في تصريحات خاصة لـ"عربي21" عن رؤيته في "ضعف الرواية الإسرائيلية"، بالإشارة إلى أن "نتياهو ضمن اتهاماته ضد حزب الله اتهاما لإيران بتخزين السلاح النووي في منشأة، وهو ما اضطر واشنطن إلى وصف هذه المعلومة بالمضللة قليلا، على حد تعبيرهم".

وعن إمكانية تنفيذ نتنياهو لتهديداته، قال: "التهويل بالحرب خلال اليومين الماضيين يدلّل على أنه وسيلة بديلة عن شنّ الحرب نفسها، لكون الإسرائيليين يدركون أن الحرب المقبلة ليست نزهة ولن تحقق أهدافها بالنسبة إليهم"، مشيرا إلى أهمية وواقعية ما صرح به قادة إسرائيليون خلال الفترة الماضية لجهة وجود "توازن رعب بين حزب الله والكيان الإسرائيلي بعد حرب تموز/ يوليو عام 2006".


وكشف عباس عن تطور نوعي لسلاح حزب الله بعد الحرب الأخيرة، وأكد أن "الحزب يمتلك ترسانة دقيقة من الصواريخ، وتمكن من مضاعفة قوته خلال السنوات الماضية، بينما وصلت قوة الجيش الإسرائيلي إلى الحدّ الأقصى من ناحية الكمّ و العتاد".

لكنّ عباس لم يستبعد كليا إعلان الحرب على لبنان في حال "قرأ القادة الإسرائيليون ميزان القوى بطريقة خاطئة"، منتقدا بعض ما أسماها "الأصوات في الإعلام العربي التي تدعو إسرائيل إلى ضرب لبنان، من دون أن تتحرك الحكومات".

وجزم عباس أن أي ضربة محدودة إسرائيلية تستهدف لبنان سينتج عنها حتما حرب شاملة.

التطورات الإقليمية

ويبدو "التسخين" الإسرائيلي مرتبط بحسب مراقبين بالتطورات الإقليمية، وما ينتظر المنطقة من تغيرات جديدة، وتحدّث عضو المكتب السياسي في حركة أمل حسن قبلان عن أن التهديدات الإسرائيلية وعدائيتها عنوان دائم يحضر في لبنان، لكنّه أكد أن "المتغير يتصل بالتطورات الإقليمية والاصطفافات الناتجة عن الأوضاع في سوريا والملف العراقي والبرنامج النووي الإيراني ومشروع ترامب التصفوي للقضية الفلسطينية عبر صفقة القرن".

وتابع لـ"عربي21": "إسرائيل تعمل على الاستفادة من حجم الضغط الأميركي على إيران، ومن الضغوطات على الساحة السورية ومحاولات محاصرة المقاومة في لبنان وفلسطين".

ونبّه قبلان إلى دلالة التسابق على التسلح في منطقة الشرق الأوسط وسط تعقيدات أمنية وسياسية، وقال: "أبرمت الولايات المتحدة صفقات سلاح هائلة مع دول الخليج، بينما تزودت سوريا بصواريخ أس 300، مع احتمالية تزويدها بصواريخ أس 400، إضافة إلى عرض عضلات من أطراف عدة ما يؤشر إلى اتجاه المنطقة نحو عمل عسكري".

ورجح قبلان قدرة حزب الله على الردع، قائلا: "ما يبثه الحزب من تطيمنات يعزّز  إمكانية ردع العدوان"، لافتا إلى أن "نوايا العدوان ليست متعلقة بما يخطط له القادة الإسرائيليون بل ثمة أطراف أخرى معنية، دولية، وإقليمية، وعربية".

لماذا الحذر؟

 

ويفرض التساؤل نفسه عن أسباب الاستنفار اللبناني السياسي والديبلوماسي إزاء التهديد الإسرائيلي الجديد بينما لم تبلغ التهديدات السابقة في السنوات العشر الأخيرة الدرجة نفسها من الترقب والحذر، وأوضح الكاتب والمحلل السياسي عماد شمعون إلى أن "خطورة التهديد  الإسرائيلي تكمن في مصدره وتوقيته، فهو جاء من على منبر الأمم المتحدة ومن قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأمام رؤساء العالم".

وميّز شمعون في تصريحات خاصة لـ"عربي21" بين اتجاهين في لبنان، "الأول يمثله حزب الله بما يدّعيه من قدرات وبنية عسكرية قوية، والآخر تمثله الدولة اللبنانية التي "نصنفها بالفاشلة أمام التحديات التي تفرض عليها"، متابعا: "لبنان الرسمي ليس جاهزا من النواحي كافة لا سيما السياسية منها في ظل الفراغ الحكومي".

ورأى شمعون أن أعداء لبنان يستغلون نقاط ضعفه، وقال: "هناك دهاء إسرائيلي مقابل غباء موجود في طبقتنا السياسية العاجزة عن سد الثغرات لمواجهة التحديات المختلفة".

وتوقع أن يكون الهدف الإسرائيلي من اي عمل عدواني ضد لبنان "تدميري وتخريبي وإعادة عجلة النمو الى الوراء وتأخير اي مرحلة نمو في البلاد مع ضرب مخازن أسلحة ونقاط استراتيجية تثير ريبة القادة الإسرائيليين".