مقابلات

الإنجيليون بالأردن: لسنا على موقف واحد من قرار ترامب

رئيس المجمع الإنجيلي الأردني عماد معايعة

قال رئيس المجمع الإنجيلي الأردني عماد معايعة، إن الطائفة الإنجيلية بالغرب ليست على موقف واحد من دعم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص الاعتراف بالقدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، مؤكدا أن بعض الإنجيليين في الغرب قاموا بشرح الكتاب المقدس بطريقتهم واجتهادهم بعيدا عن بعض الأمور الروحية، إلى جانب  تأثير اللوبي الصهيوني عليهم وعلى المسار الديني المسيحي.


تصريحات المعايعة تأتي وسط اتهام تقارير صحفية الإنجيليين في الغرب، بدعم قرار ترامب استنادا لنبوءة دينية تقول إن "الاعتراف بالقدس سيعجل من قيام دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات، وإقامة هيكل سليمان وظهور السيد المسيح".


إلا أن المعايعة يؤكد في حوار صحفي مع "عربي21" أن "من يدعم قرار ترامب بهذا الخصوص قلة من إنجيليي أمريكا وخصوصا المسيحية الصهيونية".


وفيما يلي نص الحوار:


في البداية متى تأسست الطائفة الإنجيلية وكم أعدادها؟


المعايعة: سأتحدث بشيء بسيط عن الإنجيليين بالأردن، بدأ العمل الإنجيلي بالأردن منذ الحكم العثماني عندما أتى مرسلون إنجيليون إلى فلسطين والأردن في عام  1921 وعام 1923، وأنا أتكلم عن العائلة الإنجيلية بشكل عام.


وفي عام 1923 أتت الكنائس المُصلحة الأمريكية على الترتيب، ثم انتقلت فيما بعد إلى العمل في لبنان وسوريا، ولم يبق لهم هنا شيء، ثم باشرت الكنيسة الإنجيلية الأسقفية خدماتها في السلط وعجلون، واستمر العمل إلى هذا اليوم، ومن أبرز الكنائس الإنجيلية كنيسة الفادي في عمان، التي يتبع لها عدد كبير من المدارس كمدرسة (سي إم إس) ومدرسة المطران ومدرسة ثيودور شنايدر، التي تخرج المهنيين، والتي غطت شريحة كبيرة في السوق الأردني.


أما بالنسبة للكنائس الإنجيلية في الأردن، فمجمع الكنائس يضم خمس طوائف رئيسية، هي طائفة الكنائس المعمدانية الأردنية، وكنيسة الناصري الإنجيلية، وكنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلي، والكنيسة الإنجيلية الحرة، وأقول حرة أي إنها دون قيود خارجية، وكنيسة جماعات الله الأردنية، وجميعها مسجلة لدى وزارة العدل، ويبلغ عدد الكنائس الإنجيلية في الأردن من هم تحت هؤلاء الخمس طوائف، ما يزيد عن 56 كنيسة في كل الأردن، بالإضافة إلى المراكز الصحية والمراكز التعليمية والمراكز الاجتماعية.


يبلغ أعضاء الكنائس الإنجيلية  بشكل عام ما يزيد عن 10000 شخص، وهؤلاء يتبعون لمجمع اتفق على تأسيسه في عام 1998 وهذا المجمع يضم هذه الكنائس باسم مجمع الكنائس الإنجيلي الأردني.

 

ما سبب عدم الاعتراف بالطائفة الإنجيلية في الأردن؟

 

المعايعة: حقيقة سؤال صعب، أنا أتذكر حملت رسالة وأنا نائب في مجلس النواب الأردني إلى جلالة الملك، وسلمته إياها من رئيس مجمع الكنائس الإنجيلي في ذلك الوقت، بطلب الاعتراف، وكان القبول عاطفيا ورائعا، وبين الأخذ والرد ضاعت الرسالة للأسف الشديد، فكثير من رؤساء الوزراء أرسلنا لهم الرسالة، وحقيقة لم يكن هنالك تعاون.


الكنائس الإنجيلية بعقيدتها الروحية كنسية لا تختلف عن الطوائف الأخرى،  فلا تختلف عن العائلة الأرثذوكسية ولا العائلة الإنجيلية الأخرى ولاعن الكاثوليكية.

 

لذلك لا يوجد سوى أنه عنصر الخوف، الإنجيليون نشيطون في تعليم الكتاب المقدس والوعظ، لكن أرغب في التوضيح بأن دورنا ليس جعل المسلمين مسيحيين والمسيحيين مسلمين، الدور الرئيسي لنا هو أن نعلم أولادنا أخلاقيات روحية معينة ليكونوا مواطنين صالحين.

 

هنالك قانون كان يعرف بقانون الطوائف غير المسلمة لعام 1938 وفي عام 2014 وجد قانون جديد خلفا للقانون القديم، باسم قانون مجالس الطوائف المسيحية من رقم  28 إلى 2014، وهذا القانون الوحيد الذي له ملحق، وهذه كلمة صعبة، الكنائس المعترف بها وعددها 11 طائفة وكنيسة، بعض هذه الكنائس هي عبارة عن كنيسة واحدة مثل العنفرة وأعضاؤها لا يتجاوز 200 شخص، ووجدت في ظروف معينة واعترف بها. نحن نسعى أن يكون لنا اعتراف وأن ننضم تحت هذا الملحق، حتى نستطيع أن نشكل محكمة كنسية تقوم بحل كل المشاكل المتعلقة بالأحوال الشخصية.

 

ما هي الأشياء التي تتفقون بها وتختلفون مع إنجيلي الغرب؟

 

المعايعة: إنجيلو الغرب وإنجيلو الشرق، أنا أقسمهم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، بالنسبة إلى الموقف من قرار الرئيس الأمريكي ترامب  بخصوص القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، دعنا ألا نظلم إنجليي الغرب، ونوضح مواقف إنجليي الشرق.

 

أنا أقسم إنجيلي الغرب إلى ثلاثة أقسام رئيسية من خلال معرفتي بهؤلاء: قسم وهو غير كبير مع مبادرة ترامب -كما هو الشعب الأمريكي بشكل عام وهؤلاء قد ينضم لهم أرثودوكس أو كاثوليك أو بوذيون أو لادينيون-، هؤلاء مجموعة وهي الظاهرة، يعتمدون على أمرين رئيسيين في موقفهم، أولا: شرح الكتاب المقدس بطريقة واجتهاد بعيدا عن بعض الأمور الروحية، والنقطة الثانية: تأثير اللوبي الصهيوني عليهم وعلى المسار الديني المسيحي، ولا أستطيع القول  بأن عددهم كبير.
قسم آخر من إنجيلي الغرب هم ضد قرار ترامب، وهم كثر لأنه من خلال  تواصلهم مع الشرق ومع كنائس الشرق، استطاعوا أن يفهموا الموضوع بشكل حقيقي، وعرفوا بأن القدس ليست مكانا فارغا للإيجار، او للبيع أو قطعة مهجورة.

 

قسم ثالث من منهم حياديون يفسرون الكتاب المقدس بطريقة بعيدة عن السياسية، وأهداف السياسة الأمريكية.

 

وفيما يخص إنجيليي الشرق، المواطن الإنجيلي الأردني، على سبيل المثال، لم أجد إنسانا يبعد عن المصالح الوطنية الأردنية أو المصالح الإقليمية العربية، ولا يخرج عن إيمانه وعن عقيدته المسيحية التي لا يستطيع أن يرميها تحت أقدام الغرب.

 

يجب ألا نخلط خلطة صعبة بين الإنجيليين والمسيحية المتصهينة، التي كدت أن أخسر شهادتي في أحد دوراتي العسكرية الاستراتيجية بسبب موقف اتخذته ضدهم.

 

وفي العودة إلى إنجليي الشرق، أيضا أقسمهم ثلاثة أقسام؛ قسم له مصالح بالغرب، قد يكون جمعية خيرية مساعداتها تأتي من الغرب، وأنا لا أقول كنائس، وهؤلاء لهم مصالح لا يستطيعون التكلم ولا بكلمة حتى لا يؤثروا على مصالحهم، لكنهم  ليسوا مع قرار ترامب.

 

أما القسم الآخر من إنجليي الشرق لا يستطيع التزام الهدوء، ودعني أقول لك في البداية: نحن الإنجيليون قبل قرار ترامب أرسلنا له رسالة بتوقيع رئيس مجمع الكنائس الإنجيلي الأردني، وكانت تلك الرسالة لا تخلو من الأدب واللباقة، لكنها كانت واضحة بأن يتروى في قراره.

 

أما القسم الأخير من إنجليي الشرق، هم الحياديون، ويفسرون الكتاب المقدس من جانب روحي.


ماذا بالنسبة لإيمان الإنجيليين بالنص الديني الذي يتحدث عن ضرورة إقامة إسرائيل الكبرى؟

 

المعايعة: نحن نفهم أن هناك دينونة على الشعب اليهودي لا بد أن تأتي، لكن نحن يهمنا أمر واحد هو خلاص الإنسان، وبفهمنا لمعتقداتنا يهمنا أن ينظر إلى الحياة الأبدية وليس إلى مفهوم أرضي، وأنا من معرفتي بالكتاب المقدس، دعني أتكلم من منظور روحي، يسوع المسيح جاء إلى العالم ليخلص العالم، وكما يقول الكتاب المقدس: "إلى خاصته جاء إلى خاصته لم تقبله"، خاصته هم اليهودية، جاء ولم يقبلوه، لكن يقول: أما الذين قبلوه أعطاهم سلطانا لأن يكون لهم حياة أبدية، فلذلك الأمة اليهودية، إذا كان أي مسيحي يعتقد أن اليهود هم شعب الله المختار، فهو مخطئ سواء كان أمريكيا أو أوروبيا أو عربيا، أن نأتي نحن ونعطيهم هالة كبيرة، ونعطيهم بلادنا ونقول لهم هذا حق لكم، هذا كلام روحي غير مقبول، وهناك أناس يفسرون ويعملون مداخل معينة، ويأخذون الحرف وليس المجمل باعتقادي هذا أمر خاطئ.

 

هل تعتقد أن مسيحيي الشرق بحاجة إلى دعم من الخارج، وما هي التحديات الفعلية التي تواجههم؟

 

المعايعة: أريد أن أسأل سؤالا، هل دعم مسيحيي الشرق من خلال دعم دول الشرق؟ هذا  شيء آخر على سبيل المثال أمريكا تدعم  الأردن، ونحن نقدر هذا ولا نريد أن نخسر صداقة أمريكا، لأنها قديمة. منذ أيام الرئيس أيزنهاور قال: نحن نعتبر الأردن حليفا دائما للولايات المتحدة.

 

تأخذ الأردن دعما، لكن ليس بلا مقابل نحن نقف بالخط الأمامي أمام الإرهاب، ولذلك نحن نحمي منطقة تسرب إليها الإرهاب الفكري والعملي في هذه الأيام، لذلك الكنائس الإنجيلية في الأردن لا تتلقى دعما من أمريكا.

 

أتساءل بماذا يريد أن يدعمنا نائب الرئيس الأمريكي، هل يريد أن يدعمنا بالمال أم يريد أن يدعمنا بالعقيدة؟ أنا أتحدى إذا كان هناك دولة عربية تعطي الحقوق والحرية في إقامة الشعائر الدينية، وفي العمل الروحي، وفي بناء الكنائس، وفي تصليح الكنائس، وفي عمل أي نشاطات أكثر من الأردن؟ 

 

هل أثر تهجير مسيحيي الشرق من بعض الدول العربية كالعراق على التوزيع الديموغرافي للمسيحيين في الوطن العربي؟

 

المعايعة: مائة بالمائة، أنا أتذكر أن نسبة المسيحيين في الأردن كانت 25% انخفضت فجأة إلى 7%، والآن إلى أقل من 3%، لأسباب نلوم أنفسنا عليها مثل الزواج بسن متأخرة، وتحديد النسل بشكل كبير، لكن السبب الأهم هو الهجرة ليس فقط للمسيحيين إنما للمسلمين أيضا، في الفترة الأخيرة كان هناك تسهيلات بالهجرة خاصة لأمريكا، أصبح الكل يبحث عن حياة أفضل ماديا، لكن لا يعرف عواقبها بانحراف الأولاد في الخارج، هذه هي المصيبة الآن؛ كثير منهم يدرك ذلك ويرجع لكن الأولاد لا يقبلون الرجوع .


كلمة أخيرة

 

المعايعة: الغرب تدخل في كل شيء، أما أن يتدخلوا في العقيدة والدين والفكر الروحي ويبعوننا ونحن أحياء، هذا غير مقبول إطلاقا، القدس ليست للبيع، ديننا ليس للبيع، أفكارنا ليست للبيع، لذلك مهما كانت الأثمان نحن لا نريد الاستقواء على شعوبنا ولا على حكوماتنا، كنت أتمنى صوتا عربيا واحدا مقابل هذا القرار، لكن للأسف الشديد بعض الدول العربية لم نسمع لها صوتا!