مقابلات

الداعية خالد الوصابي لـ"عربي21": اليمنيون سيقاومون الحوثي

الوصابي: السلفيون أرغموا على الخروج من معقلهم في دماج ـ عربي21
الوصابي: السلفيون أرغموا على الخروج من معقلهم في دماج ـ عربي21
أرجع الداعية اليمني، والباحث في الفرق والمذاهب الإسلامية، الشيخ خالد الوصابي، أسباب سقوط العاصمة اليمنية صنعاء، وسيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة فيها، إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها: "خيانة الرئيس عبد ربه هادي منصور" و"تسليم المعسكرات من قبل الموالين لعلي عبد الله صالح"، و"عدم وجود قوى مقاومة للحوثيين".

وقال الوصابي في حوار خاص مع "عربي21" "إن السلفيين أُرغموا على الخروج من معقلهم دماج، بعد حرب شرسة شنها عليهم الحوثيون، وتآمر الدولة عليهم بالصلح والواسطة، فلم يكن أمامهم إلا الخروج مضطرين ومكرهين بعد حصار اقتصادي خانق. 

وأوضح الباحث اليمني الوصابي أن التجمع اليمني للإصلاح نأى بنفسه عن التصدي للحوثيين حينما اقتحموا صنعاء وبسطوا سلطتهم عليها، بسبب تخوفه من أن تكون الأحداث الجارية مؤامرة تستهدف زجه في حرب مفتوحه مع الحوثيين، لاستنزاف قوته وإضعاف وجوده.

وأكدّ الوصابي أن الشعب اليمني بجميع أطيافه وأحزابه وقواه السياسية، حتى المؤتمر الشعبي العام، يستنكرون الإعلان الدستوري، ولم يوافق عليه إلا حزب الحق الشيعي الحوثي الذي خرج الحوثيون من تحت عباءته. 

 وتوقع الوصابي في قراءته لمستقبل اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، أن الأوضاع لن تستقر لهم، لأن اليمنيين سيقاومونهم، بالسلاح في الأماكن التي يستخدمون فيها السلاح، وبالانتفاضة الشعبية في المناطق التي لا يستخدمون فيها السلاح. 

وفيما يلي نص الحوار:

**هل لك في نقاط محددة تلخيص نشأة الحوثيين وبيان أبرز المحطات التي مروا بها حتى باتوا القوة المسيطرة على مقاليد الأمور في اليمن؟ 

 للحوثيين جذور تاريخية وعقدية في اليمن منذ كان الجارودية يحكمونه، فكانوا تارة يميلون إلى المنهج الجارودي فيحكمون اليمن بالقوة، وتارة يتبعون المذهب الزيدي المتسامح مع أهل السنة، والجاردوية طائفة متشددة من الزيدية تمتاز عن عمومهم بأمرين اثنين: الأول تكفير أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، أبي بكر وعمر ومن كان على شاكلتهما، والثاني: فرض آرائهم بالقوة ومحاربة المخالفين وسفك الدماء.

تم القضاء على حكم الجارودية (الإمامية) المتشددة في اليمن في ثورة 26 سبتمبر عام 1962، لكن بقيت أفكارهم المتطرفة عند بعضهم، فكانوا يدرسونها في مساجدهم الخاصة، ويملونها على بعض طلابهم، وبعد قيام ثورة الخميني في نهاية السبعينيات، كان محمد بدر الدين الحوثي، وهو الأخ الشقيق لحسين بدر الحوثي، يُدرس ملزمة الثورة الإسلامية عام 1984، ثم بعد الوحدة اليمنية شمالا وجنوبا سنة 1990 فُتح المجال للتعددية السياسية والحزبية، فأنشأوا لهم أحزابا، ومنها حزب الحق، وحزب اتحاد القوى الشعبية.

وكان حزب الحق يشرف على المراكز الصيفية تحت رعاية الشباب المؤمن، فأنشأوا لهم ملتقى ثقافيا، كانت إحدى ملازمه التدريسية التي وضعها حسين بدر الدين الحوثي، ملزمة يكفر بها الصحابة، وكان يدرسها لهم، مع حثه لهم على ضرورة تبني رأي يتميزون به عن عموم اليمنيين، يتمثل بإحياء مذهب الجارودية، له ارتباط بإيران، فنشأت مجموعات من الشباب المتطرف، ثم حدث شرخ في مواقف علماء الزيدية من هذه الفكرة المتطرفة، فأفتى بعضهم بمنع تدريس تلك الملازم، وأفتى البعض الآخر بجواز ذلك. 

وعُرف عن حسين بدر الدين الحوثي أنه كان يميل إلى استخدام القوة ضد الحكومة، وضد المناوئين له من أهل السنة في صعدة، فبدأت المواجهات بينه وبين الدولة في صعدة، وهذه هي المرحلة الأولى من مراحل الحوثيين. وقد وقعت بين الدولة وبين الحوثيين فيما بعد ستة حروب، كانت تحل بتوسط شيوخ القبائل في الداخل، وأحيانا بالتوسط من دول عربية، كالوساطة القطرية من الخارج. 

**ما مدى صحة الكلام الذي يُقال عن تحول الحوثيين من الزيدية إلى الاثني عشرية؟

لم يتحول الحوثيون إلى المذهب الاثني عشري بالمعنى العقائدي الخاص، كالإيمان باثني عشر إماما، والإيمان بالمهدي الموجود في السرداب، لكن ثمة نقاط التقاء واتفاق بينهما، منها: الإيمان بإمامة الإمام علي بن أبي طالب وأنه المنصوص عليه، ومنها تكفير الصحابة رضون الله عليهم، ومنها أحقية أهل البيت بالإمامة السياسية والدينية، وأن هذا العصر هو عصر الشيعة.

ومن الجدير بالذكر أن الحوثيين يرون أنه ليس من مصلحتهم الإيمان بالاثني عشرية بمعناها الخاص، لأن حسين بدر الدين الحوثي وأخاه الآن، لا يريدون أن يكونوا تبعا لاثني عشر إماما، بل يريدون أن يكون كل واحد منهم هو الإمام نفسه، لا أن يكون نائبا للإمام، ولا يؤمنون بالمهدي الموجود حاليا في السرداب، بل يريد أن يكون هو المهدي نفسه، لأن عقيدة الزيدية تقول بأن كل إمام جرد سيفه ودعا إلى الإمامة فهو مهدي بنفسه. 

**لماذا وافق السلفيون على الخروج من دماج؟ هل أجبروا على ذلك بسبب تهديدات الحوثيين، أم جاء خروجهم بالتفاهم مع قوى وجهات متنفذة في اليمن وخارجها؟

انطبق على السلفيين في موافقتهم على الخروج من دماج المثل السائر: "مكره أخوك لا بطل"، فالسلفيون أُكرهوا على الخروج رغما عنهم، بعد أن شنَّ الحوثيون عليهم حربا شرسة، وتآمرت الدولة عليهم بالصلح والواسطة، ولم تؤمن لهم الأمن والحماية، ولم يعودوا قادرين على المواجهة بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض عليهم، ما أفضى إلى نفاد زادهم وطعامهم وسلاحهم، ما أعجزهم عن الاستمرار في مواجهة الحوثيين. 

لكن أهل دماج صمدوا صمودا طويلا لم تصمده العاصمة صنعاء، وعجزت عنه أكبر المعسكرات في اليمن، وقد شن الحوثيون على أهل دماج ثلاثة حروب، صمد فيها أهل دماج في وجه الطغيان الحوثي، لكن حينما تآمرت الدولة عليهم مع الحوثيين، اضطروا للخروج من دماج، وأجبروا على ذلك رغما عنهم، بسبب النقص الشديد في الزاد والسلاح، ولو بقوا هناك لقتل الحوثيون منهم أعدادا كبيرة. 

**هل أخطأ السلفيون بموافقتهم على الخروج، أم كان واجبهم البقاء ومقاومة الحوثيين؟. 

لا لم يخطئوا أبدا، لأنهم لم يكونوا قادرين على المواجهة المسلحة، بسبب نفاد الزاد والسلاح، وخذلان جميع القوى لهم، فلم يقف معهم أحد لا سياسيا ولا عسكريا، فماذا كان بوسعهم أن يفعلوا بعد كل ذلك؟ هل يبقون مع عجزهم عن مقاومة الحوثيين والدفاع عن أنفسهم وأموالهم وبيوتهم؟ 
ونحن رأينا أن جامعة الإيمان في صنعاء، والفرقة المدرعة الأولى فيها، لم تصمدا أمام الحوثيين أكثر من ثلاثة أيام، وقد برر أصحابهم لهم ذلك، ووصفوه بأنه انسحاب تكتيكي، وأنه ينم عن ذكاء في إدارة الصراع، بينما انتقدوا ما فعله السلفيون في دماج حينما اضطروا للخروج رغما عنهم، فلماذا التفريق بين الموقفين مع وحدة الحال بينهما؟ 

**بعد زحف الحوثيين إلى العاصمة صنعاء، وسيطرتهم على مفاصل الدولة ومؤسساتها، إلى ماذا ترجعون هذا السقوط المدوي؟

سقوط صنعاء يرجع إلى عدة أسباب: أولها خيانة الرئيس عبد ربه منصور هادي، لأنه لم يكاشف الشعب اليمني بما يجري، وثانيها تسليم المعسكرات من قبل الموالين لعلي عبد الله صالح، وثالثها مساعدة الأمم المتحدة، وعلى رأسهم جمال بن عمر، في دخول الحوثيين إلى العاصمة صنعاء، ورابعها عدم وجود قوى مقاومة للحوثيين، وكان هناك من يريد المقاومة، لكنهم خُذلوا من قبل آخرين، وخامسها: تخوف أحزاب إسلامية قوية من تصنيفها منظمات إرهابية لو أنها قاومت أو أصدرت بيانات مناهضة للحوثيين. 

**ما هي مواقف سلفيي اليمن خاصة في العاصمة صنعاء من تمدد الحوثيين وسيطرتهم التامة عليها؟

من المؤكد أن سلفيي اليمن في صنعاء أو خارجها، كارهون للتمدد الحوثي ويسعون في خطاباتهم ومنشوراتهم إلى التحذير منهم، لكن حصل ضعف في الآونة الأخيرة بسبب خوفهم على أنفسهم وأموالهم وبيوتهم، وعدم قدرتهم على المواجهة، لكن موقفهم من الحوثيين هو الموقف ذاته، إلا أن عجزهم عن المواجهة جعل بعضهم يصمت ويسكت. 

**لماذا اختار التجمع اليمني للإصلاح ترك الساحة للحوثيين ونأى بنفسه عن الأحداث الجارية في اليمن؟.

لعل السبب يعود إلى تخوفهم من أن ما يحدث هو مؤامرة عليهم، ومن خوفهم أن يصنفوا في دائرة الإرهاب، فيتم استهدافهم والقضاء عليهم، كما يقولون هم بأنفسهم، ومن المعلوم أن الصراعات إما أن تدار بالمبادئ أو المصالح أو المخاوف، ونحن الآن في الثالثة، لأن هناك من يهدد الأحزاب والقوى الإسلامية، أنكم إذا قاومتم الحوثي فسيصار إلى إدخالكم تحت البند السابع، وربما نواجهكم عسكريا، فخافوا على أنفسهم من أن يصنفوا منظمات إرهابية، وهم واقعون بين مطرقة علي عبد الله صالح وسندان الحوثيين، والواجب أن يتصدى الإسلاميون وسائر القوى للحوثيين.

** ما هي مواقف الإسلاميين (إخوان وسلفيين) من الإعلان الدستوري الذي أعلنته جماعة الحوثي؟ وكيف سيتعاملون مع السلطة الحوثية الجديدة؟

لم يعد الإخوان ولا السلفيون هم من يعترض على الإعلان الدستوري فقط، بل الشعب اليمني بجميع أطيافه وأحزابه وقواه السياسية، حتى المؤتمر الشعبي العام، يستنكرون الإعلان الدستوري، ولم يوافق عليه إلا حزب الحق الشيعي الحوثي الذي خرج الحوثيون من تحت عباءته. أما كيفية التعامل مع هذه السلطة الجديدة، فالمظاهرات قائمة والانتفاضة الشعبية حاصلة في الأماكن التي سيطر عليها الحوثي والتي لم يسيطر عليها، وهناك مقاومة شرسة جدا في البيضاء، وأهل مأرب مستعدون للقتال، ولن نعترف بهذه السلطة مطلقا، وسنقاومها بالسلاح في الأماكن التي يستخدمون فيها السلاح، وفي الأماكن التي لا يستخدمون فيها السلاح سنقاومها بالمظاهرات والانتفاضة الشعبية. 

**في ظل رفض المحافظات اليمنية الجنوبية الإعلان الدستوري لجماعة الحوثي ما هو المتوقع مستقبلا؟ وكيف ستكون العلاقة بين تلك المحافظات والسلطة الجديدة في صنعاء؟

المتوقع مستقبلا أن الحوثي إذا أصر على موقفه المتعنت، ولم تقم في المحافظات الشمالية مقاومة ضده، ربما يكون هذا مبررا لانفصال الجنوب عن الشمال، ونحن قلنا سابقا ونقول الآن إننا لو خيرنا بين أمرين: أن ينفصل الجنوب عن الشمال ويبقى سنيا، ولا يتدخل فيه الحوثي ولا ينشر عقائده، هذا أفضل من أن يكون اليمن موحدا، لكن تحت سيطرة الحوثي وهيمنته، ونشر عقائده. ونحن ندعو الإخوة في الجنوب مع إخوانهم أهل السنة في الشمال لدحر الحوثي ورد عدوانه.

** هل سيجد الإسلاميون (إخوان وسلفيون) أنفسهم أمام الخيار الصعب، ألا وهو حمل السلاح، لمواجهة تمدد الحوثيين وبسط سيطرتهم على سائر محافظات اليمن؟

إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً *** فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها.

فإذا لم يرجع الحوثي عن غيه، ولم يتوقف عن استعمال السلاح، فسيفرض على جميع اليمنيين حمل السلاح، فهو الذي فرضه عليهم، وهو الذي اختاره، واليمنيون سيضطرون إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، وليردوا كيد الحوثي في نحره، ويخلصوا اليمن من براثن سيطرته، ويرجعوه إلى حظيرة اليمنيين، بعد أن أصبح تحت مظلة وعباءة إيران تتصرف فيه بما يخدم مصالحها ونفوذها في الجزيرة العربية. 
التعليقات (2)
نانا
الجمعة، 10-07-2015 12:56 ص
جراك الله يشيخ انا احبك فللهء
هشام الحداد
السبت، 21-02-2015 06:46 م
بارك الله فيك شيخنا لقد تحدثت وبينت بكل شفافية وبدون خوف فنضع أيدينا بأيديكم