ملفات وتقارير

أجهزة الأمن بغزة.. من قوة تنفيذية صغيرة إلى جيش نظامي

هنية: القوة الأمنية هي النواة الصلبة لبناء امني يمتد إلى كل الارض الفلسطينية - الاناضول
هنية: القوة الأمنية هي النواة الصلبة لبناء امني يمتد إلى كل الارض الفلسطينية - الاناضول
لم يكن أحد يتوقع أن "القوة التنفيذية" التي شكلها وزير الداخلية الفلسطيني الأسبق الشهيد سعيد صيام عام 2006 من عدة مئات من الأفراد، ستتحول إلى جيش نظامي كبير، كما ظهر خلال العرض العسكري الذي نظمته وزارة الداخلية بغزة الاثنين 13 كانون الثاني/يناير في عرض يضاهي العروض التي تنظمها الدول.

واختارت وزارة الداخلية اليوم الذي استشهد فيه وزيرها الأسبق خلال الحرب على غزة في عام 2009 لتنظيم هذا العرض العسكري بعنوان: "الفرقان .. صمود وانتصار" وذلك في الذكرى السنوية الخامسة للحرب، وكذلك استشهاد الوزير صيام.

الآلاف من الغزيين تدافعوا إلى شارع الرشيد غرب مدينة غزة وتحديدا منطقة "الكورنيش" على شاطئ بحر غزة من أجل مشاهدة هذا العرض عن قرب وهم يحملون الأعلام الفلسطينية وصور أبناء الأجهزة الأمنية الذين قضوا في الضرب الاولى للحرب والذين يزيد عددهم عن 400 شهيد".

كما حضر فعاليات هذا العرض رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية، والنائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر ووزير الداخلية والأمن الوطني بغزة فتحي حماد وعدد من نواب المجلس التشريعي والشخصيات الوطنية وقادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية والشخصيات الاعتبارية وقادة الأجهزة الأمنية.
 
مراحل التشكيل

ومر تشكيل الأجهزة الأمنية في غزة بعدة مراحل حيث كانت "القوة التنفيذية" النواة الاولى لهذه الاجهزة والتي أمر صيام بتشكيلها بعد تشكيل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الحكومة العاشرة في عمر السلطة بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية الاخيرة عام 2006، وذلك في ظل رفض الاجهزة الأمنية التي كانت قائمة انذاك وتتبع لرئاسة السلطة وحركة "فتح" تنفيذ اوامره في حفظ النظام والأمن في ظل حالة الفلتان الامني التي كانت تسود انذاك والتي استمرت حتى احداث حزيران /يونيو من العام 2007 والتي سيطرت خلالها حركة "حماس" على قطاع غزة وأنهت هذه الظاهرة وقضت على الاجهزة الامنية السابقة.

المرحلة الثانية من عمر هذه الاجهزة كانت بعد القضاء على الأجهزة السابقة وتشكيل أجهزة أمنية جديدة بعقيدة أمنية مختلفة، كان لها العديد من الإنجازات وذلك بإنهاء سلاح العشائر والعائلات وكذلك إنهاء تهريب المخدرات وسرقة السيارات وتوجيه ضربة موجهة للمتخابرين مع الاحتلال، وذلك رغم اشتداد الحصار على قطاع غزة وعدم وجود سيارات أو معدات لهذه الاجهزة.

والمرحلة الثالثة من عمر هذه الاجهزة هي بعد الحرب على غزة نهاية عام 2008 وضرب كل مقراتها الامنية وتدميرها بالكامل وقتل المئات من أفرادها وعناصرها وقادتها بمن فيهم وزير الداخلية سعيد صيام وعدد من قادة هذه الاجهزة ورغم ذلك واصلت هذه الاجهزة عملها في ضبط الوضع الامني الداخلي وكذلك حماية المواطنين.

وبعد انتهاء الحرب على غزة عادت الوزارة وقامت ببناء كافة مقراتها الامنية وشكلت المزيد من الاجهزة المختصة وكذلك الأكاديميات الامنية وكلية الشرطة لتظهر بهذه القوة.
 
العرض العسكري

وبدأ العرض بتقدم حوالي ثلاثة آلاف عنصر يمثلون كافة الأجهزة الامنية وهي: قوات الأمن الوطني، رجال الشرطة الفلسطينية، الأمن الداخلي، الأمن والحماية، الشرطة العسكرية، المرور، المباحث، مكافحة المخدرات، التدخل وحفظ النظام، الخيالة، الشرطة النسائية، الشؤون العسكرية، الضبط الميداني، وكذلك الدفاع المدني.

وشمل العرض الكبير والأول من نوعه في الأراضي الفلسطينية إطلاق نار وانفجارات حية حاكت بها قوات الأجهزة الأمنية المستعرضة قدراتها لتسعد بها أبصار من يشاهدونها من أبناء الشعب الفلسطيني، وتؤكد خلالها على مدى جهوزية وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية للتصدي لأي حدث طارئ، وذلك بحسب المسؤولين في الوزارة.

وتنوعت العروض العسكرية التي نفذتها قوات الأجهزة الأمنية كل حسب اختصاصها فبدأت قوات الأمن الوطني باستعراض "الكماز" الخاص بها من خلال تصدي جنودها لشاحنة عسكرية منطلقة بسرعة كبيرة في مشهد يحمل من القوة ما يكفي ليذهل كل من أبصره.

بينما نفذت كوادر الأمن والحماية عرضاً لبعض الحركات القتالية والعسكرية ومهارات استخدام المسدسات وحماية الشخصيات ومهارات الإنزال المصاحبة لإطلاق النار.

في حين أذهلت طواقم الإنقاذ التابعة لجهاز الدفاع المدني المتابعين للعرض من خلال عرضها لعمليات إنزال مصابين من أعلى الأبراج السكنية وإنقاذهم وإجلائهم إلى مناطق آمنة .

وتنوعت عروض "أبطال الماء والنار" من خلال محاكاة طواقم الإطفاء لقصف إسرائيلي لإحدى السيارات وعملية إنقاذ المصابين بأدواتهم وإمكانياتهم المتواضعة.

بينما استعرضت قوات الشرطة البحرية قدراتها في القبض والسيطرة على عمليات التهريب داخل البحر وملاحقة المجرمين وإلقاء القبض عليهم.
 
الاعتماد عليها

هذه العروض على الأرض بهذا النظام والتمكن وكذلك ضبط الأمن في قطاع غزة مقارنة لما كان عليه الحال قبل عام 2007 وصمود هذه الاجهزة في وجه الحروب والضربات الاسرائيلية عبر عنها رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة اسماعيل هنية خلال كلمته حينما وصفها بأنها سند للشعب الفلسطيني ويمكن أن يعتمد عليها ويستفاد من تجربتها في كل الارض الفلسطينية.

وقال: "هذه القوة الأمنية هي النواة الصلبة لبناء امني يمتد إلى كل الارض الفلسطينية، يعتمد عليها ويستفاد من تجربتها في اعادة بناء التجربة الامنية في غزة والضفة".

وأشار إلى أنه بعد سبع سنوات من الحصار وخمس سنوات من الحرب فأنهم يشهدون ميلادا جديدا لهذه القوة والإرادة والعزائم والإصرار على المضي في الطريق "طريق الحرية والاستقلال والقدس لتحريره من المحتلين". حسب قوله.

وأشار إلى ان هذه القوة انما بنيت على تراكم السنين وبعرق المقاتلين، وهي انتصار لهذه الدماء التي سالت في الحرب على غزة ومن الشهيد صيام ورفاقه في وزارة الداخلية التي تلقت الضربة الاولى خلال الحرب.

ومن جهته؛ تعهد وزير الداخلية والأمن الوطني في غزة فتحي حماد بأن الأجهزة الأمنية في الوزارة لن تتخلى عن مسؤوليتها في حماية ظهر المقاومة وتحصين الجبهة الداخلية.

وقال الوزير حماد في كلمته خلال الاستعراض:"سيظل حماية ظهر المقاومة هدفاً وطنياً سامياً يميز الداخلية وأجهزتها الأمنية".
 
البناء القوي

واستعرض حمّاد والذي عين وزيرا للداخلية عقب اغتيال صيام الانجازات الأمنية لوزارته وذلك على الرغم من تقديم الوزارة أكثر من ألف شهيد خلال وعقب الحرب على غزة، مشيرًا إلى ان ذلك يدلل على البناء القوي المتماسك لهذه الأجهزة.

وطالب منتسبي هذه الأجهزة بالجهوزية والاستعداد الدائم لمواصلة خدمة أبناء الشعب الفلسطيني وحماية ظهر المقاومة.

ونوَّه حمّاد إلى أن الداخلية حققت الوصول لعقول الناس جميعاً في قطاع غزة من خلال ترسيخ كل القدرات اللازمة لتحصين المجتمع والعمل الميداني من خلال ملاحقة العملاء والمتخابرين مع الاحتلال عبر الحملات المتنوعة.

وقال: "لقد أثبتت الداخلية مدى تلاحمها الشعبي مع المقاومة في كل الصعد حيث كانت الجبهة الداخلية في أعلى مستويات الضبط الأمني والميداني".

ولفت إلى أن الاحتلال هدف خلال حرب الحرب على غزة القضاء على الحكومة والمقاومة الوطنية والمجموعات التي أسرت الجندي جلعاد شاليط فانتصرت الحكومة وسقط الكيان. وفق قوله.

وأضاف: "بعد خمس سنوات على حرب الفرقان ظن الاحتلال خلالها أنه بضربه للمنظومة الأمنية سيكسر قوة وإرادة شعبنا في غزة وسيقتل النموذج الأمني الوطني الجديد في مهده قبل أن يكبر ويكون قادراً على مواجهة استخباراته".

وتابع: "مضت خمس سنوات على الفرقان قدمت غزة وقيادتها المقاومة وجميع أبناء شعبنا نموذجاً مميزاً من الثبات على المبادئ والحفاظ على الثوابت وسقطت على أسوارها مؤامرات الاستئصال وانتصرت على أرضها آيات الفرقان".
التعليقات (0)