قضايا وآراء

جماعات إيران.. من احتكار الدين والمقاومة إلى تحديد الأنساب!

غازي دحمان
يردد موالو إيران أنهم يريدون منع سبي زينب مرة أخرى
يردد موالو إيران أنهم يريدون منع سبي زينب مرة أخرى
تتميز جماعات إيران المنتشرة في المشرق العربي، بالفوقية والتعالي على المجتمعات التي تتواجد بين ظهرانيها، بعد أن صنعت لنفسها شكلا من أشكال القدسية وصدقته، مستفيدة من حالة الوهن العام التي تمر بها مجتمعات المنطقة نتيجة ظروف مركبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وباتت هذه الجماعات تحتكر القيم لنفسها بصفتها موارد منحها إياهم إما التاريخ وإما فرادتهم البشرية، فالأشراف منهم، والمقاومون كذلك، ومؤخرا هم أصحاب الأرض الأصليون والباقي مجرد خليط متطفل لا طعم ولا لون له.

لم تكن تصريحات أمين عام عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي" عن أصول صدام حسين الهندية مجرد كلام حول شخص يختلف مع نهجه السياسي، بل تأتي هذه التصريحات في سياق مشروع إيراني مبرمج ومدروس بعناية فائقة من قبل مراكز بحث وعقول تعمل بجد وتركيز لإعادة هندسة قيم مجتمعات المنطقة وثقافاتها، وهو مشروع ليس بجديد، لكن يجري تطويره عبر زيادة مساحة وعناصر القضايا التي يشملها بحسب الظروف والمتغيرات.

منذ وصول الثورة الإسلامية للحكم في إيران، كانت هناك على الدوام مسألة قيد الاستثمار ضد مجتمعات المنطقة، وإن كانت تأخذ في الغالب عناوين مضخمة، من نوع محاربة الشيطان الأكبر، وتصدير الثورة، ومناصرة الضعفاء. وهي في الغالب عناوين مضلّلة تخفي وراءها أهدافا سياسية خبيثة، تهدف بالدرجة الأولى للسيطرة على الفضاء الإسلامي القريب، وتحديدا الدول العربية دون سواها. وكان أول تطبيقات هذه السياسات الحرب على العراق، كمقدمة على السيطرة على الخليج العربي بكامله، ولا بأس من التعاون مع أمريكا وإسرائيل (فضيحة إيران كونترا) اللتين مثلتا في خطاب الثورة الشيطان الأكبر.

هناك على الدوام مسألة قيد الاستثمار ضد مجتمعات المنطقة، وإن كانت تأخذ في الغالب عناوين مضخمة، من نوع محاربة الشيطان الأكبر، وتصدير الثورة، ومناصرة الضعفاء. وهي في الغالب عناوين مضلّلة تخفي وراءها أهدافا سياسية خبيثة، تهدف بالدرجة الأولى للسيطرة على الفضاء الإسلامي القريب، وتحديدا الدول العربية دون سواها. وكان أول تطبيقات هذه السياسات الحرب على العراق

لكن بعد سقوط نظام صدام حسين، نتيجة الحرب الأمريكية عليه، وسيطرة إيران على كامل العراق، وتمددها إلى سوريا ولبنان، ثم اندلاع الثورة السورية، وانخراط إيران إلى جانبه بذرائع متنقلة؛ مرّة باسم حماية حلف المقاومة لذلك سيتم تحطيم المدن السورية الواحدة تلو الأخرى، لأن قدرها الجغرافي وضعها على خط قم- القدس، ومرّة لمنع سبي زينب مرّة أخرى، رغم أن ضريح زينب ظل مصانا لأكثر من 1400 عام مرّت خلالها المنطقة بمراحل لم تكن هناك سلطات، لا سنية ولا شيعية، تهتم بحماية الأضرحة وتوليها أي عناية.

في هذه المرحلة (مرحلة الثورات) طرحت جماعات إيران التي يعرف الجميع أنها لا تخرج حتى النفس بدون وجود خطة إيرانية تحدد لها الخطوات والمسارات؛ قضية الانتساب إلى آل البيت، وكان الهدف منها بوضوح: القضاء على كل المرجعيات والمراكز الاجتماعية لدى مجتمعات المشرق العربي ما لم تكن مرتبطة بآل البيت، فلا شرعية خارج هذه الشرعية، وعليه يتوجب تفكيك كل البنى (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية) وإعادة تركيبها من جديد ضمن هرمية يقف على رأسها المنتمون لآل البيت، ويتحوّل الآخرون إلى مجرد هامش لا طعم له، انطلاقا من قاعدة تقول بضرورة تصحيح التاريخ وإعادة الحق لأصحابه، فكل ما حصل، منذ الزمن الأموي، كان اغتصابا وسبيا وأكل حقوق جماعة معينة آن الآوان كي تتصدر المشهد وتسترد حقوقها.

ويبدو أن هذه الذريعة باتت تحتاج إلى ركيزة تدعمها، وهذه المرّة ستكون من خلال التشكيك بانتماء المجتمعات المحلية في بلدان المشرق لهذه الأرض، وبما أن إيران لا تمزح وحتى ما قد يبدو أقوالا ساذجة وخارج سياقات المنطق يتحوّل بفعل التكرار والإصرار عليه إلى حقائق لدى جماعاتها، لذا لن يكون مستغربا أن يصبح أهل المنطقة، في الفترة القادمة، من أصول هندية ومنغولية وتركية وألبانية.

لقد بات واضحا أن جميع هذه الممارسات تأتي في سياق استراتيجية إيرانية تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف:

مع إيران وجماعاتها، ستبقى المنطقة على الدوام موعودة بالفشل والخراب واليأس، صور العراق وسوريا ولبنان واليمن كافية لتوضيح صورة مستقبل المنطقة لقرون قادمة ما دام هناك آيات الله يخططون ويصنعون مستقبل هذه الشعوب البائسة

أولا: إشعار المكّون الأكثري بالدونية، فهم مرّة كفرة لأنهم تآمروا على قتل الحسين، وبلا قيم لأنهم سبوا زينب، وخونة لأنهم لم يحرروا فلسطين، ورعاع ليس لهم أصول وجذور عميقة في هذه الأرض.

ثانيا: تحويل هذه الذرائع إلى تحشيد الهمم واستجلاب المزيد من أبناء الفقراء في العراق وأفغانستان ولبنان لتنفيذ أجندة إيران وتحقيق مصالحها الجيوسياسية.

ثالثا: أن تكون هذه الذرائع مرتكزا لسياسات التطهير العرقي، التي لم تعد تخفي نفسها في سوريا والعراق، فما دامت هذه البلوكات البشرية ليست من سكان المنطقة، فلم يعد ثمة ما يمنع من اقتلاعها وقذفها خارجا.

رابعا: التحكم بأجندة التفكير العربي عبر فرض قضايا وإشكاليات وأزمات يحددون هم طبيعتها، وإشغال مجتمعات المنطقة بها واستنزاف طاقاتها وتشتيت مواردها.

مع إيران وجماعاتها، ستبقى المنطقة على الدوام موعودة بالفشل والخراب واليأس، صور العراق وسوريا ولبنان واليمن كافية لتوضيح صورة مستقبل المنطقة لقرون قادمة ما دام هناك آيات الله يخططون ويصنعون مستقبل هذه الشعوب البائسة.

twitter.com/ghazidahman1
التعليقات (0)