سياسة عربية

إلى أين يتجه التوتر العسكري الجديد في السودان بين حميدتي والبرهان؟

قوات الدعم السريع تمركزت بمنطقة قريبة من القاعدة الجوية الموجودة في مروي في شمال السودان حيث يتمركز الجيش- الأناضول
قوات الدعم السريع تمركزت بمنطقة قريبة من القاعدة الجوية الموجودة في مروي في شمال السودان حيث يتمركز الجيش- الأناضول
تفاقم التوتر والخلاف بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان؛ وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وصل حد الاقتراب من المواجهة العسكرية، بعد أن انتشرت قوات الأخير في شمال السودان على مقربة من قاعدة عسكرية للجيش.

وتمركزت قوات الدعم السريع بمنطقة قريبة من القاعدة الجوية الموجودة في مروي في شمال السودان، حيث يتمركز الجيش، والذي أصدر بيانا فجر الخميس عقب بدء انتشار قوات حميدتي في المنطقة.

وأكد الجيش في بيانه أن "البلاد تمر بمنعطف خطير، وأن الخطورة تزداد نتيجة قيام الدعم السريع بحشد قواته في الخرطوم العاصمة وبعض المدن"، واعتبر أن "هذه التحركات التي تمت دون موافقة قيادة الجيش، تُثير الخوف والهلع لدى المواطنين".

اظهار أخبار متعلقة


ووفقا لتقارير إعلامية؛ فإن لجنة وساطة استطاعت إقناع البرهان وحميدتي للقاء فيما بينهما لحل الخلافات، خاصة في حال استمر التحشيد العسكري في منطقة مروي، لكن لا زال من غير المعروف موعد اللقاء.

"خلاف سياسي بغلاف عسكري"


عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية، أكد "أن الخلاف الأخير بين الدعم السريع والجيش السوداني تفاقم بشكل سريع، وعلى الرغم من أنه قد يبدو خلافا عسكريا حول قضية دمج الدعم السريع في الجيش، إلا أنه في الواقع خلاف سياسي يتمحور حول الاتفاق الإطاري وما نتج عنه من عملية سياسية، كان من المفترض أن تُفضي إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية كاملة".

وأوضح ميرغني خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الخلاف بين البرهان وحميدتي يتمحور حول مسار العملية السياسية، حيث يرى الأخير ضرورة الالتزام بالعملية السياسية والتعجيل بنتائجها وتفكيك السلطة الحاكمة الآن لصالح حكومة انتقالية".

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف: "بالمقابل يرى البرهان أن العملية السياسية لن تكتمل بالمجموعة السياسية المحدودة التي وقعت الاتفاق الإطاري، بل يجب فتح الباب أمام القوى السياسية الأخرى حتى تتمكن الحكومة الانتقالية المقبلة من الحصول على منصة سياسية قوية وداعمة لها وتضمن لها إكمال الفترة الانتقالية دون وجود أية مخاطر، وهذا هو الخلاف الحقيقي بين الطرفين".

وتابع: "كما يبدو أن هذا الخلاف خلفه قوى سياسية تحاول أن تستقطب كلا الطرفين حميدتي والبرهان إلى معسكرها، ونتج عن ذلك فعلا استقطاب عسكري لكن حول أجندة سياسية، وأصبح كل من الرجلين يساند أحد أطراف العملية السياسية، فأدى ذلك للوصول إلى مرحلة التوتر الذي نتج عنه ما يشبه المواجهة على الأرض الآن".

هل تنفجر مواجهة عسكرية؟


وحول إمكانية حصول مواجهة عسكرية بين الطرفين قال ميرغني: "بالتأكيد نتج عن هذا التوتر تمركز وتموضع قوات الطرفين في أوضاع يفترض أنها أوضاع قتالية داخل العاصمة وخارجها، وحتى لو حسنت النوايا وحاولت قيادات الطرفين الابتعاد وتجنب الوقوع والانزلاق إلى مسار الاشتباكات المباشرة، لكن ربما هناك طرف ثالث يستطيع إذكاء روح الحرب بين الطرفين، وقد يحصل على مراده، بمعنى أن تحصل الحرب ولو برصاصة طائشة من أحد الطرفين ضد الآخر".

ولفت إلى أنه "من المحتمل أن تنشب حرب بين الرجلين ولكن في هذه الحالة سيخرج كل منهما خاسرا، لكن أيضا يحتمل أن يحدث تغيير سياسي يعيد ترسيم الساحة السياسية، وحاليا ربما الأطراف الخارجية بالتحديد السعودية وهي الأكثر تأثيرا عليهما وتستطيع أن تلعب دور الوساطة يمكن أن تُحدث تغييرا في الواقع الحالي".

"توتر يعكس العقلية الأمنية العسكرية"


وكانت قضية دمج قوات الدعم السريع هي إحدى أهم النقاط الجوهرية التي أدت لتأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي، ولا زالت هذه القضية مدار خلاف بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع.

كما لا زالت بعض الأطراف السودانية وفقا لمواقع إخبارية محلية، تسعى لسد فجوة الخلاف بين الجانبين، حيث رشحت أنباء تشير لاحتمالية جلوس الطرفين على طاولة الحوار الجمعة أو السبت، وذلك لبحث ودراسة طرق حل الخلاف بينهما وتقريب وجهات النظر، بحيث لا يؤثر هذا الخلاف العسكري على المسار السياسي والتحضيرات لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي، والذي تأمل القوى السودانية أن يحل مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية.

من جهته، يرى الكاتب والصحفي السوداني فيصل الباقر، أن "التحركات العسكرية الأخيرة للطرفين، ما هي إلا صورة تعكس العقلية العسكرية والأمنية التي تظن أن العملية السياسية والتفاوضية تحتاج دوما لحدث يُسخن الساحة السياسية، وأن هذا التسخين يجب أن يتم عبر استعراض القوة العسكرية والتخويف من المواجهة العسكرية".

اظهار أخبار متعلقة


وأكد الباقر، خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الطرفين العسكريين يظنان أن تكتيك الاستعراض العسكري سيضمن لهما البقاء في الساحة السياسية وقلب الأحداث، وبالتالي يضمن لهما ذلك الحصول على نصيب في الوزارات، والسيطرة على مقاليد الحكم".

وحول ما يُشاع عن أن بعض القوى السياسية تسعى لحدوث صدام بين حميدتي والبرهان تحقيقا لمصالحها السياسية، قال الباقر، "هذا الحديث غير دقيق، لأنّ اندلاع معارك ولو محدودة، يعني نقل السودان إلى مرحلة قد تدخله بأكمله في مأزق يصعب الخروج منه، وبالتالي لن يكونوا المستفيدين الوحيدين، إذا اندلعت حرب  الشوارع في وسط البلاد، فيما ما زالت الأطراف مشتعلة بالعنف، دون أن تحقق اتفاقية جوبا أيّ سلام في دارفور لتظل مشتعلة، وبلا أدنى شك فإنّ الوضع في دارفور يزداد تأزّماً بصورة يومية، وسينعكس ذلك على أمن المنطقة واستقرارها".

وتوقع أن "يعمق الصراع والعنف والنزاع القائم في دارفور الأزمة، إضافة إلى ما يحدث من الخوف من اندلاع مواجهات عسكرية، وذلك سيجعل الجميع في قلق وسينعكس سلباً على العملية السياسية، التي تفتقر إلى السند الشعبي، وسيعزز مفهوم الحل العسكري والأمني الذي سيطيل أمد الأزمة، ويبقى أنّ أيّ محاولات لحلول جزئية، لن تجد القبول من الشارع الثائر".

وعن احتمالية نشوب مواجهة عسكرية مسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، قال الباقر: "بما أن قائدي المؤسستين يعبّران عن تحالفات دولية وإقليمية معروفة للجميع، فإنّهما - بلا شك - يتأثران بسياسات وتوجهات هذه الأطراف، وعموماً فإنّ احتمال المواجهة العسكرية (المحدودة) وارد، ولكن إن حدثت ستكون مكلفة على جميع  الأطراف وخاصة البرهان وحميدتي، ولهذا فإنّ كل الاحتمالات مفتوحة".

وأضاف: "تاريخياً بداية الحرب تكون خطابا وخطابا مضادا، وفي تقديري أن الأطراف الأجنبية الإقليمية، لا يهمها إن حدثت المواجهة أم لا، ولكن، بالمقابل الأطراف الدولية لها مسؤوليات حول السلم العالمي، ولذلك من المرجح بل والمأمول أن تضغط الأطراف الدولية في اتجاه تجنّب المواجهة المسلحة بين الرجلين، خوفاً على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة".
التعليقات (0)