مقالات مختارة

وفاة إعلام قصور "المتعة"!

محمود سلطان
1300x600
1300x600
مظاهرات جمعة الأرض، يوم أمس الأول 15/4/2016، كان لها دلالات بالغة الأهمية، ليس فقط قيمتها كـ"إنذار" لتحولات سياسية كبيرة، حال استمر الأداء الرسمي، على رهانه بتزييف الوعي، واحتكار الوطنية، والتعامل مع الشعب بوصفه "قاصرا"، يحتاج إلى وصاية "الرئيس - الأب" الذي تنتهي عنده الحقيقة وأنه وحده -لا شريك له- الذي يعرف كل شيء، وما على الشعب إلا السمع والطاعة.

لم تكن المظاهرات "إنذارا" بسوء العاقبة، لهذا التلاعب السلطوي بعقول المصريين.. إنما كشفت أيضا، حقيقة أن الإعلام الحالي بشقيه العام والخاص، بات جزءا من السلطة.. إن لم يكن في مركزية نظام الحكم ذاته، فعندما نستمع إلى الإعلاميين على تلك الفضائيات، فعلينا أن نعي أنهم محض رسل لقصور "المتعة".. هذا في سياق التصور البسيط والمباشر الذي يخفى تحالفا واسعا من مراكز قوى مالية وإعلامية وأمنية عادة ما تكون مصالحها حاضرة، في حسابات صناع القرارات السيادية. 

من الصعب أن تبحث عن "المهنية".. فهي لم يعد لها وجود في مصر، على مستويات الأنشطة الإعلامية.. والتي عجزت حتى عن إنتاج برنامج أطفال واحد، يعدل برنامجي "براعم" و"ج" واللذان أبدعتهما شبكة الجزيرة القطرية.. وبالمناسبة عندما تم تشفير هاتين القناتين، قامت ضجة كبيرة في العالم العربي، احتجاجا على التشفير، واشتعلت الصحف العربية بالمقالات التي انتقدت القرار، وناشدت الأمير القطري التدخل، للحيلولة دون تشفيرهما.  

أذكر هذا المثال فقط.. لأقول إن الجزيرة ليست "شاطرة" في الفضائيات الإخبارية التي تفوقت على عشرات الفضائيات المصرية.. ولكن أيضا في إنتاج فضائيات للأطفال امتد الإعجاب والتأثر بها، من الخليج إلى المحيط، بالإضافة إلى الجاليات العربية في جميع أنحاء العالم.  موقف الإعلام المصري، من مظاهرات يوم أمس الأول، كان مجرد احتفالية باستخراج شهادة وفاته التي تأخرت لسنوات.. فيما تم تشييع جثمانه شعبيا أمام نقابة الصحفيين يوم جمعة الأرض.  

فضيحة الإعلام المصري، ليس لأنه انتقل "بالكامل"، من الخدمة في بلاط صاحبة الجلالة، للخدمة في قصور السلطة.. ولكن حتى هذه "الخدمة" الأخيرة، لا يؤديها بحرفية.. وإنما بكاريكاتورية مهينة، ويكفي استعراض إطلالة البعض منهم، بعد لقائهم بالرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية، فبدلا من الكلام في "المصاب الوطني ـ التنازل عن جزيرتين"، شرعوا في استهلاك الوقت، في الحديث عن الإفطار والغداء الرئاسي، وبعضهم اصطحب معه على فضائيته الأطباق، وتحدث عن الشاي والجرجير، والحلويات.. وعن زميلاته الإعلاميات الرقيقات اللاتي كن يأكلن بالشوكة والسكينة.. فيما استمتع البعض بـ"البساط الأحمدي" وأكل بيديه!!  يوم أمس الأول، سجلت مواقع التواصل الاجتماعي -فيس بوك وتويتر- هدفها الثاني في مرمى فضائيات السلطة: الأولى بعزل أحمد الزند من وزارة العدل.. والثاني بالنجاح المذهل وغير المتوقع في حشد الآلاف لجمعة يوم الأرض.. وهما الحدثان اللذان أعادا الاعتبار لمواقع التواصل الاجتماعي، كقوة اجتماعية، تفوقت بمراحل كبيرة، على فضائيات متبلدة وطنيا.. لا معنى عندها للوطن إلا كبقرة حلوب، تدر عليهم وعلى شركاء السبوبة ما لذ وطاب.


عن موقع "المصريون"

0
التعليقات (0)