كتاب عربي 21

عن الذكاء الاصطناعي وتغيير القيم الاجتماعية: كيف نحوّل التحدي إلى فرصة؟

قاسم قصير
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الإنسانية؟- جيتي
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الإنسانية؟- جيتي
يواجه العالم اليوم تحديات عديدة فكرية وسياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية، وكل هذه التحديات تطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل العالم ودور الإنسان والتحولات التي سنشهدها في المرحلة المقبلة، مع الإشارة إلى أن وتيرة التغيرات والتطورات التي نشهدها في كل المجالات، وخصوصا في المجال العلمي والتكنولوجي، تسير بسرعة هائلة تتجاوز كل المراحل السابقة.

واليوم ينشغل العالم، إضافة للحرب الكونية في أوكرانيا وتداعياتها والأوضاع الاقتصادية الصعبة ومختلف الصراعات والحروب الممتدة على الخريطة الكونية، بتطورين مهمين ستكون لهما تداعيات كبرى في السنوات المقبلة، الأول التحول الرقمي وتطور الذكاء الاصطناعي وتأثير ذلك في المجالات العلمية والحروب والقدرات البشرية والواقع الاجتماعي، والثاني: المحاولات المستمرة لتغيير القيم الاجتماعية والأخلاقية وفرض قيم جديدة تتنافى مع القيم الدينية والمجتمعية التي كانت سائدة منذ بدء الخليقة إلى اليوم، وأهمها نشر ثقافة الشذوذ الجنسي أو ما يسمى اليوم بالمثلية والتغيير الجندري، وتأثير ذلك على بناء الأسرة والسعي لفرض قيم جديدة على البشر بالقوة، وخصوصا في المجتمعات الغربية، وتحويل ذلك إلى قوانين وأحكام ثابتة ومنع حصول أية مقاومة أو اعتراض من قبل من يرفض هذا التغيير.

من يدقّق ويدرس أبعاد ما يجري يجد أن هناك ترابطا بين ما يحدث في العالم من تحولات، وكلها تهدف لتغيير العالم والسيطرة عليه والتحكم في قوانينه وآليات تطوره، سواء عبر السيطرة على العقول والتحكم بها عن بعد، أو فرض رؤية جديدة للكون تتنافى مع القيم الدينية والاجتماعية التقليدية، وتسعى لبناء منظومة جديدة من القيم تخدم القوى المتحكمة بالعالم والمهيمنة على مقدراته وإمكانيته، والوقوف بوجه كل من يعترض على هذه التغييرات الاجتماعية

ورغم أنه قد يظن البعض أنه ليس هناك علاقة مباشرة بين التحول إلى الذكاء الاصطناعي وبين نشر القيم الاجتماعية الجديدة وفرض قوانين جديدة على العالم، فإن من يدقّق ويدرس أبعاد ما يجري يجد أن هناك ترابطا بين ما يحدث في العالم من تحولات، وكلها تهدف لتغيير العالم والسيطرة عليه والتحكم في قوانينه وآليات تطوره، سواء عبر السيطرة على العقول والتحكم بها عن بعد، أو فرض رؤية جديدة للكون تتنافى مع القيم الدينية والاجتماعية التقليدية، وتسعى لبناء منظومة جديدة من القيم تخدم القوى المتحكمة بالعالم والمهيمنة على مقدراته وإمكانيته، والوقوف بوجه كل من يعترض على هذه التغييرات الاجتماعية.

لكن هل نستطيع أن نقف في وجه هذه المتغيرات وخصوصا في الجانب العلمي والتكنولوجي والذكاء الاصطناعي؟ أو أن علينا تحويل هذه المتغيرات والتحديات إلى فرصة جديدة كي نعيد الاهتمام بمشروعنا الحضاري والفكري القائم على أسس دينية وإيمانية وأخلاقية، والذي يركز على أهمية الإنسان ودوره وبناء المجتمع على أسس سليمة.

بداية على صعيد التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي فهذا التطور العلمي فرض نفسه على كل العالم ولم يعد بالإمكان تجاوزه أو القفز عنه؛ كونه تحوّل إلى حقيقة علمية، وكل العالم مشغول اليوم في دراسته وكيفية الاستفادة من ذلك لتطوير كل مجالات الحياة. لكن الخوف الأكبر أن يتحول ذلك إلى أدوات لتدمير البشرية والعالم، وهذا ما حذّر منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عندما قال إن العالم يجب أن يواجه "الضرر الدولي البالغ" الناجم عن تفشي الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي.

وأضاف غوتيريش: "إن أجراس الخطر التي تدق تحذيرا من الصورة الجديدة للذكاء الاصطناعي وهي الذكاء الاصطناعي التوليدي، تصم الآذان"، مشيرا إلى أن التحذيرات الأعلى صوتا يطلقها مصممو تلك التقنيات والذين وصفوا الذكاء الاصطناعي بأنه خطر وجودي يهدد البشرية يضاهي خطورة الحرب النووية.

خطورة ما يواجهه العالم، لكن في الوقت نفسه قد لا نستطيع الوقوف في وجه هذا التطور العلمي، ولذا علينا العمل لدراسته والبحث عن مخاطره والعمل لتحويله إلى قوة لنا بدل أن يكون قوة ضدنا، وهذا ما بدأنا نشاهده اليوم وخصوصا في العالم العربي والإسلامي حيث بدأ المختصون بدراسة كل ذلك ووضع الاستراتيجيات المستقبلية للتعامل معه

ونبه غوتيريش إلى أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب ألا يغيّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية قائلا: "إن نشر الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي يسبب خطرا جسيما الآن، ويؤجج الصراع والموت والدمار الآن، ويهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان الآن، ويضر بالصحة العامة والجهود المناخية الآن".

هذه التصريحات تؤكد خطورة ما يواجهه العالم، لكن في الوقت نفسه قد لا نستطيع الوقوف في وجه هذا التطور العلمي، ولذا علينا العمل لدراسته والبحث عن مخاطره والعمل لتحويله إلى قوة لنا بدل أن يكون قوة ضدنا، وهذا ما بدأنا نشاهده اليوم وخصوصا في العالم العربي والإسلامي حيث بدأ المختصون بدراسة كل ذلك ووضع الاستراتيجيات المستقبلية للتعامل معه. ولكن من المهم التأكيد على أنه لا يمكن لدولة عربية أو إسلامية لوحدها أن تواجه هذه التطورات، بل إن ذلك يستدعي التعاون المشترك ووضع استراتيجيات مشتركة سواء عبر جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أو غيرها من المؤسسات الفكرية والعلمية المشتركة.

وأما على صعيد مواجهة الدعوة لتغيير القيم المجتمعية والدينية، فإن التحدي أصعب وأكثر خطورة، وهذا ما بدأنا نشاهده في كل أنحاء العالم وخصوصا حيث ينتشر المسلمون في العديد من الدول الغربية، حيث يتم فرض قوانين تتعارض مع القيم الإسلامية، وفي حال رفضوا ذلك أو عملوا لمواجهته يتعرض المسلمون للقمع والتضييق ويتم نزع الأطفال من أُسرهم. وقد تكون الحملة على الإسلام وحرق نسخ المصحف الشريف مرتبطة بشكل أو بآخر بعملية توهين الدين والقيم الدينية، وهذا التحدي لا يطال المسلمين فقط بل أتباع كل الأديان وكل المؤمنين بالقيم الاجتماعية والإيمانية والدينية وبناء الأسرة على أسس صحيحة.

من المهم دراسة كل هذه الظواهر والبحث عن كيفية مواجهة هذه التحديات والسعي لإقامة جبهات مشتركة مع أتباع الأديان الأخرى، ومع كل المتضررين من هذه المنظومات الاجتماعية الجديدة التي تهدف لتغيير الكون والعالم

ولذا فإنه من المهم دراسة كل هذه الظواهر والبحث عن كيفية مواجهة هذه التحديات والسعي لإقامة جبهات مشتركة مع أتباع الأديان الأخرى، ومع كل المتضررين من هذه المنظومات الاجتماعية الجديدة التي تهدف لتغيير الكون والعالم وبناء منظومات قائمة على التحلل الجنسي ونشر الشذوذ وفرض قيم اجتماعية لا علاقة لها بديننا ومجتمعاتنا.

المعركة ليست سهلة والتحديات كبيرة، وهي تضاف إلى التحديات الأخرى التي يواجهها العرب والمسلمون اليوم على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك مواجهة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، وكذلك العمل لتقسيم الدول العربية وتجزئتها وفرض احتلالات جديدة عليها. إنها معركة واحدة وشاملة، وكما نحن بحاجة للمقاومة العسكرية أو لمواجهة الديكتاتوريات والقمع، نحن بحاجة للدفاع عن قيمنا وأخلاقنا، وبدل أن يكون التطور العلمي وانتشار الذكاء الاصطناعي سببا لتدميرنا أو السيطرة علينا، يجب تحويل ذلك إلى فرصة حقيقية للدفاع عن وجودنا وتطوير دورنا في العالم والمساهمة مع بقية المتضررين مما يحصل، لإنقاذ العالم من هذه الموجات الجديدة من الحروب الهادفة للسيطرة عليه وتطويع البشر.

فهل سنكون على قدر المسؤولية ونمتلك القدرات لهذه المواجهة؟ أو نسقط أمام هذه الحروب الجديدة؟

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (3)
أبو البراء
الإثنين، 17-07-2023 12:45 م
حقيقة الأمر جد
صلاح الدين الأيوبي
الجمعة، 14-07-2023 10:16 م
في الواقع نتحمل مسؤولية كبيرة جداً كآباء وأمهات ومعلمين ومفكرين وإعلاميين ورجال دين وسياسيين. لكن الحل بسيط جداً وأبسط مما نتخيل، يجب أن نربي ونكون قدوة. نربي أبنائنا على قول لا لأي حرام بعد أن نشرح لهم بالتفاصيل ما هو الحرام، الحرام هو كل ما يؤذي النفس البشرية وكل ما يحيط بها. يجب قول لا، يجب أن يكون لدينا خطوط حمراء لا نتعداها وإن تعداها كل البشر. يجب أن يكون هناك مفترق طرق لا يتساوى فيه المؤمن والكافر، وكيف نتساوى والمصير بالتأكيد مختلف تماما. إما جنة وإما نار. أما أن تنظر لأحدهم فلا تفرقه مطلقا عن الكافر في أفكاره وسلوكه ومزاجه، فهذا ليس مؤشر طيب أبدا عن المصير المحتمل.
أبو فهمي
الخميس، 13-07-2023 05:39 ص
مع الشكر الجزيل للتحليل المختصر الكافي والوافي عن واقع العالم والآتي أعظم أجارنا الله رب العالمين من شرورهم وأعمالهم الدنيئة والمنحطة المجرمة ولكن لا ننسى ولا نتناسى أن كل مايجري وسيجري هو """""" بأمر """""" رب العالمين تبارك وتعالى فلهذا الكون نهاية ولو أن البعض لا يريدونها أو أنهم يحاولون """""" السيطرة """""" عليها وتفصيلها على قياسهم وهم """"""" البيلدربيرغ """""" جبل البنائين أي """ الماسونية """ ووراءها الصهاينة طبعا وكل ما يقونون به من أعمال """"""" شريرة """"""" هي تمهيدا لقدوم """"""" المسيا """"""" ملك """" العالم """" وليس الكون وهو """""" المسيح الدجال """"". مخططهم هو السيطرة على ابن آدم فهم """"" النخبة """"" والباقي """"" الغوييم """"" موظفون لديهم فلن تكون هناك أعمالا حرة """"" تاجر ، طبيب ، مهندس ، محامي ............الخ """"" فالجميع ستتم السيطرة عليه """"" بشريحة ايلون ماسك """"" وقد شاهدت فيلما أمريكيا عن الحكومة العالمية وكيفية السيطرة على الناس وحتى كيفية """"" التلقيح """"" فهم يختارون الذكر والانثى التي تتناسب جيناتها مع جيناته """ لانتاج """ انسانا بمواصفات هم يحددونها - للأسف لا أحفظ اسماء الأفلام - وبعد التلقيح يعود كل من الذكر والانثى لعمله ولا رابط بينهما بعد التلقيح. لم يتفوه مفكريهم عن تخفيض عدد السكان لغاية 2030 ليكون عالميا """" المليار الذهبي """" عن "" غباء "" فكل شيء عندهم مدروس وينفذونه بعد زمن هم يحددونه وبدؤوا بالكورونا ليس لقتل البشر وانما للسيطرة على القرار العالمي والأمر والنهي وسنرى الكثير من الفيروسات والأمراض والأوبئة والزلازل والبراكين والحروب """""" العالمية الثالثة على الأبواب """""" وشيء لا يخطر على البال فهم في عجلة من أمرهم والذكاء الاصطناعي الذي يحذر منه """" مخترعيه """" هو أحد أدواتهم للسيطرة """ المطلقة """ على البشرية أو ما سيبقى منها لخدمة """"" الأعور الدجال """"".