صحافة دولية

صحف بريطانية: لغز وفاة عرفات يتكاثف والبحث مستمر عن قتلته

اغتيال عرفات
اغتيال عرفات
في تعليق الصحافة البريطانية على نتائج التحقيق الذي قام به معهد سويسري في ظروف وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قبل تسعة أعوام، قالت أن النتائج تأتي في وقت يدير فيه  الفلسطينيون والإسرائيليون جولة جديدة من المحادثات برعاية أمريكية وفي وقت تصعد فيه إسرائيل من حملتها الإستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تدعو نتائج التحقيق غير القاطعة البعض إلى القول لماذا لا ننظر أماماً بدلا من العودة للخلف. فحتى لو ثبت بما لا يدعو للشك أن عرفات مات مسموماً، فمن غير المحتمل أن نستطيع  تحديد المكان الذي جاء منه البلونيوم-210 أو من قام بدسه في  طعامه. 
 ومع ذلك تقول صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها أن ما توصل إليه الفريق السويسري لا ينفي التكهنات الكثيرة التي انتشرت حتى قبل نقل عرفات إلى باريس في عام 2004. يضاف إلى أنه تم العثور على آثار البلونيوم-210 على ملابسه الداخلية وفرشاة أسنانه والتي سلمتها سهى عرفات، أرملة الرئيس الراحل للفريق الطبي السويسري. وتظل الأدلة غير قاطعة في تحديد وفاة الزعيم الفلسطيني حسب "الغارديان" فلم يتساقط شعر عرفات، ولم تظهر على عظامه الأعراض الناتجة عن تعرض الجسم لتسمم إشعاعي حاد. كما أننا لا نعرف نتائج الفحوصات الروسية ولا الفرنسية. 
وتقول أن أصابع الإتهام موجهة إلى القوة العسكرية التي كانت تحتجزه كرهينة في المقاطعة، وكانت تسيطر على كل  شيء يدخل إليها ويخرج منها بما في ذلك الطعام والشراب.  مع أن مسؤولا بارزا في حكومة رئيس الوزراء في حينه أرييل شارون أكد العام الماضي أن إسرائيل لا علاقة لها بوفاة عرفات. مشيرة إلى أن استهداف عرفات بالسم يحتاج إلى من يقوم بتدبير وضعه، وهذا لن يتم إلا من داخل المقاطعة، وعليه فإذا كان قدر الحقيقة أن تظل مغلفة بالغموض فلماذا لا نركز على هنا والآن؟ أي محادثات السلام.
هذا النقاش قد يبدو مقنعا لكن الرأي الأخر ليس أقل إقناعا منه، فهذا الرأي يقول أنه حتى يتحقق السلام بين الشعبين فيجب أن تتوقف ثقافة القتل والإغتيالات من الجانبين. ولن تتوقف هذه الثقافة لو  وجد قتلة عرفات الحصانة من العقاب على أفعالهم التي ارتكبوها. وفي المقابل فإن سلاح الإغتيالات سيكون  أقل فعالية لو  شعر القتلة أن جريمتهم  الإغتيال تلاحقهم وتحرجهم. ومن جهة أخرى سيكون الإغتيال سلاحا فعالاً حالة شعور القاتل بأنه  سينجو من العقاب. وفي هذه الحالة سيتسخدم السم مرة ومرات عديدة. وتناقش الصحيفة اقتراح إنشاء محكمة دولية للتحقيق في وفاة الزعيم عرفات، مذكرة  بحادث إغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الأسبق الذي اغتيل عام 2005، حيث قالت إن المحكمة الدولية للتحقيق بوفاته أصدرت بعد ثلاثة أشهر من وفاة عرفات خامس اتهام ضد الجماعة المتهمة بالتخطيط للهجوم. وفي الوقت الذي ينفي حزب الله ضلوعه بالإغتيال، لكنه أكد أنه لن يقدم أي متهم للمحاكمة. وتقول الصحيفة أن المحكمة الجنائية نفسها تعرضت للإنتقاد لبطئها في عملها ومحدودية أهدافها. وإذا حدث هذا مع الحريري فماذا يمنع أن يحدث مع محكمة دولية للتحقيق في قضية عرفات.
 وبالنسبة لصحيفة "إندبندنت" فقد قالت ان مؤامرة إغتيال عرفات تتكاثف خيوطها. وأشارت إلى إن نتائج التحقيق السويسري لن تكون مفاجئة للفلسطينيين الذين لم يخالجهم الشك في أن زعيمهم مات مسموماً. وترى أن  النتائج لن تؤثر بالضرورة على محادثات السلام المتعثرة أصلاً. ومثل "الغارديان" ترى أن التحقيق السويسري وإن قدم دليلاً  على وجود مؤامرة إلا أنه لا يقدم لنا إجابة قاطعة عمن قام بالعملية والمسؤول عنها. مشيرة إلى بعض الأدلة التي عادة ما تساق في تحديد الجهة التي قامت بالإغتيال، منها الوعيد الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه أرييل شارون عندما تعهد بالتخلص من عرفات في أيلول (سبتمبر) بعد هجوم إنتحاري مزدوج نفذه فلسطينيون. ولا يزال شارون الذي عبر عن ندمه من عدم قتل عرفات أثناء الإجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 في حالة غيبوبة بعد ثماني سنوات من تعرضه لجلطة دماغية حادة، إلا أن احد كبار مساعديه وهو دوف ويسغلاس أكد  عدم تورط حكومة شارون، مشيرا إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية على طلب الفلسطينيين نقل عرفات الذي كان في حالة صحية سيئة إلى فرنسا حيث توفي هناك.
 وترى في النهاية أن التحقيق السويسري لن يكون له أثر على العملية السلمية أو المجتمع الدولي إلا في حالة قدم فيها التحقيق الفرنسي الذي فتح في آب (أغسطس) دليلاً يعطي مصداقية لكل النظريات المنتشرة  حول مقتل عرفات، بما في ذلك النظرية التي تقول أن فلسطينيين مقربين من عرفات هم من اغتالوه بناءً على طلب  إسرائيلي، عندها فستترك وفاة عرفات الغامضة عواقب وخيمة على المنطقة والمجتمع الدولي، وحتى نصل إلى هذه النقطة فستظل مهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تتعرض للعرقلة ، من التوسع الإستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية والتي تؤثر على الحياة اليومية للفلسطينيين، أكثر من اللغز المستمر حول ظروف وفاة عرفات قبل تسعة أعوام.
0
التعليقات (0)