حول العالم

فصل الشتاء مصدر رزق وبهجة للكثير من الأسر الفلسطينية

تختلف طقوس الشتاء من بيئة لأخرى بحسب العائلة - أرشيفية
تختلف طقوس الشتاء من بيئة لأخرى بحسب العائلة - أرشيفية
تعتبر الأجواء الشتوية من الطقوس المفضلة لدى كثير من الناس، لما تضفيه من أجواء حميمية تجمع أفراد العائلة، وخاصة في ساعات المساء. وتختلف الطقوس من بيئة لأخرى بحسب عادات تلك العائلات، وتوفر الأكلات الشتوية التي تشتهر بها المدن الفلسطينية مصدر رزق للكثير من الأسر الفلسطينية التي تعتمد على جلب دخل إضافي من خلالها.

فبعد هطول المطر الأول من كل سنة، تنمو في سهول فلسطين وعلى مساحات واسعة نبتة "الخبيزة"، فيبدأ الناس بالحديث عنها، وكأنها هدية السماء للفقراء، الذين يتلذذون كما غيرهم في تناولها مع بداية موسم الشتاء، ويبدأون بالبحث عنها في الحقول والبساتين.

الخبيزة

تعد نبتة "الخبيزة" من أهم الطقوس الغذائية التي يفضلها الفلسطينيون مع بداية فصل الشتاء، يقطفونها من الأرض، أو يشترونها من الباعة المتجولين أو من الباعة على أطراف الطرقات، وكثير من البائعين يجهدون لتوفير لقمة العيش لأبنائهم من قطافها.

ينتظر بائع الخبيزة صالح سعيد الموسم بشغف، باعتباره فرصة لجلب رزق إضافي لعائلته، فهو ينتظر قدوم الموسم عاما بعد عام، لتوفير ما يلزم أفراد أسرته من متطلبات إضافية، مؤكدا أن عدم وجود تكلفة في عملية جمعها وبيعها يمنحه ربحا إضافيا.

الأكلات الدافئة المحبب تناولها

وبمجرد أن تحل  هذه الأجواء، تبدأ السبعينية "أم سامر" من مدينة نابلس بتحضير بعض الأكلات الشعبية والتقليدية التي يطلق عليها البعض الأكلات الدافئة نظرا لمنحها الدفء في أجواء الشتاء، مثل المفتول والمسخن والمجدرة، كما أنها تهتم أيضا بالشوربات كالعدس والفريكة وشوربة الخضار، وتقوم بسلق البقوليات مثل الفول والحمص وغيرهما، حرصا منها على تزويد أفراد عائلتها بالطاقة والدفء الضروريين في أيام البرد الشديد.

وأما ربة البيت "أم مازن"، فإنها تقول عن أهم الأكلات والأطباق الشتوية التي يفضلها أولادها وزوجها: "هناك أكلات فلاحية معروفة في القرى مثل الخبيزة، ومن الأكلات الشائعة لدينا المسخن الذي يرتبط بموسم الزيتون، بالإضافة إلى اللبنة والعدس الذي يفضل تناوله في فصل الشتاء لأنه يمنح الدفء، وطبق المفتول المكون من البرغل المغلف بطحين القمح، تصاحبه خلطة جانبية مكونة من البصل والحمص والخضراوات مع الدجاج".

وتضيف أن "من العادات الجميلة المرتبطة بالشتاء، أن العائلة تجتمع حول كانون الحطب لشوي الكستناء والذرة والبطاطا الحلوة، وشرب القهوة أو الشاي المعد على الفحم".

ونوهت إلى أنه "بما يتعلق بطرق تناول الكستناء، فإن البعض يفضلونها نيئة أو مشوية على الفحم أو مسلوقة، ويتم وضعها على الكانون أو داخل الفرن، وتؤكل مباشرة مع إضافة نكهات مختلفة إليها، كالشوكلاته والفراولة والزبدة وغيرها من النكهات الأخرى".

"السحلب" شراب الشتاء

يتقدم شراب "السحلب" في موسم الشتاء، ويشكل مقصدا واسعا لراغبيه الكثر، لأنه بات مصدر رزق معقول لهم، نظرا لما يشكله من مأكل أو مشرب محبب عند البعض.

ويقول أحد الباعة إنها "أكلة موسمية شتوية، ساخنة، تمنح دفئا، ويفضلها الجميع عن غيرها نظرا لمنحها الدفء، ويمكن أن تشرب أو تؤكل ببرودة خفيفة، فالسكر الذي فيها يؤهلها لأن تكون شتوية".

ويتابع: "هذه المأكولات مرغوبة كثيرا، خاصة في فصل الشتاء وتنافس الحلويات المصنعة بسهولة، حيث يزيد الإقبال عليها، ويزداد الاهتمام بها، خصوصا مع تكاثر صناعها، الذين يتعلمونها بسهولة، ويسعى كل بائع للتمايز بصناعتها بطريقة من الطرق".

"المفتول"

وتستذكر ربة المنزل أم أيمن من مدينة نابلس، أيام الشتاء في طفولتها عندما كانت وأفراد عائلتها يتناولون "المفتول"، الذي تصنعه والدتها من الطحين وتضع عليه البهار والملح، ويفرك حتى تتكون حبوب صغيرة تسلق بالبخار في قدر كبير.

"حراق أصبعه"

ومن الأطباق الشهيرة في مدينة نابلس التي يتميز بها سكانها ويفضلون تناولها شتاء، طبق "حراق أصبعه"، الذي يقبل الناس على تحضيره مع عودة الشتاء، وهو يحتوي على البقوليات والخضار والبصل والكمون الذي يثير الدفء في الجسم، ويضاف إليه أيضا الخبز المحمص بالفرن والحامض ودبس رمان.

الدبس الخليلي (العنصبيخ)

تشتهر مدينة الخليل بإنتاج "الدبس" (العنصبيخ أو العنب طبيخ)، حيث تقوم النسوة والفتيات بإنتاجه يدويا، كأحد أنواع الصناعات الغذائية المتوارثة من جيل إلى آخر. ويعد مصدر رزق للكثير من العائلات التي تنتظر الموسم عاما بعد عام.

ولا يقتصر تصنيعه على النواحي التراثية فحسب، بل تستخدمه العائلات الفلسطينية، كغذاء يخزن لفصل الشتاء، وأيضا للأطفال حيث إنه يساعدهم في التغلب على البرد القارس في شتاء الخليل.

وتنصح أخصائية التغذية رشا شوارة، بتناول الأغذية التي تؤدي إلى زيادة الطاقة في الشتاء، كالبروتينات مثل الأسماك، بالإضافة إلى البقوليات، ومنها العدس، ويفضل إضافة الخضراوات التي تخفف من السعرات الحرارية المستهلكة. كما أنها تدعو إلى ضرورة تناول المشروبات الساخنة، وتناول الأغذية التي تزود بطاقة لفترة أطول.
التعليقات (0)