ملفات وتقارير

التعليم بمخيمات سوريا.. مدارس بدون كتب وتلاميذ تحت القصف

تنقلت المدرسة بين أكثر من موقع حتى وصلت إلى هذا المقر هذا العام - عربي21
تنقلت المدرسة بين أكثر من موقع حتى وصلت إلى هذا المقر هذا العام - عربي21
"قررت الذهاب للمدرسة لأن ثيابي تبقى نظيفة، ولأنني لا أعمل، فقط أتعلم وألعب مع رفاقي"، بهذه الكلمات شرح محمد، ابن العاشرة، السبب الذي دفعه للتوجه الى المدرسة الموجودة بمخيمه.

محمد هو واحد من 450 تلميذا في مدرسة "مزين"، لكن هناك أعداد جديدة من الطلاب تحاول التسجيل بالمدرسة، رغم عدم قدرة المدرسة على استيعاب أعداد إضافية، بحسب مديرتها أم جميل.

تضم المدرسة صفوفا من الصف الأول الابتدائي إلى الصف التاسع، وقد كانت في السابق عبارة عن خيمة، وخلال الصيف تم البدء بتجهيز بناء للانتقال إليه، لكنه لم يكتمل حتى الآن، فهو حتى اللحظة من دون أبواب أو نوافذ ومع ذلك بات يستخدم حاليا.

ويقول محمد عن تجربته قبل الالتحاق بالمدرسة: "كنت أعمل في ورشة لتصليح السيارات قريباً من المخيم في فصل القصف، وكان عملي متعبا جداً حيث كان عليّ التوجه للورشة من السابعة صباحاً إلى الساعة الخامسة مساء، وفي بعض الأيام إلى وقت أطول. أما في المدرسة فإنني لا أعمل ولا أتعب، ولهذا السبب أختار التوجه للمدرسة"، بحسب قوله لـ"عربي21".

وأشار إلى أن والده لم يكن يريده أن يلتحق بالمدرسة، وحاول إقناعه بأن عمله في ورشة تصليح السيارات أفضل له، لأنه يحصل على راتب يساعد في نفقات العائلة، وأن هذا العمل يصبح مهنة جيدة له في المستقبل، ولكن أمه من رفضت ذلك الأمر، ودفعته للذهاب إلى المدرسة كونها تبحث عن "حياة جيدة" لأطفالها، كما يقول محمد.

من جهتها، قالت مديرة المدرسة أم جميل إن "القطاع التعليمي بالمناطق المحررة يعاني من صعوبات كبيرة، أهمها عدم توفر الكتب والقرطاسية للطلاب، والاستهداف المستمر من قبل قوات الأسد للمدارس في المناطق المحررة، إضافة إلى فقدان المدارس لما كانت تملكه من أدوات للتعليم بعد التدخل الروسي ونزوح المدارس إلى أكثر من منطقة وفقا لحركة نزوح المدنيين".

ويعمل في المدرسة 24 معلما، ينقسمون إلى دوامين صباحي ومسائي. وفي العام الماضي كان يتم تدريس منهاج "هيئة علم" السورية، وهي هيئة تطوعية، ولكن بعد فقدان النسخ من الكتب التعليمية بسبب استهداف المدرسة العام الماضي، فلا يوجد إلى الآن منهاج محدد خلال العام الجديد، حيث تنتظر إدارة المدرسة وزارة التعليم في الحكومة المؤقتة، كما تقول المديرة.

وتوضح أم جميل أنه تم نقل مدرستها من قرية مزين في ريف اللاذقية، إلى قرية الصفيات في ريف إدلب، وذلك بعد التدخل الروسي وتقدم قوات بشار الأسد على محاور الساحل، مضيفة: "بعدها نقلناها إلى هذا المكان بسبب استهداف مخيم الصفيات أيضا بالقصف، وذلك خلال العام الدراسي الماضي".

ويقع بناء المدرسة الجديد قرب مخيم للنازحين على الحدود التركية، لكن أم جميل طلبت من "عربي21"؛ عدم الكشف عن المكان بالتحديد، خوفا من استهدافه من الطيران الروسي وطيران النظام السوري مجددا.

وأوضحت أنه "في كل مرة كان يفقد الأطفال الكتب ويهربون بما يمكنهم حمله مع عائلاتهم بعيدا عن القصف، كما هو حال الكادر التعليمي بالمدرسة، لننهي العام الدراسي الماضي في خيمة كبيرة كنا نجمع بها الطلاب ونعلمهم على الأرض من دون مقاعد لعدم توفرها".

وتشير أم جميل إلى بناء المدرسة التي تم إنشاؤها حديثا، موضحة أنه تم تجهيز "هذه المدرسة في فصل الصيف بهدف استقبال الطلاب في العام الدراسي الجديد بما توفر لنا من دعم، وبعد مرور شهر تقريبا على العام الدراسي الجديد لم نتمكن إلى الآن من تأمين كتب دراسية للأطفال، ونعمل على تعليهم القراءة والكتابة والمسائل الحسابية فقط، إلى حين وصول منهاج تعليمي للمدارس"، كما قالت.

وذكرت مديرة المدرسة أن أغلب الطلاب "رغم أن أعمارهم كبيرة"، إلا أنها تضعهم في الصف الأول الابتدائي بسبب انقطاعهم عن التعلم لفترات طويلة، مشيرة إلى وجود أطفال تجاوزت أعمارهم الحادية عشرة ويجب أن يكونوا في الصف الخامس، إلا أنهم لا يعرفون القراءة والكتابة، ومعظمهم لم يدخل المدرسة منذ أكثر من ثلاث سنين.

إضافة إلى ذلك، تخشى أم جميل من صعوبات أخرى خلال فصل الشتاء، ومن ذلك صعوبة وصول الطلاب للمدرسة التي بنيت في الغابة، ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال الطرق الترابية التي تتحول إلى وحل بسبب الأمطار.

وذكرت المديرة أنه يوجد في المخيمات الحدودية أكثر من 5 آلاف طالب بحاجة إلى التعليم، منتشرين على أكثر من عشر مدارس، وأغلب تلك المدارس مبنية من الخيام ولا يوجد بها مقاعد، وكوادرها يعملون بشكل تطوعي "من أجل إيصال العلم للأطفال"، وفق قولها.

ولفتت إلى تخوفها من انتشار الأمية بين الأطفال، خصوصا الذكور ابتداء من الصف الخامس، بسبب تركهم للمدارس وتوجههم إلى العمل.

ويذكر أن نظام الأسد لم يتوقف عن استهداف المؤسسات التعليمة في المناطق الخارجة عن سيطرته منذ انطلاق الثورة، كان آخر هذه الحالات المجزرة التي وقعت قبل أيام في بلدة حاس بمحافظة إدلب، نتيجة قصف الطيران الحربي الروسي تجمع مدارس بالبلدة، ما أدى إلى مقتل أكثر 25 مدنيا، غالبيتهم من الأطفال والكادر التعليمي، وهذا ما يزيد من تخوف الأهالي ويدفعهم لعدم إرسال أطفالهم للمدارس.





التعليقات (0)