مدونات

قصة صوماليلاند

صوماللاند
صوماللاند
صوماليلند، أو أرض الصومال هي منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الإفريقي، وتَعتبِر نفسها دولة مستقلة برغم عدم حوزها الاعتراف الرسمي من جانب الأمم المتحدة وأغلبية دول العالم، التي تعتبرها لا تزال تحت سيادة الصومال.

وحكومة صوماليلند تعتبر نفسها دولة خلفاً لمحمية أرض الصومال البريطانية, والتي كانت مستقلة في 26 حزيران/ يونيو من عام 1960 قبل التوحد مع الجنوب وفي 1 تموز/يوليو 1960م، تشكلت جمهورية الصومال بعد اتحاد كل من الصومال البريطاني والإيطالي.

قبيل استقلال هذه الجمهورية من جديد، وفي عام 1988 م، شرع نظام محمد سياد بري الاستبدادي العسكري الذي انقلب على جمهورية ما بعد الاستقلال، شرع في ارتكاب المجازر ضد شعب صوماليلند, وكانت تلك المجازر, من جملة المسببات التي أدت إلى الحرب الأهلية الصومالية مما أدى لانهيار البنية التحتية والاقتصاد الصومالي؛ فضلا عن تدهور وضع المؤسسة العسكري الصومالية؛ مما أدى لانهيار الحكومة المركزية. وعقب انهيار الحكومة المركزية في عام 1991 م أعلنت الحكومة المحلية بقيادة الحركة الوطنية الاستقلال عن بقية الصومال، وكان ذلك في 18 آيار/مايو من العام نفسه.

منذ ذلك الحين, أصبحت جمهورية صوماليلند تمتاز بدرجة عالية من الاستقرار والأمن مقارنة ببقية أرضي الصومال. وتحتفظ حكومة جمهورية صوماليلند بعلاقات غير رسمية مع بعض الحكومات الأجنبية التي أرسلت وفودا بروتوكولية إلى العاصمة، وفي سابقة من نوعها فتحت تركيا مؤخرا سفارة لها في العاصمة هرجيسا.

في هذه الورقة نسلط الضوء على قصة هذه الجمهورية الجديدة في القرن الإفريقي وأسباب إنفصالها عن الصومال.

جمهورية صوماليلاند

هي غير معترف بها رسميا لكنها دولة الأمر الواقع, تمارس سيادة كاملة على الحدود التي ورثتها من الإستعمار البريطاني ، ولها علم ونشيد وطني وعملة و جيش و حكومة وبرلمان وجواز سفر تتعامل معه بعض الدول الأوروبية والأفريقية.

عصر ما قبل التاريخ
 
وطأت قدم الإنسان الأول أراضي الصومال في العصر الحجري القديم، حيث ترجع النقوش والرسومات التي وجدت منقوشة على جدران الكهوف بصوماللاند إلى حوالي عام 9000 ق.م، وأشهر تلك الكهوف "مجمع لاس جيل"، والذي يقع بضواحي مدينة هرجيسا؛ حيث اكتشفت على جدرانه واحدة من أقدم النقوش الجدارية في قارة إفريقيا. كما عُثر على كتابات موجودة بأسفل كل صورة أو نقش جداري بالمجمع، إلا أن علماء الآثار لم يتمكنوا من فك رموز تلك اللغة أو الكتابات حتى الآن وخلال العصر الحجري نمت الحضارة في مدينة هرجيسا ؛ مما أدى إلى إقامة المصانع وازدهار الصناعات التي اشتهرت بها المدينة. كما وجدت أقدم الأدلة الحسية على المراسم الجنائزية بمنطقة القرن الإفريقي في المقابر التي تم العثور عليها في صوماللاند؛ والتي يرجع تاريخها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد. كما تعد الأدوات البدائية التي تم استخراجها من موقع "جليلو" الأثري.


عصر الإسلام
 
يمتد تاريخ الإسلام في القرن الإفريقي إلى اللحظات الأولى لميلاد الدين الجديد في شبه الجزيرة العربية. فاتصال المسلمين بهذه المنطقة من العالم بدأ عند الهجرة الأولى للمسلمين فراراً من الاضطهاد الديني الذي مارسته قبيلة قريش، وذلك عندما حطوا رحالهم في ميناء زيلع الموجود بشمال غرب صوماللاند الآن والذي كان تابعاً لمملكة أكسوم الحبشية في ذلك الوقت طلباً لحماية نجاشي الحبشة "أصحمة بن أبحر". أمن النجاشي المسلمين على أرواحهم وأعطاهم حرية البقاء في بلاده، فبقي منهم من بقي في شتى أنحاء القرن الإفريقي عاملاً على نشر الدين الإسلامي هناك.

الاستعمار
 
في نهاية القرن التاسع عشر وبعد أن قامت الدول الاستعمارية الأوروبية بتجزئة أفريقيا إلى مستعمرات؛ انقسمت القومية الصومالية المتمركزة في القرن الأفريقي إلى خمسة أجزاء، هي:
1-صوماللاند (شمال الصومال سابقا)، واستعمرتها بريطانيا
2-صوماليا (جنوب الصومال)، واستعمرتها إيطاليا
3-جيبوتي (جمهورية جيبوتي حاليا)، واستعمرتها فرنسا
4- إقليم شمال شرق كينيا ، وقد ألحقته السلطات البريطانية بكينيا عام 1948.
5-اقليم اوجادين التي قامت بريطانيا بإهدائها لدولة إثيوبيا.
كان مؤتمر “برلين” 1884-1885 م بداية للوجود الأجنبي الفعلي؛ ليس في القرن الإفريقي بل في سائر بقاع القارة الإفريقية، واستطاعت المملكة المتحدة أن تشمل أجزاء كبيرة من بلاد الصومال تحت حمايتها، تأمينًا للضفة الأخرى من خليج عدن، الذي كان معبرًا ازدادت أهميته الإستراتيجية عقب حفر قناة السويس.

الاستقلال
 
وقد أخذت مقاومة أهل صوماللاند أشكالا متعددة، منذ الاشتباك الأول للبريطانيين مع أهالي مدينة “بربرة”، وتوقيع المعاهدة الأولى، التي حددت نمطًا من المعاهدات والاتفاقيات، مرورًا بحركة (الدراويش) بقيادة “سيد محمد بن عبد الله حسن”، وصولًا للمطالبة السياسية النامية بتسريع إجراءات نقل السلطة للوطنيين الصوماليين عقب الحرب العالمية الثانية.

كان البدء مع قدوم قوافل الاحتلال البريطاني لجمهورية صوماللاند. وقد هاجمت قوات الاحتلال البريطاني سنة 1904 قوات الدراويش التابعة للزعيم الصومالي "سيد محمد بن عبد الله" الذي كان يلقبه البريطانيون بـ"الملا المجنون"، وأوقعت إصابات بالغة بين قواته. وقد استمر الملا في محاربة الاستعمار البريطاني للصومال حتى سنة 1920 م،عندما لجأت بريطانيا إلى الطيران لقصف مواقع الثوار، ثم جاءت وفاة الملا لتضع حدا لثورته الإسلامية.

كانت جمهورية صوماللاند أول الأراضي الصومالية التي تنال استقلالها عن الاستعمار البريطاني، حيث تم رفع أول علم صومالي في مدينة هرجيسا عاصمة صوماللاند في 26 يونيو/حزيران 1960 وبعدها بخمسة أيام أي في 1 يوليو/تموز حصل الجنوب على استقلاله عن الاستعمار الإيطالي.


الوحدة مع الجنوب
 
محاولة لتحقيق الحلم الذي كان يراود بعض أبناء صوماللاند لوحدة الأجزاء الخمسة للقومية الصومالية لتكوين جمهورية الصومال الكبرى في القرن الإفريقي ، قام بعض صانعو القرار في جمهورية صوماللاند بزيارة لإخوانهم في الجنوبى الصومالي لعرض فكرة وحدة الشطرين الشمالي والجنوبي للبلاد من أجل المواصلة لتحرير باقي أجزاء الأراضي الصومالية الكبري وتحقيق الحلم الكبير. ورغم الشروط التعجيزية التي وضعها الإخوة في الجنوب لقبول الوحدة مثل أن تكون لأهل الجنوب الرئاسة ورئاسة الوزراء, ورئاسة مجلس النواب وكذلك الحقائب المهمة في  مجلس الوزراء؛ إلا أن صانعو القرار في جمهورية صوماللاند وافقوا على كل الشروط كما هي مردّدين مقولة شهيرة في تاريخ الصومال الحديث: ”نحن هنا من أجل الوحدة بدون قيد أو شرط”، وقاموا بتسليم السلطة للإخوة في صوماليا وتنازلوا عن مناصبهم جميعا، وتم الإعلان عما كان يسمي بوحدة الشطري الجنوبي والشمالي للصومال في 1 يونيو/حزيران 1960 باسم جمهورية الصومال.

في بداية عام 1961م؛ أي بعد الاستقلال والوحدة بأقل من عام؛ زاد شعور شعب صوماللاند بأن الإخوة في الجنوب ليسوا جادين فيما يتعلق بالصومال الكبرى، وأنهم ارتكبوا خطأ كبيرا عندما سلموا دولتهم لهم. واستقال جميع ممثلي صوماللاند في مجلس النواب استقالة جماعية بعد أن اكتشفوا أن الحلم الذي كان يراودهم؛ والذي ضحوا بدولتهم وسيادتهم من أجله حلم عسير المخاض، وأن تأسيس دولة الصومال الكبرى لن يتحقق ما لم يكن هدفا لكل القومية الصومالية. وفي نفس الفترة حاول عدد من ضباط الجيش المنتمين لإقليم صوماللاند القيام بمحاولة انقلاب فاشلة كان هدفها إعادة سيادتهم.

استمر الوضع على ما كان عليه إلى أن قام الجيش بانقلاب الحكومة المدنية في عام 1969م بقيادة عميد الجيش محمد سياد بري، وهو من أبناء الجنوب. وتوقع أهالي صوماللاندأن يكون هذا التغيير استهلالة لتصحيح الوضع، وأن يكون الجيش نصرة لحقوقهم المسلوبة. ألا أن مرور الأيام والسنوات لم يصحبه تغير في الأوضاع المختلفة، وبخاصة المشاريع التنموية التي كان 90% منها يذهب للشطر الجنوبي.

في السبعينات من القرن العشرين كان الجيش الصومالي يعتبر أقوى الجيوش الأفريقية (الثالث من حيث العدد والعدّة) بعد مصر ونيجيريا وفي عام 1977 م شن الجيش الصومالي حربا على إثيوبيا وحقق انتصارا كبيرا سيطر؛ حيث خلال فترة وجيزة على كل أجزاء القوميات الصومالية التي احتلتها إثيوبيا؛ إلى أن تدخلت القوى الدولية الكبرى حينها (الإتحاد السوفيتي وبماركة أمريكية أوروبية) وطردت الجيوش الصومالية إلى الحدود المعترفة بها دوليا، ومن هنا بدأ انهيار دولة الصومال.

هنا بدأ واضحا أن فكرة الصومال الكبرى باءت بالفشل، وأن هذا الحلم الكبير لن يتحقق ما لم يكن هدفا قوميا تكافح من أجله كل القوميات الصومالية. ومن ثم إن العالم الغربي بأسره ضد فكرة توحد المناطق الصومالية ويرفضها رفضا قويا ، وفي نفس الفترة حصلت جيبوتي على استقلالها عن الاستعمار الفرنسي باسم جمهورية جيبوتي، وقرر أهلها عدم الانضمام إلى الدولة الصومالية؛ متأثرين في قرارهم بما حصل لجيرانهم صوماللاند الذين خسروا سيادتهم من أجل هدف يواجه هذا القدر من الصعوبات.

لهذه العوامل، قرر أهالي صوماللاند المطالبة بحقوهم السيادية، وفتحوا باب المفاوضات مع الجنوبيين الذين كانو يسيطرون على الحكم بواسطة المؤسسة العسكرية التي يرأسها الرئيس محمد سياد بري الذي أصبح فيما بعد واحدا من أكبر دكتاتوريي القارة السمراء. فالحكومات التي تناوبت علي الحكم (المدنية منها والعسكرية) لم يولوا إقليم صوماللاندالعناية اللازمة من احتياجاته من المشاريع التنموية التي تمت في البلاد عقب الاستقلال؛ حيث لم تحصل صوماللاندسوى على 5% فقط من المشاريع التنموية خلال هذه الفترة التي كانت قد بلغت 20 عاما. وكانت هذه النسبة متمثلة في مصنع الأسمنت في بربرة، والذي اشتغل بطاقة إنتاجية محدودة، بالإضافة إلى عدد قليل من الطرق بين المدن الرئيسية.

ولم يلق مبعوثو صوماللاند أذنا واعية، بل كان رد الحكومة في حينها البدء في مشروع هدفه تخويف وترهيب أهل صوماللاند وقام النظام بقتل وحبس العديد من القيادات العسكرية والسياسية ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات في حملة إعتقالات سياسية واسعة النطاق شملت كل من ينتمي إلى القبائل الرئيسية في صوماللاند ، وبلغ الأمر حد وضع مخطط لتهجير أو إبادة القبيلة الرئيسية في صوماللاند وهي قبيلة إسحاق التي تمثل %70 من سكان المنطقة.


الإستقلال الثاني
 
وفي شهر أبريل من عام 1981 م، اجتمع عدد من السياسيين المنتمين لصوماللاند في لندن وأسسوا حركة تحرير صوماللاند، وهي حركة سياسية عسكرية تناضل من أجل تحرير أراضيها من الديكتاتور محمد سياد بري، وإعادة السيادة لأهل صوماللاند.

واتخدت الحركة من العاصمة البريطانية لندن مقرا سياسيا لها، كما اتخذت من الأراضي الصومالية في شرق إثيوبيا مقرا عسكريا لها. وخلال أقل من سنتين بدأت الحركة في تحقيق مكاسب سياسية وانتصارات عسكرية علي نظام محمد سياد بري؛ إلى أن قامت في عام 1988م بهجومها الكاسح على النظام العسكري في المدن الرئيسية بإقليم صوماللاند في حرب استمرت قرابة العامين؛ نجحت إثرها في تحرير أراضي إقليم صوماللاند بالكامل من نظام محمد سياد بري، مما أدى إلى انهيار الحكومة المركزية في مقديشو في بداية عام 1991م.

بعد أن تمكنت الحركة من تحرير أراضيها قامت بتنظيم موْتمر في مدينة برعو، وهو المؤتمر الدي عرف باسم “مؤتمر برعو للمصالحة وتقرير المصير”؛ وذلك بمشاركة قيادات الحركة التحريرية, وزعماء وشيوخ القبائل, والسياسيين, ورجال الفكر، وممثلون من كافة شرائح المجتمع. وتم خلال هذا المؤتمر تمت مناقشة كل وجهات النظر الحاضرة في الموْتمر بصدد مستقبل الإقليم، وانتهى الاجتماع باتفاق الجميع على الإعلان عن استعادة الاستقلال وقيام جمهورية صوماللاند في 18 مايو 1991م، علي حدودها المعترف بها عام 1960 م، كما كتبت مسودة الدستور المؤقت للبلاد الذي كان من أهم بنوده عودة سيادة صوماللاند، وترك الحكم لحركة تحرير صوماللاند لفترة مدتها سنتين؛ يتم خلالها وضع الدستور، واستكمال عملية المصالحة لتشمل البلاد عموما. وتم انتخاب رئيس الحركة حينها السفير عبد الرحمن أحمد علي ليكون أول رئيس لجمهورية صوماللاند وانتخب حسن عيسي جامع نائبا له للفترة الانتقالية.

ورغم وجود بعض العقبات في الفترة الانتقالية، إلا أنها مرت بنجاح، وقامت الحركة بتسليم السلطة لمجلس الشيوخ وهو مجلس مكون من زعماء القبائل الذين يملكون صلاحيات واسعة وهيبة كبيرة داخل المجتمع، وكان ذلك في مؤتمر بورما في عام 1993م، وخلال هذا المؤتمر الذي حظي بحضور كبير من أصحاب الشأن، صدر البيان الختامي الذي أكد فيه قيادات التكوينات الاجتماعية والسياسية التمسك بسيادة جمهورية صوماللاند علي حدودها المعترف بها دوليا قبل عام 1960 وتم في هذا الموْتمر انتخاب السياسي المخضرم محمد حاجي إبراهيم عقال رئيسا والعميد عبد الرحمن شيخ علي نائبا للرئيس، كما تمت تسمية أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وعددهم 164 عضوا؛ نصفهم يمثل مجلس الشيوخ والنصف الآخر يمثل مجلس النواب. وكان أهم الأعمال الموكلة للحكومة الجديدة إنجاز المسودة النهائية للدستور الرسمي للبلاد وعرضه علي الشعب للاستفتاء, واستكمال عملية نزع السلاح من الميليشيات القبلية، وتأسيس مؤسسات أمنية وعسكرية لفرض النظام وحماية البلاد.

وفي عام 1997م، تم انتخاب الرئيس محمد حاجي إبراهيم عجال رئيسا لفترة ثانية لكي يستمر في استكمال أعمال بناء الدولة التي بدأها، وانتخب طاهر ريالي كاهن نائبا له لفترة 4 سنوات. وفي عام 2000م، أجري الاستفتاء علي الدستور الجديد للبلاد، وقام ما يزيد عن %97 من المشاركين في الاستفتاء بالتصويت لصالح الدستور؛ مما أكد أن المطالبة باستقلال صوماللاند يعد خيارا شعبيا وليس خيارا نخبويا أو عفويا.

وفي عام 2002 م توفي الرئيس محمد حاجي إبراهيم عجال أثناء رحلة علاج في جنوب أفريقيا ورغم مرارة الخبر المتمثل معنويا في وفاة رجل اعتبره شعب صوماللاند الموْسس والأب الروحي للبلد؛ إلا أن ذلك لم يعرقل مسيرة تكريس الديمقراطية في البلد الوليد. وعقب فترة قصيرة، أعلن مجلس الشيوخ برئاسة الشيخ إبراهيم شيخ مطر انتخاب نائبه طاهر ريالي كاهن؛ رئيسا للبلاد لتكملة الفترة الانتقالية، واختير عضو مجلس النواب آنذاك أحمد يوسف ياسين نائبا للرئيس في انتقال سلس ودستوري للسلطة.

في عام 2003م، أجريت أول انتخابات رئاسية في صوماللاند، تنافس فيها رئساء الأحزاب الثلاثة، وأسفرت عن فوز حزب اتحاد الأمة –أدوب – بقيادة طاهر ريالي كاهن ونائبه أحمد يوسف ياسين بفارق بسيط لا يتعدى الثمانون صوتا عن السياسي  أحمد محمد سيلاني ورغم هذا الفارق البسيط في النتيجة إلا أن جميع الأحزاب رحبت بالنتيجة المعلنة من لجنة الانتخابات.

بعد ذلك بسنتين أي في عام 2005م، حان موعد انتخاب مجلس النواب المكوّن من 82 مقعدا، والتي تنافس فيها 246 مرشحا عن الأحزاب الثلاثة. وانتهت هذه الانتخابات بفوز حزبي المعارضة بثلثي الأصوات بينما حصل الحزب الحاكم على ثلث أصوات الناخبين؛ مما أعطى أحزاب المعارضة الحق في رئاسة مجلس النواب، وانتخب عبد الرحمن عيرو من حزب العدالة رئيسا لمجلس النواب والأستاذ عبد العزيز سمالي من حزب التضامن نائبا له.

واستمرت مسيرة التقدم في البلاد رغم كل المعوقات الاقتصادية التي واجهتها في هذه الفترة، وكان أهمها مقاطعة دول الخليج للمواشي القادمة من القرن الأفريقي، والظروف الأخرى المحيطة من حروب تدور في جنوب الصومال وقراصنة البحار. ومع كل ذلك، تمكنت صوماللاند من أن تحافظ علي أمنها واستقرارها، وأن تكمل مسيرة بناء دولة حديثة تعتمد على المؤسسات المنتخبة ديمقراطيا من قبل شعبها.


وفي شهر يونيو/حزيران من عام 2010م؛ أجريت ثاني انتخابات رئاسية للبلاد  تنافس فيها الأحزاب الثلاثة، وتمكن السياسي أحمد محمد محمود سيلانيو ونائبه عبد الرحمن زيلعي من الفوز برئاسة البلاد لفترة خمسة سنوات، وتم تنصيبه رئيسا للبلاد في يوليو/تموز من نفس العام. ولأول مرة حضر حفل تنصيب الرئيس وفود رفيعة المستوى تمثل دور الجوار, بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أفريقية عديدة.


ولعل ما يثير الدهشة والاستغراب في هذا السياق هو غياب الموقف العربي كليا، وتجاهل ما يحدث في الإقليم الذي بدأ يولي وجهه شطر أطراف إقليمية ودولية غير عربية ليحقق هدفه المبتغى بالحصول على الاعتراف الدولي. بل الأدهي من ذالك هو ان يوجد دعم عربي للنظام البائد لإخماد ثورة الحرية والكرامة أنذاك.. وأرسل حينها زعيم عربي الغازات السامة للطاغية سياد بري للقضاء كليا على الشعب المنتفض ، ولكن شاء القدر أن يتصر المظلوم على الظالم!

وتمارس صوماللاند حتى اليوم مهام وسلطات الدولة المستقلة، بالرغم من غياب الاعتراف القانوني بها من قبل الأمم المتحدة، فلها علم ونشيد وطني وتأشيرة دخول ومؤسسات للحكم والإدارة. وتحاول النخبة الحاكمة بذل كل ما في وسعها للحصول على المشروعية الدولية.


من المعلوم أن جمهورية صوماللاند التي لم تحز حتى هذه اللحظة الاعتراف الدولي بها، كدولة مستقلة ذات سيادة تامة، على مساحة الأرض التي تدعي سيادتها عليها والبالغة 137600 كم2 تقريبًا، تمكّنت من تحقيق نجاح كبير في ضمان الاستقرار، وريادة في العمل السياسي الديمقراطي، وخطت خطوات كبيرة في إعادة الإعمار، وإزالة آثار الدمار الذي لحق بمدنها سابقًا، إلّا أنها تواجه تحدّيات كبيرة على عدة مستويات، يختلط فيها السياسي بالاقتصادي بالاجتماعي.


خطوات ديمقراطية
 
عقب انهيار النظام العسكري الذي كان يحكم الصومال عام 1991 م،بادر زعماء الحركة الوطنية الصومالية بقرار إعلان انفصال إقليم شمال الصومال الذي كان يضم آنذاك خمس محافظات عن بقية الصومال في نفس العام. ومنذ ذلك الحين نجحت صوماللاند في تحقيق مصالحة حقيقية بين العشائر التي تقطن الإقليم، وعملت على نشر الأمن والنظام والقانون،
في 31 أيار/مايو2001 م أقرّ أهل صوماللاند أول دستور مكتوب للجمهورية عبر استفتاء عام بنسبة 97 بالمئة من المقترعين. وينص الدستور على انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه معا في انتخابات عامة على أساس الأكثرية العددية للقواعد الانتخابية لنظام اللائحة الحزبية.
تتألف السلطة التشريعية للجمهورية من مجلسين تشريعيين؛ هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وينص الدستور على انتخاب أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 82 عضوا في انتخابات عامة حرة؛ وذلك لولاية مدتها خمس سنوات. ولا يحدد الدستور الطريقة التي ينتخب بها أعضاء مجلس الشيوخ. ومدة ولاية مجلس الشيوخ 6 سنوات.
ووفقا للدستور لا يمكن وجود أكثر من ثلاثة أحزاب سياسية في آن واحد.


مجلس النواب يتكون من الأعضاء الذين يمثلون الشعب, ويشكلون الجهة التشريعية الأولى في البلاد, ومن خلاله يتم إصدار القوانين وإقرارها والإشراف على الوضع السياسي العام. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 82 عضواً يتم انتخابهم عن طريق الانتخابات عامة حرة.
يوم 26 يونيوا 2010 جرت الإنتخابات الرئاسية للمرة الثانية في تاريخها القصيرالذي يبدأ من عام 1991 بعد استعادة استقلالها من جنوب الصومال الانتخابات وصفت بأنها كانت حرة ونزيهة، ومع فوز المعارضة يبقى أحمد سيلانيو الرئيس الرابع لجمهورية صوماللاند مما يعطيها سبقا ديمقراطيا يكاد يكون نادرا في أفريقيا.
وفي الثامن والعشرون من شهر نوفمبر عام 2012 انطلقت الإنتخابات البلدية والتي فتحت الأبواب للمعارضة وتنافس فيها سبعة أحزب ، ونجحت ثلاثة أحزاب في اجتياز شروط الأحزاب الوطنية التي نص عليها الدستور، وهم (الحزب الوطني – وطني) برئاسة رئيس البرلمان السيد عبدالرحمن عيرو ، و(حزب التضامن للتنمية – كولميي) برئاسة أحمد محمد سيلانيو، و(حزب العدالة – أعيد) برئاسة السياسي والمهندس فيصل علي حسين. وكان هذا التنافس محموماً جداً ومفعماً بالحيوية وقد عملت به كمراقب بإحدى الدوائر الإنتخابية.


التقسيم الإداري


تنقسم جمهورية صوماللاند إلى 13 إقليم ولكل إقليم عاصمة، والأقاليم هي:


إقليم سلل : وعاصمة الإقليم هي مدينة زيلع
إقليم أودل : وعاصمة الإقليم هي مدينة بورما
إقليم جيبيلي : وعاصمة الإقليم هي مدينة جيبيلي
إقليم هود : وعاصمة الإقليم هي مدينة بالي جوبادله
إقليم جارود  : وعاصمة الإقليم هي مدينة سلحله
إقليم ساحل : وعاصمة الإقليم هي مدينة بربره
إقليم أودوينه  : وعاصمة الإقليم هي مدينة أودوينه
إقليم توجضير : وعاصمة الإقليم هي مدينة بورعو
إقليم بوهود : وعاصمة الإقليم هي مدينة بوهودله
إقليم سرر : وعاصمة الإقليم هي مدينة عينابو
إقليم صول : وعاصمة الإقليم هي مدينة لاس عانود
إقليم سناج : وعاصمة الإقليم هي مدينة عيريجابو
إقليم هيلان : وعاصمة الإقليم هي مدينة ضهر


وهناك العاصمة هرجيسا، التي تمثل عاصمة جميع الأقاليم المتحدة لتكون ما يسمى بـ جمهورية صوماللاند.


إستراتيجية موقع صوماللاند


تقع صوماللاند ضمن القرن الإفريقي ولها الأهمية البالغة لشركات النفط العالمية بسبب قربها من منابع بترول الخليج، ولأنه فريب من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر شريان الحياة التجارية، ومن ثم فإن دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج، والمتوجهة إلى أوربا، والولايات المتحدة. كما أنها تُعد ممرا مهما لأي تحركات عسكرية، قادمة من أوربا، أو الولايات المتحدة، في اتجاه منطقة الخليج العربي ، ولا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع فحسب، وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة النفط والأراضي الزراعية الخصبة والثروة الحيوانية الهائلة التي يتمتع بها أهل صوماللاند.


التركيبة السكانية
 
يبلغ تعداد سكان جمهورية صوماللاند 3.5 مليون نسمة, ومعظم السكان المحليين ينتمون إلى العرق الصومالي. ومن ناحية ثانية، نجد أن 55 بالمائة من السكان من البدو الرحل أو شبه الرحل "سكان البادية", بينما يعيش 45 بالمائة من السكان في المراكز الحضارية أو المدن, والتي تشمل العاصمة هرجيسا التي يقدر عدد سكانها بحوالي مليون نسمة, ومدن أخرى مثل بورعو وبورما وبربرة وعيريجابو ولاس عانود ، ويدين %100 بالمائة من السكان الإسلام، وفق المذهب الشافعي.


الجامعات في جمهورية صوماللاند
 
يوجد في صوماللاند عدد من الجامعات بعضها معترف بها عالميا وهم:
جامعة هرجيسا (هرجيسا)
جامعة جولس (هرجيسا)
جامعة عمود (بورما)  
جامعة برعو (برعو)
جامعة أيلو الأمريكية (بورما)
جامعة القرن (هرجيسا)
جامعة تماعدي (بورما)
جامعة أدمس (هرجيسا)
جامعة نقال(لاس عانود)
جامعة سناق للعلوم والتكنولوجيا (عير قابو)
جامعة أبارسو للتكنلوجيا (هرجيسا)
جامعة عمر حاشي العالمية (هرجيسا) 
جامعة صوماللاند التقنية (هرجيسا)
جامعة بيونير (هرجيسا)
جامعة ألفا (هرجيسا)
جامعة الأمل (هرجيسا)
جامعة الجيل الجديد (هرجيسا)
جامعة كامبالا (هرجيسا)


الاقتصاد
 
الاقتصاد في صوماللاند يعتبر في مرتبة متأخرة بسبب ضعف الأدء الحكومي أولا وعدم حصولها الإعتراف الدولي بها ثانيا. والعملة الرئيسية هي الشلن الصوماليلاندي، ويتم تنظيمه من قبل البنك المركزي لصوماللاند الذي أنشئ في عام 1994م بموجب الدستور. وتعتمد صوماللاند في مواردها على ما يلي:
النظام الضريبي - التحويلات المالية - ميناء بربرة – الزراعة - الثروة الحيوانية.
وهناك ثمة تأكيدات على وجود مواد خام مثل النفط والغاز والجبس والجير والميكا وحجر الكوارتز واللجنيت والفحم والرصاص والذهب والكبريت, ومن الممكن أن تشكل هذه الثروة المعدنية مصدر دخل قومي معتبر لجمهورية صوماللاند.وقد بدا فعلا تنقيب النفط في عدة مواقع في صوماللاند


تنقيب النفط في صوماللاند


منذ بدايات العقد الماضى تم توقيع اتفاقيات التنقيب عن النفط ومنح الامتيازات المتعلّقة بذلك في صوماللاند، مع عدد من الشركات الأجنبية، أبرزها مع  شركة أوفير للطاقة ليفضي ذلك إلى الإعلان مؤخرًا عن خطة لإتمام أعمال المسح الزلزالي مع العام المقبل، وكذلك مع شركة الاستكشافات النفطية أسانتي للنفط ومقرها بريطانيا، كما تم توقيع المزيد من الاتفاقيات مع شركات كـ( برايم المحدودة للموراد البريطانية، وعلى إثر ذلك تم تأسيس شركة (بتروسوما ليترأسها الصوماللاندي محمد يوسف، وقد تم إبرام اتفاقية بين شركتي (بتروسوما المحدودة) وشركة (جاكا للموراد ومقرها أستراليا في لتشغيل القطاع 26 المعروف حاليًا بقطاع (هبر جرحجس)، وأعلنت وزراة المياه والموارد المعدنية بصوماللاند الصومال في 29/10/2012 م، عن الاتفاق مع شركة جنل للطاقة التركية برأسمال يتجاوز الملياردولار والمسجلة في لندن، لإجراء أعمال التنقيب في البلاد، وبذلك تكون الشركات العاملة وكذلك الحاصلة على تراخيص العمل في جمهورية صوماللاند ست شركات.


وفقة ختامية
 
على العرب أن يحترموا إرادة شعب صوماللاند وحقهم بتقرير مصيرهم وإلا فإن الظروف المحيطة ستدفع صوماللاند إلى البحث عن من يعترفهم ويتبادل معهم مصالح إستراتيجية والتي من الممكن ألا تخدم السياسات والمصالح العربية وما تشهده الدول العربية من خلع لثوب الاستبداد والخنوع لأنظمة الفساد حتى تستنشق هواء الحرية وترشف ماء الكرامة حتى لو كان الثمن باهظا جدا من دماء الشعب فلماذا يتم التغاضي عن إرادة شعب بأكمله في العيش بحرية وكرامة بعيدا عن المشاكل والحروب بالرغم مما عاناه وقدمه شعب صوماللاند من تضحيات كبيرة جدا من الأرواح والأموال؟!!


وتلك الغيبة الواضحة للإعلام العربي عن متابعة وتناول الوضع فى صوماللاند والتي كانت وما زالت لا تتجاوز ما يبثه هذا الإعلام من أخبار عما يحدث في جزر وبلدان بعيدة لا علاقة لنا بها ولا تساوي قدرا كبيرا في ميزان المصالح الاستراتيجية العربية بقدر ما تساوي بها صوماللاند. بالإضافة إلى جهل الكثيرين من النخبة الإعلامية بحقيقة الوضع في صوماللاند وافتقادهم القدرة على تكوين رؤية صحيحة عما يدور ومن ثم التعاطي بشكل صحيح مع ما تبثه وسائل الإعلام الأجنبية التي تصور بعضها بوجود تغلغل إسرائيلي في صوماللاند، دون تمحيص أو إدراك لأبعاد مثل هذه التصورات ، وهو ما يجعل من هذه المواد الإعلامية أداة لتأصيل الرؤية المنحازة لأعداء العرب والإسلام ، كل هذا  يدفع الكثير من الشباب الصوماللاندي لايؤيد فكرة عضوية صوماللاند مستقبلا في الجامعة العربية أو تكوين أي علاقات إستراتيجية مع العرب.
17
التعليقات (17)
هبة
الخميس، 29-04-2021 08:11 ص
كم عدد سكانها
؟؟؟؟!??
الأربعاء، 07-04-2021 04:22 م
معلومات جميله وشكراً على هذي المعلومات ??
مصطفى عبد موسى
الأحد، 01-11-2020 03:42 م
ملاحظة : جامعة تماعدى موقعها اقليم جبيلي ولا تقع في بورما وشكرا لكم
نوره عبدالرحمن
السبت، 19-05-2018 10:52 ص
جزاك الله خير يالغالي استفذنا من هالمقال صراحه
صوماللاند القلب النابض في البحر الاحمر
السبت، 14-04-2018 01:47 ص
انا افتخر اني من صوماللاند والحمد لله اننا دوله إسلامية 100 بالمائة وعليه ندعو نحن اهل صوماللاند أن يمد لنا يد العون اخواننا في الوطن العربي ودول الخليج العربي حتى نحصل على السيادة والعزه في ارضنا