سياسة عربية

مرجع شيعي: إعدام النمر وُظّف سياسيا بالعراق

شاركت الأحزاب الشيعية العراقية ومؤيدوها في المظاهرات - الأناضول
شاركت الأحزاب الشيعية العراقية ومؤيدوها في المظاهرات - الأناضول
انتقد محمد اليعقوبي، أحد مراجع الشيعة البارزين في العراق، ما وصفه بـ"التوظيف السياسي" لإعدام رجل الدين الشيعي السعودي، نمر النمر، مبينا أن بعض المحتجين والمطالبين بالثأر يستغلون الفرصة لتصفية الحسابات مع خصوم الداخل والخارج، بينما رأى محلل سياسي عراقي أن الائتلاف الشيعي الحاكم وجد في القضية مخرجا لأزمته الداخلية المتمثلة في المصاعب الأمنية والاقتصادية الكبيرة ومشكلة الخدمات المتفاقمة.

وقال اليعقوبي في كلمة له، أمام أستاذة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف، الثلاثاء: "لقد علمتُ عن قرب أن الشهيد الشيخ النمر، كان يطلب الشهادة مصمما عليها، وكان بوسعه دفع القتل عن نفسه بثمن، لكنّه كان عازما على نيلها حتى اتخذه الله تعالى شهيدا"، وفق تعبيره.

وأضاف: "لقد آلمنا أيضا التوظيف السياسي للحادث، من قبل بعض المحتجين على الفعل، والمطالبين بالثأر واستغلالهم الفرصة لتصفية الحسابات مع الخصوم الداخليين والخارجيين، مما أنسى أصل القضية والتعاطي الحكيم معها، فكانت هذه الأفعال إساءة للشهيد".

ودعا اليعقوبي؛ السعودية إلى "فتح باب الحوار، وأن تستمع بإنصاف إلى هذه المطالب وتستجيب لكل ما هو حق وعدل، فهذا هو الذي يحبب الحكومات إلى الشعوب ويديم وجودها، أمّا إسكات صوت الشعوب المطالبة بحقوقها بالقتل والسجن والتعذيب والحرمان من حقوق الإنسان، فإنه يولد العنف ويزيد من الهوّة السحيقة ويفتح الثغرات لاختراق الأعداء"، وفق قوله.

وتظاهر آلاف "الشيعة" العراقيين، الاثنين، في العاصمة "بغداد"، احتجاجا على إعدام النمر. وتجمع المتظاهرون خارج المنطقة الخضراء (منطقة تضم مقرات حكومية، وبعثات دول أجنبية، والسفارة السعودية التي أعيد افتتاحها مؤخرا)، وسط بغداد، رافعين صورا للنمر.

وخرجت تظاهرات مماثلة في عدد من المدن ذات الغالبية الشيعية جنوبي البلاد، بينها البصرة والنجف وكربلاء، منددة بإعدام النمر.

كما أصدرت الأحزاب الشيعية المشاركة في الائتلاف الحاكم؛ بيانات تنديد واستنكار لإعدام السلطات السعودية لرجل الدين نمر النمر ومجموعة أخرى متهمة بالتخطيط وتدبير عمليات إرهابية في المملكة.

وقال رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي إن "جريمة إعدام الشيخ النمر ستطيح بالنظام السعودي مثلما أطاحت جريمة إعدام الشهيد الصدر، قدس سره، بنظام صدام المقبور"، بحسب وصفه.

أما مقتدى الصدر، فقد أعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام، كما طالب الحكومة العراقية بالتراجع عن السماح للسعودية بافتتاح سفارة لها في العاصمة العراقية بغداد.

وأعلنت الداخلية السعودية في الثاني من الشهر الجاري، إعدام 47 ممن ينتمون إلى "التنظيمات الإرهابية"، بينهم النمر.

وكانت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا في المملكة قد أيدت في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 الحكم الابتدائي الصادر بإعدام النمر، في 2014، لإدانته بـ"إشعال الفتنة الطائفية، والخروج على ولي الأمر في السعودية.

مخرج للائتلاف الحاكم

وقال المحلل السياسي العراقي نوزاد صباح لـ"عربي21"؛ إن الأحزاب الداخلة في الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق تقوم بالتركيز في خطابها الإعلامي، وبشكل كامل على قضية إعدام النمر، وتعمل في الوقت ذاته على تجاهل الحديث عن الشأن الداخلي المتأزم على الصعيدين الأمني والاقتصادي.

وأضاف صباح أن إعدام النمر "جاء في الوقت الذي يعاني فيه العراقيون من أزمة اقتصادية ألقت بآثارها على جميع مفاصل الحياة، بالإضافة إلى النقص الشديد في الخدمات، فضلا عن التحديات الأمنية الضخمة المتمثلة بمحاربة تنظيم الدولة".

وتابع المحلل السياسي أن التركيز على قضية النمر، وتحريك الشارع من أجلها وإثارة المشاعر الطائفية في العراق، كانت بمثابة المخرج المثالي للائتلاف الحاكم لتخليصه من الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها من قبل المواطنين، مبينا أن هذا التوجه يراد له أن يستمر ويتم زيادة زخمه خلال الفترة المقبلة.

ولفت صباح إلى أن انشغال الائتلاف الحاكم بموضوع النمر يأتي في الوقت الذي يعاني مئات الآلاف النازحين العراقيين في الداخل من انعدام المأوى المناسب في ظل الظروف المناخية القاسية، بالإضافة إلى مشكلة النزوح الخارجي التي سجل العراقيون المرتبة الثانية فيها بعد السوريين.

وأشار إلى أن الشارع العراقي يعيش قلقا حقيقيا تجاه موضوع عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين، وأن وزير المالية أكد جدية هذا الأمر، وتوقع أن يبدأ في مطلع نيسان/ أبريل المقبل، مستغربا من تجاهل المسؤولين لجميع هذه الملفات الخطيرة وانشغالهم بقضية تخص القضاء في دولة مجاورة.

ودعا المحلل السياسي زعماء الائتلاف الحاكم في العراق، الذين ينتمي معظمهم إلى أحزاب سياسية، إلى جعل التعاطي مع الشأن الخارجي والإقليمي في المرتبة الثانية من اهتماماتهم، والتركيز في الوقت الحالي على الشأن الداخلي المتردي، وخصوصا الأزمة الاقتصادية، والعمل على توفير موارد التمويل البديلة في ظل التدهور المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية.
التعليقات (0)