ملفات وتقارير

هل ينجح وزير الخارجية المصري في "كسر الجمود" مع إثيوبيا؟

تخشى القاهرة أن يؤدي بناء سد النهضة الإثيوبي لانخفاض تدفق مياه النيل- عربي21

بعد إعلان مصر رسميا في  تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي مع أديس أبابا والخرطوم، وفي ظل التباينات الكبيرة في الملف والتصعيد المصري السوداني في ملف حلايب وشلاتين؛ قررت القاهرة إرسال وزير خارجيتها سامح شكري، لأديس أبابا للقاء نظيره الإثيوبي في محاولة لكسر الجمود حول الملف الأخطر بالنسبة للمصريين.


وفي مهمة وصفت أنها لـ"كسر الجمود" والخروج من "مأزق" ملف سد النهضة الإثيوبي الشائك على النيل الأزرق الرافد الرئيسي لنهر النيل، شريان الحياة في مصر، أجرى شكري مباحثات مع نظيره الإثيوبي ورقينه جيبيهو، بأديس أبابا، الثلاثاء.


إشراك البنك الدولي


وأعلنت الخارجية، أن شكري تقدم بمقترح حول مشاركة البنك الدولي في دراسات السد وأن الجانب الإثيوبي وعد بدراسة المقترح المصري والرد في أقرب فرصة، وأن الجانب المصري يعتزم طرح المقترح على السودان خلال الأيام القادمة.


وطالب شكري بالتزام الدول الثلاث بتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، لاسيما فيما يتعلق بالاعتماد على الدراسات كأساس ومرجعية للملء الأول للسد وأسلوب تشغيله السنوي.


وكان النظام المصري قد وقع إعلانا للمبادئ حول أزمة النيل مع وإثيوبيا والسودان في آذار/ مارس 2015، اعتبره خبراء ومحللون تنازلا مصريا عن حقوق مصر التاريخية بمياه النيل، واعترافا من القاهرة بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة.


وتعكس الزيارة "تحركا مصريا جديدا، يهدف للخروج من المأزق"، حسب ما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد أبو زيد، الذي أوضح أن شكري حمل أفكارا ومقترحات، هدفها مساعدة الأطراف على الموافقة على نتائج التقرير الفني، ولإزالة المفاهيم المغلوطة، والتي أدت لفقدان الثقة بين الأطراف.

 

اقرأ أيضا: شكري يتوجه إلى إثيوبيا لبحث "سد النهضة" من جديد


وتخشى القاهرة أن يؤدي بناء سد النهضة الإثيوبي لانخفاض تدفق مياه النيل، وضياع "حقوقها التاريخية" بموجب اتفاقيتي 1929 و1959، بنسبة (55 مليار متر مكب) والتي توفر نحو 90 بالمئة من احتياجات شعب مصر البالغ تعداده نحو 104 ملايين نسمة.


وتأتي الزيارة؛ وسط حالة من الفشل منيت بها مباحثات 17 جولة للجنة الفنية الثلاثية المشتركة لسد النهضة، التي تجتمع بالقاهرة والخرطوم وأديس أبابا، في التوصل لاتفاق بخصوص نتائج تقرير مبدئي قدمته شركتان فرنسيتان في أيار/ مايو الماضي، حول التبعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للسد على مصر والسودان.


كما تأتي زيارة وزير الخارجية المصري وإعلانه طرح أفكارا جديدة إثر إعلان الجانب الإثيوبي عزمه ملء السد في حزيران/يونيو المقبل، مع موسم الإمطار, حيث تعتزم أديس أباب تخزين 75 مليار متر مكعب من المياه خلال 3 سنوات، ما يلتهم نحو 25 مليار متر مكعب من حصة مصر المائية، الأمر الذي تعارضه القاهرة وتقترح ملء السد بفترة من 7 إلى 9 سنوات.


خطورة الأزمة


وأشارت الأستاذة الجامعية نهى طه، إلى خطورة الأزمة قائلة عبر فيسبوك "لم يعد قطع مياه النيل عن مصر مجرد سيناريو محتمل، لقد أصبح مؤكدا بعد إعلان إثيوبيا رسميا أنها ستملأ بحيرة السد في 3 سنوات بداية حزيران/يونيو".


وتوقعت طه أن "تخسر مصر خلال هذه الفترة نصف إنتاجها من الغذاء، وتشريد نصف السكان الزراعيين وارتفاع أسعار الغذاء مستويات غير مسبوقة".


وفي تعليقه على الزيارة تساءل الأستاذ بجامعة القاهرة جمال صيام، قائلا "هل يستطيع شكري إثناء إثيوبيا عن حجز 25 مليار متر مكعب من حصة مصر الصيف القادم، أم يعود بخفي حنين؟"، معتبرا أن "الزيارة؛ استجداء من جانب الطرف الضعيف".


وفي المقابل، دافع الكاتب الصحفي أحمد الأشقر، عن الموقف المصري وقال عبر تويتر إن "مصر تعاملت بمرونة مع التقرير الاستهلالي ووافقت عليه دون تحفظات، اقتناعا منها بأن الدراسات ذات طبيعة فنية ولا تحتمل التأويل أو التسييس".


حسن النوايا لا يكفي


من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية خيري عمر، أن "الخطة الاستراتيجية التي كانت تتبعها مصر قائمة على حسن النوايا مع بقية الأطراف، وأنه على هذا الأساس تم توقيع وصياغة الاتفاقية الإطارية".
وقال عمر لـ"عربي21"، إن "حسن النوايا وحده لا يكفي في مثل هذه القضايا، وأنه لابد من وضع التزامات محددة".

 

وأشار إلى أن "أقل حد في هذا الأمر هو تفعيل الاتفاق الإطاري بما يضمن حقوق مصر وتفسير بنوده في إطار مبادئ القانون الدولي".


من جهته رفض المحلل والباحث السياسي محمد حامد، فكرة أن تكون زيارة شكري لأديس أبابا خضوعا لإثيوبيا، وقال: "الزيارة ليست بها خضوع وما زالت النقاشات مع إثيوبيا قائمة، ومازالت قنوات الدبلوماسية قائمة".


وأضاف حامد لـ"عربي21"، أنه "كان مقررا زيارة رئيس وزراء إثيوبيا هيل ماريام دسالين، للقاهرة وإلقاء خطاب بالبرلمان المصري ويبدو أنها أجلت لفترة، وما زالت مصر تمد يدها لإثيوبيا لحل الأزمة والتفاهم وديا والاتفاق على فترة تخزين المياه بالسد بشكل ودي وعبر المكتب الفني".

 

اقرأ أيضا: كيف يواجه السيسي تحالف السودان- إثيوبيا ضده بأزمة سد النهضة؟


وفي دلالات الزيارة أكد حامد، أن "زيارة شكري تحمل دلالة أن القنوات الدبلوماسية مازالت مفتوحة من أجل التفاهم حول مياه النيل وعدم التصعيد وتخفيض التوتر في الإقليم؛ وفي المقابل التفاهم على الحقوق التاريخية للدولة المصرية في مياه النيل".


وحول الأفكار والمقترحات التي حملها شكري، يعتقد حامد، أنها في إطار "المحاولة لكسر المراوغة التي تتبعها الدبلوماسية الإثيوبية؛ بفتح قنوات تواصل دبلوماسية والعودة لمائدة التفاوض مرة أخرى، وعدم اتخاذ التفاوض وسيلة لاستهلاك الوقت حتى بناء سد النهضة الذي ترفضه مصر تماما".


وأشار حامد إلى تصريحات سابقة لوزير الري المصري محمد عبد العاطي عندما تحدث عن أمور يجب تصدي مصر لها، إلى جانب تصريحات بعض الوزراء الإثيوبيين ووزير خارجية أديس أبابا وركنا جيبيو، السلبية تجاه لمصر".


وأوضح أنه بعد شهور من تلك التصريحات تأتي زيارة وزير الخارجية المصري الآن، لتؤكد على وجود اتفاقات وحديث بين الطرفين لتهدئة الأمور والعودة إلى التفاوض.


طريق السيسي


وعلى الجانب الآخر، يرى الكاتب الصحفي محمد الصباغ، أنه "لا حل ولا أمل طالما حكومة السيسي علي نفس الطريق"، مؤكدا أن الحل الصحيح للأزمة هو "اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، في النهاية ضربة عسكرية لهدم السد".


وحول اعتبار الزيارة "محاولة المكسور المتذلل الضعيف لكسب ود المنتصر القوي"، أكد الصباغ لـ"عربي21"، أن "موقف أثيوبيا ضعيف جدا؛ ولكن مصر هي التي لا تدري كيف تدير هذا الملف".