صحافة دولية

صحيفة فرنسية: هذه أبرز السيناريوهات لغزة "دون حماس" بعد انتهاء الحرب

يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة لليوم الـ33 على التوالي- الأناضول
يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة لليوم الـ33 على التوالي- الأناضول
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن بعد المسافة التي تفصل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي عن تحقيق هدفهم، المتمثل في القضاء على حركة حماس، والسيناريوهات المتوقعة لحقبة ما بعد حماس في قطاع غزة.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن  الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين والعرب يحاولون جنبا إلى جنب مع السلطات الإسرائيلية والفلسطينية تصور مستقبل غزة.

وأضافت الصحيفة أنه في نهاية هجومها العسكري في القطاع الفلسطيني، تريد إسرائيل إنشاء "واقع أمني جديد" وتولي "طرف ثالث" المسؤولية. في يوم السبت في الأردن، أقر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزراء خارجية الدول العربية الرئيسية المشاركة في الصراع بأن عودة الوضع إلى ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أمر مستحيل.

"السلطة الفلسطينية تستعيد السيطرة على قطاع غزة"
وأشار التقرير إلى أن  محمود عباس الذي تبنى موقف متحفظ منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وبدء الحرب الإسرائيلية على حماس، ينتظر بفارغ الصبر موعد العودة الكبرى إلى قطاع غزة. وقد كشف عباس الأحد، في رام الله، عن جزء من لعبته أمام وزير الخارجية الأميركي  قائلا: "قطاع غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل المسؤولية كاملة في إطار الحل السياسي الشامل للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة".

ونوهت الصحيفة إلى تجاهل عباس حقيقة نشوب صراعات بين حماس وفتح في السنوات الست عشرة الماضية والإطاحة بحركة فتح، وإخراج السلطة الفلسطينية من قطاع غزة عام 2007 على يد الحركة الإسلامية.

وأوضحت أنه رغم كون الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة غير كاف، فإنه ضروري ومضمون. وقد دافع بلينكن مرة أخرى عن فرضية السلطة الفلسطينية الأربعاء الماضي أمام مجلس الشيوخ في واشنطن، موضحا أنه "سيكون من المنطقي وجود  سلطة فلسطينية هناك لضمان الحكم ونشر الأمن في غزة".

اظهار أخبار متعلقة


وذكر تقرير الصحيفة أن السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر، ليست "فعالة ونشطة" وتعتبر حكومة مجردة في الضفة الغربية بعد ضعفها وخضوعها لإسرائيل، وتتقلد مسؤولية فقط عدد من المدن وهي جنين ونابلس وأريحا ورام الله وبيت لحم وجزء من الخليل. في المقابل، يتولى الجيش الإسرائيلي السلطة في بقية الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ سنة 1967.

ونقلت الصحيفة عن السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي أن السلطة الفلسطينية وحدها هي التي تملك الشرعية للحكم في قطاع غزة، حيث قال: "هذا لا يمكن أن يتم إلا بعد الانتخابات"، موضحا أن كلا من حماس وفتح غير قادرتين على الحصول على أغلبية في حال إجراء انتخابات، العامل الذي يستوجب تشكيل الائتلاف. في حال حدوث هذا يُستبعد محمود عباس من اللعبة نظرا لغضب الفلسطينيين منه بسبب تمسكه باتفاق أوسلو الفاشل. وفي حال ظهور وجوه جديدة، سيكون محمد دحلان المتواجد حاليا في المنفى في الإمارات العربية المتحدة، ويعرف بموقفه المعارض لحماس على رأس القائمة.

وأضاف البرغوثي ردا على سؤال حول إذا ما كان الاحتلال سيوافق على تسليم مستقبل الأراضي الفلسطينية لمصير صناديق الاقتراع في حقق هدفه وهو تدمير حماس، أن في هذا الصدد يوجد اتجاهان متعارضان داخل حكومة الطوارئ التي شكلت لإدارة شؤون الحرب.

وذكر أنه من جهة، فهناك المعتدلون المؤيدين للحوار مع السلطة الفلسطينية من بينهم غادي آيزنكوت وخاصة بيني غانتس. ومن جهة أخرى يوجد الفرع الصلب، الذي يمثل فئة من السكان، وزعيمها هو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يريد الضم الكامل للضفة الغربية، هو معارض شرس للسلطة الفلسطينية. وقد أوقف الأسبوع الماضي في انتهاك صارخ لاتفاقات أوسلو تحويل عائدات الضرائب على الواردات التي تناهز 150 مليون دولار ضرورية لبقاء المؤسسة الفلسطينية.

نشر قوة متعددة الجنسيات
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من نفي الولايات المتحدة وجود خطط أو نوايا لإرسال قوات إلى قطاع غزة، إلا أن مصادر أمريكية رسمية تحدثت عن محادثات لإنشاء قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات لهذا الأمر.

ونقل تقرير الصحيفة عن مصدر دبلوماسي في باريس قوله:" لقد تم الاتصال بفرنسا، لكنها تعتبر أنه من السابق لأوانه إثارة هذا الموضوع"، موضحا أن خيار عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة يبدو الأكثر قبولا.

وعلى خطى فرنسا لم تبد أي دولة أخرى حتى الوقت الراهن استعدادها لنشر قوة دولية، بحسب الصحيفة.

ونوهت إلى أنه بعد انسحابه الفوضوي من أفغانستان سنة  2021، وانسحابه من العراق قبل بضع سنوات والذكرى المريرة للهجمات التي أسفرت عن مقتل 241 جنديا أمريكيا في لبنان سنة 1983، لا يريد جو بايدن إدخال جنود بريين في غزة قبل سنة واحدة من الانتخابات الأمريكية.

اظهار أخبار متعلقة


من جانبه، يقول جندي فرنسي: "إن الاختفاء التام لحماس سيخلق فراغا مؤسسيا وفوضى معينة. لن تكون هناك بعد ذلك سلطة لضمان صلاحيات الإدارة والشرطة والعدالة والمساعدة الاجتماعية وتنسيق النشاط الاقتصادي. وعليه، سيتعين إعادة بناء المساكن والمدارس وتوفير الخدمات العامة"، بحسب ما أورد التقرير.

البديل الأمني والحكومي في أيدي الدول العربية
نقلت الصحيفة عن دينيس روس المفاوض السابق لملف الشرق الأوسط ومستشار البيت الأبيض، قوله إنه بمجرد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، سيعمل اتحاد مكون من خمس دول عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل؛ مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين على ضمان الأمن في قطاع غزة.

عند تحقق هذا السيناريو، وفقا للتقرير، ستلعب مصر التي أدارت قطاع غزة بين عامي 1948 و1967 دورا مركزيا. بخصوص هذا يقول كبير الباحثين بمعهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش: "منذ عام 1979، تولى الدبلوماسية المصرية أهمية لتجنب التورط في غزة".

وأضاف دينيس روس في حديثه للصحيفة الفرنسية: "إذا تم نزع سلاح حماس، سيمهد ذلك الطريق نحو إنشاء إدارة مؤقتة تحت سلطة حكومة تكنوقراط ستعمل تحت مظلة إقليمية أو دولية".

بينما يقول أحد الدبلوماسيين في الشرق الأوسط إن الحل الآخر يكمن في الجمع بين القوى العربية والسلطة الفلسطينية، بتمويل من المملكة العربية السعودية، وفقا للتقرير.

إشراف مؤقت من قبل الأمم المتحدة
وذكر التقرير أ من ضمن التصورات أيضا إرسال قوة لحفظ السلام بموافقة الأمم المتحدة، على أساس نموذج قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. ومع ذلك لم تطلق الأمم المتحدة مناقشة حول إنشاء مثل هذه القوة، الأمر الذي يتطلب موافقة الدول الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن.

لكن، بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهتها إسرائيل للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي أعلن أن هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لم يأت من فراغ بل نتيجة ستة وخمسين عاما من الاحتلال من الصعب موافقة إسرائيل على نشر قوات حفظ السلام في قطاع غزة، بحسب الصحيفة.

ونقل التقرير عن حسين إبيش قوله: "من المؤكد أن الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها لن تكون على استعداد لتحمل المسؤولية عن مراقبة أنقاض غزة ورعاية أكثر من مليوني فلسطيني من الفقراء والنازحين في منطقة تحولت إلى أنقاض".

بدوره رأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط آرون ميلر أنه في حال نجاح الإسرائيليين في سحق حماس فسيكون من الصعب إقامة هيكل حكومي شرعي وفعال. وبحسب الجندي الفرنسي على عكس ما ترغب به إسرائيل لن ينضم أي طرف ثالث إلى غزة لإعادة البناء ومحاربة التمرد الذي سيستمر ضد القوات الإسرائيلية، حتى في حال إنشاء منطقة أمنية في شمال قطاع غزة، بحسب ما أورد تقرير الصحيفة الفرنسية.

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن الترويج لمرحلة ما بعد حماس في غزة مهمة أكثر صعوبة من القضاء على الحركة.

التعليقات (1)