سياسة دولية

محكمة ليبية تلغي اتفاقية بين "الدبيبة" وتركيا.. هل تؤثر على علاقة الطرفين؟

سبّب الحكم القضائي المفاجئ صدمة لدى دولة تركيا وحكومة الدبيبة- الأناضول
سبّب الحكم القضائي المفاجئ صدمة لدى دولة تركيا وحكومة الدبيبة- الأناضول
أثار الحكم القضائي الذي اتخذته محكمة طرابلس بإلغاء اتفاقية بين تركيا وحكومة الدبيبة بعض الأسئلة عن تداعيات الخطوة، وما إذا كانت ستؤثر على دعم أنقرة للدبيبة مستقبلا أو إلغاء باقي الاتفاقات له مع حليفه التركي.

وقضت محكمة استئناف طرابلس بإبطال العمل بمذكرة التفاهم بين ليبيا وتركيا للتعاون في مجال الطاقة الهيدروكربونية، التي وقعتها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة مع الجانب التركي عام 2022، ولم تذكر المحكمة في حيثيات منطوق الحكم أسباب الإلغاء.

"الاتفاقية البحرية"
وسبب الحكم القضائي المفاجئ صدمة لدى دولة تركيا وحكومة الدبيبة كونه جاء بعد زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي عقد عدة اجتماعات في العاصمة طرابلس مع الحكومة والرئاسة ومجلس الدولة، وسط تداول أنباء أن المسؤول التركي تناول مذكرات التفاهم بين البلدين، وشدد على حمايتها واستمرارها.

وكانت تركيا قد وقعت عدة اتفاقات مع حكومة الدبيبة منذ وصول الأخير للسلطة، لكن أغلبها مذكرة تفاهم مدتها عام أو أكثر قليلا، لكن أهم ما وقعته أنقرة مع ليبيا هي الاتفاقية الأمنية البحرية التي أبرمتها مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج عام 2019، التي بموجبها تم نشر قوات عسكرية تركية في غرب ليبيا، والحصول على منطقة واسعة للتنقيب عن الغاز في مياه المتوسط، ما أغضب دولتي مصر وقبرص.

اظهار أخبار متعلقة


ومنذ فترة تسعى تركيا للتقارب مع معسكر الشرق الليبي خاصة مجلس النواب؛ تخوفا من إصداره أي قرارات تلغي الاتفاقية سالفة الذكر، ما جعل مراقبين يؤكدون أن أنقرة ستكثف تواصلها مع عقيلة وحفتر، وربما تبتعد عن الدبيبة خطوات بعد إلفاء الاتفاقية النفطية عبر القضاء.

فهل يؤثر الحكم القضائي على علاقة تركيا بحكومة الدبيبة؟ وهل الخطوة قانونية أو سياسية؟

"ليست من متطلبات المرحلة"
من جهته، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، موسى فرج، أنه "من المرجح أن يكوم ما استند عليه الحكم هو كون الدبيبة يرأس حكومة مؤقتة، وكل المؤسسات التشريعية والتنفيذية في ليبيا مؤقتة، ولا يجوز لحكومته الدخول في اتفاقيات ترتب التزامات طويلة المدى على الدولة الليبية".

ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أن "الاتفاقية المبرمة مع تركيا محل الحكم القضائي ليست لازمة لمقتضيات ومتطلبات المرحلة الانتقالية، وهذا مثال لحكم الدائرة الدستورية للقانون الذي أصدره رئيس البرلمان عقيلة صالح بإنشاء محكمة دستورية، فقد ألغت الدائرة القانون كون إنشاء محكمة دستورية شأن دستوري لا قانوني وليس من متطلبات المرحلة الانتقالية"، وفق تقديره.

"طعن حكومي متوقع"
في حين قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، مجدي الشبعاني، إن "مهاجمة هذه الاتفاقية قضائيا هو أمر متوقع، لكن هذا الحكم لا يعني نهاية هذه الاتفاقية، فما زال بإمكان الحكومة أن تطعن فيها أمام دوائر القضاء الإداري بالمحكمة العليا، وهذا سيأخذ وقتا، وبالأخص لو طلب وقف تنفيذ الحكم لاعتباره حكما يتعلق بأعمال السيادة، "وهذا متوقع قانونا".

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بإمكان السفارة التركية في طرابلس أن تتابع مع الحكومة كذلك وتحفزها على الطعن، أما بخصوص اتفاقية التي أبرمت عام 2019 فقد تحصنت بمضي 60 يوما، وهو ميعاد جُعل لاستقرار المراكز القانونية، وينقصها فقط إجراء المصادقة عليها من قبل مجلس النواب، وهذا ما وعد به رئيسه "عقيلة صالح" رئيس تركيا خلال اللقاء الذي جمعهما"، وفق قوله.

وأضاف: "لا أعتقد أن عاقلا يطعن في الاتفاقية الأمنية البحرية مع تركيا كونها رسمت حدودا واسعة للدولة الليبية في أعالي البحار وفقا للاتفاقيات الدولية المعنية برسم الحدود البحرية، وهذا لا يمكن تحديده إلا بالقرارات السياسية الحاسمة، وهذا لن يكون إلا عبر رئيس منتخب عبر الصندوق"، كما رأى.

"لن يؤثر على الدعم"

عضو القوى السياسية لتجمع فزان (الجنوب)، وسام عبد الكبير، رأى من جانبه أن "القضاء الليبي حكم بالقانون ولا وجود لأي تسييس في الحكم، ورغم صدوره من محكمة طرابلس، فإنه لن يؤثر على العلاقة القوية بين حكومة الوحدة الليبية وحليفتها التركية".

وأشار إلى أن "الحكم غير متوقع للحكومة أو للجانب التركي فيما يتعلق بمذكرة التفاهم المتعلقة بمجال الطاقة الهيدرو كربونية، لكن لن يثر على مواقف تركيا في دعم الدبيبة. أما بخصوص اتفاقية حكومة السراج السابقة، فمن المستبعد جدا أن يبحث القضاء فيها كونها تم اعتمادها أمميا، وكونها اتفاقية ذات طابع سياسي، وأحدثت فارقا في إنهاء الحرب على العاصمة طرابلس، وعملت على إعادة التوازن العسكري بين طرفي النزاع في ليبيا"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".

التعليقات (0)