ملفات وتقارير

صفقة وشيكة برعاية ألمانية بين حماس وإسرائيل.. ماذا عن مصر؟

صفقة "شاليط" جرت عام 2011 بوساطة مصرية- أرشيفية

أثار إعلان الرئيس الألماني، فرانك شتاينماير، نيته التوسط بعقد صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، وتكليفه أجهزة المخابرات في بلاده الاتصال بقادة حماس في غزة، سؤالا حول مدى قبول حماس بالدور الألماني على حساب الدور التقليدي المصري في غزة، خاصة مع وجود رغبة إسرائيلية بإسناد "المهمة" إلى مصر.


وصرح المنسق الإسرائيلي لاستعادة الأسرى لدى حماس في غزة، ورجل الموساد السابق دافيد ميدان، قبل أسابيع، بأن أي صفقة تبادل مع حماس لن تتم قبل وجود وساطة مصرية حقيقة وجادة.


ونقل عن ميدان قوله: "إن مصر هي الخيار الوحيد حاليا، وفي حال شعر المصريون بأنهم الخيار الوحيد، فسيجدون الطريقة للحديث مع حماس".


وتمسك المخابرات المصرية (المكلفة بالملف الفلسطيني) بمفاصل استراتيجية في غزة، وتعتبر كـ"ملح الطعام" في ملفاتها، حيث توسطت عام 2011 في صفقة "وفاء الأحرار" التي أطلق الاحتلال بموجبها سراح 1027 أسيرا، مقابل جندي إسرائيلي أسرته حركة حماس. ومؤخرا، تقود مصر وساطة حصرية في ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس.


وجاءت توجهات الرئيس الألماني بعد طلب مرسل من عائلة الضابطين المحتجزين في غزة، آرون شاؤول وهدار غولدن، للمساعدة في استعادتهم مع جنود آخرين.

وأشارت صحيفة يديعوت إلى أن شتاينماير على دراية جيدة بالموضوع، وأنه وعد باستشارة رجال المخابرات الألمان الذين توسطوا في الماضي بصفقة تبادل أسرى بين "إسرائيل" وحزب الله، وطلب الحصول على المواد المتعلقة بهذه المسألة.

 

اقرأ أيضا: وساطة ألمانية لعقد صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس

وكانت إسرائيل أعلنت فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال عدوانها عام 2014، وهما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنفتهما، في يونيو/ حزيران 2016، على أنهما "مفقودان وأسيران".

وعرضت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قبل عام تقريبا، صورا لأربعة جنود إسرائيليين وهم: شاؤول آرون وهدار غولدن" وأبراهام منغستو وهاشم السيد، رافضة الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.

وتشترط حماس للبدء في مفاوضات غير مباشرة من أجل صفقة تبادل جديدة الإفراج عن كافة الأسرى الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل وفاء الأحرار مقابل الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط.

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف قال إن حماس لا يعنيها من الذي يتوسط في صفقة التبادل، لافتا إلى أن حماس يعنيها تحقيق شروطها المسبقة قبل البدء في أي جهد في هذا الاتجاه، المتمثلة في إطلاق سراح كافة المحررين في صفقة وفاء الأحرار، الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم.
ورأى الصواف في حديث لـ"عربي21" أن حماس لن ترفض الوساطة الألمانية، بل على العكس ستتجاوب معها إذا كانت تلبي شروطها.


أما فيما يتعلق بدور مصر، فقال: "أي صفقة لن تمر إلا عبر البوابة المصرية، وبتنسيق مباشر مع مصر، لأن وجودها ضروري، باعتبارها نقطة الارتكاز على الأرض لإتمام الصفقة، كما حدث في الماضي".


وتابع: "أعتقد أن مصر ليس لديها غضاضة في وجود دور ألماني في سبيل عقد الصفقة، وبرلين بذلت جهدا في إتمام الصفقة السابقة بين حماس وإسرائيل، رغم أنها لم تضع بصماتها على اللمسات الأخيرة".


وفيما يتعلق بأوراق القوة لدى حماس، أشار الصواف إلى أن الحركة تبدو واثقة مما لديها من أوراق، ولهذا تصر على تطبيق شروطها قبل التعاطي مع أي جهد جديد، وأضاف: "في النهاية، من يريد أن يعيد أبناءه إلى حظيرته عليه أن يدفع الثمن".

وحول إمكانية عقد الصفقة في ظل الأزمة الداخلية في إسرائيل والوضع الإقليمي المتأزم، قال إنه رغم كل التشابك الحاصل في المشهد، سواء داخليا في إسرائيل أو على الصعيد الفلسطيني والإقليمي، إلا أن التحقيق مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في قضايا فساد لن يؤثر على إبرام الصفقة، خاصة إذا كان هناك قرار إسرائيلي بالمضي قدما في تنفيذها.


وأضاف: "نتنياهو قد يقدم على صفقة مع حماس؛ حتى يعيد ترميم صورته المهزوزة، وقد تكون الأزمة الداخلية الإسرائيلية محفزا لعقد تلك الصفقة".

واتفق المحلل السياسي حمزة أبو شنب مع الصواف في أن قبول حماس بوسيط دون غيره مرتبط بما يقدم من عروض، ومدى تلبية الشروط التي تطلبها المقاومة، أكثر من ارتباطه بمن هي الجهة التي تقود الوساطة، سواء الألماني أو المصري أو أي طرف آخر.

وأشار أبو شنب في حديث لـ"عربي21 " إلى أن ألمانيا توسطت سابقا بين حماس وإسرائيل في صفقة التبادل السابقة "وفاء الأحرار" على مدى ثلاث سنوات، ونتج عن الوساطة صفقة مصغرة تضمنت إعطاء معلومات عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقابل إطلاق سراح 20 أسيرة فلسطينية، قبل أن تكتمل الجهود عبر مصر فيما بعد.

لكن "أبو شنب" اعتبر أن الظروف غير مهيأة حاليا لعقد أي صفقة، وأن الملف برمته يحتاج إلى تغير بعض الظروف المحيطة للشروع فيه.

 

وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه لا يمكن لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يقدم الآن على إبرام اتفاق مع المقاومة، مرجعا ذلك إلى أربعة عوامل.

 

اقرأ أيضا: حماس تضع أربعة قيادات على رأس قائمة صفقة الأسرى القادمة

أما العامل الأول: يتمثل في أن نتنياهو عقد صفقة سابقة، ولا يريد أن يسجل على نفسه إجراء صفقتين في عهده، خاصة بعد الدور البارز الذي يقوم به بعض المحررين في قيادة المقاومة كيحيى السنوار وغيره، واعتبار المجتمع الإسرائيلي أن صفقة شاليط أضرت به، الأمر الذي يكبل نتنياهو في أي خطوة جديدة، إضافة لوجود اتفاق داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي على عدم الذهاب إلى صفقة جديدة إلا في إطار استعادة جثث فقط، وليس أسرى مقابل أسرى.


والثاني يتعلق بالوضع الداخلي الإسرائيلي، حيث لفت المحلل السياسي إلى أنه لا يوجد ضغط إعلامي حقيقي يدفع باتجاه تنفيذ الصفقة، وذلك نتيجة لإعلان الجيش الإسرائيلي روايته، التي قال فيها إن الجنود الأسرى لدى حماس هم جثث وليسوا أحياء، وهذا بحد ذاته يصنع فارقا كبيرا.


وثالثا، أن عائلة الضابط الأسير "هدار غولدن"، التي تعدّ الأكثر حضورا وتأثيرا حتى الآن في هذا الملف، وتعدّ مقربة من التيار اليميني الديني في إسرائيل، ترفض مبدأ الصفقة، الأمر الذي أفقد الملف بمجمله زخما جماهيريا إسرائيليا.

أما العامل الرابع، فيتمثل في أن المقاومة أعلنت فصلها ملف الصفقة عن أي ملفات أخرى كحصار غزة، وهي بذلك تمنع ابتزاز إسرائيل.

واستبعد أبو شنب أن يكون قادة حماس بحثوا في زيارتهم الأخيرة لمصر ملف تبادل الأسرى مع المسؤولين هناك، "إذ إن الوفد الذي زار القاهرة لم يكن ضمنه مسؤول ملف الأسرى في حماس يحيى السنوار، أو أي شخصية عسكرية أخرى، إضافة إلى أن جدول الزيارة المعلن لم يكن مدرجا فيه هذا الملف". حسب المحلل السياسي.