سياسة عربية

لماذا يُعد الموت أفضل خيار للمعتقلات في سجون الأسد؟

7 آلاف و699 امرأة تعرضن للاغتصاب داخل سجون نظام الأسد- أرشيفية

لا تملك النساء المعتقلات في سجون نظام بشار الأسد، وهن بالآلاف خيارات أفضل من "الموت".

فما يتعرضن له داخل الزنازين من "تعذيب وحشي واغتصاب ومعاملة غير آدمية" أبشع بكثير من فقدان الحياة.

خلف قضبان تلك الزنازين ترتسم معالم "الوحشية" بأدق تفاصيلها؛ فالمعتقلات والمعتقلون لا يقبعون وحدهم هناك؛ إذ تجاورهم في بعض الأحيان جثث لسجناء سابقين، وتتفشى بينهم أمراض وأوبئة قاتلة، وتُقدم لهم وجبات طعام "قذرة"، ويمنعون من تنظيف أنفسهم أو حتى الصلاة.

وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، في تقرير أصدرته الخميس، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس/آذار من كل عام، إن 7 آلاف و699 امرأة تعرضن للاغتصاب داخل سجون نظام الأسد.

 

وتشير الشبكة إلى أن أكثر من 864 امرأة تقبع حاليا في سجون النظام السوري، بينهن 432 قاصرا، إلا أنها تعتقد أن أعداد المعتقلات ومن تعرضن للاغتصاب في سجون النظام تفوق الرقم المذكور، وذلك لأن الكثير من النساء تم اعتقالهن دون تسجيل، أو لعدم تصريح ممن تعرضن للاغتصاب.

المواطنة السورية "م. ف"، من مدينة اللاذقية (شرق) التي تعمل في أحد صالونات تجميل النساء بمدينة حلب (شمال)، كانت من بين من اعتقلهن نظام الأسد؛ بسبب تقديمها للمساعدت الإنسانية.

وتقول "م.ف" لـ"الأناضول"، إنه بعد اعتقالها تعرضت للتعذيب لمدة 50 يوما، كسرت خلالها أسنانها وبعض عظامها، قبل أن يتم نقلها من حلب إلى دمشق، لتشاهد هناك أمام عينيها موت العديد من الشبان والنساء أثناء التعذيب.

 

وقالت: "ما يتعرض له الرجال والنساء في سجون الأسد لا يمكن وصفه بالكلمات (..) على مدار 3 أشهر في سجن عدرا المركزي (شمال شرق دمشق) كنا نتعرض للتعذيب في كل فرصة بخلاف الشتائم التي كان وقعها على أنفسنا أكثر من وقع الضرب"؛ تضيف "م.ف".

وتكمل روايتها بالقول: "تعرضنا لكافة أنواع التعذيب والتحقير والاغتصاب. كان الموت خيارا أفضل من الاعتقال"، مشيرة إلى أن الملازم محمد من طرطوس كان أكثر من يقوم بتعذيب المعتقلين في سجن عدرا. 

 

وفي أحد أبشع مشاهد التعذيب التي شاهدتها "م. ف"، تقول: "قاموا في إحدى المرات باعتقال امرأة وزوجها وشقيقها، وقاموا بنزع ملابس المرأة عنها أمام زوجها وشقيقها، واغتصبوها، حتى أنهم قاموا باغتصاب فتاة عمرها (17 عاما)، وكذلك قاموا بضرب امرأة حملت نتيجة اغتصابهم، وقاموا بضربها حتى أسقطت الجنين."

ولا يقتصر الأمر على التعذيب والاغتصاب والشتائم؛ فبحسب المعتقلة السورية، كان جنود نظام الأسد "يضعون الحشرات في طعام المعتقلين ويخلطون الماء بفضلات الإنسان، ويمنعوهم من الصلاة، ومن اقتناء أي من أدوات النظافة".

 

ولم تختلف رواية المعتقلة المفرج عنها لونا آغا (32 عاما)، عن سابقتها، فهي تعرضت للسجن في العام 2013، وفي ذلك الوقت أخذ الجنود طفلها الرضيع من بين أحضانها، وأجبروها على خلع جميع ملابسها، لتفتيشها تحت الضرب والتعذيب.

وتروي آغا حكايتها بالقول: "وضعوني في زنزانة مساحتها 3 أمتار مع فتاة أخرى، وبعد ذلك تم تحويلي للتحقيق، إلا أنه لم يتم التحقيق معي بل تعرضت للضرب فقط. كنت أسألهم عن التهمة الموجهة لي فقالوا إنها: الإرهاب وأنه ليس لي أي حق هنا، ولا يحق لي السؤال كذلك، وطرحوني على الأرض، وقام أحدهم بوضع قدمه على رأسي، وقال: هذا الحذاء أشرف منك ومن عائلتك."

وبعد 10 أيام من التعذيب المتواصل، أفرجت قوات نظام الأسد عن السورية "آغا"، ليتم اعتقال زوجها بعد يومين، قبل أن يتم اعتقالها مرة أخرى على أحد الحواجز، بعد قرابة الثلاثة أشهر.

وتستطرد آغا في روايتها لمشاهد "وحشية" جنود الأسد بالقول: "بعد شهر من الاعتقال الثاني، تم وضعي في حافلة ممتلئة بالمعتقلين الآخرين الذين تتراوح أعمارهم بين (14 و70 عاما)، وكان معنا شاب يبلغ من العمر (16 سنة) مريض بالربو. لم تكن هناك أي رأفة في قلوبهم عليه على الرغم مما كان يعانيه من آلام."

وتضيف أن الحافلة أقلتهم إلى مدينة حمص (وسط)، بعدها أرسلوهم من هناك  إلى "فرع فلسطين" (مقر أمني) في دمشق، موضحة أن الفرع يتكون من 9 غرف، يوجد في داخلها نحو 30 فتاة وجثث موتى.


وفي اليوم الأول لوصول آغا إلى "فرع فلسطين"، أصيبت فتاتان بمرض الكوليرا، وبعد ذلك انتقلت العدوى إلى خمس فتيات، ثم إلى باقي الغرف، لتبدأ المعتقلات على إثر ذلك بالإضراب عن الطعام إلى أن أحضروا طبيبا لمعالجتهن؛ تكمل المعتقلة السورية السابقة.

ومن "فرع فلسطين" انتقلت آغا بعد ثلاثة أشهر إلى سجن عدرا، وتمت محاكمتها هناك لمدة سنة، وعقبها تم الإفراج عنها.