سياسة عربية

الأمن الفلسطيني يقتحم بلاطة.. هل تتجه نابلس لتوتر جديد؟

الأمن الفلسطيني يقتحم مخيم بلاطة - نابلس - اشتباكات 3
الأمن الفلسطيني يقتحم مخيم بلاطة - نابلس - اشتباكات 3
اقتحمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في ساعات الصباح الباكر الجمعة، مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس بالضفة الغربية، لـ"ملاحقة الخارجين عن القانون"، كما قالت.

وقالت مصادر من المخيم، لـ"عربي21"، إن مئات العناصر من مختلف الأجهزة الأمنية دخلوا المخيم من عدة محاور، عند الساعة السادسة صباحا، وسيطروا على مداخله، واعتلوا أسطح المباني المطلة عليه.

وأضافت المصادر أن اشتباكات مسلحة اندلعت بين الأجهزة الأمنية وشبان من المخيم، أسفرت عن إصابة ستة من المدنيين، أحدهم أصيب برصاصة في الصدر، فيما أصيب خمسة آخرون بشظايا، بالإضافة إلى اختناق طفلة بسبب قنابل الغاز التي أطلقتها الأجهزة الأمنية.

وبحسب المصادر، فقد حطمت القوات المقتحمة محتويات عدد من المنازل التي اقتحمتها، كما أسفرت الاشتباكات عن تفجير محول الكهرباء الرئيسي في المخيم، وإتلاف خزانات المياه الخاصة بالمواطنين.

وبيّنت المصادر أن الأجهزة الأمنية انسحبت من المخيم في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، دون اعتقال أحد، موضحة أن الأمن يتواجد الآن في محيط المخيم.

من جهته، قال محافظ نابلس، اللواء أكرم الرجوب، إن الذي جرى اليوم هو جزء من "الحملة الأمنية المستمرة التي تنفذها الأجهزة الأمنية ضد الخارجين عن القانون في كافة مناطق محافظة نابلس".

وتابع لـ"عربي21": "دخلنا المخيم لاعتقال خارجين عن القانون، من بينهم مطلوب في جريمة قتل، وليس هناك سبب للحملة سوى ذلك"، لافتا إلى أن الأجهزة لم تتمكن من اعتقال المطلوب الرئيسي لديها.

وفي إجابته عن السؤال حول توقيت الحملة، بين الرجوب أن "كل الأيام مثل بعضها، وأنه لا استثناءات في محاربة الخارجين عن القانون"، بحسب تعبيره.

وقال إن مخيم بلاطة بقعة جغرافية خاضعة للسيطرة الفلسطينية، لا تختلف عن غيرها، ولا يجوز أن تظل رهينة لـ"عدد من الخارجين عن القانون"، موضحا أن السلطة طالبت هؤلاء "المطلوبين" بتسليم أنفسهم عبر الإعلام، ومن خلال شخصيات اعتبارية، غير أنهم لم يستجيبوا لذلك.

وذكر الرجوب أن الأجهزة الأمنية تراعي الكثافة السكانية الكبيرة في المخيم، وأنها تقوم بعملها بـ"دقة وحرص بالغين"، دون تعريض حياة أو أمن أحد من سكانه للخطر، كما قال.

ورفض الرجوب الربط بين الحملة الأمنية والخلافات السياسية داخل حركة فتح، واصفا ما يقال بهذا الشأن بـ"غير الصحيح وغير الأمين، والذي يؤدي إلى استفحال ظاهرة الخروج عن القانون".

ويعدّ مخيم بلاطة أكبر مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، ويقطنه أكثر من 40 ألف نسمة، ويعتبره مراقبون أحد معاقل القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان.

وكان الشاب ضياء مرشود، وهو من مخيم بلاطة، قد قتل برصاص الأجهزة الأمنية نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، فيما شهد تشييعه بعد أيام مسيرة غاضبة وهتافات مناهضة للسلطة، وطالبت الرئيس محمود عباس بالرحيل.

كما شهدت البلدة القديمة من نابلس توترا كبيرا خلال آب/ أغسطس الماضي، أسفرت عن مقتل عنصري أمن واثنين ممن تصفهم السلطة بـ"المطلوبين"، فيما قتل أحمد حلاوة تحت الضرب في سجن الجنيد غرب المدينة، بعد اعتقال الأجهزة الأمنية له.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، كمال علاونة، إنه "لا يمكن إنكار وجود حالة فلتان كبيرة، وكثير من الخارجين عن القانون، بما في ذلك محافظة نابلس، إلا أنه لا يمكن كذلك استبعاد الخلافات السياسية وصراعات النفوذ من الحساب".

وأوضح علاونة، لـ"عربي21"، أن الخلاف بين عباس ودحلان يمكن أن يكون جزءا من العوامل التي تساهم في صناعة مثل هذه الأحداث، كما أن هناك صراعات نفوذ ضمن محافظة نابلس نفسها، تتزعمها قيادات كبيرة تتبعها جماعات مسلحة، وفق تقديره.

ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية من جهتها تحاول جمع السلاح بأي طريقة أو مبرر، وقد سبق اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيم بأيام اقتحام جيش الاحتلال له، "وهو ما يوحي بوجود تنسيق أمني بين الطرفين"، كما قال.

وأضاف علاونة: "من جهة أخرى فإن السلاح المنتشر اليوم هو سلاح لا يستخدم في الغالب لمواجهة الاحتلال، بل للصراعات الداخلية، وقد تسبب بمقتل مواطنين وإصابتهم، ولا بد من حل مشكلة الفلتان الأمني".

ورفض علاونة التعامل مع قضية مخيم بلاطة، أو أي قضية داخلية، بطريقة الاشتباك المسلح، التي تزيد الاحتقان والضغط، داعيا إلى تدخل الفصائل المختلفة لحل الخلافات، "وإطلاق يد المقاومة الفلسطينية ضد العدو، وكف الأجهزة الأمنية عن ملاحقة المقاومة".

وتوقع علاونة أن تتجه الأحداث في مدينة نابلس، في ظل الصراعات والخلافات والوضع المعقد، وعدم الحل الجذري للمشكلات، إلى المزيد من التوتر والأحداث المشابهة لما حدث اليوم الجمعة.


 




التعليقات (0)