مقابلات

قيادي في النهضة: أنجزنا ما لم يحققه الآخرون بتونس

نائب الأمين العام لحركة النهضة نورالدين البحيري (تصوير : نورالدين العبيدي)
نائب الأمين العام لحركة النهضة نورالدين البحيري (تصوير : نورالدين العبيدي)
قال وزير العدل التونسي السابق ونائب الأمين العام لحركة النهضة نورالدين البحيري إن حركة النهضة تمكنت من تحقيق قائمة طويلة من الانجازات خلال فترة وجودها في السلطة، متوقعاً أن يجدد التونسيون الثقة بالحركة في الانتخابات المقبلة لأنهم أكثر وعيا وإدراكاً من أي وقت مضى.

وقال البحيري في حوار خاص مع "عربي21" إن تونس مرت بالعديد من المراحل الصعبة خلال حكم الترويكا، مشيراً الى أن أحزاباً شاركت في الثورة انقلبت لاحقاً وأصبحت حليفة لمن أراد الردّة على الثورة، على حد تعبيره.

وألمح الى أن النهضة تدعم الخيار التشاركي في الحكم بعد الانتخابات لكن تحالفهم مع نداء تونس أو الجبهة الشعبية مستبعد، كما صرح بأربعة أسماء قد يكون أحدها الرئيس التوافقي.

ويوصف المحامي نورالدين البحيري بأنه "معاوية تونس"، حيث أنه معروف بالدهاء السياسي، كما أنه منذ مرحلة دراسته الجامعية وهو الرجل الأكثر تأثيراً خلال فترة الحكومة الثانية للترويكا سنة 2013، وهي من أصعب السنوات التي مرت بها الثورة بعد الانقلاب في مصر وهو رجل يُعرف بانضباطه للمؤسسات أينما كان في الحزب أو الدولة. 

وفيما يلي نص الحوار: 

* كيف تقيم تجربة حكم الترويكا؟
- في البداية أوجه تحية إلى الشعب التونسي بمناسبة عيد الأضحى وأحيي شهداء الثورة والشهداء الأمنيين وشهداء جيشنا الوطني وعائلاتهم. 
بالنسبة لتجربة الحكم تعتبر نقطة قوة في تاريخ النهضة لان الحكم لم يحولنا عن مبادئنا وتمسكنا بالحرية والديمقراطية ولم تغيرنا هذه التجربة أو تحولنا من حركة مناضلين مؤمنين بالحوار والعدالة والمساواة  مع الآخر الى حركة تعتمد الحديد والنار لقمع معارضيها، وما وصلت تونس لمثل هذه المرحلة المتقدمة في الانتقال الديمقراطي إلا بصبر النهضة وثباتها على مبادئها وقيمها. 
كما أن تعاطينا مع الشأن العام لم يكن على أساس أنه غنيمة أوسيلة للتعسف بل على أساس انه وسيلة لخدمة تونس والتونسيين ولخدمة أهداف ثورتنا المجيدة. 
أما من الناحية السياسية فنجاحنا واضح ورصيدنا قويّ وقد وضعنا أسس الدولة الديمقراطية الحديثة المدنية فقد كانت مساهمتنا قوية للمصادقة على الدستور والهيئات المستقلة والمؤسسات الدستورية وحافظنا على مستوى عال من الحرية للأحزاب والجمعيات والإعلام وسنبقى سداً ضد عودة الاستبداد الذي هو مؤذن بخراب العمران . 


*وماذا حققتم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي خلال فترة حكم الترويكا؟
- حققنا الكثير من الانجازات على مستوى التنمية الجهوية وفي مجال رد الحقوق لأصحابها سواءاً من العاملين في مؤسسات الدولة أو العاملين في القطاع الخاص والمضطهدين في العهد السابق وعندنا إحصاءات دقيقة وبالأرقام، وطبعنا كتيباً يتحدث عن إسهامنا في خدمة الحرية والتنمية في بلادنا حيث يبين الكتيب بشكل واضح أننا تسلمنا الحكم والبلاد تكاد تكون في حالة انهيار على المستوى السياسي والاقتصادي والامني، وسلمنا الحكم لغيرنا بعدما حققنا نسب تنمية وتشغيل جيدة. 


* إذن ما هي أسباب تعطل عدد هام من المشاريع التنموية في مختلف الولايات التونسية؟
- تعطل بعض المشاريع يعود الى أسباب عديدة، ربما بخطأ منا أو بسبب القوانين التي لم نغيّرها وأيضاً بسبب محاولات تعطيل الدورة الاقتصادية من هذا الطرف أو ذاك 
لكن ما أنجزناه يمكن أن يكون قاعدة لما سينجز لاحقاً بشرط أن نكون مع بعضنا كتونسيين ونبني بلادنا معا بتكاتف الجهود. 


* هل ترى أن الثورة التونسية تسلك مسارها السليم؟ وكيف ترى مستقبلها مع وجود جزء من الرأي العام يشعر باليأس وحتى الشك في الثورة؟
- على التونسيين ان يتخلصوا من اليأس والخوف والشك في الثورة، فثورتنا ناجحة مهما تآمر المتآمرون، وحركة النهضة هي العمود الفقري لإعادة بناء تونس المدنية الديمقراطية المتقدمة وما لم يتمكن الآخرون من إنجازه يمكننا انجازه لاحقاً، وعلينا جميعا أن نحافظ على بلادنا ونعمل معا لتطورها، وأخشى ما أخشاه أن تكون بعض الصعوبات الاقتصادية التي نعيشها أو بعض المشاريع التي لم تنجز سبباً في فتح الباب أمام الاستبداد وعودة رموزه من الذين جربناهم طيلة عشرات السنين.. وقتها ستنتهي الديمقراطية. 


* في انتخابات 2011 انتخبت عن ولاية بن عروس فماذا قدمت لها؟
- نسبة انجاز مشاريع التنمية في ولاية بن عروس بلغ 90% وهي أعلى نسبة في البلاد وهذا شرف للولاية وكافة إطاراتها وأبنائها ونوابها. 


* هل بإمكانكم المقارنة بين أداء حكومة الترويكا التي شاركتم بها وأداء حكومة التكنوقراط الحالية برئاسة مهدي جمعة؟ 
- حقيقة لا أودّ أن أقارن بين حكومة الترويكا والحكومة الحالية فلو أردت المقارنة لقارنت بين أداء حكومتنا وأداء حكومة الباجي قائد السبسي التي سبقتنا والتي ورغم ما بذلته من جهد إلا أنها تركت البلاد تعاني من نسبة تنمية - 2% (ناقص2  في المائة) وبحالة تضخم كبيرة وافتقار للعملة الصعبة وانعدام للاستثمار، وهذه المسألة ليست إرادية بل الواقع وقتها ومسار البلاد هو الذي فرض ذلك الانكماش. وفي حكومة الترويكا أخرجنا البلاد من الانكماش الاقتصادي وفتحنا آفاقاً جديدة للتنمية والاستثمار الداخلي والأجنبي وعبّأنا البلاد من الموارد المالية الداخلية والخارجية، في مشهد لم يحصل من قبل في تاريخ تونس، والحكومة الحالية أيضاً استلمت الحكم في ظروف سياسية صعبة ونلاحظ حالياً وجود تراجع في نسبة التنمية والتشغيل وزيادة التضخم. 


* كيف ترى الفرق بين الأداء الإعلامي في ظل حكومة الترويكا مقارنة بأدائه في عهد حكومة التكنوقراط؟
- حقيقة أرى أن كثيراً من الإعلاميين لم يفهموا حقيقة دورهم فليس دور الإعلام أن يكون مع هذا ويغطي عوراته أو ضد ذاك ويبالغ في نقده أو إعطاء معطيات و أرقام مغلوطة عنه أو تشويهه، لكن دور الإعلام هو نقد الواقع كما هو ونقل الصورة للمواطن والرقابة على الحكم والحاكمين والناشطين السياسيين والإعلام الحر والمجتمع المدني، دورهم رقابي ومهم 
والحاكم  بحاجة دائماً إلى قوة مقابلة لتعديل الأمور في البلاد، فبعض الإعلاميين للأسف يضعون أنفسهم في مكان الأحزاب وهذا ليس دورهم بل دورهم في نقل المعلومة الحقيقية للناس لتعديل الأمور وأتمنى على الإعلاميين جميعاً أن يمارسوا دورهم الوطني لمصلحة البلاد والثورة.  


* كيف ترى حظوظ حركة النهضة في الانتخابات التشريعية القادمة المقررة ليوم 26 أكتوبر الجاري ؟
- حركة النهضة كانت هي الأساس في مناهضة الاستبداد وهي اليوم الأساس في البناء الديمقراطي وها أنكم رأيتم حين تغيب النهضة ما الذي يحدث في البلاد وحين تتدخل ما الذي يحدث والآن نسير إلى الانتخابات وإنهاء المسار الديمقراطي وحكمة النهضة كان لها دور مهم في وصولنا إلى هذه المرحلة.
ونحن ليس لنا شك بأن التونسيين سيجددون ثقتهم بحركة النهضة بأكبر مما حدث في انتخابات سنة 2011 لسبب بسيط وهو وعي التونسيين بأن البلاد تحتاج إلى دولة قوية وعادلة يسايرها ويسيّرها حزب قويّ وعادل ومنضبط ويخاف الله في التونسيين ولا يمارس الظلم والتمييز بينهم، وما يؤكد لنا ذلك هو زيادة الزخم الجماهيري لاجتماعاتنا الشعبية وحتى بعد خروجنا من الحكم . 


* نظمتم اجتماعاً جماهيرياً كبيراً في مدينة قصر هلال الساحلية وهي موطن ولادة الحزب الدستوري الحاكم سابقاً، فما هي الرسالة التي أردتم توجيهها من هناك؟
- رسالتنا التي أردنا إيصالها من خلال هذا الاجتماع الجماهيري هي أن حركة النهضة حركة كل جهات البلاد، وأن حركتنا ليست سوى الامتداد الحقيقي لحركة الإصلاح في البلاد قبل غيرها وأننا حركة نوحد ولا نفرّق ونجمع ولا نشتّت وأننا كنا وما زلنا حركة من حركات الإصلاح في البلاد.


* هل ستحافظون على الترويكا الحالية إذا كانت نسب الانتخابات الحالية شبيهة بالانتخابات السابقة؟
- الترويكا حققت أهدافها بإنجاح المرحلة الانتقالية، والبلاد بحاجة إلى توسيع قاعدة الحكم واستيعاب وإشراك فئات جديدة حتى ممن لم يشاركوا في الثورة، ولا نستطيع المرور الى المستقبل مفتقدين لقيادة وطنية واحدة وشعارات وبرنامج حكم يوحدنا، ولا ننسى أن كثيراً من شركائنا في الثورة غيروا بوصلتهم ومنهم من أصبح شريكاً موضوعياً أو عضوياً لقوى الردّة على الثورة في لحظة من اللحظات. 
ولا يجب علينا اليوم أن نقف عند الشعارات الثورجية ونحن بحاجة لتوسيع دائرة الحكم ودائرة المستفيدين والمناصرين للثورة وفتح الأفق أمام الثورة لأن ثورة دون أفق لا مستقبل لها، ونرى أن بلادنا الآن تحتاج إلى تفاهمات تضم القوى الاجتماعية كافة والقوى الثقافية وأوسع ما يمكن من القوى السياسية المناصرة للثورة . 


* منهم نداء تونس والجبهة الشعبية؟
- قلت لك القوى المناصرة  للثورة .


* ما رأيكم في عودة الحرس القديم  للمنافسة على الحكم، علماً بأن هناك من يقول بأن لكم دور خفي في عودة رموز النظام السابق للحياة السياسية؟
- هذا كلام تافه لا يستحق الرد. والبيّنة على من ادّعى والدستور والقانون هو الفيصل. 


* هل تعتبر أن نجيب الشابي المرشح للرئاسيات يغازل حركة النهضة حين قال ان النهضة لا تدعم الانقلابيين وأنا ديمقراطي و لستُ انقلابيا؟
- نحن بحاجة الى الحكم التشاركي في كل مستواياته من رئاسة الجمهورية حتى المجالس المحلية والجهوية وهذا خيارنا ولن نتراجع فيه ونرحب بكل موقف يساند موقفنا. 


* ثمة تصريح لك لصحيفة تونسية أثار جدلاً قلت فيه: "نحن ندعم رئيساً يعيد الهيبة لموقع رئاسة الجمهورية".. هل تقصد هنا رئيس الجمهورية الحالي كما ذهب لذلك البعض؟
- هذا سوء ظن، وتحدثتُ وقتها بشكل نظري عام ولا أقصد الأخ والصديق الرئيس منصف المرزوقي أو غيره . 


* وهل المعايير التي تتحدث عنها حركة النهضة تتوفر في الرئيس الحالي المرزوقي؟
- نحن لا نبحث عن رئيس اسمه المرزوقي أوالشابي أو الكيلاني أو  بن جعفر، ويمكن لكل واحد من هؤلاء أن يكون الرئيس القادم، ولسنا ضد أي أحد من المرشحين ممن هم في صف الثورة وليس لنا مرشح، فنحن مع رئيس توافقي يحمي الحرية والديمقراطية في البلاد وطموحنا أن يجتمع الجميع على بناء  دولة قوية وعادلة واقتصاد صاعد وتوفير حاجيات جميع المواطنين دون تمييز. 


* الدكتور مصطفى بن جعفر نفى كل ما أشيع سابقاً حول الانقلاب في تونس، فهل لك رأي آخر؟
- موضوع الانقلاب في تونس قيل فيه كلام كثير فإن كان يقصد به الانقلاب الأمني العسكري مثلما حدث في مصر فأنا أقول وبحكم موقعي لم أسمع بإمكانية حدوث هذا الأمر جدياً بل بالعكس الرأي السائد والغالب ومن خلال معرفتي الشخصية أن الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي بكل أسلاكها كانت في المرحلة السابقة عنوان الوفاء للدولة وللثورة وكانت عنوان الالتزام بالدستور وبالدولة والثورة مهما كان الطرف الذي يحكم وأنها كذّبت وسفّهت كل من كان يتمنى الانقلاب في تونس .


 
التعليقات (0)