سياسة عربية

ما سر حفاوة قطر الكبيرة بالعاهل السعودي؟

"عرضة" سعودية أدتها فرقة قطرية أمام الملك سلمان- الوطن القطرية
"عرضة" سعودية أدتها فرقة قطرية أمام الملك سلمان- الوطن القطرية
بحفاوة لافتة استقبلت قطر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في زيارته السياسية الأولى لها منذ تسلمه مقاليد الحكم عام 2015 وظهرت استعدادات كبيرة لاستقبال ملك "الشقيقة الكبرى" في ظل استمرار التوتر مع القاهرة وفشل اللقاء مع السيسي في الإمارات.

وبدا لافتا شكل الاستقبال القطري للملك سلمان لحظة خروجه من الطائرة حيث تم تجهيز ممر طويل دون أدراج يصل إلى باب الطائرة السعودية تقدم فيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى بابها لاستقبال الملك.

ولم تقتصر الحفاوة على الاستقبال في المطار بل امتدت على طول الطريق الواصل إلى الديوان الأميري القطري بآلاف المواطنين الذين احتشدوا لتحية الملك وصفوف الخيالة والهجانة وتكريم الملك سلمان بسيف "المؤسس" وأرفع أوسمة الدولة القطرية.

ولعل تفاعل الملك سلمان مع أهازيج رقصة "العرضة" السعودية التي أداها القطريون أمامه في ساحة الديوان الأميري رسالة بارزة على إعجابه بالاستقبال الكبير رغم ما شاب العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية من شد وجذب وتوتر على خلفية المواقف المتباينة من ثورات الربيع العربي.



وتأتي الزيارة المقررة مسبقا وحفاوة الاستقبال بعد فشل الإمارات في جمع الملك سلمان مع رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي الذي مكث في الإمارات يومين وغادرها قبل وصول العاهل السعودي رغم ترويج الإعلام المصري أن قمة ستعقد بين الطرفين لتهدئة التوتر بينهما وفتح صفحة جديدة في العلاقات المتوترة.

الإعلامي القطري جابر الحرمي رأى أن العلاقات القطرية السعودية على الرغم من متانتها إلا أنها تتخذ منحى متصاعدا في إطار التكامل والتوطيد لتقوية الصف الخليجي.

وقال الحرمي لـ"عربي21" إن "العلاقات تاريخية بين البلدين وعلى كافة المستويات سواء على مستوى الأسر الحاكمة أو حتى على مستوى المواطنين والاستقبال الذي جرى ترتيبه ليليق بالضيف يتجاوز أطر الاستقبال الدبلوماسي العادي وهو رسالة تظهر مدى قوة العلاقة بين قطر والسعودية".

وعلى صعيد ما شاب العلاقات بين الطرفين خلال السنوات الماضية من توتر خاصة في الملف المصري قال الحرمي: "من الطبيعي أن يكون هناك اختلافات في وجهات النظر السياسية وربما تقع الخلافات داخل الأسرة الواحدة لكن هناك ركائز متينة في العلاقة بين البلدين وهناك توافق في المواقف تجاه الملفات الساخنة الآن في العالم العربي".

ولفت الحرمي إلى أن السعودية حريصة على وجود مصر ضمن الإجماع العربي لكن كان هناك شعور أن مواقفها من الملفات التي تمس الخليج لم تكن على مستوى الدعم الذي قدم للقاهرة.

وأشار إلى أن "سلسلة المواقف التي اتخذتها القاهرة بدءا من التصويت على القرار الروسي والذي أغضب السعودية والخليج بشكل عام وكذلك إرسال مستشارين للنظام السوري وكذلك الحملات الإعلامية المغرضة ضد السعودية كلها أظهرت أن هناك بونا شاسعا في المواقف بين الطرفين".

وشدد على أن السعودية "ترغب في أن تتغير مواقف القاهرة لصالح الإجماع العربي وأن يكون هناك تناغم في التحركات للصالح العربي". 

بدوره قال الناشط السياسي المصري عمرو عبدالهادي إن زيارة الملك سلمان لقطر وما رافقها من استعداد كبير للاحتفال بالضيف "خرج عن الشكل الدبلوماسي وأعطى رسالة أنه في بلده متجاوزة كل الخلافات والتوترات السابقة في العلاقة والتي ارتبطت في الغالب على خلفية الموقف من مصر".

وأوضح عبدالهادي لـ"عربي21" أن السعودية "بحاجة لتقوية الصف الخليجي والعربي الآن ولذلك تتجه للتكامل مع محيطها لمواجهة العديد من التحديات في الوقت الذي يقوم فيه السيسي وإعلامه بكل الصغائر والسباب والإهانات بحق الرياض".

وقال إن مواقف السيسي في العديد من الملفات التي تمس السعودية وإعلامه وفرت ذرائع للعديد من خصوم الرياض وقّوت مواقفهم مثل إيران وروسيا خاصة في الملف السوري.

وشدد على أن السعودية "استنفدت كل الوسائل لمعالجة العلاقة مع مصر لكن في الوقت ذاته السيسي يطمع في البترول ويريد دعما مطلقا دون أن يقدم شيئا".

وأضاف: "الإمارات لا تكل ولا تمل من محاولة ترميم العلاقة بين القاهرة والرياض لأنها من الجانب الاول وهو الهام لا تريد صداما مع السعودية بسبب تصرفات السيسي والجانب الآخر أن الإمارات لا تريده أن يسقط ولذلك تحاول إجراء مصالحة بينه وبين السعودية لتبرير دعمه".

يذكر بأن السيسي غادر أبو ظبي قبل ساعات من وصول العاهل السعودي إليها في إطار جولته الخليجية قبل انعقاد قمة الاتحاد الخليجي في الكويت اليوم.

وروّج الإعلام المصري المقرب من السيسي أن قمة ستجمع الملك سلمان بالسيسي في إطار وساطة إماراتية للمصالحة بينهما لكن مغادرة السيسي قبل وصول العاهل السعودي تشير إلى أن جهود الوساطة فشلت.

يشار إلى أن العلاقات بين السعودية ومصر تشهد توترا منذ تصويت مصر على القرار الروسي في مجلس الأمن الخاص بالعمليات العسكرية في حلب رافق ذلك حملة إعلامية مصرية ضد السعودية وصلت إلى حد الشتائم للعاهل السعودي الملك سلمان.
التعليقات (0)