صحافة دولية

ميدل إيست آي: مصر سقطت في دوامة التعصب الديني

الإدارة المصرية اعترفت ضمنيا بعجزها عن حماية مواطنيها- أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للصحفية رانيا المالكي تحدثت فيه عن عجز الدولة المصرية عن حماية الأقباط، وسجنها لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن استعدادها مؤخرا لإرسال الأويغور إلى الصين. 

وقالت المالكي في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إن الله، بعد أن أظهر للنبي موسى القوى الخارقة التي منحها له، أمره بالذهاب مباشرة إلى عرين الأسد لمواجهة فرعون المستعر والعازم على إعدامه.

وقد تمثلت مطالب موسى في خضوع فرعون إلى الله الواحد، أي خالقه، وإطلاق سراح بني إسرائيل من العبودية. في المقابل، أظهر فرعون، وهو المثال على المخلوق الفاني والمتغطرس الغارق في جنون العظمة، جرأة لتحدي خالقه. وقد قام فرعون باستدعاء 20 ألفا من أفضل سحرته ليلحق الخزي بموسى علنا "ويثبت" ألوهيته الخاصة.  

وأشارت المالكي إلى واحدة من أعظم معجزات التاريخ التي تمثلت في ضرب موسى للبحر الأحمر بعصاه لينقسم ويُفتح أمام بني إسرائيل كطريق للعبور إلى بر الأمان. وعند لحاق الطاغية وجيشه بهم، عميت عيناه عن حقيقة جلية تمثلت في أن الله الذي فرق البحر لإنقاذ بني إسرائيل قادر على إغراقه في لحظة خاطفة. في الأثناء، بإمكان أي شخص التعرف على جزء من هذا التاريخ مقابل جنيهين ونصف الجنيه بالعملة المصرية، من خلال زيارة متحف الآثار في ميدان التحرير أو رؤية مومياء فرعون، الذي ادعى الألوهية، مقابل أربعة جنيهات ونصف الجنيه.  

وطرحت الصحفيّة فرضية ما إذا كان النبي موسى لا يزال على قيد الحياة في زمننا هذا، علما بأن الأوضاع لم تتغير كثيرا منذ عهده، حيث أنه لم يكن ليدافع عن بني إسرائيل فحسب، بل عن المئات من المسلمين والمسيحيين علاوة على أحدث فئة أًضيفت إلى قائمة العار ألا وهم الأويغور الصينيون. وعموما، ينتمي الأويغور في مصر إلى 10 ملايين يمثلون جماعة عرقية قوية معظمها من المسلمين السنة الذين يعيشون أساسا غرب الصين في منطقة شينجيانغ.  

وذكرت المالكي تقريرا صدر في الثامن من تموز/ يوليو الجاري، بينت من خلاله رئيسة قسم الشرق الأوسط التابعة لمنظمة هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسون، أن "السلطات المصرية يجب أن تضع حدا للفظاعة التي يتعرض لها الأويغور الذين يعيشون في مصر، والذين يجب تحريرهم من خوف التعرض إلى الاعتقال التعسفي والترحيل إلى بلد يجازفون فيه بالتعرض للاضطهاد والتعذيب".

وتحدثت المالكي عن إيقاف العشرات من المسلمين الصينيين الناطقين باللغة التركية، وأغلبهم طلاب بجامعة الأزهر، وترحيلهم على الرغم من امتلاكهم لتصاريح إقامة قانونية، وفقا لما أفادت به تقارير إخبارية. 

ومن المرجح أن عمليات الترحيل هذه كانت جزءا من اتفاق أمني بين مصر والصين تم التوقيع عليه خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي مقابل تبادل معلومات حول "المنظمات الإرهابية". وتعيد الذريعة التي تتخفى وراءها الحكومة الصينية في ما يتعلق بانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان ضد الأويغور إلى الأذهان الدعاية المصرية المناهضة للإخوان المسلمين.

ونقلت الصحفيّة عن تقرير صدر عن "هيومن رايتس ووتش" خلال شهر آذار/ مارس الماضي قالت فيه المنظمة إن المحاكم الصينية أدانت 1419 شخصا معظمهم من الأويغور سنة 2015 بموجب قوانينها لمكافحة الإرهاب دون الكشف عن التفاصيل المتعلقة بالاحتجاجات والعنف وعمليات مكافحة الإرهاب.

وكان تقرير المنظمة لشهر تموز/ يوليو الجاري قد حذّر من أن سجل الصين من "الاحتجازات التعسفية والتعذيب والإخفاء القسري للأويغور، بالإضافة إلى الطبيعة المُسيّسة للإجراءات القضائية في حالات سابقة من الترحيل القسري، يثير مخاوف جدية من أن هؤلاء الأفراد، في حال تم ترحيلهم، سيكونون عرضة للتعذيب وضروب أخرى من سوء المعاملة".

وأضافت المالكي أنه من المثير للسخرية أن تكون الإدارة المصرية، التي تستهين بشكل واضح بالقوانين المحلية والدولية لحقوق الإنسان، حريصة للغاية على الالتزام "باتفاق أمني" ثنائي مع الصين، إلا أنه بالنسبة لبلد كمصر لا تثير مثل هذه السياسات الاستغراب. والجدير بالذكر أن ارتفاع خطر الاضطهاد الذي يواجهه المُبعدون الصينيون عند عودتهم إلى بلادهم يتناغم بسلاسة مع السياسة التي تتبعها مصر ضد مسلميها وأقباطها على حد سواء.  
  
ونوهت الصحفيّة إلى أن الفشل الذريع في دعم حقوق الإنسان بشكل عام وحق ممارسة آمنة للطقوس الدينية قد دفع بالكنائس خلال الأسبوع الماضي إلى تعليق أعمال الحج والعطلات والمؤتمرات للفترة المتبقية من تموز/ يوليو وآب/ أغسطس. وقد تم اتخاذ هذا القرار استنادا إلى مشورة السلطات التي حذرت المجتمع القبطي من هجمات محتملة من قبل المسلحين الإسلاميين. بالتالي، اعترفت الإدارة المصرية ضمنيا بعجزها عن حماية مواطنيها وأيضا عن القضاء على حركة التمرد التي عانت منها منطقة سيناء لسنوات عديدة.

وأكدت المالكي أن هذه التطورات الأخيرة تثبت رسميا سقوط مصر في "الثقب الأسود" للتعصب الديني.

وفي المقابل، فإنه لا بد لقادة مصر من الاتعاظ من الدروس المستخلصة من التاريخ الإلهي على أراضيها وخير دليل على ذلك قصة فرعونها الذي أصبح عبرة لمن يعتبر.