صحافة دولية

FP: مصر نموذج لسوء التخطيط الاقتصادي لصندوق النقد الدولي

قال الكاتب إن صندوق النقد قدم خطة إنقاذ لمصر لم يصممها خبراء محليون - الأناضول
قال الكاتب إن صندوق النقد قدم خطة إنقاذ لمصر لم يصممها خبراء محليون - الأناضول
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقال رأي للكاتب تيموثي إي كالداس تحدث فيه عن أوجه القصور في نهج صندوق النقد الدولي في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر، أبرزها تقديم خطة إنقاذ لم يصممها خبراء محليون.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن مصر تلقت الشريحة الأولى من برنامج قروض صندوق النقد الدولي منذ ست سنوات، وهي الآن على وشك بدء برنامج قرض ثالث مما يشير إلى أن هناك خطبا ما في البلاد بينما تكمن المشكلة الأعمق في صندوق النقد الدولي.

وأوضح الكاتب أن النظام المصري أمضى السنوات الماضية في استغلال وصول البلاد الواسع إلى الائتمان لتمويل مجموعة واسعة من المشاريع العملاقة ومشاريع البنية التحتية المدروسة بشكل سيئ. وهذا الأمر جعل الدولة المصرية مثقلة بالديون إذ تستهلك خدمة الفائدة وحدها نصف إيرادات الدولة، علما بأن الشركات المملوكة للدولة معفاة من ضرائب الشركات وضريبة القيمة المضافة والجمارك، مما يحرم الدولة من مصادر إيرادات تشتد الحاجة إليها.

وأشار الكاتب إلى أن عمليات الاختلاس الواضحة أضرّت بالصحة المالية للدولة لدرجة أن برنامج القرض الجديد لصندوق النقد الدولي يفرض قيودا محدّدة على المشاريع الحكومية الجديدة ليركز أخيرًا على الحوكمة والمصادر الاقتصادية والسياسية الأساسية للمشاكل الاقتصادية طويلة الأمد والمتنامية في مصر، بما في ذلك الإمبراطورية الاقتصادية المتوسعة للجيش المصري. ولكن تكمن المشكلة في أن صندوق النقد الدولي استغرق وقتا قبل بدء الاستجابة الجادة لهذه القضايا الصارخة، بعد أن زاد النظام الدين الخارجي لمصر بأكثر من 100 مليار دولار.

وأكد الكاتب أن هذا الأمر حدث بمحض إرادة صندوق النقد الدولي وبسببه، وذلك بتسهيل حصول مصر على قروض ضخمة من خلال دعمه المستمر والثناء على الإصلاحات الاقتصادية، بدءًا من أول برنامج قروض سيئ التصميم في تموز/ يوليو 2019 الذي دفع البلاد نحو العودة مجددا إلى صندوق النقد الدولي في سنة 2020 من أجل ضخ قرضين نقديين يصلان إلى نحو 8 مليارات دولار في شكل تمويل إضافي. وبعد ذلك، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على برنامج قرض آخر لمصر بـ 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي و14 مليار دولار أخرى في شكل تمويل إضافي من شركاء مصر الدوليين والإقليميين.

بالنسبة لمؤسسة مالية تركز في المقام الأول على تنفيذ برامج تهدف إلى ضمان "استقرار الاقتصاد الكلي"، يمثل هذا الأمر قدرًا كبيرًا من الهشاشة في قصة النجاح المفترضة لصندوق النقد الدولي. ومع أن هناك من يجادل بشكل معقول بأن الجائحة والغزو الروسي لأوكرانيا كانا لحظات فريدة تاريخيًا أنتجت صدمات استثنائية لم يكن للحكومة المصرية أو صندوق النقد الدولي دخل فيها، إلا أن المشكلة تكمن في أن معظم أهداف صندوق النقد الدولي الأخرى في برنامج 2016 كانت تُظهر بالفعل علامات الفشل في 2019.

وفي اعتراف متأخر بالمشاكل الهيكلية التي تُركت دون معالجة، يبدو أن صندوق النقد الدولي أعطى الأولوية لمعالجة الصدمات الخارجية مشيرًا في تقرير البرنامج الأخير إلى أن "الحرب الروسية على أوكرانيا فاقمت الضغوط القائمة"، مع الإقرار بأن المشاكل المركزية التي تقوّض الاقتصاد المصري موجودة في مصر من قبل وليست بسبب الصدمات الخارجية.

ولكن هذه النتيجة تأتي - حسب الكاتب - بعد عدة سنوات من إشادة صندوق النقد الدولي ومساهميه بالأداء الاقتصادي لمصر مما ساعد النظام على إثراء نفسه بشكل واضح مع تدمير الصحة المالية للدولة المصرية وإفقار السكان الذين اضطروا إلى مواجهة نوبات متكررة من العنف والتقشف والتضخم المروع الذي تجاوز في بعض الأحيان 30 بالمئة ناهيك عن الانهيار المتكرر لعملة البلاد.

وأشار الكاتب إلى أن صندوق النقد الدولي ومساهميه مسؤولون أيضا عن تمكين قادة مصر، حيث لم يُنفق جنرالات مصر لإثراء أنفسهم فحسب، بل أيضا لكسب الأصدقاء في العواصم الرئيسية. وقد اشترت مصر من سنة 2012 إلى سنة 2021، أسلحة من فرنسا في إطار صفقات بقيمة 12.3 مليار يورو، أي ما يعادل مشترياتها من الاتحاد الأوروبي بأكمله في نفس الفترة. وفي سنة 2021، ذهب 46 بالمئة من صادرات الأسلحة الألمانية إلى مصر.

وشدد الكاتب على ضرورة مساءلة صندوق النقد الدولي، لا سيما أنه لم يكن مجهزًا بشكل جيد في سنة 2016 لتصميم برنامج لمصر، ويعد هذا البرنامج الثالث استثنائيًا لأنه تجرأ أخيرًا على محاولة كبح جماح الكسب غير المشروع للنظام، ولكنه استغرق ثلاثة برامج وأكثر من ست سنوات حتى أدرك أن ذلك كان ضروريًا. كما يحتاج صندوق النقد الدولي إلى عدد أقل من الاقتصاديين وعدد أكبر بكثير من المتخصصين في شؤون الدولة والاقتصاديين والسياسيين وعلماء الاجتماع والمؤرخين لبناء برامج المستقبل.

اظهار أخبار متعلقة



وكما هو متوقع، أدت الوصفة الروتينية لصندوق النقد الدولي لخفض فاتورة رواتب القطاع العام إلى انخفاض حاد في مشاركة المرأة في القوى العاملة. وبدلا من تفادي هذه المخاطر ومعالجتها في تصميم البرنامج، تُركت مشاركة النساء في القوى العاملة في طور الانهيار الحاد ولم تظهر بعد أي علامة على التعافي.

ويقر الكاتب بأن التنمية تمثّل تحديًا حتى في أفضل الحالات، ولكن تجاهل مجموعة المؤلفات الحالية التي كان من المفترض أن تسمح لمخططي صندوق النقد الدولي بتفادي فشل برامجهم أو إدراكها أمرٌ لا يمكن تقبلّه. وبناء على ذلك، يجب على صندوق النقد الدولي القيام بإصلاحات هيكلية داخلية عميقة في أسرع وقت، وإلا فإنها ستكون مسألة وقت فقط حتى يقود دولة أخرى إلى الإفلاس مشيرًا بأصابع الاتهام إلى زعمائها وكأنه ليس له يد فيما حدث.
التعليقات (1)
مصري
الأحد، 19-02-2023 10:53 ص
صندوق النقد متورط مع مافيا السيسي و لا عجب في ذلك لان الصندوق ممول من مبز و مبس و غيرهم داعمي مافيا السيسي