قضايا وآراء

عن غزة و"الإسلاميين الذين يسيطرون على لندن وبريطانيا!"

جمال الدين طالب
برافرمان: ربما تم إقالتي لأنني تحدثت ضد استرضاء الإسلاميين، لكنني سأفعل ذلك مرة أخرى لأننا بحاجة إلى الاستيقاظ على ما نسير فيه نائمين.. الأناضول
برافرمان: ربما تم إقالتي لأنني تحدثت ضد استرضاء الإسلاميين، لكنني سأفعل ذلك مرة أخرى لأننا بحاجة إلى الاستيقاظ على ما نسير فيه نائمين.. الأناضول
في مظهر من مظاهر "الجنون" الذي أصاب أنصار الكيان الصهيوني، أثارت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان الغضب والإدانات والاتهامات لها بـ"الاستمرار في التحريض على الكراهية ضد المسلمين والترويج لمعاداة الإسلام بترويج الأكاذيب" بعد أن زعمت أن "الإسلاميين يسيطرون الآن على المملكة المتحدة" بسبب المظاهرات المليونية الحاشدة التي تنظم في العاصمة لندن بشكل خاص ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، التي تضم متظاهرين من مختلف الأعراق والأديان بينهم يهود، عكس ما تدعي برافرمان التي حاولت شيطنتها، ومنعها لما كانت وزيرة للداخلية، قبل إقالتها بسبب هجومها على شرطة لندن التي تسمح بهذه المظاهرات، واتهامها بالانحياز للفلسطينيين.

وكتبت برافرمان في صحيفة "التلغراف" اليمينية أن السياسيين "يفضلون الإيمان بوهم المجتمع الناجح متعدد الثقافات.. ويدفنون رؤوسهم في الرمال بسبب انتشار التطرف في جميع أنحاء مؤسسات البلاد".

وأشارت على وجه التحديد إلى "المظاهرات المؤيدة لفلسطين كدليل، بالإضافة إلى الادعاء بأن الجامعات لم تعد آمنة لليهود".

ومضت برافرمان، المتهمة بـ"الانتهازية والتموقع" طمعا في قيادة حزب المحافظين، في مزاعمها لتدعي أن "الحقيقة هي أن الإسلاميين والمتطرفين ومعاداة السامية هم الذين يسيطرون على بريطانيا الآن!".

وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أقال، في نوفمبر الماضي، برافرمان من منصبها كوزيرة للداخلية، إثر مقال نشرته في صحيفة "التايمز" تهجمت فيه على شرطة لندن واتهمتها بالتحيز للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.

ادعاءات كاذبة وسخيفة

وفي السياق زعمت برافرمان في مقالها في "التلغراف": "ربما تم إقالتي لأنني تحدثت ضد استرضاء الإسلاميين، لكنني سأفعل ذلك مرة أخرى لأننا بحاجة إلى الاستيقاظ على ما نسير فيه نائمين: مجتمع معزول حيث يتم إضعاف حرية التعبير والقيم البريطانية. وحيث تطبق الشريعة الإسلامية، ويسيطر الغوغاء الإسلاميون ومعاداة السامية على المجتمع"!

وهي الادعاءات التي اعتبرت "كاذبة وسخيفة!"

ومضت سويلا في مزاعمها لتقول: "لقد قاموا بتخويف حزب العمال، وتسلطوا على مؤسساتنا، والآن قاموا بترهيب بلدنا لإجباره على الخضوع".

وتأتي تصريحاتها في أعقاب خلاف في البرلمان البريطاني بشأن اقتراح يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.

أثارت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان الغضب والإدانات والاتهامات لها بـ"الاستمرار في التحريض على الكراهية ضد المسلمين والترويج لمعاداة الإسلام بترويج الأكاذيب" بعد أن زعمت أن "الإسلاميين يسيطرون الآن على المملكة المتحدة" بسبب المظاهرات المليونية الحاشدة التي تنظم في العاصمة لندن بشكل خاص ضد العدوان الإسرائيلي على غزة
وقدم الحزب الوطني الأسكتلندي، الأربعاء الماضي، اقتراحا يتضمن إدانة إسرائيل بسبب "العقاب الجماعي" الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني.

ثم سعى حزب العمال، وهو أكبر حزب معارض في البرلمان، إلى تقديم تعديل يزيل كلمات مثل "العقاب الجماعي" و"ذبح" المدنيين الأبرياء.

ومعروف أنه خلال "مناقشات يوم المعارضة"، يوم الأربعاء الماضي، عادةً ما يصوت المشرعون على الاقتراح الرئيسي أولاً، ثم يليه أي تعديلات.

ومع ذلك، قال ليندساي هويل، رئيس البرلمان (وهو من حزب العمال)، إنه سيخالف القواعد المعمول بها، وسيسمح بالتصويت على تعديل حزب العمال قبل اقتراح الحزب الوطني الأسكتلندي، في خرق واضح للقواعد، اعترف بها لاحقا وقدم اعتذاره عما قام به وسط دعوات لاستقالته وتقديم ما يقارب السبعين نائبا عريضة لسحب الثقة منه.

وأدى قرار هويل إلى غضب حزب المحافظين الحاكم والحزب الوطني الأسكتلندي، اللذين قالا :"إن هويل تعرض لتهديد قوي من قبل زعيم حزب العمال كير ستارمر، الذي ورد أنه ادعى أن النواب سيتعرضون للتهديد من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين إذا لم يسمح بالتعديل".

وقد اتهمت برافرمان في مقالها حزب العمال بـ "أخذ رئيس مجلس النواب كرهينة" من خلال "صفقة قذرة".

وادعت أن "القانون لم يتغير، والتطرف الجماعي يستعرض نفسه بفخر، والجامعات لا تزال أماكن خطرة على اليهود، وحزب العمال لا يزال فاسدًا حتى النخاع".

ترويج لمعاداة الإسلام والمسلمين

وقد أثار مقال برافرمان انتقادات شديدة واتهامات لها حتى من داخل حزبها، ومن غير المسلمين، بالترويج للإسلاموفوبيا.

وقال زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي حمزة يوسف، المتزوج من فلسطينية تدعى نادية النخلة (أصل والدها من غزة)، والتي كان والدها وزوجته (أم نادية) الأسكتلندية محاصرين في غزة قبل إجلائهم في نوفمبر، إن برافرمان هي "أسوأ السياسيين".

وأكد يوسف أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار ليست أمرًا بغيضًا أبدًا، بل إن سويلا برافرمان هي التي تثير الانقسام.

وكتب في منشور له عن برافرمان بأنها "شخصية تعمل عمدا على تأجيج نيران التوترات العرقية والدينية لأغراض خدمة ذاتية، دون أي اعتبار للضرر المجتمعي الأكبر الذي تسببه".

ووصف ما تقوم به بـ"سياسة الأرض المحروقة التي تقوم بها بالعار".

بوذية "مثيرة للجدل" ومتزوجة من صهيوني

وولدت برافرمان إلين كاسيانا فرنانديز في هارو بلندن يوم 3 أبريل/نيسان 1980، هاجر والدها كريستي فرنانديز من كينيا، ووالدتها "أوما" من موريشيوس، إلى بريطانيا في الستينيات من القرن العشرين، وكلاهما من أصل هندي.

وعمل والدها في جمعية إسكان، وكانت والدتها ممرضة ثم أصبحت ناشطة سياسية في حزب المحافظين.

في عام 2018، تزوجت سويلا من رايل برافرمان اليهودي الصهيوني، المدير بفرع مجموعة "مرسيدس بنز" الألمانية، والذي يصف نفسه بأنه "عضو فخور جدًا في الجالية اليهودية". وتم الاحتفال بالزفاف في مجلس العموم في فبراير 2018. ورايل برافرمان، المولود عام 1975 كان انتقل إلى المملكة المتحدة عندما كان مراهقًا من جنوب أفريقيا، وعاش سابقًا في إسرائيل. وقالت سويلا برافرمان لصحيفة "جويش كرونيكل" إن لديها "أفرادًا مقربين من العائلة يخدمون في جيش الدفاع الإسرائيلي". واعتبارًا من عام 2021، أنجبا طفلين: الابن جورج المولود عام 2019 والبنت غابرييلا المولودة عام 2021.

وعلى الرغم من أن والدتها هندوسية ووالدها مسيحي، فإن برافرمان تنتمي لطائفة "ترياتنا" البوذية، وقد أدت يمين الولاء كعضو في البرلمان كبوذية.

وكان عم سويلا، القس الكاثوليكي إيريس فرنانديز المقيم في دلهي بالهند، انتقدها لما كانت وزيرة للداخلية البريطانية، بسبب لهجتها المعادية للمهاجرين، وحثها على ألا تنسى أنها هي نفسها ابنة مهاجرين!

والطائفة البوذية التي تنتمي إليها سويلا مثيرة للجدل، وقد كشفت صحيفة "الأوبزرفر" أنها "تستمر في تبجيل مؤسسها على الرغم من الادعاءات الموثقة جيدًا بأنه كان له سجل سيء من الاعتداءات الجنسية المتكررة".

حين كذبتها وزراتها

والمفارقة في هذا السياق أن سويلا زعمت كذبا وهي وزيرة الداخلية في مقال نشرته في صحيفة "ميل أون صنداي" في أبريل الماضي، أن "غالبية من الرجال البريطانيين الباكستانيين (المسلمين) متورطون في عصابات الاعتداء الجنسي على الأطفال بسبب مواقفهم الثقافية التي تتعارض تماما مع القيم البريطانية".

وقد تم تكذيب الوزيرة من قبل وزارتها نفسها، التي أكدت تقاريرها "أن الجناة في الحقيقة كانوا في الغالب من البيض". وقد اضطرت الصحيفة لتصحيح مقال الوزيرة.

من جهته، ادعى النائب البارز في حزب المحافظين (حزب سويلا) لي أندرسون، أن الإسلاميين "سيطروا" على لندن وعمدة العاصمة العمالي صادق خان (المسلم من أصل باكستاني).

وقد أثار أندرسون، نائب رئيس حزب المحافظين السابق، غضب حزب العمال (الذي ينتمي له خان) وبعض المحافظين بعد أن ادعى أن خان "أعطى عاصمتنا لزملائه".

وفي رده على مزاعم سويلا قال أندرسون لقناة "جي بي نيوز" اليمينية: "لا أعتقد في الواقع أن الإسلاميين قد سيطروا على بلادنا، لكن ما أعتقده هو أنهم سيطروا على خان، وسيطروا على لندن"!

شيطنة المسيحي الذي يقود حملة التضامن مع فلسطين

والمفارقة أنه فيما تقوم الصحافة اليمينية بإبراز اتهامات سويلا وزميلها أندرسون السخيفة عن "الإسلاميين الذين سيطروا على لندن وبريطانيا"، تشن الصحافة نفسها ما بدت حملة تهجم وشيطنة ضد "بين جمال" (60 عاما)، مدير منظمة "حملة التضامن مع فلسطين" البريطانية، التي تقف وراء النشاطات والمظاهرات الحاشدة التي تشهدها لندن ومناطق أخرى من بريطانيا ضد العدوان الإسرائيلي على غزة. وأم "بين جمال" إنجليزية، ووالده قس مسيحي إنجيلي فلسطيني، وقد كانت عائلة والده من مسيحيين عرب طردوا من القدس عام 1948.

وكان عم جمال الأكبر، شبلي جمال، سكرتيراً للوفد الفلسطيني الذي جاء إلى بريطانيا عام 1921 للتفاوض مع ونستون تشرشل ـ وزير الخارجية للمستعمرات آنذاك ـ لإلغاء وعد بلفور، الذي تعهدت فيه بريطانيا بإنشاء "وطن قومي" للشعب اليهودي في فلسطين.

*كاتب جزائري مقيم في لندن
التعليقات (0)