صحافة دولية

إلى أي مدى ستتواصل "حرب الظل" بين الولايات المتحدة وإيران؟

ما أثر الغارات الأمريكية على المسار الدبلوماسي لوقف الحرب في غزة- جيتي
ما أثر الغارات الأمريكية على المسار الدبلوماسي لوقف الحرب في غزة- جيتي
سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على ما وصفته بـ"حرب الظل" الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران، مؤكدة أنها أصبحت أكثر سخونة، في ظل تواصل الغارات الأمريكية على "محور المقاومة".

وتساءلت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21" عن المدى الزمني لتواصل هذه الحرب، وما إذا كانت واشنطن ستواجه طهران في حرب مباشرة.

 وقالت المجلة إن الغارات على أهداف الجماعات الموالية لإيران كانت محتومة بعد مقتل الجنود الأمريكيين في قاعدة بالأردن الأسبوع الماضي، وحدثت الغارات بالفعل في 3 شباط/ فبراير، وقامت مقاتلات بي-1 التي حلقت من أمريكا بضرب 85 موقعا في 7 مناطق في غرب العراق وشرق سوريا.

وكانت الطلعات متوقعة بعد المسيرة في 28 كانون الثاني/ يناير، وأطلقتها جماعة مؤيدة لإيران على موقع أمريكي في شمال شرق الأردن. وقال البنتاغون إنه استهدف الحرس الثوري الإيراني والجماعات الوكيلة له.

وبنت إيران على مدى العقود ما يسمى "محور المقاومة" الذي ضم عددا من الجماعات المسلحة وتحول إلى خطر كبير. وسجل ضحايا مع أن الصورة غامضة، وشملت الهجمات بلدة القائم على الحدود العراقية مع سوريا، وبلدة البوكمال السورية على الحدود مع العراق. ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الرد بأنه البداية.

وأشارت المجلة إلى أن إدارة بايدن ركزت في نفس الوقت على المسار الدبلوماسي، حيث بدأ وزير الخارجية أنطوني بلينكن جولته الخامسة منذ اندلاع الحرب في غزة وسيزور فيها السعودية وإسرائيل والمناطق الفلسطينية وقطر ومصر.

اظهار أخبار متعلقة


وتهدف الغارات لإظهار أن الولايات المتحدة تملك العزيمة وبدون أن تشعل حربا مباشرة. لكن هناك الكثير من مظاهر القلق، فقد اشتكى العراق من استهداف المليشيات على أراضيه وأن الغارات هي خرق لسيادته والمنطقة أصبحت على حافة الهاوية.

 ووصف مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الشرق الأوسط بـ"المرجل الذي قد ينفجر".

أكبر الغارات
وتعلق المجلة بأن هذه هي أكبر الغارات التي تشنها القوات الأمريكية ضد الحرس الثوري وحلفائه، سواء من ناحية عدد القنابل التي أسقطت أو المواقع التي ضربت. ومع أن الولايات المتحدة لم ترد حتى الآن على أكثر من 160 هجوما ضد قواتها في العراق وسوريا منذ بداية الحرب على غزة، إلا أنها ردت بعد مقتل الجنود.

وحتى الآن لم تستجب إدارة بايدن لمطالب الجمهوريين باستهداف إيران مباشرة، وهو أمر لم تفعله منذ الثمانينيات، وحتى في ذلك الوقت، فقد ضربت بارجة بحرية مواقع نفطية على الخليج. ومن خلال تسيير مقاتلاتها من قواعدها الأمريكية، فقد حرمت إيران من المبرر للانتقام من جيرانها.

وقبل الغارات ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن المقاتلات الأردنية ستشارك في الرد، ورفض المسؤولون الأمريكيون والأردنيون التعليق. ويواجه الأردن مشكلته مع الجماعات الموالية لإيران، فهي تهرب المخدرات عبر الأراضي الأردنية وتستخدم المملكة كمعبر سلاح إلى الأراضي الفلسطينية.

وفي الشهر الماضي، ضربت المقاتلات الأردنية مواقع في جنوب سوريا للحد من تهريب المخدرات. ومن الصعب تقييم الضرر من الغارات، فقد ظل الأمريكيون وعلى مدى أسبوع يطلقون التحذيرات بأن الغارات قادمة، ولم تتبق أرصدة ثمينة تابعة للحرس الجمهوري  لاستهدافها.

اظهار أخبار متعلقة


وهناك تقارير عن سحب الحرس الثوري عددا من قادته، حيث إنهم استهدفوا بغارات إسرائيلية. وفي تصريحاتهم للصحافيين، لم يتحدث المسؤولون عن ردع إيران، فقد فات أوانه، وبدلا من ذلك فقد تحدثوا عن إضعاف القدرات العسكرية لجماعاتها حتى لا تكون قادرة على ضرب المصالح الأمريكية.

ومن المشكوك فيه أن تدمر ضربة أمريكية القدرات العسكرية لجماعات إيران الوكيلة. وهم يحاولون عمل نفس الأمر  في اليمن، حيث شنوا في الأول من شباط/ فبراير غارات على مواقع تابعة للحوثيين الذين لم يتوقفوا عن ضرب السفن التجارية بالمسيرات والصواريخ أثناء عبورها البحر الأحمر.

وتقول المجلة إن محاولة ضرب الجماعات المسلحة من خلال غارات جوية قد تتحول إلى لعبة طويلة لملاحقة الخلد في جحوره. وهناك ثلاثة أسئلة حول هذه الاستراتيجية، الأول، كيف ستدير الولايات المتحدة الغارات اللاحقة؟

وطالما عبرت إيران عن أملها في إخراج الأمريكيين من العراق وسوريا باستهدافهم عبر مليشياتها. وهناك إشارات عن مخاوف النظام من جره في حرب مباشرة مع أمريكا. وأعلنت كتائب حزب الله في 30 كانون الثاني/ يناير عن تعليقها الهجمات ضد أمريكا، لكن المليشيات العراقية تتنافس فيما بينها على القوة والشعبية، وبعضها يستمع لإيران والآخر لا يستمع.

أما السؤال الثاني، فيتعلق بأثر الغارات على الدبلوماسية لوقف الحرب في غزة والإفراج عن الرهائن. ويأمل المتفاؤلون في الإدارة الأمريكية بأن تؤدي الجهود الدبلوماسية لوضع أسس الدولة الفلسطينية واعتراف سعودي بإسرائيل ومعاهدة أمنية أمريكية-سعودية تعيد تشكيل البنية الأمنية في المنطقة.

وتكشف الغارات عن استعداد أمريكي لاستخدام القوة ضد إيران في بعض الحالات، وبالنسبة لإسرائيل والسعودية وغيرهما الذين يشعرون بالتهديد من طهران، فهي لا تعبر عن خطة متماسكة وقد تعقد المفاوضات.

والسؤال الثالث والأخير، هو ما إذا كانت هذه الهجمات ستترك آثارا غير مقصودة. فالمسيرة التي ضربت القاعدة الأمريكية نظر إليها على أنها صديقة ولم يتم تفعيل الدفاعات أو دفع الجنود إلى الملاجئ. وقرب هذا الخطأ أمريكا وإيران خطوة واحدة باتجاه النزاع، ولا يريد أي منهما الحرب، إلا أن الحروب تتسم بالفوضى.

التعليقات (0)