سياسة دولية

خبراء: منظومة التعليم الجديدة بمصر عشوائية وستفشل كسابقاتها

خبير: لا توجد منظومة جديدة لتطوير التعليم بل مجرد تصريحات مرسلة وآراء فردية يدلي بها الوزير- أرشيفية

بعد نحو أسبوعين من الإعلان عن ما أسماه "منظومة التعليم الجديدة"، عقد وزير التعليم المصري، طارق شوقي، اجتماعا، أمس الاثنين، مع نواب ائتلاف "دعم مصر" البرلماني لعرض خطته لتطوير التعليم؛ التي تسببت في إثارة الجدل بين المصريين، والتي يبدأ تنفيذها العام المقبل وشرح فلسفتها وأهدافها!.

 

وأكد الوزير أنه يقوم بإعادة بناء منظومة التعليم من الصفر ليكون أكبر استثمار في مصر خلال 50 سنة المقبلة، كاشفا أن السنة الأولى للنظام الثانوي الجديد، التي تبدأ في أيلول/ سبتمبر المقبل، ستكون سنة تجريبية يتم خلالها التدرب على استخدام التقنيات الحديثة والتدريب على نظام التقويم الجديد".

 

أولتراس تعليمي!

 

وكان الوزير قد أعلن الأسبوع الماضي تراجعه عن قرار تعريب المناهج في مدارس اللغات الحكومية المعروفة باسم "المدارس التجريبية" بعد موجة من الرفض العام لهذه الخطوة، واتهامات للنظام بتعمد الإبقاء فقط على التعليم المتميز في مدارس الأثرياء فقط، وتكريس التمييز الطبقي بالمجتمع بعد استثناء المدارس الخاصة من تطبيق نظام التعليم الجديد.

 

واتهم الوزير من أسماهم "أولتراس تعليمي" بمحاربة نظام التطوير الجديد، ملمحا إلى وقوف قوى منظمة في الداخل والخارج خلف هذه المجموعات، وتحاول فرض وجهة نظرها على غالبية المجتمع.


وأكد أن الوزارة فعلت كل ما في وسعها للتواصل المجتمعي بشأن مشروع تطوير التعليم الجديد، وعدلت أكثر من مرة في نظام التطوير، وجمدت بالفعل ما يخص المدارس التجريبية احتراما لهذه الآراء، مشددا على أنه لا تأجيل للنظام الجديد، وأن نظام التعليم القديم قد مات.


تخبط وعشوائية

 

وتعليقا على المشهد التعليمي، قال الخبير التربوي، كمال مغيث، إنه لا توجد منظومة جديدة لتطوير التعليم، بل مجرد تصريحات مرسلة وآراء فردية يدلي بها الوزير لوسائل الإعلام، ولا تعكس أي فلسفة أو فكر حقيقي، مشيرا إلى أن أي استراتيجية جادة لتطوير التعليم يجب أن يكون لها جانب علمي ومكون فكري وتخطيط زمني وطرق تدريس.

 

وأضاف مغيث، في تصريحات لـ "عربي21"، أن الرفض العام الذي واجه أفكار الوزير هو ما دفعه للتراجع عن قراراته العشوائية في إطار ما يزعم أنه "منظومة جديدة للتعليم"، وتوقع حدوث مزيد من التراجعات في باقي القرارات التي أعلنها الوزير مؤخرا.

 

وشدد على أن التعليم المصري سيظل يعاني لسنوات طويلة من التخبط والعشوائية طالما ظلت القرارات تتخذ بطريقة فردية دون حوار مجتمعي أو توافق وطني حولها، مؤكدا أن الحكومة تخدع الشعب بإعلانها بدء تطبيق منظومة جديدة للتعليم.

 

واستنكر تركيز الوزير على تطوير التعليم عن طريق توزيع أجهزة التابلت على الطلاب بهدف تحويل التعليم في مصر إلى النظام الإلكتروني، قائلا إنه لا توجد إحصائية حديثة توضح عدد المعلمين الذين يجيدون التعامل مع هذه التكنولوجيا ولا توجد إحصائية بعدد المدارس القادرة على تطبيق النظام الجديد من حيث توافر البنية الأساسية للإنترنت بما يضمن عدم انقطاع الخدمة عن الطلاب في ظل تردي خدمة الإنترنت في البلاد.

 

كلام في كلام


من جانبه، قال العميد الأسبق لكلية التربية بجامعة سوهاج، مصطفى رجب، إن الارتباك الذي يشهده مجال التعليم في مصر مؤخرا، وإلغاء المدارس التجريبية، ثم التراجع عن هذا القرار، سببه أن استراتيجية التعليم التي تزعم الحكومة تطبيقها العام المقبل ليست سوى كلام في كلام!.

 

وتوقع رجب، في تصريحات لـ "عربي21"، أن "يلحس" الوزير كلامه عن تطوير التعليم، ويتراجع عن تطبيق باقي عناصر منظومته الجديدة التي أعلنها مؤخرا؛ لأنها لم تكن مدروسة، مشددا على أن الحكومة لا تملك مشروعا حقيقيا لتطوير التعليم.

 

وأوضح أن دول العالم التي نجحت في تطوير التعليم لم تفاجئ المجتمعات بالتحدث عن تطوير فوقي هابط عليهم بالبارشوت، بل بدأت بتحديث البنية الأساسية للمدارس وتدريب المعلمين وتطوير المناهج والأنشطة المصاحبة لها.

 

وطالب بتوحيد نظام التعليم في مصر أولا، وقصره على نظام واحد فقط يخضع له جميع الطلاب باختلاف انتماءاتهم الدينية ومستوياتهم الاجتماعية والمالية، كما يحدث في كل دول العالم، قبل التفكير في تطويره، موضحا أن مصر بها 6 أنظمة تعليمية مختلفة، من بينها التعليم الحكومي العربي والتعليم الديني والتعليم الأجنبي، وهو ما يؤدي إلى خروج أجيال متنافرة ثقافيا واجتماعيا بما يضعف النسيج الاجتماعي للبلاد.

 

وأوضح أن المدارس الأجنبية والدولية لا تعلم طلابها التربية الدينية ولا اللغة العربية ولا التاريخ والجغرافيا الوطنية، وإنما تدرس لهم تاريخ وثقافات المجتمعات الغربية، وهو ما يتسبب في تخريج أجيال متعاقبة لا يعرفون شيئا عن تاريخ بلادهم، تدرج كثير منهم حتى أصبحوا وزراء ونوابا ومسؤولين كبارا.

 

وضرب مثالا بالاحتفال الذي أقامته السفارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي في قلب القاهرة بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الكيان الصهيوني، مشددا على أنه لم يكن لهذا الاحتفال أن يتم لو لم يكن من بيدهم الأمر متخرجين من مدارس وجامعات أمريكية وأوروبية ولا يعرفون تاريخ مصر والعرب ولا قضاياهم القومية.