سياسة عربية

"رايتس ووتش" تدين هجوم بنغازي والإعدامات غير المشروعة بليبيا

رايتس ووتش: الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب يمكن أن ترقى إلى مصاف جرائم الحرب- تويتر

أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان، الهجوم الدموي على مسجد بيعة الرضوان في بنغازي شرق ليبيا، وأكدت أنه ينتهك قوانين الحرب، وأن الإعدامات غير المشروعة تشكل جرائم حرب.

وأشارت المنظمة، في تقريرها الصادر الخميس، إلى أن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب يمكن أن ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، موضحة أن تلك الانتهاكات تشمل استهداف المدنيين أو الأعيان المدنية عمدا، بما فيها المساجد، أو شن هجمات، مع العلم أنها قد تؤدي إلى مقتل أو إصابة المدنيين بشكل عشوائي أو غير متناسب.

جريمة حرب
وقالت المنظمة إن "جماعات مسلحة مجهولة فجرت سيارتين مفخختين أمام مسجد في مدينة بنغازي الثلاثاء الماضي، وأدى هذان الهجومان إلى مقتل 34 شخصا وأصابا أكثر من 90 آخرين على الأقل معظمهم من المدنيين، بينهم ثلاثة أطفال قتلى، بحسب متحدثين باسم المستشفيين الرئيسيين لخدمات الطوارئ والصدمات في بنغازي".

 

اقرأ أيضا: تفجيرات ضخمة في بنغازي الليبية.. من وراءها وما دلالتها؟


وأشارت الباحثة في شؤون ليبيا في "هيومن رايتس ووتش" حنان صلاح، إلى أن "زرع القنابل خارج مسجد يرتاده مدنيون هو جريمة حرب، لا سيما عندما يُحتمل وقوع أكبر عدد ممكن من الضحايا بين المدنيين بسبب توقيت التفجير"، مؤكدة أنه من غير المقبول أن يستمر المدنيون في بنغازي بتحمل وطأة هذا النزاع.

وقد انفجرت السيارتان المفخختان بفارق 15 إلى 30 دقيقة بين الانفجارين بعد الساعة الثامنة من مساء يوم الثلاثاء، أمام مسجد بيعة الرضوان في منطقة السلماني في بنغازي، حيث وقع الهجوم الأول إثر خروج المصلين من صلاة العشاء، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين، وفقا للتقرير.

وأوضح التقرير، أن الانفجار الثاني وقع عندما وصل المدنيون وعناصر الأمن إلى مكان الحادث لإسعاف الجرحى ونقل القتلى، بحسب مصادر في المستشفيات المحلية وتقارير إخبارية، مشيرا إلى أن القنبلة الثانية قد تسببت في أغلبية القتلى والجرحى، وأن جميع القتلى والجرحى كانوا من الذكور، من بينهم أطفال لا تتعدى أعمارهم 9 أعوام، مؤكدا أنه لم تعلن أي جماعة المسؤولية عن الهجوم.

روايات طبية
وقالت مديرة مكتب الإعلام بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث في بنغازي فادية البرغثي، إحدى المستشفيات الرئيسية في المدينة لخدمات الطوارئ والصدمات، إن مستشفى الجلاء كان أول من استقبل الجرحى والقتلى في أعقاب الانفجارين مباشرة، نظرا لقربه من المسجد.

وأضافت البرغثي لـ"هيومن رايتس ووتش" أمس الأربعاء، أن المستشفى سرعان ما وصل إلى طاقته القصوى، وكان عليه نقل الجرحى إلى مركز بنغازي الطبي ومستشفيات خاصة أخرى، مبينة أن عدد المدنيين من القتلى والجرحى يفوق بكثير عدد أفراد الأمن، وأن من بينهم طفلان تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عاما.

وأوضحت البرغثي، أن إصابات الضحايا نتجت عن انفجار كبير، وأن اثنين من الضحايا الذين نقلوا إلى مستشفى الجلاء كان رأساهما مقطوعين، كما جمع المسعفون عدة أطراف مبتورة، مشيرة إلى أن مستشفى الجلاء استقبل ما لا يقل عن 25 حالة وفاة، من بينهم بعض الضحايا الذين لقوا مصرعهم في المستشفى، وعالج 51 آخرين.

من جهة أخرى، قال مدير المكتب الإعلامي بمركز بنغازي الطبي خليل قويدر لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن المركز تسلم تسعة قتلى مدنيين إضافيين جراء الحادث، وإصابة 36 آخرين، من بينهم بعض عناصر الأمن.

وبيّن قويدر، أن المستشفى الليبي الألماني عالج سبعة جرحى، بينما عالج مستشفى الصفوة خمسة آخرين، موضحا أن تسعة مصابين خضعوا لعمليات جراحية، بقي بعضهم في حالة حرجة، على حد قوله.

وبحسب التقرير، فإن "هيومن رايتس ووتش" لم تر أية أدلة تشير إلى أن مسجد بيعة الرضوان كان يستخدم وقت الهجوم لأي غرض آخر غير الصلاة.

جريمة الورفلي
وظهرت أمس الأربعاء، روايات على عدة مواقع إخبارية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي، تعرض صورا غير مؤكدة لآمر محاور القوات الخاصة ببنغازي والقيادي في عملية الكرامة محمود الورفلي، وهو يعدم على ما يبدو 10 أفراد، يعتقد أنهم كانوا محتجزين لأنهم كانوا يرتدون الزي الأزرق الخاص بالسجناء، وفق ما ذكر تقرير المنظمة.

وقالت المنظمة الحقوقية: "إنها راجعت مقطع الفيديو الذي يُفترض أنه للحادثة نفسها التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر على ما يبدو أنه إعدام 10 رجال يرتدون الزي الأزرق، وأن الرجال الذين ظهروا في الفيديو راكعين ومعصوبي الأعين، وكانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم بينما يجري إطلاق النار عليهم واحد تلو الآخر من قبل رجل ملتحِ يرتدي الزي العسكري، وظهور حشد كبير من المتفرجين وهم يهلّلون".

 

اقرأ أيضا: مطالبة أممية باعتقال ضابط بقوات حفتر أعدم 12 سجينا (فيديو)

وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إلى أن محمود الورفلي مطلوب من قبل "المحكمة الجنائية الدولية" بشبهة ارتكاب جرائم حرب، وقد دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى تسليم الورفلي إلى لاهاي فورا، مؤكدة أنه ليس بإمكانها التحقق من صحة هذه الصور أو الفيديو، ولكن الإعدامات غير المشروعة كتلك المصورة فيها تشكل جرائم حرب.

تحذيرات ومطالب
وشددت المنظمة، على أن قوانين الحرب تحظر بشدة الهجمات التي تستهدف المدنيين أو الأعيان المدنية، بما فيها المساجد، ما لم تكن تُستخدم لأغراض عسكرية، وتحظر أيضا الهجمات العشوائية التي لا تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية، والهجمات غير المتناسبة التي تكون فيها الخسائر المدنية أو الأضرار اللاحقة بالمباني المدنية أكبر من الميزة العسكرية المكتسبة.

وطالبت "هيومن رايتس ووتش"، جميع أطراف النزاع في البلاد باتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب أي خسائر عَرَضية في أرواح المدنيين وإصابتهم أو الإضرار بالأعيان المدنية، داعية إياها إلى الحد من ذلك في جميع الحالات.

ودعت الباحثة في شؤون ليبيا بالمنظمة حنان صلاح، السلطات في شرق ليبيا إلى إجراء تحقيق شفاف وفعال في الهجمات، وبقدر الإمكان، ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، على حد تعبيرها.

وقد عمّت ليبيا النزاعات المسلحة، وانعدام الأمن، والانقسامات السياسية منذ مايو 2014، عندما أعلن خليفة حفتر الحرب لاجتثاث "الإرهاب" في بنغازي، حسب قوله، وأعلن عن "عملية الكرامة" العسكرية، بحسب تقرير "هيومن رايتس ووتش".

وأضاف التقرير، أنه رغم إعلان حفتر عن سيطرته على بنغازي بالكامل من الجماعات المسلحة المعارضة له، المعروفة باسم "مجلس شورى ثوار بنغازي" في نهاية ديسمبر الماضي، وقعت اشتباكات جديدة، بالإضافة إلى هجمات منفردة ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين، وإعدامات خارج القضاء.