ملفات وتقارير

لماذا تباينت مواقف الممثلين المصريين من حرب غزة؟.. "حضر الرز وغابت التعليمات"

كان لبيومي فؤاد النصيب الأكبر من الهجوم بعد انتقادة عدم مشاركة محمد سلام بموسم الرياض- اكس
كان لبيومي فؤاد النصيب الأكبر من الهجوم بعد انتقادة عدم مشاركة محمد سلام بموسم الرياض- اكس
في الوقت الذي تنتاب الشارع المصري فيه حالة من الغضب والحزن لما يجري من اعتداء إسرائيلي على أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة منذ شهر  كامل، فإن حالة من السخط الشعبي تسود على فنانين مصريين لم يعلنوا تعاطفهم أو دعمهم للقضية الإنسانية.

واستدعى ناشطون مقطع فيديو قديم يظهر فيه عشرات كبار الأسماء من الممثلين المصريين المشهورين والشباب يعلنون دعمهم لغزة وأطفال غزة إبان جرائم الاعتداء الإسرائيلي على القطاع عام 2008، مطالبين المصريين بالتعاطف مع الشعب الفلسطيني.



ذلك المقطع أثار العديد من علامات الاستفهام حول تباين مواقف الفنانين المصريين من الحرب الجارية الآن في غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأودت بحياة أكثر من 10 آلاف فلسطيني جلهم أطفال ونساء.

ورغم أن نقابة المهن التمثيلية قد عقدت مؤتمرا بإحدى قاعاتها يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حضره عدد كبير من الفنانين، لرفض توطين الفلسطينيين في سيناء، وإعلان دعمهم لقطاع غزة، إلا أنه وفق رصد "عربي21"، لمواقف العديد من الفنانين، فقد بدا مثيرا للجدل عدم إجماعهم على موقف واحد من الأزمة.

اظهار أخبار متعلقة


وبينما أعلن البعض تأييده لقضية غزة ورفضه لجرائم الاحتلال (عدد قليل) وبينهم الفنانون محمد سلام، وأحمد مكي، ومحمد رمضان، وريهام عبدالغفور، يقف البعض الآخر وبشكل كامل وبينهم أسماء كبيرة من الفنانين والفنانات، صامتا، رغم فداحة الوضع ورغم أدوارهم السياسية السابقة في دعم رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي.









فريق ثالث من الفنانين كان الأكثر إثارة للجدل حيث أنه انتقد بعض من أعلنوا تعاطفا مع غزة، وهو ما بدا واضحا عبر انتقاد الممثل بيومي فؤاد من فوق مسرح موسم الرياض بالعاصمة السعودية، زميله محمد سلام الذي رفض المشاركة بالعرض المسرحي بالمملكة حفاظا على مشاعر أهل فلسطين.



فريق رابع، أعلن تضامنه مع غزة، مثل الممثل محمد هنيدي، وممثل مسرح مصر محمد أنور، ثم شارك في موسم الرياض، ما عرضهم للانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعدم مراعاتهم مشاعر الفلسطينيين.





بل إن بعض القريبين من المجال الفني والإعلامي بدوا متبنين وجهة النظر الإسرائيلية، محملين حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، المسؤولية عن الأحداث، بل ذهبت المذيعة هالة سرحان، لترويج دعاية الاحتلال حول هروب قادة حماس وتركهم أهل غزة وحدهم للقصف.



ودارت العديد من السجالات بين بعض الممثلين والإعلاميين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها انتقاد المخرجة كاملة أبوذكري للممثل بيومي فؤاد، ولوم الممثلة عفاف مصطفى له لانتقاد موقف زميله محمد سلام الإنساني تجاه غزة.





وعلى الجانب الآخر، بدا واضحا دفاع الإعلامي عمرو أديب عبر فضائية "إم بي سي مصر"، التابعة للسعودية عن الممثل بيومي فؤاد، ما اعتبره متابعون موقفا مدافعا عن "الرز"، أو أموال موسم الرياض، الذي يدشنه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، بالتزامن مع الحرب ضد غزة.



"قائمة العار"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشر متابعون قائمة بأسماء الممثلين والمطربين الذين شاركوا في موسم الرياض بالتزامن مع قصف أهالي غزة، وبينها محمد أنور، الذي حل محل الفنان محمد سلام في عرض مسرحية "زواج اصطناعي" بموسم الرياض.

وأضافوا أسماء: كريم عبدالعزيز، وأحمد حلمي، ومحمد هنيدي، ومحمد سعد، وأحمد عز، وأشرف عبدالباقي، وعمرو يوسف، وحسن الرداد، ومحمد حماقي، ويسرا، ونانسي عجرم، وأصالة.

وأيضا: هاني شاكر، وهشام عباس، وحميد الشاعري، وإيهاب توفيق، وسيمون، الذين شاركوا بمهرجان الفن الجميل بأبوظبي، السبت الماضي.



"دعوة للفنانين"
وبالحديث عن دور الفنانين المصريين في دعم قضية فلسطين وأهل غزة، وعدم اجتماعهم على موقف واحد، وعدم تقديمهم عملا فنيا كما قدموا في عهد حسني مبارك، قال الناقد الفني طارق الشناوي: "جميل أن يقول الفنانون المصريون والعرب عموما وجهة نظرهم في أحداث فلسطين عبر عمل فني كبير".

وفي حديثه لـ"عربي21"  أشار إلى تقديم أوبريت (الحلم العربي) عام 1998 وبه مشاركات متعددة من فنانين من 14 دولة عربية هي: مصر والإمارات والسعودية والكويت والمغرب وتونس ولبنان وليبيا وعمان والبحرين والأردن واليمن وقطر والسودان، وبأصوات متعددة غنت للحلم العربي المجهض بالطبع بين قوسين".

زادت شهرة هذا الأوبيريت في أيلول/ سبتمبر 2000، عقب انتفاضة الأقصى الثانية، التي اندلعت عقب تدنيس أرييل شارون - وزير الدفاع الإسرائيلي وقتئذ - لساحة المسجد الأقصى.
  
وأضاف: "أتمنى فعلا أن يتم عمل فني لدعم فلسطين"، موضحا أنه "أمر يحتاج لمن يقود المسيرة، ومن المؤكد أن أوبريت (الحلم العربي) كانت فيه شركة إنتاج، وليس هذا معناه أنه عمل استثماري يحقق مردودا ماليا".

وختم مؤكدا أنه "لابد أن تكون هناك جهة ما تتبنى العمل حتى من القطاع الخاص وليس الدولة، وهذا أجدى لسرعة الحركة، ولتقديم عملا ليس هتافيا، وليس مصريا قح، بل عربي متنوع، وأرى أنه فكرة جديرة بالتنفيذ".

اظهار أخبار متعلقة


"تجريف ثم سقوط وفقدان للإنسانية"
وحول تباين ردود أفعال الممثلين المصريين من أحداث غزة، وعدم اجتماعهم بعمل فني يدعم أهل غزة كما فعلوا بعهد حسني مبارك، تحدث المخرج المصري علي أبوهميلة، لـ"عربي21"، وقال: "على مدار 40 عاما والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية من الفنانين ليسوا أغلبية، فليس كل الفنانين لديهم الوعي والثقافة، وكثير منهم ظهروا في الفترات الأخيرة بلا بنى ثقافية، وخرجوا كنتاج لفترة طويلة من ثقافة الاستهلاك وثقافة الأفلام الخفيفة ونتاج المخرجين والمؤلفين غير الجيدين".

وأضاف: "ولو رصدت أسماء الممثلين الذين شاركوا في وقفة نقابة المهن التمثيلية بعد أيام من (طوفان الأقصى)،  تضامنا مع الشعب الفلسطيني، ستجد كل الكبار مثل أحمد عبدالعزيز، وعبدالعزيز مخيون، ومحمد محمود، وجمال عبدالناصر، وخالد الصاوي".

وأوضح أن "جميعهم تعدت أعمارهم الخمسينات، وقالوا كلاما جيدا وتعاملوا بمنطق جيد، وطالبوا بفتح معبر رفح"، مؤكدا أنهم "جيل كانت تركيبة الفكر فيه مختلفة، فقبل بداية الألفية الجديدة كانت هناك نسبة ملموسة تهتم بالقضايا القومية والعربية وفلسطين والعراق وسوريا".

وقال أبوهميلة: "الآن تتكلم في وقت غاب فيه كبار المبدعين مثل عاطف الطيب، ووحيد حامد، ومحسنة توفيق، وجميل راتب،  وغيرهم كثيرون، وتتكلم في وقت فيه ممثلين شباب قلائل تربوا بشكل صحيح وأخذوا مواقف مع غزة مثل محمد سلام أو ريهام عبدالغفور".

ويرى أن "هناك بالمقابل، حالة استنكار بشع لأحداث حرب الجنون والقتل الدائرة في فلسطين، وحالة تعاطف عند الناس العادية لقضية قومية وعربية وإسلامية إزاء بشاعة القصف والقتل وجرائم المغول، وهناك من العالم من يقف ضد حجم البشاعة من القتل وسفك الدماء كما يظهر في ميادين العالم".

وأشار إلى وجود "مفرادات تعاطف من شباب الفنانين وحتى شباب الرياضيين؛ ولكن ليست بمفردات تعاطف ثمانينيات القرن الماضي، ورغم ذلك هناك من يفاجئنا مثل محمد سلام، وفي النهاية هناك جزء ناتج عن قوام ممثل يفهم رسالته المصرية والقومية والعربية والإسلامية".

ويرى المخرج المصري، أن "هناك فرق بين عهد حسني مبارك، والآن"، موضحا أنه "كان لديه لاعبي سياسة"، متسائلا: "ماذا يقدم التلفزيون المصري اليوم؟"، مبينا أنهم "في الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وخلال حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات، كنا نقدم بالتلفزيون المصري الكثير من الدعم والتضامن".

وأكد أن "مبارك كان لديه من يفهمون سياسة، وكانت الأجهزة السيادية حوله تدرك أهمية قضية غزة وفلسطين، وكان يهمها استمرار يقظة القضية، وهو الموقف الذي تغير تماما منذ 2014، حيث تغير نمط القيادة بكل أجهزة الدولة الحساسة، وأصبح هناك من ينتمون للطرف الآخر أكثر من مصر والقضايا المصرية والعربية والقومية".

ويرى أبوهميلة، أن الفنانين لم يعودوا في حاجة إلى تعليمات، فإن "التعليمات تصدر عندما لا يكون هناك موقفا واضحا، ولكن الآن الغالبية العظمى لا تحتاج تعليمات لأن نمطهم الشخصي بالفعل غير منتم، وحدث له تجريف ثقافي وفكري وقومي وديني".

وأشار إلى أنه "مع تواصل حالة الإبادة الجماعية لفلسطين وتعاطف الناس العادية من منظور إنساني وليس فكري أو عقدي، فبالتأكيد عندما تكون مواقف فنانين بهذا الشكل فسيسقطون من نظر الناس كونهم فقدوا حتى الإنسانية".
التعليقات (0)