مقابلات

شيخي: سنعمل على تعزيز المرجعية الإسلامية بالمغرب

عبد الرحيم شيخي الرئيس الجديد لحركة التوحيد والإصلاح المغربية - عربي21
عبد الرحيم شيخي الرئيس الجديد لحركة التوحيد والإصلاح المغربية - عربي21
عبر عبد الرحيم شيخي، الرئيس الجديد لحركة التوحيد والإصلاح المغربية، في حواره مع "عربي21" عن تفاجؤه من انتخابه رئيساً للحركة، حيث إن الأمر لم يخطر على باله بشكل مطلق.

وأكد المهندس على أن اختياره لفريق العمل حكمته رؤية، حيث إن قيادة الحركة تحتاج إلى عناصر شابة وإلى وجوه جديدة تتولى المسؤولية بما يعطي للحركة نفسا جديدا. 

مستشار رئيس الحكومة الذي ينتظر أن يشرع في إجراءات مغادرتها، قال في الحوار ذاته إن الجمع العام كان محطة تربوية وأخوية بامتياز، كما قال منسق مجلس شورى الحركة سابقا، بأن مسار تعزيز تمايز العمل الدعوي الذي تقوم به الحركة عن العمل السياسي الذي يقوم به شريكها الاستراتيجي حزب العدالة والتنمية. 

وفي ما يأتي نص أول حوار إلكتروني لعبد الرحيم شيخي، تجريه معه صحيفة "عربي21":

على غير المتوقع انتخبت رئيساً لحركة التوحيد والإصلاح. كيف تلقيت الخبر، وانتقلت من الرتبة الخامسة بالدور الأول إلى الأولى بالدور الثالث؟ 


- تلقيت خبر انتخابي رئيساً للحركة بشكل مفاجئ، وقد كانت المفاجأة الأولى بأن تم ترشيحي من الخمسة الأوائل وإن كنت في آخر الترتيب، فأنا شخصيا لم أكن أتوقع ذلك، فكيف أتوقع أن أكون رئيساً، ولذلك فإن الإخوان اقترحوا أن أكون ضمن لجنة الإشراف على الانتخابات على اعتبار أنني لست من المرشحين الذين ينتظر أن يكونوا من بين الخمسة الأوائل، لكن صعودي بين الخمسة الأوائل، فتح الباب للتداول، وطبعا الكل يعلم أن النتيجة ومن خلال الترشيح الأولي تعزز حظوظ الدكتور أحمد الريسوني يليه الدكتور مولاي عمر بنحماد.

 الأمر لم يكن سهلا. احتجنا إلى دور ثان لأن أصواتنا في المرتبة الأولى لم تكن متقاربة وكان لي أن ظننت في تلك المرحلة أني ناج من المسؤولية بحكم أن الأصوات التي أعطيت لمولاي عمر بنحماد أصحابها سيمنحونها للدكتور أحمد الريسوني لأن خلفيتهما متقاربة لكونهما من نفس أهل العلم والتكوين الشرعي، وقلت في الدور الثاني مازال لي أمل بألا أكون رئيساً ولذلك عندما أعلنت النتائج كانت بطبيعة الحال بالنسبة لي مفاجأة. ولذلك لم أتمكن حينها من أن أوجه كلمة للإخوان لأنها بالنسبة لي لحظة كبيرة جداً أن تكون رئيساً لحركة التوحيد والإصلاح، وهي الحركة التي يعرف الجميع قوتها وعمقها وإشعاعها بالداخل والخارج، وطبعا الرؤساء الذين سبقوني في الرئاسة هم من عيار ثقيل وكبير،  فأسأل الله تعالى أن يبارك فيهم وأن يوفقهم وإيانا للقيام بهذه المسؤولية على أحسن وجه. 

بحكم كونكم مستشارا لرئيس الحكومة، تحدث البعض عن أن استقلالية حركة التوحيد والإصلاح وتمايزها مع حزب العدالة والتنمية قد يضعف؟

- حركة التوحيد والإصلاح مؤسسة لها وثائقها واختياراتها واجتهاداتها وهيئاتها الشورية التقريرية ومكاتبها التنفيذية المسيرة وأعضاؤها الأحرار اليقظون، وهذه المكونات جميعها هي التي سهرت لحد الآن وستستمر في حفظ استقلالية الحركة وتمايزها عن الحزب وعن غيره من باقي الهيئات داخل المغرب وخارجه، أما عن موضوع كوني مستشارا فإن الأمر لن يستمر وسأتخذ الإجراءات التي من شأنها إنهاؤه في غضون الأيام المقبلة. 

اخترت إحدى عشرة شخصية قيادية حتى الآن لتتحمل معك عبء المسؤولية التي وصفتها بالصعبة، ما الذي حكم اختيارك لهذا الفريق؟

- أولا في اختيار فريق العمل وجدت صعوبة، لأنه عندما لا يكون من المنتظر أن تتولى مسؤولية من هذا الحجم فإنك لا تفكر أبدا أو مطلقا، لا في الفريق ولا فيمن سيكون نائبا أو غير ذلك، طبعا تكون لك أفكار وقناعات تحملها معك عبر هذه السنين. لكن أن تفكر في الخلفيات فهذا أمر تتركه إلى أن يقع، فلما وقع هذا الأمر علي تشاورت مع عدد من الإخوان الذين هم من رموز وحكماء هذه الحركة ومن ذوي الخبرة والتجربة والمسؤولية، طبعا كانت لي فكرة أن أجدد ما استطعت، وهذا لا يعني أن الإخوة الذين كانوا في المكتب التنفيذي السابق واستغنيت عنهم ليسوا أكفاء، لكنهم من الإخوان الذين قطعوا أشواطا كبيرة الحركة وأسسوا للعمل الحركي وما يزالون يسهمون وسيبقون يسهمون، لكن قيادة الحركة تحتاج إلى نوع من التشبيب وإلى وجوه جديدة تتولى هذه المسؤولية حتى نعطي لهذه الحركة نفسا جديدا وهذه خلفية كانت حاضرة عندي.

وعلى مستوى النيابة كان التفكير دقيقا في الموضوع ولم يكن لدي أي حرج، فأنا الذي اقترحت على الإخوة، أنني أرى الأخت فاطمة النجار مناسبة ومؤهلة لتكون نائبة للرئيس، فلها من الكفاءة ومن القدرة والتجربة والخبرة ما يؤهلها لذلك، فضلا عن أن تصورات الحركة تسمح بأن تتولى رئاسة الحركة، فما بالك بالنيابة عن الرئيس، فإذن كان توجه التجديد والتشبيب حاضرا في اقتراح الفريق، فضلا عن الرغبة في رفع الفعالية في الأداء، خاصة أن حركة التوحيد والإصلاح تتطور وتتوسع وتحتاج إلى مكتب تنفيذي يجمع بين الرأي والحكمة وبعد النظر، وكذلك الجانب العملي المناسب لتتبع مختلف أعمالها وتخصصاتها. 

ماذا عن موضوع التمايز عن الحزب الذي يعد هدفا أساسيا بالنسبة للحركة؟  

- قضية التمايز تطرح كل مرة، ونحن نتحدث عن التمايز لا عن الفصل ولا عن الوصل بين الدعوي والسياسي، وقد ذكر الرئيس السابق أخي محمد الحمداوي مشكورا أن هذا الأمر من خصوصيات الحركة، بحيث لا فصل ولا وصل ولكنه تمايز، من بين عناصره التباين في القيادات والرموز، وقد حرصنا منذ مدة على أن نقلص من مجال الاشتغال في الرموز إلى أبعد مدى، وأعتقد أن هذه المرحلة هي من المراحل المتقدمة في هذا الموضوع، فقد بقي فقط الأستاذ الفاضل عبد الله باها، والذي لم يختر فقط لأنه عضو في الأمانة العامة أو أنه سيحقق التواصل أو شيئا من هذا القبيل، فالإخوان جميعا يعرفون أن الأستاذ عبد الله بها معروف بخبرته وحكمته وبعد نظره.

ما هي أبرز المعالم التي ستؤطر عمل الحركة خلال هذه المرحلة؟

- بالنسبة للتوجه الاستراتيجي للمرحلة، طبعا هو مجموعة كلمات، لكنها تختزل تحليلا وتختزل توجها للمرحلة المقبلة، وطبعا في المرحلة السابقة كان لدينا، توجه هو "ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم"، وهو الذي أجريناه في شكل أهداف استراتيجية وبرامج وأنجزنا منه الشيء الكثير الذي عرض على الجمع العام في التقرير الأدبي، هذه المرحلة شهدت هذا الإنجاز وتقدما وشهدت أيضاً تحولات في العالم العربي عموما وتحولات كذلك في المغرب، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الاجتماعي، وقراءتنا لهذه التحولات تدفعنا اليوم بأن نعدل من توجهنا للمرحلة المقبلة بما يجعل له معالم وأولويات أخرى، وهي أولا "التعاون على ترشيد التدين"، لنخبر الجميع ونخبر أنفسنا أن هذا الأمر معنيون به نحن أولا وأننا لسنا الوحيدين المؤهلين للقيام به بل يجب أن نتعاون مع كل من يمكن أن يرشد ويسهم في ترشيد هذا التدين من داخل البلد ومن خارجه ومن فاعلين مدنيين ودعويين وإسلاميين، فنحن لسنا وحدنا في هذا الوطن وهذه الأمة، ولا ندعي لأنفسنا بأننا راشدون فنحن نحتاج إلى الترشيد ونحتاج إلى التعاون مع الآخرين في ترشيد التدين، ثم "التشارك في ترسيخ قيم الإصلاح"، وطبعا قيم الإصلاح هي قيم قد تحملها تنظيمات الحركات الإسلامية لكنها تتلاقى في حملها مع تيارات متعددة، سواء تحمل المرجعية الإسلامية أو مرجعيات أخرى. ونحن نريد في هذا الوطن أن نفتح المجال للتشارك وللتعاون في ترسيخ قيم الإصلاح مع الجميع، وهذا تحصيل حاصل فهو تعبير عن مبدأ من المبادئ التي تعتمدها الحركة في ميثاقها، وهو "التعاون على الخير مع الغير"، والغير هنا غير محدد فقط فيمن يشتركون معنا في نفس المرجعية. 

سبق الجمع العام العديد من التكهنات حول من سيكون رئيساً للتوحيد والإصلاح بين من روج اسم أحمد الريسوني ومن قال بمولاي عمر بنحماد، كيف تقرأ هذه التخمينات؟

- نحن كنا نطلع على هذه التخمينات وما يكتب في الصحافة وكنا في كل مرة واثقين، ونجيب أنفسنا وإخواننا بأن تلك الأسماء قد تكون من بين المرشحين لرئاسة الحركة وحتى هذه القضية لم تكن محسومة، لكنّ عددا من إخواننا الذين لهم تجربة وحضور كنا نقول أنهم قد يكونون من المرشحين، لكن لا أحد كان يعتقد أن كونهم من المرشحين يؤهلهم مباشرة للمسؤولية وكنا نعتقد أن التداول سيحسم الموضوع، وأن مسألة الترشيح هي حق حصري للجمع العام، ولذلك كنا نعتبرها تخمينات قد نتطرق لبعض أبعاد وخلفية أصحابها وماذا يراد بها ونحاول أن ندرسها لكنها لم تكن محددا أبدا، وكنا نقول إن اللائحة الأولى التي ستفرزها عملية التصويت الأولى هي التي ستكون محددة للتداول فيمن قد يكون رئيساً مقبلا للحركة، طبعا من المرشحين كان هناك اسم الأخوين أحمد الريسوني ومولاي عمر بنحماد وهما وجهان دعويان لحركة التوحيد والإصلاح، وربما كانوا من الأوفر حظوظا وأنتم رأيتم أمهم حصلوا على أكبر نسبة من الأصوات في الدور الأول من الانتخابات.

ما هو تقييمك وانطباعاتك حول الجمع العام الوطني الخامس للحركة والأجواء التي طبعته؟

- أنا دائماً أعتقد أن مثل هذه الجموع العامة والأحداث الكبرى في الحركة هي ليست أحداثا تنظيمية صرفة، يتم فيها المصادقة على الأوراق ويتم فيها الانتخاب وتطبيق المساطر التي عادة ما يصفها الإخوان بأنها إدارية وجافة، وأعتبر أن تلك الأجواء الديمقراطية هي التنزيل العملي لروح المبادئ التي نؤمن بها، إننا نؤمن جميعا كحركات إسلامية وعدد من التنظيمات الفاعلة في مجال المجتمع المدني بالديمقراطية والشورى وبآليات الانتخاب وتولي المسؤولية، لكننا عندما نأتي للممارسة نجد تباينا كبيرا في الموضوع، يعني نجد تخوفات محاذير والمراعاة للمشاعر والنفوس، وآنذاك بكثرة التبريرات بسد الذرائع، يحاول البعض تأجيل تطبيق المساطر أو أن يعدل فيها، نحن في حركة التوحيد والإصلاح وأنا شخصيا أعتبر محطة الجمع العام محطة تربوية بالأساس، يكون فيها عرض المشاريع من طرف القيادة التي تحاسب وتناقش وقد يعترض عليها وعلى آرائها واجتهاداتها وعلى ما اقترحته وكذلك يكون هناك اقتراح مسؤولين يتداول بشأنهم بعرض سلبياتهم وإيجابياتهم بحضورهم، كما أنه يتم الحديث عن مؤهلاتهم بكل وضوح وصراحة وفي بعض الأحيان بتجاوز، ولكن الحمد لله الأجواء تبقى أخوية وتبقى إيمانية ويغلب فيها الصالح العام ويغلب فيها مصلحة الإسلام والمسلمين، وهذا تحديدا ماعشناه بالجمع العام الوطني الخامس.
التعليقات (0)