سياسة دولية

فورين بوليسي: عشرة صراعات عليك متابعتها في عام 2017

فورين بوليسي قالت إن هجمات تنظيم الدولة والعمال الكردستاني يضع تركيا في خطر- أرشيفية
فورين بوليسي قالت إن هجمات تنظيم الدولة والعمال الكردستاني يضع تركيا في خطر- أرشيفية
بجانب سوريا والعراق، ومن تركيا إلى المكسيك؛ استعرضت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، السبت، عشر ساحات للصراع المتوقعة في العام القادم، مشيرة إلى أن هناك مزيدا من النقاط "غير المتوقعة" للعام المقبل.

"أخطر فصل"

وقالت المجلة في مقدمة تقريرها المطول، الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم يدخل "أخطر فصوله التاريخية خلال عقود"، موضحة أن الارتفاع في وتيرة الحروب خلال الأعوام الماضية "أفقد القدرة على التوافق مع التبعات".

وأشارت المجلة، في تقرير جين ماري جوينو، رئيس مجموعة الأزمات الدولية"، إلى أن انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية "كان أخطر حدث خلال العام الماضي"، ويتوقع أن يكون له تبعات جيوسياسية كبيرة، كما سينشر مزيدا من الفوضى في العالم، خصوصا أنه "لا يمكن توقع تحركاته".

وفي أوروبا، تصدرت "القوى القومية"، بحسب تعبير المجلة، كما يتوقع أن تمثل الانتخابات المقبلة في فرنسا وألمانيا وهولندا "اختبارا" للمشروع الأوروبي، في واحد من أكبر التحديات في العالم.

ومن جانب آخر، أشارت الصحيفة إلى أن التنافسات الإقليمية، كما هي واضحة بين الخليج العربي وإيران على التأثير في الشرق الأوسط، "تشكل المجال العالمي"، وتركت آثارها في حروب الوكالة ذات التبعات "المدمرة" في سوريا والعراق واليمن، بحسب تعبيرها.

"حرب الإرهاب لا تنجح"

واستبعدت المجلة أن يكون "الحرب على الإرهاب" جامعا للقوى العالمية، لإن الإرهاب "تكتيك"، وليست إستراتيجية، بحسب تقرير "فورين بوليسي".

وأوضحت: "التنظيمات الإرهابية تستغل الحروب ودمار الدول لتعزيز سلطتها، وتتقوى على الفوضى"، مؤكدة أن ما يحتاجه العالم هو إستراتيجية لتجنب الصراعات، بطريقة "شاملة".

واختتمت المجلة مقدمة تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، بقولها إن "العولمة أصبحت واقعا"، موضحة أن "العالم مترابط، وما جرى في سوريا، مثلا، ولد موجة لاجئين، أدت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتركت آثارها الاقتصادية والسياسية في لعالم"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن تحقيق مزيد من السلام والازدهار بدون إدارة تعاونية لشؤون العالم".

وفي ما يلي، الصراعات العشرة، التي قالت "فورين بوليسي" ستترك آثارا كبيرة على العالم:

1-  سوريا والعراق

بعد ما يقارب ستة أعوام من الصراع، وخمسمائة ألف قتيل، ولجوء ونزوح ما يقارب 12 مليون سوري، يبدو أن رئيس النظام السوري استطاع تثبيت حكمه، بحسب المجلة، مستدركة بقوله إنها حتى مع الدعم الخارجي لا يستطيع النظام أن يسيطر على البلاد كلها، بحسب ما أظهرته سيطرة تنظيم الدولة على تدمر بعد تسعة شهور من سيطرة النظام مدعوما بقصف روسي عليها.

وأشارت إلى أن إستراتيجية الأسد باستهداف المعارضة "غير الجهادية"، أدى لتعزيز التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مثل تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، كما ضعفت هذه التنظيمات أكثر بعد خروجها من حلب، ولا زالت "متشظية" وضعيفة من توجهات داعميها المتباعدة.

وأشارت إلى أن المسار الدبلوماسي، الذي بدأ بعد اتفاقية تركيا وروسيا وإيران، ومحاولة وقف إطلاق النار التي تبعتها، يمثل أفضل احتمالية لتقليل العنف في سوريا.

من جانب آخر، ستستمر الحرب ضد تنظيم الدولة، وقد تزيد العنف والفوضى، ففي سوريا؛ تتنافس قوتان ضد التنظيم: واحدة تقودها أنقرة، والأخرى وحدات حماية الشعب، حليفة حزب العمال الكردستاني، وهي مرتبطة بالصراع الجاري بين القوتين داخل تركيا، مع دعم واشنطن لكلا الجانبين، ومحاولة تقليل العنف بينهما، الذي يستفيد منه تنظيم الدولة.

ولا زال تنظيم الدولة يسيطر على مساحات في سوريا والعراق، رغم فقدانه كثيرا من الأراضي خلال العام الماضي، وسيعاود الظهور حتى لو هزم عسكريا، ما لم تتحسن ظروف الحوكمة في البلدين.
 
وفي العراق، قوضت الحرب ضد تنظيم الدولة قدرة الدولة على حكمها، وتسببت بالدمار، وجندت الشباب، ونشرت الرعب في المجتمع العراقي، كما هشمت المجتمعين الشيعي والعراقي إلى قوى متنازعة معتمدة على داعميهم الخارجيين، وتتنازع على موارد العراق.

وأشارت المجلة إلى أن العراق، مدعوما من الولايات المتحدة وشركائها، عليه أن يستمر بتقديم الدعم العسكري واللوجستي للقوى العراقية التي ستدخل إلى المدينة، وتأسيس قوى استقرار داخل المدينة في المناطق التي تتم استعادتها من تنظيم الدولة، كي لا تضيع الجهود العسكرية، بالإضافة إلى بدء حوكمة تتضمن عوامل سياسية.

2- تركيا

يمثل هجوم رأس السنة في إسطنبول نذيرا لمزيد من العنف في تركيا، والذي تبناه تنظيم الدولة، في خروج عن سياسة التنظيم بعد استهداف تركيا.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه تركيا صراعا متصاعدا مع حزب العمال الكردستاني، مما يضع تركيا في خطر كبير، بسبب الاستقطاب السياسي، والضغط الاقتصادي، والحلفاء الضعفاء، بحسب "فورين بوليسي".

3- اليمن

تمثل حرب اليمن كارثة إنسانية جديدة، تمزق البلاد الأفقر في العالم العربي، حيث يقف ملايين الناس على شفا المجاعة، مما يزيد الحاجة نحو وقف إطلاق نار شامل، وتسوية سياسية بأسرع وقت ممكن.

ويعلق أطراف النزاع في اليمن، المدعومين من السعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى، بسلسلة من العنف والاستفزازات التي تعرقل محادثات الأمم المتحدة، بحسب "فورين بوليسي"، التي تدعو إلى اعتماد خارطة الطريق الأممية لإنهاء النزاع هناك.

4- الساحل وحوض بحيرة تشاد

تسببت الصراعات في الساحل الأفريقي وحوض بحيرة تشاد بمعاناة كبيرة، منها نزوح أكثر من أربعة ملايين شخص، كما استغلت التنظيمات الجهادية والمسلحة وشبكات الإجرام هذه النزاعات في المنطقة الغنية بالموارد، حيث تضعف الحدود والحجومات.

وفي العام الماضي، شنت التنظيمات الجهادية عدة هجمات مميتة في النيجر، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وأضعفت المنطقة أكثر، حيث نشطت تنظيمات "القاعدة في المغرب الإسلامي"، و"المرابطون"، كما ظهر تنظيم جديد بايع تنظيم الدولة.

كما يتوقع أن تواجه مالي أزمة كبيرة هذا العام، كما أدى تفكيك أكبر الحركات المتمردة هناك: "تنسيقية حركات أزواد"، إلى ظهور مزيد من التنظيمات، ونشر العنف إلى وسط مالي، بحسب المجلة، التي دعت إلى استغلال القمة الأفريقية لإحياء عملية السلام، ودعوة التنظيمات التي لم تشارك، بوساطة الجزائر، التي تمثل عاملا كبيرا للاستقلال.

أما في حوض بحيرة تشاد، فإن القوى الأمنية النيجيرية والكاميرونية والنيجرية والتشادية، صعدت قتالها لتنظيم بوكو حرام، كما أعلن الرئيس النيجيري نهاية بوكو حرام في آخر مناطقهم في غابة "سامبيسا"، لكنها لم تنتهي.

ويمثل تمرد "بوكو حرام"، والرد العسكري عليه، وغياب المساعدة المؤثرة لأولئك في الصراع يهدد بتشكل سلسلة ممتدة من العنف واليأس.

5- جمهورية الكونغو الديمقراطية

مع مطلع العام، أعلن قساوسة كاثوليك التوصل لاتفاق لحل الأزمة السياسية في الكونغو، إلا أن الرئيس جوزيف كابيلا لم يوقع عليها، وهي تطلب منه أن يتنحى بعد إجراء انتخابات، في صفقة تظل الفرصة الأكبر، رغم غياب الثقة بين الأطراف.

ودفع إصرار كابيلا على التمسك بالحكم، رغم انتهاء دورته الثانية، بما يخالف الدستور الكونغولي، أدى لمعارضة كبيرة ومظاهرات في عام 2016، وهدد بمزيد من العنف.

ودعت "فورين بوليسي" إلى تنسيق الجهود الأفريقية والغربية لإبعاد الكونغو من الصراع، وتجنب المزيد من الفوضى، في مهمة لا تستطيع عليها أكبر مهمات الأمم المتحدة وحدها.

6- جنوب السودان

بعد ثلاثة سنوات من الحرب الأهلية، لا زالت أصغر البلدان في العالم تواجه عدة صراعات، حيث أدت المطالب من الحكومة المركزية، وموجات من النزاع الإثني إلى نزوح أكثر من 1.8 مليون، داخل البلاد، و1.2 مليون خارج البلاد، وسط أنباء من مجازر جماعية وعدم التقدم في اتفاقية سلام عام 2015.

7- أفغانستان

تمثل الحرب والفوضى السياسية في أفغانستان تحديات خطيرة للسلام والأمن الدولي، رغم مرور أكثر من 15 عاما على الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، وطردت "طالبان" من الحكومة.

واليوم، حصلت "طالبان" على الأرض، وشاركت "شبكة حقاني" في مزيد من الهجمات بمدن مختلفة، وتنظيم الدولة تبنى عددا من الهجمات ضد الشيعة، كما وصلت الهجمات المسلحة إلى أعلى مستوياتها منذ بدء الأمم المتحدة بتسجيل الصراعات منذ عام 2007.

ومن جانب آخر، توترت علاقات أفغانستان مع باكستان، بسبب دعم إسلام آباد لطالبان والتنظيمات المسلحة الأخرى، كما ارتفعت التوترات بعد أن أجبر آلاف الأفغان على مغادرة باكستان، بسبب العنف والاعتقالات والاستفزازات، بالإضافة للأزمة الاقتصادية التي تواجهها أفغانستان.

8- ميانمار

وعدت الحكومة المدنية الجديدة التي تزعمها الفائز بجائزة نوبل آونغ سان سوو كي بالسلام والتصالح السياسي كأكبر أولوياته، في وقت يرتفع به العنف وقد يؤدي إلى إفشال جهود إنهاء الصراع الطويل.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، شن تحالف يسمى "التحالف الشمالي"، من أربعة تنظيمات، هجمات مشتركة على أهداف مدنية في منطقة تجارية كبيرة على الحدود الصينية، وأدت إلى تصعيد عسكري في الشمال الشرقي.

أثناء ذلك، يمثل مصير أقلية الروهينجا المسلمة قلقا دوليا متجددا، حيث شهدت تدهورا في حقوقها خلال الأعوام الماضية، خصوصا بعد مزيد من العنف في ولاية راخين في عام 2012، وحصلت بعد سلسلة هجمات استهدفت شرطة الحدود والجيش في منطقة قرب جبهة ميانمار الشمال شرقية مع بنجلادش، وجاء الرد عليها في حملة استهدفت المدنيين والعسكريين، وسط اتهامات بإعدامات خارج القانون والاغتصاب والحرق.

وفي منتصف كانون الثاني/ ديسمبر، قدرت الأمم المتحدة أن ما يقارب 27 ألف شخصا من أقلية الروهينجا نزحوا إلى بنجلادش، كما انتقد أكثر من عشرة فائزين بجائزة نوبل الرئيس الميانماري لعدم تحدثه عن الانتهاكات، ودعوا إلى حقوق مواطنة كاملة ومتساوية للروهينجا.

9- أوكرانيا

بعد ما يقارب ثلاثة أعوام وما يقارب عشرة آلاف قتيل، غير التدخل الروسي كل الحكم السياسي في أوكرانيا، المقسمة من الصراع والتي ينهشها الفساد، والتي يتوقع أن تسير نحو مزيد من الشك.

ويثير إعجاب ترامب بالرئيس الروسي مخاوف كييف، وسط إشاعات حول سعي الولايات المتحدة رفع العقوبات عن روسيا.

وأدى توقف تنفيذ اتفاقية "مينسك" المبرمة في شباط/ فبراير 2015، إلى اقتراب روسيا من تحقيق هدفين لها في أوكرانيا: تأسيس كيانات موالية لروسيا في شرقي أوكرانيا، وتطبيع سيطرتها على شبه جزيرة القرم التي بدأت الحرب في 2014.

وعبر أوكرانيا، هناك خيبة أمل كبيرة بين الزعماء الذين وصلوا إلى السلطة من مظاهرات "الميدان" بداية 2014، والذين يتحولون إلى تمثل الفاسدين الذين سعوا لإسقاطهم، كما يتراجع الدعم الغربي للرئيس الأوكراني بسبب عدم رغبة كييف أو عجزها عن تحقيق الإصلاح الاقتصادي وتحقيق إجراءات مواجهة للفساد.

10- المكسيك

قد يتحقق مزيد من التوتر بين الولايات المتحدة والمكسيك، بعد تعهدات ترامب ببناء جدار حدودي، وتهجير ملايين العاملين، وإنهاء اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية، كما وصف المهاجرين المكسيكيين بـ"تجار المخدرات، والمجرمين والمغتصبين"، واعتمد على دعم التنظيمات البيض القوميين.

وفي جهد لتجنب مواجهة مستقبلية، دعا الرئيس المكسيكي إنريكو بينا نيتتو ترامب لزيارة البلاد في أيلول/ سبتمبر الماضي، في خطوة تسببت بغضب شعبي عارم داخل المكسيك، الذي يشهد معدلات عالية للجريمة وفسادا واقتصادا متهالكا.
التعليقات (0)