فنون منوعة

"هنا كنعان".. جدارية تحكي 3500 سنة من تاريخ فلسطين

جزء من جدارية كنعان- نابلس
جزء من جدارية كنعان- نابلس
سيدة بملابس تاريخية تعمل في فلاحة الأرض.. ما تلبث أن تختفي ليظهر رجل ستيني يرتدي شالا تقليديا باللونين الأبيض والأسود.. تليه كلمات شعرية متناثرة تتذكر منها "أيها المارون بين الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم وانصرفوا".. مشاهد متتالية لاعتداءات ومواجهات وضحايا.. تنتهي بشاب يرتدي ذات الشال، يعتلي بقايا جدار محطم ليتجاوزه رافعاً علم يلوح في الأفق بألوانه البيضاء والحمراء والخضراء والسوداء.

هذه بعض المشاهد التي خطتها أياد 25 فنان فلسطيني يحملون اسم "مجموعة أثينا"، ليرسموا أكبر جدارية في العالم العربي، والرابعة دوليا، على جدار ملعب مدينة نابلس المعروفة بـ"جبل النار" شمالي الضفة الغربية المحتلة، والتي اختاروا لها اسم "هنا كنعان" إشارة إلى تاريخ أرض فلسطين، التي كانت تنسب إلى قبيلة الكنعانيين العربية.

وفي تصريح خاص لمراسل الأناضول تقول منسقة المجموعة، أريج ذوابي "نحن فنانون أتينا من كل أنحاء فلسطين، نحمل رسالة الحرية، لنقدمها للعالم أجمع عبر هذا العمل الفني العملاق".
وتروي الجدارية التي من المقدر أن تصل مساحتها لألف متر مربع، ولا يزال العمل عليها جاريا حتى اليوم، 3500 عاما من التاريخ الفلسطيني، عبر رسومات تصور شخصيات محورية، مثل الرئيس الراحل ياسر عرفات، والشاعر الفلسطيني المعروف محمود درويش، بالإضافة لأحداث، مثل الانتفاضتين الأولى والثانية (عامي 1987، و2000) إلى أن تنتهي بشاب فلسطيني يرفع العلم ويتجاوز جدار الفصل الإسرائيلي متجاوزا إياه، في إشارة إلى زوال الاحتلال الإسرائيلي عن أرض فلسطين.

وتضيف أريج "اخترنا جدار ملعب نابلس لمساحته الكبيرة، ولو وجدنا مكانا أكبر لرسمنا الجدارية عليه".
مجدي موشين المتحدث باسم المجموعة يوضح بدوره "هذه الجدارية التي نرسمها على جدار ملعب نابلس، تستعرض أهم المراحل في تاريخ فلسطين القديم والحديث، وعندما ينتهي العمل عليها، من المتوقع أن يبلغ طولها نحو 130 مترا، وارتفاعها قرابة 7 أمتار، لتصبخ بذلك الأضخم في العالم العربي، ورقم 4 عالميا، من حيث مساحتها".

وتعتبر الجدارية الأضخم في العالم العربي حاليا هي جدارية بابل بالعراق، والتي تصل مساحتها إلى 700 متر مربع، ومكونة من 48 لوحة، شيدت عام 1986، واستغرق إنجازها 9 أشهر، وتصور حياة البابليين في زمن نبوخذ نصر وحمورابي، لكن سرعان ما تعرضت للاعتداءات والإزالة بعد غزو العراق عام 2003.

وتضيف سلمى مصلح (27 عاما)، الفنانة الفلسطينية الشابة التي تعود أصولها إلى مدينة القدس، وأحد أعضاء مجموعة "أثينا"، أن "كل من يشارك في هذا العمل الضخم من فنانين ومعاونين، يعملون منذ شهرين، 8 ساعات يوميا، لإنهائه بأسرع وقت ممكن".

ويؤكد منسق مشروع الجدارية وائل دويكات ما ذهب إليه زملائه قائلا لمراسل الأناضول "تكلفة الجدارية من المتوقع أن تصل إلى 250 ألف شيكل إسرائيلي (70 ألف دولار تقريبا)، ولكن أنا وزملائي نعمل في هذا المشروع بأقصى جهد ممكن، حيث نعتبره واجب وطني".

ويلفت "توقف المشروع مؤخرا نحو أسبوعين بسبب قصور في التمويل، قبل أن يعود للعمل ثانية، حيث دفعنا من أموالنا الخاصة لاستكماله، وفشلت مساعينا مع الجهات الرسمية لدعمنا".
ويتمنى فنانو "مجموعة أثينا"، أن يكرروا مثل هذه الجدارية في كافة أنحاء فلسطين، وتمثيل وطنهم في الفعاليات الفنية الدولية.

وفي هذا السياق تعرب أريج ذوابي عن أنه "سيكون من دواعي فخرنا، إذا تمكننا من إنجاز عمل مماثل (للجدارية) في تركيا، كتعبير عن الاحترام والامتنان لهذه الدولة التي طالما دعمت قضية الشعب الفلسطيني"، مضيفة "إلا أننا لم نكن لنفكر مطلقا أن نرسم هذه الجدارية على جدار الفصل الإسرائيلي العنصري، لأنه يمثل أبشع أنواع الاحتلال في التاريخ البشري".

وبدأت إسرائيل بناء جدار الفصل عام 2002 وارتفاعه 8 أمتار وتقيم عليه نقاط مراقبة عسكرية مدعمة بكاميرات أمنية على مدار الساعة، وهو يمر بمسار متعرج حيث يحيط معظم أراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث يحرم أكثر من 50 ألفًا من حملة الهوية المقدسية من الإقامة في مدينة القدس عبر عزلهم في الضفة على الجانب الآخر من الجدار.
التعليقات (0)