مقابلات

أحمد يوسف: الغرب يخشى من النموذج الأردوغاني

أحمد يوسف
أحمد يوسف
- فشل الانقلاب سيحجّم دور الجيش التركي بشكل كبير

- تركيا تتجه نحو النظام الرئاسي ووضع دستور جديد

- لا بد من استئصال شأفة هذا الكيان الذي يقوده غولن

- خريطة التحالفات التركية الإقليمية والدولية ستتغير

- حزب العدالة والتنمية سيقترب أكثر من أحزاب المعارضة

- موقف المعارضة الرافض للانقلاب تطور تاريخي

قال الكاتب الفلسطيني الخبير بالشأن التركي، أحمد يوسف، إن محاولة الانقلاب الفاشلة على النظام السياسي في تركيا "ستحجم دور الجيش التركي بشكل كبير، ولن يشكل الجيش أي تهديد مستقبلي للتجربة الديمقراطية".

وأكد في حوار مع "عربي21" أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "سيستبدل الكثير من القيادات التركية التي تحكمهم العقلية العلمانية المستبدة؛ بقيادات أكثر ديمقراطية، وسيقلم أظفار قوى كثيرة شكلت مراكز ثقل، وعملت على تحجيم قدرات حزبه في إدارة شؤون البلاد".

وأشاد يوسف، الذي يمتلك علاقات قوية مع أبرز الزعماء والقادة الأتراك، بسرعة استجابة الشعب التركي لطلب أردوغان بالنزول إلى الشارع، وهو ما "سيدفع نحو التوجه لوضع دستور جديد؛ تتغير فيه بعض المعادلات"، مرجحا أن يتوجه الرئيس التركي نحو "تحويل النظام السياسي البرلماني إلى نظام رئاسي؛ تكون فيه الكلمة العليا لرئيس البلاد".

وأضاف أن إخفاق الأجهزة الأمنية التركية في التنبؤ بوقوع الانقلاب، سيدفع أردوغان إلى "العمل على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، التي تمكن الكيان الموازي بقيادة فتح الله غولن من اختراقها، والقيام بتطهيرها واستئصال شأفة العناصر المشبوهة، وتعزيز تواجد العناصر الوطنية المناصرة للحزب الحاكم".

وقال يوسف إنه "مع تكشف خيوط المؤامرة، والحديث المتواتر حول مشاركة أو تواطؤ العديد من الدول العربية والإقليمية والدولية في محاولة الانقلاب الفاشلة؛ فستتغير خارطة التحالفات التركية الإقليمية والدولية، بسبب ما سينتج من توتر في علاقات تركيا مع من تثبت مشاركته من تلك الدول بشكل أو بآخر في الانقلاب؛ بما فيها أمريكا".

وإلى نص الحوار..

كيف تقرأ تأثير فشل الانقلاب على منظومة الجيش التركي؟

محاولة الانقلاب الفاشلة على النظام السياسي الحالي في تركيا؛ وما سيتبعها من تغيير للخريطة السياسية في في البلادي، ستؤدي إلى تحجيم دور الجيش التركي بشكل كبير، فالرئيس رجب طيب أردوغان نجح خلال أعوامه الاثني عشر الماضية في تحجيم مكانة الجيش داخل مجلس الأمني القومي التركي.

واستطاع أردوغان ومن خلفه حزب العدالة والتنمية، أن يقدم تركيا كدولة مدنية حقيقية؛ يصعب فيها قيام انقلاب على النظام السياسي الحاكم، وما أنجزه أردوغان وحزبه في بناء تلك الدولة المدنية الديمقراطية ذات الأرضية الشعبية الواسعة؛ كسب من خلاله أحزاب المعارضة، ما دفعها إلى رفض محاولة الانقلاب.

وأعتقد أن فشل الانقلاب سيؤدي أيضا إلى شيء من التوازن بين مؤسسات الدولة، فالجيش لن يشكل أي تهديد مستقبلي للتجربة الديمقراطية، في الوقت الذي يسعى فيه أردوغان إلى إعادة هيكلته من خلال استبدال الكثير من القيادات التركية التي تحكمهما العقلية العلمانية المستبدة؛ بقيادات أكثر ديمقراطية.

وبعد اليوم؛ لن يتحكم العسكر بمجريات الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية كما كان في السابق؛ لأن إحدى أهم الخطوات التي سيقوم بها الرئيس التركي؛ هي تقليم أظافر الكثير من القوى التي شكلت مراكز ثقل، وعملت على تحجيم قدرات حزبه في إدارة شؤون البلاد.

ما مدى واقعية تحويل النظام السياسي في تركيا إلى نظام رئاسي؟

إن سرعة استجابة الشعب التركي لطلب الرئيس أردوغان بالنزول إلى الشارع، ونجاحه في إفشال الانقلاب في وقت قصير؛ سيعزز من ثقة الشعب التركي بنفسه، وقدرته على المحافظة على إنجازاته المختلفة، وهو ما سيدفع في الغالب نحو التوجه لوضع دستور جديد؛ تتغير فيه بعض المعادلات من خلال سحب الكثير من الصلاحيات الممنوحة للجيش الذي يتحكم من خلالها بمقدرات البلاد المختلفة، كما أن أردوغان سيستغل التلاحم الشعبي الداعم له في العمل على تحويل النظام السياسي البرلماني إلى نظام رئاسي؛ تكون فيه الكلمة العليا لرئيس البلاد.

كيف سيؤثر إخفاق الأجهزة الأمنية التركية في التنبؤ بالانقلاب على مستقبلها؟

ستتجه تركيا نحو إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية التي تمكن الكيان الموازي (يقوده فتح الله غولن مؤسس حركة خدمة) من اختراقها، والعمل على تطهيرها من العناصر المشبوهة، وتعزيز تواجد العناصر الوطنية المناصرة للحزب الحاكم، وكلما اتضحت أبعاد وخيوط المؤامرة على تركيا؛ يمكن للنظام الحاكم أن يتوصل لآليات جديدة تضمن عدم وقوع مثل تلك الأحداث في المستقبل.

أين تتجه تركيا في تعاملها مع "الكيان الموازي"؟

اعتقد أن تعامل الحكومة التركية مع دائرة "الكيان الموازي" داخل الدولة التركية؛ سيكون من خلال العمل على استئصاله، وقطع الطريق أمام أن يكون فاعلا في الساحة الأمنية والعسكرية والسياسية التركية، من خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت العديد من قيادات وعناصر هذا التنظيم.

وأرى أنه حتى يستقيم أمر تركيا وتحافظ على تطورها وتقدمها؛ فلا بد من استئصال شأفة هذا الكيان الذي يقوده غولن.

هل ستتأثر خريطة التحالفات التركية الإقليمية والدولية بعد فشل الانقلاب؟ 

مع تكشف خيوط المؤامرة على النظام الحاكم بزعامة أردوغان، والحديث المتواتر حول مشاركة أو تواطؤ العديد من الدول العربية والإقليمية والدولية في محاولة الانقلاب الفاشل، الذي يعد أقصر مسلسل تركي؛ سيؤدي ذلك كله إلى تغير في خريطة التحالفات التركية الإقليمية والدولية، وذلك لأن العلاقات التركية ستتوتر مع من تثبت مشاركته في تلك الدول بشكل أو بآخر في الانقلاب؛ بما في ذلك أمريكا إذا ثبت تورطها.

ماذا يمكن أن يحدث إذا لم تسلم أمريكا غولن لتركيا؟

العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وأمريكا ستتأثر إذا لم تسلم الأخيرة غولن، وهو المتهم الرئيس من قبل الحكومة التركية بالوقوف خلف محاولة الانقلاب. مع العلم أن نجاح أردوغان وحزبه في العديد من الجوانب، وتقديم نموذج ناجح في إدارة شؤون الدولة المدنية؛ تسبب بتحامل الدول الغربية على هذا النموذج الذي يحمل بذورا إسلامية، ويصعب السيطرة عليه.

لماذا يحارب الغرب النموذج التركي الناجح؟

الغرب لا يريد أن يستمر مثل هذا النموذج؛ لأنه سيدفع - بحسب اعتقادهم - التيارات الإسلامية الأخرى في المنطقة، والتي يتبع كثير من نظمها الحاكمة النظام الغربي، لمحاولة الاقتداء والتأثر به، وهو ما سيؤدي لإضعاف سيطرة وهيمنة الغرب على مقدرات وثروات المنطقة وأنظمتها السياسية.

وهنا تبرز مخاوف النظام الغربي من استمرار نموذج تركيا أردوغان الحالي، الذي يشكل تهديدا لمصالح الغرب في المنطقة، ما دفع بالنظام الغربي إلى البحث عن بديل آخر يعود بتركيا لما كانت عليه قبل حزب العدالة والتنمية، حيث كان الجيش هو القوة المسيطرة على الحياة السياسية في البلاد.

كيف سينعكس موقف المعارضة التركية من الانقلاب على العلاقات بين الأحزاب وبين النظام؟

سيحتفظ الرئيس أردوغان الذي شكر المعارضة وحزب العدالة والتنمية الحاكم، للمعارضة التركية بهذا الموقف التاريخي، وأعتقد أن حزب العدالة والتنمية سيقترب أكثر من الأحزاب المعارضة، مع تراجع حدة الخصومة والقطيعة، وذلك سيعزز وحدة تركيا واستقرارها.

ويُعد موقف المعارضة الرافض للانقلاب تطورا تاريخيا في تركيا، فلأول مرة تقف المعارضة مع الحكومة، وهو ما يؤكد أن هذه المحاولة الانقلابية التي هدفت إلى إجهاض التجربة الديمقراطية عبر القيام بانقلاب عسكري؛ ستكون الأخيرة للعسكريين في تركيا، فهذه المحاولة الفاشلة لم تحظَ بحاضنة شعبية، وهو درس كبير سيعيش مع الأتراك لسنوات قادمة؛ لأن وقفة الشعب التركي والمعارضة مع الحكومة التركية؛ شكلت حالة فريدة حمت الديمقراطية والمؤسسة الرسمية الحكومية.
0
التعليقات (0)