صحافة دولية

كاتب تركي يستعرض أبعاد دعم الولايات المتحدة للاحتلال في الإبادة الجماعية بغزة

فلسطينيون في غزة يحملون شهداء سقطوا بقصف الاحتلال- جيتي
فلسطينيون في غزة يحملون شهداء سقطوا بقصف الاحتلال- جيتي
سلط الكاتب التركي، قاسم إليري، الضوء على الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة، في دعم الاحتلال والموقف من العدوان على قطاع غزة.

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الدعم الأمريكي لأمن إسرائيل بلا قيد أو شرط، وسيطرة اللوبي اليهودي على السياسة الأمريكية، معروف لدى الأكاديميين ووسائل الإعلام. ومن غير المستغرب أن يدعم السياسيون الأمريكيون، وإن كانوا لا يرغبون كثيرًا في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته الصهيونية المتطرفة، الإبادة الجماعية التي ارتكبها في غزة حتى النهاية.

وأشار الكاتب إلى أنه من المثير للاهتمام في هذه المرحلة أن يختفي الاختلاف الواضح بين الديمقراطيين والجمهوريين فيما يتعلق بالدعم المقدم لإسرائيل في واشنطن. لذلك، من الضروريّ دراسة الدعم الذي تقدّمه الإدارة الأمريكية لإسرائيل والدعم الذي يقدمه السياسيون الأمريكيون للإبادة الجماعية في غزة في بُعدين.

وذكر الكاتب أن دخول كتائب القسام المناطق المحتلة، من شمال غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر وسيطرتها على مساحة أكبر من قطاع غزة واحتجازها مئات الأشخاص أسرى، بمن فيهم ضباط إسرائيليون، مثّل صدمة كبيرة لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء.

وتعبيرا عن دعمهم، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن وقائد القيادة المركزية الجنرال إريك كوريلا زيارة للاحتلال.

في غضون فترة قصيرة من الزمن، قدّمت الولايات المتحدة ما يقارب 10 طائرات محمّلة بالذخيرة لإسرائيل ورست حاملة الطائرات يو إس إس فورد قبالة الساحل الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط، وأُرسلت قوات برية قتالية إلى المنطقة. وهكذا حاصر الجيش الأمريكي المنطقة في رسالة واضحة إلى القوى الأخرى بعدم التدخّل في النزاع بأي شكل من الأشكال.

وأشار الكاتب إلى أن هناك بعض الحسابات الاستراتيجية وراء رد الفعل السريع للولايات المتحدة، أهمها ضمان أمن إسرائيل وتفوّقها النوعي في المنطقة. فالحفاظ على قوّة إسرائيل يمنح الولايات المتحدة والغرب ميزة نفسية على المجتمعات العربية، بينما تفتح أيضًا مجالًا جيوسياسيًا في المنطقة.

وأوضح أن عملية طوفان الأقصى عرّضت الحسابات الأمريكية في المنطقة للخطر، لأن التفوق النوعي لإسرائيل كان موضع خلاف مع هذه الغارة، وتم كسر التصور بأن الآلية الأمنية الإسرائيلية لا يمكن اختراقها ولا تقهر. لذلك، لم تكن طوفان الأقصى عملية احتجزت فيها حماس مئات الأشخاص كرهائن وقتلت مئات الإسرائيليين فحسب، بل كانت أيضًا حدثًا من شأنه أن يغير العديد من الديناميكيات في المنطقة ويؤدي إلى بعض المحفزات غير المتوقعة.

زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن دول المنطقة عدة مرات لمنع تشكيل تحالف خارج سيطرة واشنطن. وبالحكم على النتائج غير الحاسمة للقمة المشتركة بين منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، يبدو أن الولايات المتحدة قد نجحت في ذلك.

وأشار الكاتب إلى أن البعد الآخر المهم لهذه الزيارات هو أن الخبراء الأمريكيين يقارنون إلى حد كبير محاولة الغزو الإسرائيلية لغزة باجتياح لبنان في سنة 1982 ويعبّرون عن رأي مفاده أن استمرار الحرب لفترة طويلة سيكون على حساب إسرائيل.

بينما تفسّر الحسابات الاستراتيجية الخطوات العسكرية والدبلوماسية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بشأن عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر والهجمات الإسرائيلية في غزة، هناك بعد آخر لهذه القضية في السياسة الداخلية الأمريكية وهو الانتخابات الرئاسية الأمريكية وانتخابات الكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

اظهار أخبار متعلقة



في انتخابات 2020، لم تتم مناقشة السياسة الخارجية تقريبا، لكن السياسة الخارجية وغزة تركتا بصمتهما على الاستعدادات للانتخابات التمهيدية لسنة 2024. في الولايات المتحدة، يعد عدم دعم إسرائيل استثناءً كبيرًا يشمل سياسيين على غرار إلهان عمر في الحزب الديمقراطي وعددا قليل من الليبراليين. مع ذلك، كان هناك اختلاف طفيف بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأن شروط دعم إسرائيل. وقد جادل الديمقراطيون بأن حل الدولتين هو الشرط، وأن الولايات المتحدة يجب أن تضمن أمن إسرائيل، بينما لا يميل الجمهوريون إلى فكرة دولة فلسطينية مستقلة ومزدهرة.

وأشار الكاتب إلى أن عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر ألغت هذا الاختلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة حتى الآن حيث يعرب السياسيون من كلا الحزبين عن آرائهم لصالح دعم الاحتلال دون قيد أو شرط. وعند تمرير مساعدة بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل ضمن حزمة تمويل خارجية عسكرية بقيمة 105 مليارات دولار، رفض الكونغرس تقديم مساعدات لأوكرانيا ودول المحيط الهادئ بينما وافق فقط على الـ 14 مليار دولار المطلوبة لإسرائيل.

كما أرسل 26 سناتورًا رسالة إلى بايدن يطلبون منه معلومات إضافية حول استراتيجية إسرائيل لهزيمة حماس واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين في غزة، لكن الرسالة لم تتضمن أي رد فعل على المجازر المستمرة بحق المدنيين التي ترتكبها إسرائيل. يمكن تفسير الوضع الحالي في الكونغرس بالضغط الذي يمارسه اللوبي اليهودي في الانتخابات الأمريكية. يتم تمويل الانتخابات الأمريكية بالكامل بالتبرعات، وقد أصبحت هيمنة اللوبي اليهودي على السياسة عبر الحملات الانتخابية حقيقة معروفة تناولتها الكتب والأطروحات العلمية.

ولا يقتصر اللوبي اليهودي على شراء ذمم السياسيين من خلال تمويل حملاتهم الانتخابية فقط، بل في بعض الحالات بدعم سياسيين أضعف وأقل احتمالًا للفوز مما يؤثر على مواقف أعضاء الكونغرس الحاليين. يوفر هذا التوزيع الاستراتيجي للموارد المرونة للجهات الفاعلة الداعمة لإسرائيل، كما يجعل اللوبي اليهودي لاعبًا مهمًا في السياسة الأمريكية.

وأوضح الكاتب أن الولايات المتحدة تدعم المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة على المستويين العسكري والدبلوماسي. وعلى الرغم من أنها حولت محورها استراتيجيا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بموقعها في كسر اللعبة في الشرق الأوسط ولن تسمح للديناميكيات بالتغيير. ومع أن بايدن يعتقد أن إعطاء شيك مفتوح لإسرائيل يخدم مصلحة الأمن القومي لبلاده، إلا أن هذا الموقف ضد الجهات الفاعلة الأخرى في العالم متعدد الأقطاب، وخاصة في الجنوب العالمي، سيكون له تكاليف باهظة على المدى المتوسط والبعيد.
التعليقات (0)