مقابلات

سراج هويدي: حرية التعبير بليبيا تتيح ممارسة النقد الفني

سراج هويدي: السينما تعالج القضايا الإنسانية وتحللها وتفككها لكي تصل الرسالة للمتلقي- عربي21
سراج هويدي: السينما تعالج القضايا الإنسانية وتحللها وتفككها لكي تصل الرسالة للمتلقي- عربي21
قال الكاتب والسيناريست الليبي سراج هويدي، إن هناك غيابا تاما من قبل الدولة عن دعم الأعمال الفنية الهادفة، التي يحتاجها المجتمع الليبي، وخصوصا بعد ثورة فبراير وإسقاط القذافي.

وأوضح في حوار خاص مع "عربي21" أن فيلمه الأخير "العشوائي" تناول المتغيرات التي طرأت على طريقة تفكير المواطن الليبي بعد الثورة، وهو يواجه لأول مرة مصطلحات لم يسمع بها من قبل؛ مثل الديمقراطية والأحزاب والتعددية".

وأضاف أننا "حاولنا من خلال هذا العمل الروائي؛ علاج تفضيل كثير من الليبيين السلاح والإقصاء على الحوار"، مشيرا إلى أن حرية التعبير في ليبيا تتيح ممارسة النقد الفني للشخصيات السياسية والعسكرية.

وكشف هويدي عن كواليس عمله الروائي الذي شارك مؤخرا في مهرجان "قابس" الدولي، بقوله إن العمل تم إنتاجه من قبل منتج خاص، ولم يتلق أي دعم رسمي، مشيرا إلى أنه "ربما يتسبب في حالة هجوم من قبل المتابعين، وخاصة من التيار الرافض لفكرة الحوار والمصالحة".

وفي ما يأتي نص الحوار:

* كيف تبلورت فكرة "العشوائي" لتصبح فيلما؟

- الفكرة جاءتني من المتغيرات التي حدثث في طريقة تفكير المواطن الليبي بعد الثورة، وهو يواجه لأول مرة مصطلحات لم يسمع بها من قبل، مثل الديمقراطية، والأحزاب، والتعددية، وهو ما جعله يتخوف من الآخر، ولا يتقبل آراءه.. من هذا المنطلق جاءت فكرة فيلم "العشوائي".

* هل من صعوبات واجهت العمل منذ بدايته؟

- لا؛ لم تكن هناك صعوبات في تنفيذ العمل.

- هل شارك الفيلم في مهرجانات عالمية؟

- نعم؛ نشارك الآن في مهرجان "قابس" الدولي، كما شاركنا في مهرجان حقوق الإنسان في تونس، وسيشارك في مهرجان "توبنغن" السينمائي بألمانيا، ومهرجان "آرت سيتي" السينمائي بالكاميرون.

* هل حصد العمل أية جوائز حتى الآن؟

نعم؛ حصل الفيلم على جائزة "الواحة" خلال مشاركتنا في مهرجان قابس الأخير، وأنا سعيد جدا بهذه الجائزة المهمة التي تمثل إضافة للسينما الليبية.. وأهدي هذه الجائزة لكل الليبيين، وأتمنى أن تكون حافزا لكل من يعمل في هذا المجال للإبداع والتألق.

* هل هذه أول مشاركة ليبية في هذه المهرجانات في تاريخ السينما الليبية؟

- لا؛ ليست الأولى، فهناك مشاركات سينمائية ليبية سابقة في مهرجانات عالمية، لكن هناك حقبة اختفت فيها هذه المشاركات نظرا لغياب دعم الدولة، ونحن نسعى الآن إلى إعادة اسم ليبيا مجددا في هذه المهرجانات.

* ناقش فيلم "العشوائي" قضية هامة جدا في ليبيا ما بعد الثورة، وهي مسألة الإقصاء وتهميش الآخر.. كيف عالجتموها بشكل فني؟

- استخدمت أسلوب الكوميديا السوداء لمعالجة هذه القضية الشائكة، حتى تصل بشكل يسير للمتلقي ولأولئك الذين تستهدفهم الفكرة، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك إلى حد كبير.

* يرصد الفيلم ظاهرة بروز الصراعات والتصنيفات الأيدلوجية عقب سقوط نظام القذافي.. ألا تخشون من الهجوم عليكم؟

- الهجوم متوقع دون شك، وهذا شيء طبيعي لأي عمل إنساني إبداعي، ولكننا نأخذ ذلك بصدر رحب، فالسينما تعالج القضايا الإنسانية، وتحللها وتفككها لكي تصل الرسالة للمتلقي. نعم؛ ربما لم يعتد المشاهد الليبي على هذه الجرأة في الطرح، لكن مع كثرة هذه الأطروحات ربما يعتاد ذلك.

* وهل تتقبل البيئة الليبية الآن مثل هذه الأعمال وهي تمر بما يمكن تسميته "حالة الاحتراب"؟

- في الواقع؛ النقد يمارس بشكل يومي في كافة وسائل الإعلام و"السوشيال ميديا" لشخصيات سياسية، ولقادة كتائب مسلحة، ولم نسمع أن أحدا تم التعرض له لأنه انتقد شخصا ما، فهناك حرية تعبير في بلادنا، وهذا أمر لا يمكن إنكاره رغم كل الخلافات الحاصلة، وربما من أكبر مكاسب الثورة هو أن الجميع أصبح يتقبل النقد بصدر رحب.

* هل مجرد عمل روائي يمكنه حل الصراعات الدائرة، ومنها أزمة ليبيا المعقدة؟

- السينما ليس مطلوبا منها حل المشكلات، بقدر ما ينتظر منها تحليلها وتفكيكها، والعمل السينمائي يطرح قضية إنسانية من وجهة نظر محايدة أحيانا، ومنحازة في أحيان أخرى، ولكنها لا تخلو من الرسائل المخفية دون شك، فدورنا تفكيك المشكلة وتوضيحها، والحل في يد الساسة والعسكريين.

* متى يمكن أن نرى أفلاما طويلة، وسينما حقيقية في ليبيا؟

- سيحدث ذلك عندما تضطلع الدولة بدورها في تأسيس بنية تحتية للصناعة السينمائية، ودعم إنتاج الأفلام؛ لأن السينما في ليبيا، وفي أغلب الدول العربية، عدا مصر، لا تحقق إيرادات، وعليه فلن يجازف القطاع الخاص بإنتاج الأفلام، كما يفعل في المسلسلات الدرامية.. لا مناص من دعم الدولة.

* وهل تفكر في عمل روائي يحكي ما ارتكب من جرائم في حق المدنيين بسبب عمليات حفتر في الشرق؟

- بشكل شخصي؛ ومنذ أول عمل درامي قمت بكتابته قبل 10 سنوات من الآن؛ أخذت على عاتقي فصل آرائي السياسية والخاصة عن عملي الفني؛ لأنني أؤمن أن العمل الدرامي يجب أن يقدم الحياة كما هي، وبوجهات نظر مختلفة، وليس وجهة نظر الكاتب فقط؛ لأنه عمل درامي يؤرخ للحياة، وليس مجرد قصة أو مقال يعبر الكاتب فيهما عن وجهة نظره.

وأنا لو قمت بكتابة "فيلم" عن ما يحدث في بنغازي مثلا؛ فسيكون علي أن أبرز كافة الصراعات من وجهات نظر الأطراف جميعها؛ لأن العمل الإبداعي الذي ينحاز لطرف دون آخر فإن مآله الفشل. أما آرائي الشخصية؛ فأعبّر عنها في صفحتي الشخصية على "الفيسبوك".
التعليقات (0)