صحافة دولية

إندبندنت: هكذا يتصرف جنود إسرائيل في غزة.. شهادات

صورة من منظار بندقية قنص على رأس طفل فلسطيني التقطها جندي إسرائيلي- انستاغرام
صورة من منظار بندقية قنص على رأس طفل فلسطيني التقطها جندي إسرائيلي- انستاغرام
كشف مراسل صحيفة "إندبندنت" بن فيلد البريطانية في القدس عن سياسة الجيش الإسرائيلي في إطلاق النار أثناء المواجهات في غزة

وفي مقابلات مع جنود سابقين في الجيش قاتلوا في غزة، كشف هؤلاء عن مستوى الضغط الذي يتعرضون له من قبل قادتهم والتي تقوم على سياسة "نفذ ولا تسأل". 

وقدم مراسل الصحيفة قصص الجنود السابقين كشهادة على ما يمارسه الجنود الإسرائيليون في الحرب الحالية.

وقال المراسل: "ذكريات الجنود الإسرائيليون على حدود غزة قبل عامين تدفقت في ذهن شاي دافيدوفيتش هذا الإسبوع، حيث بدأ يسمع عن سقوط الضحايا في هذا الجيب الساحلي المكتظ بالسكان جراء العملية الإسرائيلية هناك".

ويعمل دافيدوفيتش (27 عاما) مديرا تعليميا في منظمة الجنود السابقين المعروفة "كسر الصمت" والتي يكشف من خلالها الجنود عن ممارسات الجيش في الضفة الغربية وغزة، وشارك دافيدوفيتش في عملية "أعمدة السحاب" عام 2012. 

ويقول الجندي السابق إن قادته طلبوا منه مرارا تحضير القذائف المدفعية خلال العملية ولكنه يرى أن القيام بقصف مدفعي على المناطق المكتظة بالسكان كان فعلا "جنونيا" كما حصل في بلدة بيت حانون التي تعرضت لحصار ودمار شامل.

ويقول "أعادتني الأخبار عندما كنا نتلقى الأوامر كل في يوم في الساعة الخامسة مساء كي نبدأ بالقصف المدفعي.. كنا نحضر للأمر طوال اليوم لكنه لم يحدث في النهاية، كان مشهدا سورياليا أن ترى الأطفال يلعبون في بيت حانون، وشاهدنا من خلال المناظير السكان المدنيين، ولكنني لا أتذكر شخصا تحدث إلينا عن المدنيين، وكنت أقول لنفسي "كيف نطلق النار بدون أن نؤذي المدنيين؟".

وأضاف أن المدفعية تعتبر سلاحا غير دقيق، فالقصف المدفعي على المناطق المأهولة بالسكان ليس أخلاقيا، وقد تدربنا على القصف على مناطق مفتوحة".

ويقول كاتب التقرير إن ذكريات دافيدوفيتش تتداخل مع صور المذابح الحالية في غزة التي يعارضها على خلاف غالبية الإسرائيليين الذين يرون فيها عملية مبررة ودفاعا عن النفس ضد صواريخ حماس، ويحملون الأخيرة مسؤولية مقتل العديد من المدنيين.

 ويقول دافيدوفيتش: "أي عملية تسبب الأذى للمدنيين وعلى قاعدة واسعة ليست أخلاقية"، مضيفا: "لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها ولكن ليس بهذه الطريقة".

وتقوم منظمة "كسر الصمت" بجمع شهادات سرية من الجنود الذين خدموا في الضفة الغربية وغزة. وبدأت الأسبوع الماضي بجمع شهادات بعد ما رأت من قتل ودمار في غزة من أجل توعية المجتمع الإسرائيلي حول  طبيعة ونشاطات الجيش الإسرائيلي في المناطق المحتلة. 

وغطت شهادات الجنود عملية "قوس قزح" (2004) و"الرصاص المسكوب" (2008-2009) و "أعمدة السحاب" (2012) ولا تشمل على شهادات من الحملة الحالية.

ويقول مؤسس "كسر الصمت" يهودا شاؤول "لو نظرت للعمليات الأخيرة المستمرة في العملية الحالية فإنك ترى هبوطا أخلاقيا لا يتوقف، وعدوانية عسكرية في تزايد".

وأضاف أن "مستوى الدمار، وحصيلة القتل والممارسات.. كل هذا يعطينا فكرة أن الأمور ستزيد من سيئ إلى أسوأ". 

ويعارض شاؤول قصف واستهداف بيوت وعائلات قادة حماس التي يدعي الجيش الإسرائيلي أنها تستخدم كمراكز للتوجيه وعليه فهي أهداف شرعية.

ويقول شاؤول: "حتى لو طلب الجيش من المدنيين إخلاء المناطق من أجل استهدافها فهذا لا يحلله من المسؤولية عما يجري له، فلو رفضوا المغادرة فهل  يستحقون الموت؟".

ويقول: "واحدة من أكبر كذبات هذه العملية وعملية الرصاص المسكوب أننا نقوم باتخاذ كل الإجراءات لتجنب قتل المدنيين، فعندما تستخدم القصف المدفعي في مناطق مثل غزة فليس باستطاعتك القول إنك تقوم باتخاذ كل الاحتياطات، فالأمر لا يتعلق بالجنرالات وأنهم يريدون قتل مدنيين أكثر، ولكننا نبتعد عن الخط الرسمي الذي يقول إن كل شيء يفعل لتجنب قتل المدنيين".

وفي الوقت الذي ترى المنظمة أن نشر الشهادات القديمة هي طريقة لفهم الحاضر إلا أن الجيش يرى فيها محاولة لتكرار مزاعم سابقة لإحراجه في فترة حساسة.

ويرى عقيد الاحتياط شاؤول شاي، نائب مدير مجلس الأمن القومي السابق والباحث في مركز للدراسات في هرتسيليا  أن الجيش "حافظ ويحافظ على أعلى المستويات الأخلاقية في عملياته في غزة".

واتهم حماس بالتسبب بالقتل وقال: "للأسف، فمدخل حماس هو استخدام المدنيين كدرع بشري والحرب على سكاننا المدنيين. ويلتزم الجيش بطريقة استثنائية لدرجة تعريض حياة جنودنا للخطر من أجل إدارة حرب بعدد أقل من الضحايا المدنيين، وكلما أطلقت حماس النار وبنت مواقع وأنفاقا في المناطق المسكونة كلما أجبر الجيش على القتال هناك، ولهذا السبب يتساقط المدنيون".

واتهم منظمة "كسر الصمت" بأنها تقوم بنشر قصص في وقت حساس لا يخدم إلا دعاية العدو وحربه النفسية.

وفي واحدة من الشهادات التي نشرتها الصحيفة للملازم عمير مرمور من سلاح المدفعية والذي شارك في عملية "الرصاص المسكوب" جاء فيها: "بدأنا عملية تدريب برية تحدثنا خلالها عن القادة الذي يقودون العملية. واكتشفنا سريعا أن الفكرة ليست مجرد عملية ولكنها حرب حقيقية نزعت فيها كل القفازات".

وأضاف: "ولم تتم الإشارة للأشياء التي تعودنا على سماعها في تعليمات القيادات، مثل قواعد الاشتباك ومحاولة تجنب إيذاء الأبرياء، وخلافا لهذا فقد كان الموقف يقوم على شن الحرب".

ولفت بالقول: "بكلمات قائد فرقة تحدث إلينا يوما في الميدان.. وكنا في ليلة نجلس على الأرض حول نار المعسكر، وجاء وتحدث إلينا حول الأحداث في غزة.. من بين الأشياء التي تحدث فيها إلينا، أنه أخبرنا ما يجب علين توقعه وكيف نتصرف، وجلب معه أشخاصا سألوه عن الأخلاق والأبرياء".

وأشار في شهادته إلى أن الإجابة كانت على الأسئلة "أن الوضع في هذه الحالة هو الحرب وعلينا أن نفكر مرة ثانية وندمر كل شيء بما في ذلك  المساجد وأي تهديد نعتقد أنه حقيقي أو متخيل. ويقوم المدخل على فتح النار بدون التفكير بتداعياته. وأمام كل معوق -أي مشكلة- نفتح النار بدون طرح أسئلة حتى لو أطلقنا النار في الظلام، ونصوب على أي هدف حتى لو كان غير معروف، ونطلق النار عندما تتعذر الرؤية كمحاولة للردع".

وتابع: "إذا كانت في الطريق عربة فدمرها، وعمارة في الطريق اقصفها، كان هذا هو الوضع والذي تكرر مرارا أثناء التدريب".
التعليقات (0)