صحافة دولية

فايننشال تايمز: هل أصبح روحاني في خطر؟

فايننشال تايمز: احتجاجات بازار طهران تشير إلى صراع القوى الإيراني- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها نجمة بوزرغمهر، تقول فيه إن المعسكر المتشدد في إيران هو من يقف وراء إضرابات البازار في طهران.

 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن صاحب محل لتجارة الجملة لم يذكر اسمه، قوله: "أجبرنا على إغلاق المحلات"، وأضاف: "قام مركز السلطة المعادي لروحاني بإرسال عملائه للبازار، وهي خطة على ما يبدو لجعل روحاني ضحية للأزمة الاقتصادية الحالية".

 

وتشير الكاتبة إلى أن البازار أدى دورا بارزا في ثورة عام 1979، وذلك عندما انضم التجار إلى رجال الدين، وأطاحوا بالشاه محمد رضا بهلوي، مستدركا بأنه رغم أن سلطة البازار لم تعد كما كانت، إلا أن وجهة نظر التجار تحمل من الناحية الرمزية ثقلا لدى الإيرانيين. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن محللين، قولهم إن البازار أصبح هذه المرة مركزا لصراع بين المعسكرين الإصلاحي المتحالف مع روحاني والمتشدد المتركز في الحرس الثوري والمؤسسة القضائية، مشيرة إلى أن هناك شائعات تتحدث عن إمكانية تدخل عسكري يسيطر على الحكومة. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي أظهرت فيه القيادة الإيرانية وحدة في وجه قرار الولايات المتحدة الخروج من الاتفاقية الموقعة عام 2015، التي وعدت بعقوبات جديدة وأشد على إيران، إلا أن هناك خلافا بينها حول مستقبل الجمهورية الإسلامية، والنظام الإسلامي، وبالضرورة مفاوضات مستقبلية مع العدو اللدود أمريكا.

 

وتنوه بوزرغمهر إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يطالب إيران بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط، ووقف اختباراتها الصاروخية، لكنه فتح الباب أمام المحادثات طالما توقفت إيران عن التدخل في دول المنطقة.

 

وتفيد الصحيفة بأن القيادة عبرت في العلن عن موقف متحد، إلا أن الكثير من المحللين يشككون في قدرتها على تحمل عقوبات جديدة، حيث يقول محلل يدعم الإصلاح: "يعتقد المتشددون، على ما يبدو أن لا خيار أمامهم إلا التفاوض مع الولايات المتحدة، لكنهم لا يريدون أن يقوم بذلك الإصلاحيون"، وأضاف: "من الغريب أن روحاني لا يفعل الكثير، كما أن حكومته تريد خروج الأزمة عن السيطرة؛ حتى يبتلع المتشددون تنازلات أخرى". 

 

ويرجح التقرير أن "يتدهور الاقتصاد الإيراني أكثر، فمن المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة قيودا جديدة في شهر آب/ أغسطس، ما يجعل من الصعوبة أمام إيران شراء الدولار، وكذلك التجارة الدولية في الذهب والفحم والفولاذ والسيارات والعملة وحتى دفع الديون، وستفرض الولايات المتحدة في نهاية العام عقوبات أخرى تمنع إيران من بيع النفط والغاز والملاحة والموانئ، والتعامل مع المصرف المركزي". 

 

وتقول الكاتبة إن "حرب التجارة"، كما يصفها المسؤولون، هزت الإيرانيين العاديين، وكذلك مجتمع التجار، فيما يتوقع الكثيرون مصاعب جديدة في الأشهر المقبلة، عندما يبدأ مفعول العقوبات الجديدة سريانه، لافتة إلى أن سعر العملة الإيرانية "الريال" انخفض بنسبة 50% أمام الدولار في الأسواق المالية، وأدت الإجراءات الحكومية، مثل تخصيص العملات الصعبة لمستوردي المواد الأساسية، وفرض منع على مئات من البضائع المستوردة، بما فيها السيارات، إلى زيادة الأسعار، وأصيب أصحاب المحال في مراكز التسوق، التي تعتمد على المواد المستوردة، مثل الملابس والأحذية، بالدهشة عندما فرض المنع على استيرادها فجأة الأسبوع الماضي. 

 

وتبين الصحيفة أنه في الوقت ذاته فإن الكثير من الناس يقومون بسحب مدخراتهم وشراء الذهب والعملة الصعبة والعقارات والسيارات؛ في محاولة لحماية أرصدتهم، فيما قال صاحب محل إن الناس يشترون المواد الأساسية، أو يقومون بتحويل مدخراتهم لعملات ذهبية، وقال صاحب المحل الذي يبيع آلات صنع القهوة المصنعة في فرنسا: "لا سبب لفتح محلاتنا عندما لا نستطيع شراء منتجات جديدة، التي ستكون غالية الثمن؛ بسبب سعر صرف الدولار، ولا زبائن لها". 

 

ويفيد التقرير بأن المتشددين انتهزوا الغضب الشعبي المتزايد، وحملوا الرئيس المسؤولية، وقال قائد الحرس الثوري السابق رحيم صفوي: "يبدو أحيانا أنه من الأفضل إدارة البلد دون الحكومة" أي روحاني، مشيرا إلى أن كلام صفوي، الذي يعمل الآن مستشارا لمرشد الجمهورية آية الله خامنئي، تبعته دعوات من المتشددين تطالب البرلمان بمحاكمة الرئيس روحاني.

 

وتنقل بوزرغمهر عن النائب أمير خوجستي، قوله: "نمنح الحكومة ما بين 10-15 يوما لتتقدم بخطة تواجه مؤامرات العدو في الحرب الاقتصادية"، وإلا قدموا الرئيس للمحاكمة، "وهذا من أجل الاستجابة للمطالب الشعبية، ولن نتراجع ولو بوصة".

 

وبحسب الصحيفة، فإنه من غير المعلوم إن كان المتشددون يحاولون التأثير على خامنئي ودفعه لتغيير الحكومة الحالية، مشيرة إلى أن مصدرا مطلعا يقول إن "آية الله خامنئي لا يزال ضد فكرة الإطاحة بروحاني"، خاصة أن المرشد عبر عن دعم للرئيس وفريقه في خطاباته العامة. 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول محلل إصلاحي: "سيكون روحاني محظوظا لو بقي في منصبه حتى الخريف"، مضيفا أن الأزمة الحالية بدأت قبل أن تفرض العقوبات الأمريكية، علاوة على بداية أثرها المؤلم.