ملفات وتقارير

مستقبل العلاقة بين إخوان الأردن و"زمزم"

تريد زمزم أن يتبنى الإسلاميون مشروعا وطنيا تتحدد من خلاله علاقتهم مع النظام بشكل مباشر
تريد زمزم أن يتبنى الإسلاميون مشروعا وطنيا تتحدد من خلاله علاقتهم مع النظام بشكل مباشر
أقامت الهيئة التأسيسة للمبادرة الأردنية للبناء "زمزم" حفل إشهارها رسميا، يوم السبت 5 تشرين أول/ أكتوبر، في المركز الثقافي الملكي في العاصمة الأردنية عمان، وسط حضور شعبي ورسمي.

استمدت المبادرة اسمها، من اسم المكان "فندق زمزم" الذي احتضن لقاءها التأسيسي الأول قبل أكثر من عام، والتي قام على هندستها ووضع بناءها الفكري القيادي في جماعة الإخوان المسلمين رحيل غرايبة، وفق مراقبين مهتمين بالشأن المحلي الأردني. 

وبحسب وثيقة المبادرة الأساسية، فإن طبيعة الإطار الذي يتحرك من خلاله القائمون عليها يتصف بأنه "إطار وطني جامع يعتمد منهجا سلميا علنيا، يسعى إلى تمكين المجتمع الأردني، وبناء دولته المدنية الحديثة بمرجعية قيمية إسلامية".

من جانبها، أكدت قيادات إخوانية في أوقات سابقة أن الجماعة "تتعامل مع مؤسسي (زمزم) بهدوء وبعيدا عن أي إجراءات تنظيمية عقابية"، إلا أن اللافت في الأيام الأخيرة اتخاذ المكتب التنفيذي للجماعة قرارا بإحالة ثلاثة شخصيات قيادية من مؤسسي زمزم إلى محكمة إخوانية داخلية.

القيادات المحالة إلى المحكمة الداخلية هم الدكتور رحيل غرايبة المنسق العام للمبادرة، والدكتور نبيل الكوفحي مسؤول الملف السياسي للمبادرة، والدكتور جميل الدهيسات مسؤول الملف الاجتماعي فيها.

ويتساءل مراقبون ومتابعون ما الذي حمل الجماعة على اتخاذ هذا القرار بعد شهرين من إشهار المبادرة رسميا؟ وما الذي يراه إخوان الأردن في المبادرة؟ وما هو مستقبل العلاقة بين الجماعة الأم والكيان الجديد؟ وهل من المرجح حدوث انشقاقات واسعة داخل الجماعة كنتيجة لتداعيات قرار إحالة القيادات المذكورة إلى المحكمة الداخلية؟

الزرقان: "زمزم" إطار تنظيمي خارج الجماعة 

أوضح عضو المكتب التنفيذي للجماعة أحمد الزرقان، لـ"عربي 21" أن الجماعة ترى في مبادرة زمزم إطارا تنظيميا خارج الجماعة، يخالف أدبيات الجماعة ولوائحها وأنظمتها.

وفي معرض إجابته عن سؤال حول دواعي وأسباب تحويل القيادات المؤسسة لزمزم إلى المحاكمة، أكدّ الزرقان أنه لم يتم تحويلهم على خلفية ما يطرحونه من أفكار، وإنما بسبب الإطار (التنظيمي والسياسي) الذي قاموا بتأسيسه خارج أطر الجماعة، وهو ما لايجوز في لوائح الجماعة وأعرافها، وكل من يفعل ذلك يكون مخالفا، ولو سمح به لأصبحت الجماعة جماعات. 

وكشف الزرقان النقاب عن أن المكتب التنفيذي طلب من مؤسسي المبادرة، أن يقوموا بطرحها من خلال أطر الجماعة ومؤسساتها، لكنهم رفضوا ذلك، وأبوا أن تكون الجماعة مرجعية لهم.

وهو وفقًا  للزرقان "ما دفع الجماعة إلى محاورتهم على مدار السنة الماضية بشتى أنواع الحوار، سواء من قبل أعضاء المكتب التنفيذي، أو من قبل أعضاء مجلس شورى الجماعة، عبر زيارات شخصية للدكتور ارحيل غرايبة في بيته، وغيره من مؤسسي المبادرة، لكنها باءت بالفشل أمام إصرارهم على مواقفهم". 

وعلى صعيد ما يقع في دائرة المختلف عليه بين الجماعة و"زمزم" اعتبر الزرقان أن ثمة قضايا تقع في دائرة المتفق عليه بينهما، وأن كثيرا منها يقع في دائرة المختلف فيه، كدعوتهم إلى إصلاح النظام من داخله، والاندماج فيه، وهذا ما نرفضه.

وأكدّ الزرقان على أن الخلاف فكري، ولا توجد أية أبعاد شخصية أبدا، لافتا إلى أن مؤسسي زمزم هم بضعة أشخاص من التيار الذي يسمى "بالحمائمي"، مع مخالفة غالبية من يحسبون على هذا التيار لهم ومطالبتهم بالرجوع عن مبادرتهم، رافضا في الوقت نفسه التنبؤ بنتائج المحاكمة تاركا الأمر لجهة الاختصاص في الجماعة.  

الغرايبة: لم أطرح إطارا تنظيما بديلا وإنما طرحت جملة أفكار

 من جهته أوضح المنسق العام لمبادرة زمزم الدكتور رحيل غرايبة، أنه ومن معه من مؤسسي المبادرة، يحملون فكر الإخوان ويريدون نشره بين أكبر شريحة ممكنة من الناس، ممن لا ينضوون تحت أطر حزبية أو تنظمية، حتى يكونوا عونا لهذه الأفكار، وتوسيعا لدائرة انتشارها وتفعيلها.

وأكد الدكتور غرايبة أنه لم يطرح إطارا تنظيما بديلا، وإنما طرح جملة أفكار هي محل بحث ونقاش، كمفهوم الدولة المدنية، أو مفهوم الدولة في الإسلام، والتعددية السياسية والحزبية، وحقوق المرأة، واستيعاب غير المسلمين في الدولة الإسلامية، وهي ما تمثل أفكار "زمزم".

وفي سياق رده على سؤال: ما هو الجديد الذي تبشر به مبادرة "زمزم" وليس موجودا لدى الإخوان، قال غرايبة لـ"عربي 21": "أنا لم أعلن أنني خرجت من الإخوان، ولم أخالفهم، ولم أناكفهم، ولم أنشق عنهم، حتى تسألني ما هو الجديد"، لافتا إلى أنه يتحرك من داخل الإخوان، معتبرا نفسه مفكرا إخوانيا، وأنه يسعى لتوسيع دائرة الاتصال والنشاط بأكبر قدر من الفاعلية.

الرواشدة: جوهر الخلاف طبيعة العلاقة مع نظام الحكم

بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة أن الخلاف الجوهري بين ما تطرحه زمزم وبين ما يطرحه الإخوان، هو طبيعة العلاقة بين الإسلاميين والنظام السياسي الأردني تحديدا، فزمزم ترى أن موقف الإخوان من النظام السياسي ليس واضحا تماما، ويعتمد على عوامل خارجية أكثر من اعتماده على محددات داخلية.

يتابع الرواشده حديثه لـ"عربي 21" قائلا: زمزم تقول بأن الإخوان لا يمتلكون مشروعا وطنيا، ويتحدد مشروعهم وفق حسابات خارجية، ما يعني فرض قرارات من قوى خارجية عليهم، وتحديدا من طرف حماس، ربما لا تتناسب مع الخصوصية الأردنية، بينما تريد زمزم أن يتبنى الإسلاميون مشروعا وطنيا تتحدد من خلاله علاقتهم مع النظام بشكل مباشر، دون أية تأثيرات لعوامل خارجية. 

وأشار الرواشدة إلى أن فكرة الانشقاق ولدت مع زمزم، من تاريخ الاجتماع الأول، ولم يكن الأمر إلا مسألة وقت للإعلان عن ذلك، وهو أمر مؤكد في ظل ما تطرحه زمزم بأفقها السياسي، وإطارها التنظيمي، مبديا تخوفه من مستقبل العلاقة بين الجماعة وزمزم بعد قرار المكتب التنفيذي بتحويل قيادات زمزم لمحكمة إخوانية داخلية.     
التعليقات (0)