سياسة عربية

تساؤلات بشأن خارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن

تشمل الخارطة التزام الأطراف في اليمن بتنفيذ وقف إطلاق النار- الأناضول
تشمل الخارطة التزام الأطراف في اليمن بتنفيذ وقف إطلاق النار- الأناضول
أثارت خارطة الطريق التي أعلن عنها، المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مساء السبت، أسئلة عدة حول فرص نجاحها، بالنظر إلى الطريقة التي جرى الإفصاح عنها دون أي موعد زمني لتنفيذها.

وقد لاقت الخارطة، ترحيباً مشروطاً من الحكومة اليمنية المعترف بها، حيث أكد بيان صادر عن خارجيتها أنها ترحب ببيان المبعوث الأممي، وأضافت أنها ستتعامل بإيجابية مع كافة المبادرات الهادفة لتسوية الأزمة في اليمن بالوسائل السلمية وفقا للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب اليمني.

والأحد، أعربت وزارة الخارجية السعودية، عن ترحيبها ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام في البلاد التي مزقتها الحرب.

وأكد بيان للخارجية السعودية دعم المملكة لمساعي التوصل إلى حل سياسي دائم وشامل للأزمة في اليمن. فيما لم يصدر أي بيان من جماعة الحوثي حول إعلان المبعوث الأممي الأخير.

وكان "غروندبرغ" قد كشف السبت، عن توصل الأطراف اليمنية إلى الالتزام بخطوات لوقف إطلاق النار، والبدء بعملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وتشمل خارطة الطريق وفق بيان المبعوث الأممي إلى اليمن، "التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة" (غرب البلاد).

وقال البيان: "ستنشئ خارطة الطريق أيضاً آليات للتنفيذ، وستعمد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة".

" لا تعويل عليها"
وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، ناصر الطويل، أن ما اتضح من مضمون حول خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي، غروندبرغ، وما تلاه من ردود فعل خاصة من قبل الحوثيين لا يشير إلى أن "هناك تعويلل على هذه الخطوة".

وقال الطويل في حديث خاص لـ"عربي21" إنه من الواضح أن الأطراف لا تزال تخوض نقاشا حول تفاصيل خارطة الطريق، وهذا الأمر أكثر تعقيدا ويحتاج إلى مدى زمني طويل"، مشيرا إلى أن التوقعات الشعبية حول هذه الخارطة وما كان يتم التبشير به مخيب للآمال إلى حد كبير.

وأوضح أن الأمر بحاجة إلى شهور عدة للتوافق على خارطة الطريق، وإذا لم يحدث تحول يعيدنا إلى مربع الصراع.

وتوقع الأكاديمي اليمني أن تذهب الأطراف إلى جولة جديدة من الحوار وربما يكون مباشرا بين السلطة الشرعية والحوثيين، مستدركا بالقول: "لكن، التفاصيل يكمن فيها الشيطان والطرفان يعوزهما الثقة المتبادلة وبالتالي فإنه لا يعول عليها".

اظهار أخبار متعلقة


وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء إن المرحلة القادمة ستكون مرحلة ممتدة من النقاش وسيصاحبها ضغوط وضغوط متبادلة وقد تقود إلى الانكسار والعودة إلى حالة الحرب من جديد.

"لا تشكل أرضية للسلام"

من جانبه، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث، أنور الخضري، إن خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن "تحصيل حاصل"، ولا تشكل أي أرضية للسلام، لأنها لا تعالج الصراع من جذوره.

وأضاف الخضري في حديثه لـ"عربي21": "كما أن إعلان هذه الخارطة دون إيضاح للأطراف الموافقة عليها ومدى تمثيلهم للشرعية أو للشعب اليمني يشير إلى أن هناك عدم قبول بها وأن المراد بإعلانها إحراج الأطراف بها".

وتابع متسائلا: "ماذا حققت الخارطة للشرعية والدولة ونضال اليمنيين خلال ٨ سنوات؟" فيما أجاب في الوقت ذاته بأنه "لا شيء"، وقال إن "الخارطة، لا تعدو كونها استجابة لطرف الحوثيين وتصب بنودها لصالحهم إن بشكل مباشر أو غير مباشر".

وأشار الباحث اليمني إلى أن الخارطة ولدت ميتة ولا يمكن أن يتقبلها اليمنيون، مؤكدا أن الخارطة التي نتجت عقب رحلات مكوكية ولقاءات متعددة ومؤتمرات ومباحثات ومفاوضات صرفت عليها أموال طائلة لا ترقى إلى أن تكون مقدمة للحل.

وقال الخضري إنه يبدو أن المبعوث الأممي أهمل مطالب اليمنيين التي نقلت له عبر الأحزاب والقوى الاجتماعية والمدنية وذهب يسجل نقطة نجاح على حساب مطالب اليمنيين العادلة لصالح سمعته، تماشيا مع مطالب دول بعينها ترغب في إمضاء أي حل للصراع يوفر لها الخروج من الحرب ببراءة وحصانة، على حد قوله.

"لا جديد فيها ودون إطار زمني"
من جهته، قال نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر" اليمنية، علي الفقيه، إن الخارطة المعلنة لم تتضمن أي جديد وتحمل مؤشرات أنه لا يوجد أي تقدم في المشاورات، وتضمنت نقاطا يدور الحديث عنها منذ ستة أشهر.

وتابع الفقيه في حديث لـ"عربي21" بأنها أيضا، لم تتضمن أي إطار زمني، حتى تكون قابلة للتنفيذ، ولم توزع التزامات كل طرف، فيما لم يعلن كل طرف قبوله بها، ولم يكن هناك أي لقاءات مباشرة بين الأطراف المعنية بالأزمة.

وأشار إلى أن المبعوث الأممي في بيانه "لم يتحدث عن الأطراف التي تفاوضت، إذ إنه تحدث عن لقاءات فردية"، لافتاً إلى أن اللقاءات الفردية ليست في الأماكن التي دارت فيها النقاشات، فالنقاشات دارت في مسقط والرياض وصنعاء.

وقال الصحفي اليمني إنه حتى المبعوث الأممي نفسه، لم يشارك في تلك اللقاءات، وإنما هناك محاولة لإخراجها عبره، رغم أن ذلك لا يزال متعثرا.

أما المجلس الرئاسي والحكومة التابعة له، وفقا للمتحدث ذاته، "فسيكون موقفهما في أحسن الأحوال هو التوقيع على مسودة جاهزة".

وأردف نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر المحلية قائلا: "المبعوث الأممي ذهب إلى إجازة وقبل ذهابه حاول أن يقدم للناس إحاطة إلى أين وصلت النقاشات، ذلك أن المشاورات الماراثونية التي طال انتظارها، لم تصل إلى نتيجة ولم تحقق أي خطوة للأمام".

وأكد الصحفي الفقيه أن الدبلوماسي الدولي "يريد تثبيت هذا الوضع عند هذه النقطة حتى يذهب ويعود من إجازة رأس السنة، ليبدأ من حيث توقف"، على حد قوله.

وأوضح أن هذه المساعي ارتبطت مؤخرا، بتطورات في البحر الأحمر، وما شهده من عمليات تصعيد من قبل الحوثيين ضد الملاحة البحرية.

وأضاف أن ما حدث ويحدث كفيل بإعادة الخطوات إلى نقطة الصفر، لا سيما إذا استمر التصعيد، فقد يصبح هذه الاتفاق غير مسموح له بالتقدم للأمام، خاصة أن الولايات المتحدة وهذا واضح من تحركاتها "تحرص على تأجيل أي اتفاقات حتى إيجاد حل يلزم الحوثيين بوقف التصعيد".

واندلع النزاع في اليمن في العام 2014، بعد سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. فيما تدخلت السعودية في العام التالي، على رأس تحالف عسكري دعما للسلطات الشرعية، الأمر الذي حول البلاد إلى ساحة صراع إقليمية تتداخل فيها أطراف عدة.

ويشهد اليمن هدوءا نسبيا على الرغم من انهيار اتفاق الهدنة الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، باستثناء اشتباكات وهجمات محدودة يتبادل الطرفان الاتهامات بمسؤولية كل طرف عنها.
التعليقات (0)