سياسة عربية

السعودية ارتكبت سوء تقدير بمعاداة الاخوان.. فهم قوة اقليمية تمتد قوتهم على كل العالم العربي

ملك السعودية عبدالله
ملك السعودية عبدالله
كتب ولي ناصر، عميد مركز جون هوبكنز للدراسات المتقدمة مقالا  في صحيفة "نيويورك تايمز" عن التغيرات ألتي تركها الإنقلاب في مصر على طبيعة العلاقة بين دول الخليج والإخوان المسلمون. ألتغيرات التي قال إنها خطيرة وستؤثر على علاقات الحكومات والتحالفات الإقليمية لأعوام طويلة.  وأشار ولي إلى ألتحالف بين الإخوان والسعودية في أثناء الحرب الباردة ضد الناصرية، وكيف أن ألرعاية السعودية للأخوان قدمت اليها الشرعية وعززت موقعها القيادي في العالم الإسلامي ضد المزاعم الإيرانية، إضافة لتعزيز دورها في السياسة العربية. وقال ولي إن السعودية إرتكبت سوء تقدير عندما فكت إرتباطها مع الإخوان لأن هؤلاء هم قوة إقليمية تمتد أذرعهم من شمال إفريقيا الى الشرق الأوسط.  وأكد أن التهديد الحقيقي للسعودية في الأعوام القادمة سيكون من الأخوان وليس إيران. مشيرا إلى ان التنافس السعودي- الإخواني سيؤدي الى صراعات إقليمية وسيؤثر على الجهود تجاه حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والجهود المتعلقة باحتواء إيران.
وقال ناصر إن السعودية والأخوان كانوا ولسنوات طويلة "رفاق السلاح"، وشكلوا تحالفا لمواجهة الناصرية والقومية العربية في الخمسينات من القرن الماضي. وقد ظل التحالف  قائما بعد إنهيار الأيديولوجية الناصرية. واستخدم التحالف في الثمانينات من القرن الماضي للدفاع عن مزاعم القيادة السعودية للعالم الإسلامي  ضد التحدي الايراني. وفي ظل هذا  التحالف قدمت السعودية ملجأ ورعاية لأجيال من ناشطي الإخوان من كل انحاء العالم العربي. وقام مفكروا الإخوان المسلمون بشحذ  أفكارهم في السعودية وطوروا علاقات مع إسلاميين يشاركونهم في الموقف من كافة انحاء العالم الاسلامي. ويقول ولي المؤلف لعدد من الكتب منها "صعود الشيعة" أن أسامة بن لادن زعيم القاعدة تلقى مباديء الاخوان على يد أحد الاخوان السوريين الذي كان في يعملون في مدينة جدة. يضاف الى هذا فقد شارك المقاتلون من الإخوان المسلمون في الجهاد الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي بمباركة سعودية، قبل أن يواصل بعضهم طريقه للإنضمام للقاعدة فيما بعد. ويقول والي إن التحالف أسهم في إعطاء آل سعود الشرعية وأدى إلى تعزيز موقع السعودية في السياسة العربية. فقد استخدمت السعودية علاقاتها مع الإخوان المسلمون لتساعد نظام انور السادات لإنجاز التحول من الحقبة الناصرية بعد إن إعتمد السادات على الإسلاميين لمواجهة بقايا الناصرية. ويضيف والي إن تحالف السعودية مع الإخوان أسهم في إطالة عمر النظام السعودي وتوفير الحماية لها من المشايخ الرافضين للحداثة التي جلبتها الثروة النفطية، وكذا  ساعد في دوران السعودية في فلك الولايات المتحدة. فمن خلال رعايتها للإخوان المسلمون استطاعت السعودية الظهور بمظهر المنافح عن الإسلام وأن تقترب من الغرب، كما وساعدها على دعم القضايا الإسلامية وفي الوقت نفسه دعم الأنظمة العلمانية في العالم العربي مثل نظام حسني مبارك في مصر الذي حظر عمل ونشاط الإخوان. 
وقد تغير كل هذا عندما وصل الإخوان للحكم في مصر عام 2012 وانتخاب محمد مرسي كأول رئيس لمصر بعد ثورة يناير 2011. فالنظام الذي أنتج أيديولوجية تمثل الإسلام وتحاول بقدر ما تشكيل العالم العربي على صورته، أصبح يمثل بالضرورة تهديدا للسعودية مثل  التهديد الذي مثلته الناصرية لها. ويفسر والي وجه التغير بقوله أن السعودية كانت في  الماضي تقبل بالتعامل مع الإخوان طالما بقوا "الزبون" الضعيف ولكن لا يمكنها التعامل معهم كحكام على قدر المساواة. وهذا هو السبب وراء دعم الرياض الإنقلاب العسكري في تموز/ يوليو. ويقارن والي بين أيديولوجية الإخوان المسلمون التي تمزج  الإسلام بالقومية العربية وتشجب الحكم الديكتاتوري والغرب، وتعد في الوقت نفسه بدعم الشعوب وتطبيق الشريعة، والأيديولوجية التي تعبر عنها السعودية والتي تقوم هويتها على التفسير الطهوري للإسلام. وتقوم الوطنية السعودية  بهذه المثابة على  مركزية مكة والمدينة، وفي الوقت نفسه لا مكان فيها للديمقراطية الغربية. ولهذا فلم تجد بعد القبول الكافي من السعوديين بخلاف أيديولوجية الإخوان التي قد تجد من يدعمها من بين المحرومين والعاطلين عن العمل والشباب السعودي.
ويرى والي أن قرار السعوديين فك الإرتباط مع الإخوان كان يعبر عن سوء تقدير، لأن الإخوان هم قوة إقليمية. وتمتد اذرع الجماعة من شمال إفريقيا عبر الشرق الاوسط. فبتخلي السعودية عن دعم الإخوان والوقوف وراء الجيش المصري- وأي قوة تريد سحق الإخوان- فالسعوديون قد يدفعون الحركة باتجاه العنف وإلى أن تتحول الجماعة لمعارضة للملكيات مما يضع شرعية العائلة السعودية الدينية  محل تساؤل.
ويرى والى أن إيران لن تكون التحدي الأكبر للسعودية في الأعوام القادمة بل  الإخوان المسلمون. وقد يؤدي التنافس الإخواني- السعودي الى نزاعات طويلة في كل أنحاء المنطقة والتي ستؤثر على جهود  حل النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي  وعلى احتواء ايران. ويرى أن التنافس هذا قد بدأ يؤثر على الولايات المتحدة التي تتعرض لنقد من السعودية بسبب مواقفها من سورية وإيران. ويضيف والي أن خلف الغضب السعودي على واشنطن كان  تخلي الاخيرة عن  حسني مبارك ورفضها الإعتراف بالإنقلاب العسكري في مصر وقمع الإخوان. وفي نهاية مقاله يعتقد والي إن أمريكا يمكنها عمل شيء لتخفيف الضرر الذي حصل من خلال تركيز انتباهها على مصر ومشاكلها الإقتصادية لأن امريكا هي القوة الوحيدة القادرة على حشد الدعم الدولي. وفي الوقت نفسه  يجب على أمريكا إقناع حكام مصر بالتوجه نحو الديمقراطية. وهناك أمر آخر مهم وهو  الإهتمام بتونس والمغرب والاردن  حيث لا تمانع عناصر الاخوان فيها  للعمل ضمن تحالفات مع العلمانيين الديمقراطيين. ويختم بالقول إن إحداث تقدم إقتصادي في هذه البلدان يمكن ان يكون الوسيلة الوحيدة لمعالجة مخاوف  السعوديين الذين يخشون من وصول الثورات اليهم.
التعليقات (0)