مقالات مختارة

2 نوفمبر 1917م.. كل هؤلاء كانوا وراء وعد بلفور

سلطان الأصقة
1300x600
1300x600
كتب سلطان الأصقة: منذ أن ظهرت طائفة البروتستانت في أوروبا، مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وهم يدعون إلى قراءة الكتاب المقدس دونما حاجة إلى وساطة الباباوات، واعتقدوا أيضا بحرفية التوراة وعصمتها، ومن هنا آمنوا بكثير مما آمن به اليهود، كالإيمان بالعودة والمقام في أرض الميعاد (فلسطين). ولما تم اضطهاد البروتستانت في أوروبا في القرن الـ 17 والـ18 الميلاديين، هاجرت جموع كبيرة منهم إلى أميركا، والتي تدفقوا إليها بروح من التدين التوراتي، فلما دخلوا أميركا تحمسوا وقالوا إن هذا دخول كدخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة، وزادوا حماسة وسموا المدن والمناطق في أميركا بأسماء استلهموها من التوراة. وعليه كان تأييدهم لليهود في دعواهم للرجوع إلى أرض الميعاد كما يزعمون. فكان الرئيس الأميركي ويلسون (1913 – 1921م)، يرى واجبا عليه أن يساعد في استعادة الأرض المقدسة (فلسطين) إلى شعبها اليهودي، كما يزعم. وتقول عنه كاتبة يهودية: "إن التزام الرئيس ويلسون بالصهيونية كان عميقا جدا". وكان القاضي برانديس، مستشار الرئيس ويلسون، يتزعم الحركة الصهيونية في أميركا، ويناشد البريطانيين أن يبسطوا حمايتهم على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى.

وأظهر البروتستانت في بريطانيا تعاطفا تجاه اليهود، فأسسوا عام 1891م "صندوق اكتشاف فلسطين"، ورعاه أحد كبار أساقفة بريطانيا، ومن بين هؤلاء جاء الوزير البريطاني (بلفور) صاحب الوعد المشؤوم، والذي تقول عنه ابنة أخته في كتابها عن قصة حياته: "إنه كان يؤمن إيمانا راسخا بالتوراة وعصمتها، ولذلك أصدر عام 1917م وعده لليهود بإعطائهم فلسطين". وكان السواد الأعظم من ساسة بريطانيا على ذات النصرة التي أبداها بلفور لليهود وحركتهم الصهيونية، فهذا حاييم وايزمان (أول رئيس لإسرائيل) يقول في مذكراته: "إن إنجلترا (قبل صدور وعد بلفور) كانت البلد الأكثر وضوحا في إظهار نصرتها لحركتنا الصهيونية". ويذكر وايزمان أن السير إدوارد غراي (وزير الخارجية البريطانية آنذاك) كان شديد العطف على الصهيونية وآمالها الوطنية في العودة إلى فلسطين، نتيجة إيمانه بالتوراة. ويذكر وايزمان أيضا أن اللورد ملتز، أحد الفاعلين في الحكومة البريطانية آنذاك، كان يفهم معنى الصهيونية فهما عميقا، ويؤمن بأن اليهود هم الوحيدون الذين يستطيعون إعادة بناء فلسطين.

ويذكر حاييم وايزمان أنه وجد في أعلى مراكز الحكومة البريطانية رجالا ذوي عاطفة ملتهبة تجاه اليهود والصهيونية، أمثال المستر سكوت رئيس الوزراء (1908 ـ 1916م)، ورئيس الوزراء الذي خلفه لويد جورج (1916 ـ 1922م)، والذي قال عن نفسه بأنه: "مؤمن بما في التوراة من ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين". وفي وزارة البحرية البريطانية كان رجال من الدرجة الأولى يناصرون الحركة الصهيونية، مثل الجنرال ويلسون رئيس الأركان. كما كان السير ماركس سايكس السكرتير العام لوزارة الحربية البريطانية (وأحد طرفي معاهدة سايكس ـ بيكو) من أكبر أنصار الحركة الصهيونية، ومثله السير رونالد جراهام من كبار الفاعلين بوزارة الخارجية، واللورد سيسيل وكيل وزارة الخارجية، وكذلك كان وزير المستعمرات البريطانية ليوبولد إيمري.

فلم يكن بلفور وحيدا في السعي إلى إصدار الوعد المشؤوم، بل كان كل هؤلاء، وغيرهم كثير لم أذكرهم، وراء ذاك الوعد، والذي نجم عنه جريمة من أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية، بأن أقحم شعب على شعب آخر، ليجليه عن بلاده، فيستذله ويستعبده إلى يوم الناس هذا.

(الأنباء الكويتية)
1
التعليقات (1)
باميلو المصري
الجمعة، 30-10-2015 07:04 ص
الموضوع يشير فقط الى الناحية الدينية فى وعد بلفور المشؤوم .اما من الناحية السياسية والعسكرية فالامر مختلف تماما .حيث ان بلفور وزير الخارجية الانكليزي قد قدم وعده لليهود حيث ان بريطانية كانت تعاني من عجز فى الاله العسكرية البريطانية امام الجيوش الالمانية لذلك اعطت الوعد حتى يقوم اليهود ب ادخال الولايات المتحدة لصالح الانكليز بالحرب ضد المانية فى الحرب الاولى .....انظر الى التاريخ 1917 بدء معركة السوم فى بلجيكا حيث كانت بريطانية عاجزة تماما امام القوة الالمانية