سياسة عربية

الحكومة المغربية تقدم تقريرا "ورديا" عن حرية الصحافة بالمغرب

وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي يعرض تقرير حالة حرية الإعلام في المغرب (عربي21)
وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي يعرض تقرير حالة حرية الإعلام في المغرب (عربي21)
اعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن وضع حرية الصحافة بالمغرب لسنة 2013 تعرف تقدما متصاعدا، وتواجه في ذات الوقت تحديات تقتضي تضافر مختلف الجهود لكسبها.

وأضاف الخلفي أثناء ترأسه لقاء مع الصحافة الوطنية والدولية والمهنيين في الرباط الاثنين، لتقديم التقرير السنوي الثاني حول حرية الصحافة بالمغرب لسنة 2013، أن قانون الحق في الحصول على المعلومة على وشك المصادقة عليه من طرف مجلس الحكومة، كما أن مدونة الصحافة والنشر في مرحلة صياغتها بشكل نهائي وأنها ستفتح للنقاش العمومي هذه السنة قبل عرضها بالمجلس الوزاري وإحالتها على البرلمان.

ولكن محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، يخالف هذا الرأي، وقال في تصريح لـ"عربي21" إن الإطار الدستوري وما يوفره من ضمانات للصحافة بالمغرب لم ينعكس منه أي شيء إلى اليوم على أرض الواقع. وتابع العوني حديثه أن المؤشرات التي يتحدث عنها تقرير الخلفي بعيدة عن واقع الصحافة المغربية. وأردف أن التقدم الذي تحدث عنه الخلفي نتمناه لكنه غير موجود.

وعن الصحافة الأجنبية بالمغرب ذكر التقرير الذي صبغ بلون وردي، أنه لم تسجل خلال هذه السنة أي حالة سحب الاعتماد لأي من تلك المنابر. وأشار معدو التقرير إلى أن وزارة الاتصال اعتمدت خلال العام الماضي 101 صحفيا يتوزعون على 21 جنسية، ويمثلون 61 مؤسسة إعلامية أجنبية، من ضمنهم 36 مراسلا لقنوات تلفزية و35 مراسلا لوكالات الأنباء والتصوير الصحفي و27 مراسلا لجرائد ومجلات، و3 مراسلين لإذاعات. كما أشار إلى أن قناة الجزيرة استأنفت عملها بالمغرب خلال السنة الماضية بعدما تم توقيفها في فترة الحكومة السابقة.

وبخصوص التضييق على الصحفيين، فقد سجل التقرير تراجع عدد هذه الحالات، مستندا في ذلك على المعطيات الواردة في تقرير النقابة الوطنية للصحافة المغربية لسنة 2013، والذي سجل تراجعا هاما في الحالات التي تصنف ضمن خانة التضييق على الصحفيين أثناء مزاولة عملهم، بحيث شملت عدد هذه الحالات 14 صحفيا، مقابل 20 صحفيا خلال سنة 2012. وذكر الوزير المغربي أنه بالنسبة لعدد الاعتداءات التي تم تسجيلها خلال سنة 2013 فإنها لم تتجاوز 9 حالات، مقابل 15 حالة سجلت سنة 2012.

وأشار إلى أن المغرب يشهد تنظيم 20 ألف وقفة احتجاجية كل سنة، وذكر التقرير أنها الحالات التي ما فتئ وزير الاتصال يعتبرها غير مقبولة وغير مشرفة في إطار التزام حكومي بتسهيل ظروف عمل الصحفيين.
لكن هذا لم يره العوني محمد، حيث قال إنه لا حماية للصحفيين بالمغرب حتى اليوم، وأنه لا مؤسسة حتى اليوم مكلفة أو تسهر على حماية حقوق الصحفيين بالمغرب اليوم، وذكر أن أكثر من 10 صحفيين توجد قضاياهم اليوم بيد القضاء بعدما تم طردهم تعسفيا دون أن يتناول التقرير ذلك.

كما تطرق التقرير إلى المؤشرات المتعلقة بالعنف الخطير الممارس ضد الصحفيين والتي تعتمدها المنظمات الوطنية والدولية الناشطة في مجال حماية الصحفيين، وقال إنها لم تسجل في المغرب، بحسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الصادر في سنة 2014. وتشمل تلك المؤشرات على وجه الخصوص التعذيب أو الاختطاف أو الهرب بسبب تهديدات أو لجوء الصحفيين لإجراءات خاصة لضمان سلامتهم، أو التوقف عن الأنشطة المهنية بسبب ضغوطات سياسية، أو منع الصحفيين من ممارسة مهنتهم لأسباب تتعلق بالجنس أو الأصل أو الدين، كما لم يتعرض أي صحفي للقتل أو السجن دون محاكمة.

وسجل التقرير الذي أعدته وزارة الاتصال أنه خلال سنة 2013 لم يتم تسجيل أي حالة منع أو مصادرة أي وسيلة إعلامية وطنية، كما لم يسجل خلال نفس السنة أي تدخل قد يفضي إلى الحد من استقلالية أو التأثير في الخط التحريري لأي من الصحف أو الإذاعات أو القنوات التلفزيونية.

التقرير الذي قدم 100 مؤشر للتدليل على عافية الصحافة بالمغرب، قال إن ذات السنة وفي إطار تعزيز عمل الإذاعات الخاصة، لم تصدر أية عقوبة بقطع بث محطة إذاعية. وأشار بهذا الصدد إلى أن حق منح رخص الاستغلال لمتعهدي الإعلام السمعي البصري يعود للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وأن القانون السمعي البصري المغربي لا يمنع إنشاء قنوات تلفزية أو إذاعات خاصة.

وتابع التقرير مؤشراته بالقول إنه خلال سنة 2013 لم يتعرض أي موقع إلكتروني للإغلاق بحكم قرار إداري أو لمنع الولوج بسبب إجراءات لحظر الولوج أو الإغلاق من قبل السلطات. وذكر أنه يوجد بالمغرب حوالي 500 موقع إلكتروني إخباري، مع الإشارة إلى أن الحالة الوحيدة لإغلاق موقع الكتروني إخباري هو موقع "لكم" وذكر أنها جاءت على خلفية طلب تقدم به محامي مدير الموقع إلى الوكيل العام للملك، على إثر بلاغ صادر بتاريخ 14 تشرين الثاني/ أكتوبر.

وضمن مؤشرات حرية الصحافة أيضا، توقف التقرير عند تراجع قضايا الصحافة المعروضة أمام القضاء وعدم صدور أي حكم نهائي بالسجن ضد صحفيين، حيث عرضت 98 قضية تتعلق بالصحفيين على القضاء خلال سنة 2013، في حين سجلت 106 قضية سنة 2012 و119 قضية سنة 2011. وتتوزع هذه القضايا على متابعات مثارة من قبل النيابة العامة (5)، منها الرائجة (3) وفي طور البحث (2)، في حين بلغ عدد الشكايات المقدمة أمام النيابة العامة من طرف المتضررين 47 قضية.

وتابع التقرير أن الشكايات المباشرة المقدمة إلى رئاسة المحكمة بلغت 46 قضية. ومن بين 98 قضية سجلت برسم سنة 2013، 66 قضية ما زالت رائجة، في حين تم حفظ 15 قضية. كما بلغ عدد القضايا المحكوم بها بالغرامة فقط 13 قضية خلال السنة التي يغطيها التقرير. وذكر التقرير أن أغلب القضايا المتعلقة بالصحافة التي سٌجلت سنة 2013، تمت إثارتها بموجب قانون الصحافة، كما لم يتم اللجوء نهائيا إلى القانون الجنائي في أي قضية من هذا القبيل.

وعلى مستوى مؤشر عنون بـ"تقوية شفافية قطاع الإشهار والإعلانات"، ذكر التقرير أن الاستثمارات الإشهارية في قطاعات الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون بلغت حوالي 4,32 مليار درهم خلال سنة 2013، مقابل 4,11 مليار درهم في سنة 2012، حسب التقديرات الإجمالية الأولية لوكالة "أمبيريوم" التي تهتم بقطاع الاتصال. وتتوزع هذه الاستثمارات كما يلي: 2,02 مليار درهم بالنسبة للتلفزة، و1,01 مليار درهم بالنسبة للإذاعات و1,28 مليار درهم بالنسبة للصحافة المكتوبة.

واعتبر تقرير حرية الصحافة أنه خلال سنة 2013 لم تسجل أية حالة لاستعمال المقاطعة الإشهارية كأداة للضغط على الصحف الخاصة. كما شهدت نفس السنة استمرار الحوار مع الهيئات المهنية لقطاع الإشهار بهدف تنظيمه وتطويره وتحقيق الشفافية وتكافؤ الفرص والمنافسة الحرة وإرساء آليات للضبط الذاتي لمهنة الإشهار.

كما شهدت سنة 2013، حسب ذات التقرير الرسمي، تعزيز شفافية توزيع الإعلانات الإدارية، حيث قامت وزارة الاتصال بتوزيع 7337 إعلانا إداريا على 21 جريدة بالإضافة إلى الإذاعة الوطنية، منها 17 جريدة يومية والباقي يصدر أسبوعيا.

التقرير الذي صدر في حدود 60 صفحة من الحجم المتوسط، حاول التفاعل كما ذكر وزير الاتصال مع 13 تقريرا صدر خلال سنة 2013 من طرف هيئات وطنية وأخرى دولية همت كلها حرية الصحافة بالمغرب.

وبالعودة لحديث الفاعل الحقوقي محمد العوني، فقد اعتبر أن وزارة الاتصال بإصدارها التقرير عادت لعادة "سيئة" كانت منذ مدة وتوقفت، متسائلا: "كيف يمكن لفاعل في مجال الصحافة والإعلام وهو فاعل يتحمل جزءا من مسؤولية هذا الواقع؛ أن يقوم في نفس الوقت بتقييم هذا الواقع، فكيف تكون الوزارة خصم وحكم في ذات الوقت؟
 
ولاحظ العوني أيضا أن تقرير الوزارة قام بالخلط بين إنجازات الوزارة وواقع الصحافة بالمغرب، وكان يفترض بها، حسب العوني، فصل هذا عن ذاك، "كما أن مطلب التعددية والخدمة العمومية بالإعلام العمومي كما هو متعارف عليها دوليا تعرف اختلالات بالمغرب سواء في بعدها السياسي أو الثقافي أو المدني" حسب تقدير العوني.
التعليقات (0)