مقالات مختارة

الجحيم المستمر؟

راجح الخوري
1300x600
1300x600
فشلت مفاوضات فيينا بين جون كيري وسيرغي لافروف في حضور مجموعة أصدقاء سوريا الـ17، في فتح -ولو نافذة صغيرة- للبدء بحل سياسي للأزمة المتمادية منذ خمسة أعوام، التي فاضت بما يقرب من 300 ألف قتيل و12 مليون لاجئ!

مضحك أن يحاول جون كيري تكرارا ترويج الأوهام، فلقد أصيب عدد من زملائه الأوروبيين بالذهول عندما وقف إلى جانب لافروف ودو ميستورا، ولم يتردد في القول "إن الرئيس بشار الأسد انتهك القرار الدولي الخاص بسوريا، ولا يمكنه أن يهاجم حلب ويبرم صفقات مع داعش، ولدينا خيارات كثيرة للتعامل مع الأسد إن لم يلتزم الحل السياسي"!

ولكن يا للسخرية، هذا في الواقع تهديد جديد يذكّرنا بحديثه قبل أسابيع عن "الخطة ب" إذا لم يلتزم الأسد بنود القرار الدولي 2254 حول الهدنة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين، ولكن لا الهدنة حصلت -بل شنّ هجوم كبير بدعم روسي إيراني على حلب الشرقية- ولا المساعدات وصلت، وها هو كيري يكتشف أنه يمكن إسقاط هذه المساعدات جوا؛ بدليل أن النار المندلعة في الميدان تمنع وصولها برا!

ما يزيد التشاؤم أن كيري اعترف مباشرة بالفشل، عندما لحس كل ما كان قد أعلنه سابقا بقوله "إن موعد الأول من آب -الذي كان قد حدّد للأطراف المتحاربين للاتفاق على إطار عمل حول مسألة الانتقال السياسي- هو هدف وليس موعدا نهائيا"!

أيضا يا لمرارة السخرية، فشتّان ما بين "موعد" له تاريخ محدد، و"هدف" يمكن الوصول أو عدم الوصول إليه، والأرجح أنه من المستحيل بلوغ هذا الهدف، في ظل الإصرار الروسي على التمسك بالأسد، واعتبار كل المعارضة من الإرهابيين، وفي ظل التواري الأمريكي عن المشهد السوري، خصوصا أن الإدارة الأمريكية دخلت مرحلة السبات الانتخابي، فإن الساحة السورية تبقى مفتوحة على مداها للأغراض الروسية والإيرانية!

لا حاجة بنا إلى ترهات لافروف الذي تعمّد القول أمام أصدقاء سوريا الذين وقفوا واجمين، بأن موسكو لا تدعم الأسد، بل الجيش السوري، وبأنها تقاتل داعش، في حين يعرف الجميع أن معظم قصفها الجوي استهدف ويستهدف المعارضة التي تدعمها أمريكا، ولعل تعليق فرانك فالتر شتاينماير أكبر دليل على اليأس من إمكان قيام تفاهم أمريكي - روسي على وقف المذبحة السورية عندما يقول: "لقد كان الاجتماع مناقشات مثيرة للجدل"!

فيليب غوردن الذي ترك مهمته مستشارا للبيت الأبيض للشرق الأوسط، يختصر الإفلاس الأمريكي بقوله: "إن مقاربتنا منذ أعوام غير مجدية، ولن تكون مجدية على الأرجح" ... كل هذا يعني -ويا للأسف- أن الحل السياسي فشل، والكلمة في سوريا للنار والدمار والموت!

عن صحيفة النهار اللبنانية
0
التعليقات (0)