مقالات مختارة

فاز أردوغان في اللحظة المناسبة

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600
كتب عبد الرحمن الراشد: هناك موضوع واحد يهمنا في نتائج الانتخابات البرلمانية المدهشة في تركيا، استمرار حزب العدالة والتنمية في الحكم، يعني سدّ الطريق على المشروع الإيراني في سوريا. فوز حزب أردوغان متوقع، لكن المطلوب الأغلبية الكبيرة التي تؤمن له تشكيل حكومة كاملة، وهذا ما حدث.

بحكومة ناقصة الصلاحيات كانت تركيا ستتراجع، كونها دولة مؤثرة في مستقبل سوريا في وقت بالغ الخطورة. وأي موقف تركي سواء كان عسكريا أو سياسيا، سيتطلب حكومة قوية قادرة على تمرير قراراتها في البرلمان. الآن من المؤكد أن الرئيس التركي، وحكومته، قادرون على الجلوس على طاولة المفاوضات، وتعزيز دور المعسكر المضاد، للإيرانيين ونظام بشار الأسد. 

ولا شك أن الرئيس رجب طيب أردوغان اليوم أقوى من الأشهر الخمسة الماضية، عندما كان لا يملك أغلبية كاملة في البرلمان. وتركيا هي الدولة الأكثر قدرة على الوضع في سوريا، مقارنة بدول المنطقة، بحكم حدودها الطويلة وإمكاناتها الهائلة. ولا شك أن الفوز المبهر لحزب أردوغان خيب آمال النظام السوري وإيران، اللذين كانا يأملان في فشل «العدالة» في الحصول على الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة، بما يضعف الرئيس إردوغان في المفاوضات الحالية. وتبعا لذلك، ضعف الحكومة التركية سيضعف معسكر السعودية قطر، الذي يواجه تحديات جديدة أكثر صعوبة من ذي قبل. فالولايات المتحدة تستمر جالسة في صف لاعبي الاحتياط، لا تفعل شيئا مهما، وأوروبا موقفها كلامي فقط. في حين أن روسيا بعد انضمامها للقتال، نيابة عن نظام الأسد، زادت من الضغط على المعسكر الآخر، بمقاتلة الجيش الحر. 

ونتيجة لجرأتها على المشاركة في الحرب العسكرية تحاول فرض حل سياسي أقرب إلى معسكر إيران الأسد. ولو أن أردوغان خرج من الانتخابات ضعيفا، لانعكس سلبا على ما سيجري خلال الأشهر القليلة المقبلة، والتي بدأت ملامحها تظهر في مؤتمر العشرين في فيينا حول حاضر ومستقبل سوريا. ومن المتوقع أن يتولى الأتراك قيادة القاطرة، كونهم المعنيين أكثر من غيرهم بما يحدث على حدودهم الجنوبية في العراق وسوريا، ويدركون أن الانتشار الإيراني في هذين البلدين، يصب مباشرة في الإخلال بالتوازن مع تركيا، ويمكن نظام خامنئي من الهيمنة على كل الأوراق الرئيسية في المنطقة، وليس سوريا فقط. ولا شك أن إثارة الحديث عن مشروع إقامة دولة كردية في سوريا، كان امتحانا للأتراك في لحظة الانتخابات، وتزامن في وقت يعزز فيه الإيرانيون نفوذهم في كردستان العراق، كذلك. 

الأتراك يعون جيدا اليوم أن الحرب في الجوار تمسّ نفوذهم، بل ووجودهم. ومن دون أن تكون لهم مشاركة قوية في المفاوضات المقبلة ستترك الساحة السورية لحملة السلاح، أي الإيرانيين. وكذلك حضور الأتراك في الساحة العراقية مهم جدا، رغم أن القليل يحكي عنه، فهم يقومون بدعم القوى العراقية الوطنية المختلفة، حتى لا تستفرد إيران وأحزابها بهذه الدولة الاستراتيجية. وقد أظهرت تركيا في السنوات العشر القليلة الماضية، مهارة في التعامل مع أكراد العراق وإقليمهم، حيث بدلت سياستها إلى التعاون معهم، ودعم القوى المعتدلة، وكانت من أكثر الدول استثمارا في اقتصاد كردستان العراق. وتتوافق هذه البرغماتية السياسية مع المصالحة التي قادها أردوغان مع مواطنيه، أكراد تركيا، وأدت إلى دخولهم العمل السياسي بشكل كبير. 

هناك قضايا أخرى معلقة، مثل العلاقات السيئة بين الحكومة التركية والمصرية، أتصور أن أنقرة ستجد أن الاختلاف مع القاهرة يضعف معسكرها. فمصر هي عمود أساسي في المجموعة العربية، وفي كل منطقة الشرق الأوسط، ومن دونها تكون المهمة صعبة على تركيا في معالجة الملفين العراقي والسوري. هذا زمن التحالفات، حيث لا تستطيع الدول فرادى مواجهة الفوضى القائمة، ولا ردع القوى التي تريد تغيير الخريطة بالقوة، ولا إقناع الدول الكبرى باتخاذ مواقف عملية مناسبة. التحالف الثلاثي قادر على تغيير الوضع المعلق، أعني به تركيا مصر الخليج.

(عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية- 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
1
التعليقات (1)
ناس
الثلاثاء، 03-11-2015 06:24 م
من يقرا هذا الكلام لن يصدق ان عبدالرحمن الراشد كتبه فهو كاتب معروف بتوجهاته المعادية لكل ماهو اسلامي ولكن اتوقع فرض عليه الامر ان يغير رايه بسبب التحالف السعودي التركي الجديد