صحافة دولية

هل يسقط المزيد من الضحايا في إيران على خلفية الاحتجاجات؟

عدد القتلى ارتفع خلال الاشتباكات مع قوات الأمن في إيران ليصل إلى 12 قتيلا- تويتر
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن مقتل 12 شخصا في إيران نتيجة الاشتباكات الحاصلة مع رجال الشرطة، وفقا لما أكدته السلطات الإيرانية، وذلك في إطار الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المتظاهرين حاولوا اقتحام مراكز الشرطة وهو ما تسبب في اعتقال المئات منهم وسقوط عدد من القتلى، وفقا لما أفادت به وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية. علاوة على ذلك، تم حظر عدد من وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد. من جانبه، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن "الشعب له حرية التعبير والنقد، ولكن ليس له الحق في تدمير الممتلكات العامة".

وأكدت الصحيفة أن عدد القتلى ارتفع خلال الاشتباكات مع قوات الأمن في إيران، ليصل إلى 12 قتيلا. تجدر الإشارة إلى أن 10 أشخاص قُتلوا، في 31 كانون الأول/ ديسمبر، نتيجة الاشتباكات التي تشهدها شوارع المدن الإيرانية. ونقلا عن السلطات الإيرانية، لقي هؤلاء مصرعهم في إطار رد قوات الأمن الإيرانية على محاولات المتظاهرين الساعية إلى السيطرة على مراكز الشرطة. أما تقارير وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، فأشارت إلى أن المتظاهرين كانوا يحملون الأسلحة.
 
وأوردت الصحيفة أن شخصين قُتلا في 30 كانون الأول/ ديسمبر في مدينة دورود، إلا أن السلطات الإيرانية اتهمت عملاء أجانب بوقوفهم وراء ذلك. من جهة أخرى، أكدت طهران أن الشرطة وقوات الأمن لم تُطلق النار على المحتجين، وهو ما فنّدته مقاطع فيديو تم نشرها وتُؤكد على حدوث إطلاق النار ولكن دون التأكد من هوية الفاعل. في هذا الصدد، أفادت وكالة رويترز أن الاحتجاجات مستمرة، وقد تتواصل حالة الفوضى في البلاد لفترة أطول.

وأفادت الصحيفة بأن الرئيس حسن روحاني أقر خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم الأحد 31 كانون الأول/ ديسمبر بحق الشعب في الاحتجاج ولكن دون الإضرار بالممتلكات العامة. في المقابل، نبّه روحاني من أن "الحكومة الإيرانية لن تتسامح مع أي محاولة لإثارة الشغب في البلاد". وتحدث الرئيس الإيراني عن الصعوبات الاقتصادية التي تضيق الخناق على الشعب والتي تنامت خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن ذلك لا يُعتبر مبررا لأعمال الشغب، حيث قال روحاني: "يجب على الحكومة والشعب العمل جنبا إلى جنب ومساندة بعضهما البعض".

وأوضحت الصحيفة أن الاحتجاجات الأخيرة لم تأت نتيجة الوضع الاقتصادي في إيران وإنما هي بمثابة إرضاء لأعداء الثورة الإسلامية وخاصة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ويتجلى ذلك وفقا لروحاني "في العدوانية التي تتسم بها هذه الاحتجاجات". وأضاف الرئيس الإيراني أن "بعض الدول العربية في المنطقة تقف ضد إيران، وهي في الوقت الراهن، تحاول المساس بالأمن الوطني للبلاد وسلامتها ووحدتها". وأفاد بأنه بالمقارنة مع مؤشرات سنة 2013، أحرزت إيران تقدما في المجالين الاجتماعي والاقتصادي على الرغم من بعض المشاكل التي لا زالت في حاجة إلى حلول.

وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد أن الاحتجاجات تأتي نتيجة دعم طهران للإرهاب الدولي، إذ غرد على "تويتر" قائلا: "هناك احتجاجات واسعة النطاق في إيران. وأخيرا، أفاق الشعب من سباته وبات يدرك أن أمواله تُسرق وتُهدر على الأنشطة الإرهابية". وفي هذا الصدد، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، دعم الإدارة الأمريكية للمتظاهرين في إيران. خلافا لذلك، أفادت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية بأنه حتى في حال تمكن الشعب الإيراني من الإطاحة بالزعيم الاستبدادي الحالي، فلن ينجح في القضاء تماما على الاستبداد في إيران.

ونوهت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات اجتاحت تقريبا جميع المدن الرئيسية في إيران، ما ينذر باحتمال سقوط المزيد من القتلى. في الأثناء، تدعو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لم يُعرف بعد من يقف خلفها، إلى مزيد المشاركة في الاحتجاجات، حيث تقوم بنشر مقاطع فيديو تصور اشتباكات المتظاهرين مع الشرطة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المتظاهرين أحرقوا خلال المظاهرات صورا لآية الله الخميني، وهو زعيم الثورة الإسلامية التي اندلعت سنة 1979، بالإضافة إلى صور الرئيس الحالي، حسن روحاني، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني. وطالب المتظاهرون بالإطاحة بالحكومة الحالية وانسحاب القوات المسلحة الإيرانية، وخاصة الحرس الثوري، من أراضي الدول المجاورة. وعموما، يبدو من الصعب أن تشهد إيران أي تغيير في الوضع دون إراقة المزيد من الدماء.

وأضافت الصحيفة أنه، وبغض النظر عن تورط أياد خارجية من عدمه في هذه الأحداث الأخيرة، تعاني إيران فعليا من نسبة بطالة مرتفعة في صفوف الشباب خاصة، وهو ما يُعدّ سببا كافيا لإثارة غضبهم، وبالتالي، احتجاجهم وتظاهرهم ضد الحكومة الإيرانية. خلافا لذلك، نقلت الصحيفة عن عدد من الخبراء أن مقاطع الفيديو التي نشرتها وكالات الأنباء والقنوات الغربية حول الاحتجاجات الإيرانية تثير العديد من الشكوك، إذ إن جودة هذه المقاطع تعتبر عالية، على الرغم من أن مثل هذه الأحداث يصعب تصويرها بتلك الدقة والجودة.  

وقالت الصحيفة إن السلطات الإيرانية حظرت استعمال تطبيقات إنستغرام وتلغرام وذلك سعيا منها إلى احتواء الاحتجاجات والاضطرابات، علما وأن المتظاهرين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي المذكورة للتواصل فيما بينهم وتنظيم المظاهرات. من جانب آخر، تنكر السلطات الإيرانية قتلها لأي مواطن إيراني، وتوجه أصابع الاتهام إلى أطراف أخرى تحاول زعزعة استقرار البلاد.

وفي الختام، نقلت الصحيفة تحذيرات السلطات الإيرانية من مغبّة أعمال الشغب، كما أنه وبالنظر إلى استمرار الاحتجاجات، فمن المحتمل أن يسقط المزيد من الضحايا جراء هذه الأحداث.